أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبلة الفاري - كتبت سناء بدوي















المزيد.....

كتبت سناء بدوي


عبلة الفاري

الحوار المتمدن-العدد: 3001 - 2010 / 5 / 11 - 00:25
المحور: الادب والفن
    


كتبهاسناء بدوي ، في 8 أيار 2010 الساعة: 03:47 ص
في مجموعتها القصصية الأولى(مجنون حيفا)
د. عبلة الفاري
شخوص يعتريهم الألم .. لكنها تصنع من مرارة العيش نوراً للتحدي اسمه امرأة.
بقلم الكاتبة : سناء بدوي
فلسطين المحتله
لم أنتظر حتى موعد اللقاء بالكاتبة القاصة الفلسطينية عبلة الفاري ، لتحدثنا عن مجموعتها القصصية الأولى . فأنا أعلم من حيث يقدمها الآخرون، مثقفة مرهفة الحس والإحساس.. وهادئة صافيه كسماء بلادنا في ليالي السمر . كنت أشاهدها في اللقاءات الثقافية والاجتماعات التي كانت تنظمها مديرية الثقافة في محافظة جنين بين الفترة والأخرى. فعبلة الفاري.. سيدة لها حضور يجسد الرغبة بالبوح تارة و بالتمرد تارة أخرى . فهي لا تزاحم الآخرين في فضاء الأدب للحصول على مساحة من الوقت لنثر الخطب الرنانة وسرقة الأضواء.
وهي، وإن كانت قد شكرت في إهدائها لمجموعتها القصصية الأولى من ظلمها.. ومن آلمها.. فإنما هي غير منتظرة من هذا الوجود سوى أن يترك لها صفحاته البيضاء لتخط عليها تجربتها الخاصة و علها كذلك تستطيع الدفاع عن أحلام من عايشتهم من أبناء شعبها الذين لا زال يرزح تحت نير الاحتلال .
وفي الاهداء كتبت " الى كل اللذين ظلموني.. الى كل اللذين زرعوا الشوك والألم والمرار في مسالك طفولتي..ودروب غربتي الموحشة المظلمة الطويلة..أشكركم جميعاً .."
لماذا لم تهدي باكورة أعمالها القصصية لأمها ،مثلا، كما يحلوا للبعض؟! أو لمن أعانها على نيل شهادة عليا في الطب البشري من دولة ليست وطنها؟؟ بل شكرت من آلمها؟؟! أي حس مرهف هي ؟؟ أي إنسان كانت عبلة الفاري حين بررت ما كتبت في إهداءها " لأنه لا شيء يجعلنا عظماء .. سوى الألم العظيم.. ولآن الروح لا تسمو .. إلا إذا اغتسلت بالألم والنور.. واعتكفت في محاريب العلم والإبداع"..
إذاً كانت للتجربة في حياتها والمعاناة ، وأي معاناة تلك التي تركت هذا الأثر في ما عبرت عنه تلك الكاتبة ذات الحس المرهف !!؟ لتجعل من يجد مؤلفها الأول بين يديه لا يتركه إلا بعد أن يعيش معها بين الصفحات المائة، من القطع المتوسط ، من صفحة الغلاف ذات اللون ( البيج )الساكن بالهدوء المشوب بالروتين ، وذاك الشيخ الذي وضع يده على خده، وقد أنهكته الدنيا بما حملّته من متاعب بدا أثرها على محياه حيث عكازه وحيرته وتبرمه الواضحين. وعلى الرغم من أن المركز الفلسطيني للثقافة والإعلام هو دار النشر الوحيدة في جنين التي نشرت لعدد من أدبائها ما خطته أيديهم وعبرت عنه أفكارهم ، قد أغفلت إخبارنا بصاحب هذه اللوحة ، فإنها قد نجحت بأن تبدع في إخراج الطبعة الأولى من المجموعة الأولى للدكتورة الفاري بهيئة حسنة .
(مجنون حيفا) التي تحمل المجموعة أسمها كانت القصة الأخيرة من تسع قصص وهي بالترتيب :عاصفة الظلام، كابوس الامتحان الأول، ابن الشاطئ، قارئة العيون، زائر الليل، نسائم الذكريات، المقابلة رقم عشرين، الطيف.
المتتبع للأسماء يحس بسخونة الموقف، وحضور الضبابية ، و الوحدة عند لزوم التجربة والتحدي في آن معاً.فهل عاش شخوص الفاري تلك الظروف في المكان والزمان والعقدة؟؟ أم أن هنالك طاقات للأمل هي مفتوحة على عالم حالم بالحب والتحرر وربما ألواقع؟؟
في قراءة هي سريعة ، سندخل علم الشخوص التسعة في قصص الفاري ومجموعتها البكر ، علنا نمسح بعضاً من عتق الذكريات عن مراحل مرت بها الكاتبة أو مر بها شخوصها الوهميين أو الحقيقيين ، لا ندري.
(مجنون حيفا) وجدت نفسي أمر عليها سريعا كمستقل حافلة في مشوار قصير. فاستوقفني هذا الإحساس بالأرض والتعلق بمكان ؛إنها حيفا التي جن العم منصور بطل القصة لأجلها بعد أن أجبرته قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 48 على تركها والفرار بذكريات حميمة وحب قاتل ظل يطارده عشرات السنين حتى أمسى مجنوناً يستقل كل حافلة متحركة قاصداً حيفا.. ليسقط صريعا بفعل حادث سير في أحد شوارعها المدنسة باللغة العبرية والمطلية بإحداثيات غريبة و جديدة لا تعرف للحب تصريف؟؟ ولكن لماذا لم تذّكر الفاري قراءها بالاحتلال صراحة.. وهي التي قالت في السرد ، بأنه يشبه حالة جدتها التي كانت من حيفا ومرت بذات التجربة (وفي الحقيقة فالفاري من المنسي في حيفا) تأثرت باللجوء وعاشت ذكريات أجدادها فوجدت معاناتهم في معاناة الآخرين اللذين لا زالوا يحتفظون بمفاتيح بيوتهم على أمل العودة.
(الطيف) قصة ممزوجة بشعور خفيّ بالضعف و الألم ومشاعر جياشة بالرغبة الكامنة في ابراز القوة والاعتداد بالنفس وشخص الانثى . وكذلك مكسوة بالأنا الحانية ونابعة ،كما تهيئ لي،من شخصية الكاتبة التي لم تخشى التعبير عن بطلتي قصتها و الأنثى التي تعاني من جور التقاليد و حرمان و عدم إعتراف المجتمع بكينونتها. وهذا ما كتبته الفاري في (الطيف) صفحة 90 " هذا أنا لم آت لزيارتك ،بل قلمي.. جاء ليحل ضيفاً في ديارك.. إنه لا يهذي إلا بحلو الكلمات وعذب الخواطر وطيب الحروف أو يصمت.." و تعود لتقول صفحة 91" جئتك لنتحدث قليلا ولأخبرك أنه ما زال في الدنيا شيىء رائع رغم المرار المنعقد في حلوقنا منذ صرخات مولدنا الأولى ، وأنه لدينا الكثير من الاشياء الجميلة الرائعة التي تستحق أن نحيا لأجلها"
في(الطيف) كانت عبلة الفاري الكاتبة المعبرة عن رسالتها واضحة جلية، وضعت قلبها حيث حملت همها.. لتلتقي المعاناة بالفرح الغامر. صفحة 92 " شكراً لك ربي. أنك خلقتي أكتب لأسعد الآخرين".
معاناة دائمة، تستشعرها الفاري بين سطور وشخوص قصصها . وربما لم تخجل أن تصف أدق التفاصيل في حياة قاسية عاشتها بطلة القصة وهي كذلك أنثى ، تتحدى و نعبر المسافات الطويلة نحو مستقبل واعد وسط مشاعر من الالم والظلم. الفاري في قصتها ( المقابلة رقم عشرين) هي بطلة القصة.. باعترافها الي سجلته حين أهدت مجموعتها القصصية هذه. و بكل صراحة تقولصفحة68" انها نتيجة طبيعية لبصمات الزمن وظروف ومتفرقات الحياة ، فمنذ صفيّ الأول وأنا يومياً أصعد مشيا في الشتاء والصيف للوصول الى مدرستي التي تبعد العديد من الكيلو مترات في أعلى الجبل ،حيث يرفرف علم الأمم المتحدة الأزرق في سمائها" .. و69" لأني من الذين ولدوا ودبوا فوق الأرض الى أن كبروا وفي حلوقهم تنغرس وتد من خشب وليس ملعقة ذهب…." حيث تصف الظلم الاجتماعي الذي يعانية ابناء الطبقة الكادحة رغم تمتعهم بعناصر قوة للحياة والعطاء، لكنهم محرومون من المنافسة الشريفة وتعمل المقاييس الكاذبة على خلخلة الموازين وعبثية الاختيار . كل هذا عاشته الكاتبة الفاري.. ولا يمكن للقارىء الى أن يستمر معها يتابع بخوف، على مصيره ، حيث ينتهى مصير بطلة القصة في فقدان حقها بالعمل، لغياب العدالة الاجتماعية في بلد هو محتل ويعاني من الظلم الأكبر الواقع عليه.
مرة أخرى تتخطى الكاتبه عقبات الحياة وتسكب مرارتها في قعر بئر عميق ، ممتطية صهوة الأمل ،غير عابئة بقيود أدمت معصميها حيناً وجعلتها سجينة ذكريات حزينة وظالمة غرست أنيابها في قلب صغير مرهف متسارع الدقات. إنها تجسيد لما بثته الكاتبة من شجي في قصتها(نسائم الذكريات) حيث كتبت صفحة 66 " تجول بخاطري نسائم الذكريات واستهجن لهذه الإرادة التي غرستها قسوة الحياة في أعماقي لأثبت بها لنفسي أن رغبة الحياة أقوى مليون مرة من نعيق الموت" .
وعودة لأحاسيس إنسانية جسدت قصص الفاري جميعا، بدت (زائر الليل) بوحاً غير مبتذل، لكنه مباشر، توشح بالصدق والتحدي.
وفي (قارئة العيون)صفحة 38، اشارت الكاتبة الى حواجز مختلفة وضعها الدين والعادات والتقاليد في مجتمعات عربية مختلفة، جعلت من المرأة غير قادرة على البوح المطلق للمشاعر الداخلية، تلك المشاعر التي غبرتها بلادة الاحاسيس وشح التعابير و اتساع مساحات الجفاف في العلاقات الانسانية في عصر طغت عليه المادية وسحقته أحمال الحياة اليومية للنساء والرجال على حد سواء. فالكاتبة وجدت في قارئة العيون.. كل نساء العرب الكادحات تحت ظل المرحلة والمسألة والمقصلة.
(ابن الشاطىء) جاءت مختلفة من حيث البطولة المسندة هذه المرة الى شخص شاب وليس شابه، ولكنه يحمل ذات المعاناة ويحوم حول ذات الملهاة التي اسمها الحياة؟؟ فالحياة كباقي البشر السعداء المتحررين من دمغة الشقاء على طفولنهم ، مستقبلهم وعفتهم، تلازم شخوص الفاري التي ربما تنتقيهم بحسها المرهف وإيمانها العميق برسالة النور والأمل للخلاص من الظلم والألم لكل البشر الذين يشبهونها في المعاناة .
وعلى عادتها فإن (كابوس الامتحان الأول) عبرت عن مشاعر الاحباط التي تنتشر بين صفوف المثقفين في معظم بقاع الأرض ، مع عنترة وسطوة يتمتع بها المال وأصحابه ،حيث يعيش المثقف في إغتراب عام وطام . ففي صفحة 19 تقول على لسان المثقف، وربما هو حاله، "ما حصدت من الثقافة سوى المعاناة والعذاب والويلات، أم لهذا الزمن المزمن بداء السطحية ؟ غذ لا يتعدى حدود الادراك عند الكثيرين لما هو ابعد من رجلي دجاجة ناو سيارة فخمة وإن كان سائقها زنديقاً). وفي المقابل تثبت لنا الفاري بأن المثقف هو الإنسان الأفضل مهما ضاقت به دروب الحياة وقلبته معايير البشر. ففي صفحة 25 حيث انهت( انا شيء آخر هو الانسان بكل ما في الكلمة من معناني سامية عميقة.
(عاصفة الظلام)كانت اول قصة في المجموعة يمكن التنقل منها عبر شخوص الفاري ، والعبور في أعماقها المثقلة بالتجارب المختلفة، وهي الخائفة من صدأ الماضي ومتعلقة بحبال المستقبل ليس لديها سوى أمل و ألم وفكرة لطالما سعت الفاري لإثباتها أمام قرآئها لتظل هي الرابحة من مقامرة الحياة المتغيرة بشخوص ليسو سواء ولا هم جميعاً من الأحياء ؟؟؟!!
الفاري ، استعادت طلاقة الفكرة وحلاوة التعبير في قصصها لتكون الأجمل تدرجا الى النهاية. ربما بدا لي أن قصصها التي كتبتها في الغربة حيث درست الطب في تونس ، كانت الاجود والأعمق وربما الأنضج؟! وهي وحدها التي تملك وتقدر على الإجابة الكاملة لسؤال سمحت به الفروق في النص والوصف والعمق في الفكرة.



#عبلة_الفاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجنون حيفا
- إن كنت تبحث عني
- إبن الشاطئ


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبلة الفاري - كتبت سناء بدوي