أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربحان رمضان - نهاية رجل منفي














المزيد.....

نهاية رجل منفي


ربحان رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 3000 - 2010 / 5 / 10 - 21:09
المحور: الادب والفن
    


قفز نادر مبتعدا عن دراجة كادت تصدمه .. حيا الفتاة الواقفة على ناصية الشارع تنتظر .. سألها عن عنوان الشركة التي بحث عنها دون جدوى ..
لم تصغي لسؤاله ، فسماعة آلة التسجيل معلقة في اذنيها ، ولما حاول أن يلفت انتباهها بلمسة على كتفها التفتت اليه .. حيته ، لكن لم تعرف العنوان ..
سأل آخرين .. يمشوا في نفس الشارع التي وجد الشركة فيه لم يعرف أحد منهم العنوان .. ولما أبلغ السكرتيرة أنه آت للعمل .. لم تدله على شئ اعتذرت بحجة حلول وقت استراحة الغذاء ..

صادف الذي كان صديقه ، والذي أطلق عليه لقب : أبو " باروكة " ..
لم يعرفه للوهلة الأولى لأن الأمر اختلط عليه بين شعر أبيض يعرفه ، وشعر أسود َركبه ..
في الحقيقة كان أبو باروكة يقدم له وجبات غذاء فاسدة ، لكنها رخيصة ..

حالما شاهده نادر ، ُصيب بالفثيان ، ألم ألم ّ بمعدته ، توجه إلى زاوية الشارع ليتقئ غصبا عنه .. فما كان من الذي كان صديقه إلا أن اتصل بالشرطة يبلغهم عن حادثة التقئ اللإرادي ، وقد وصف حالة الرجل بالمتقئ قرفا منه .. وأضاف يقول للشرطي أن المتقئ كان يشير عليه بسبابته عندما كان يحدث مع الصبية الحسناء .
لم تمضي دقائق إلا وسيارة شرطة قفزت منها امرأة والكاميرا في يدها لتصور القئ ، في حين أن زميلها أخرج دفتر المخالفات ليخالف المجرم الذي تقيئ رغم أنفه ..

في اليوم التالي اتصل به نفس الشخص " الذي كان صديقه " وطلب منه أن يساعده في نقل أثاث بيته الذي كرهه نتيجة خلافه الدائم مع الجيران القادمين من جبال القرباط ، وجنوب اسبانيا إلى بيت استأجره ليجاور الأوربيين الذي يعتبرهم أكثر تطورا منه ومن عائلته ، ولم ينسى أن يؤكد له قبل البدء بالعمل ، أن مساعدته له مجرد " فزعة *" دون أجر .
جاوبه النادر قائلا ً : " ومتى عملت في هذا بلد المنفى هذا بأجر؟؟ !! "
إنه حالي وحال أمثالي المنفيين لا نعمل حتى نحصل على إقامة رسمية كي ندفع ضريبة عن الأجر الذي نقبضه ، هيا بنا للعمل ..

من سوء حظ نادر وبينما كان منهمكا بنقل خزانة الملابس إلى الطابق الرابع فاجأه موظف البلدية الذي استوقفه وسأله ..
ماذا تعمل أيها السيد .. ؟
قال : أساعد صديقي بنقل أثاث بيته .
ألا تعرف أن هذا ممنوع ؟ ؟

أنتم الغرباء تتحججوا بالمساعدة وتجمعوا أموال شعبنا في جيوبكم .. ترسلوها إلى بلادكم لتشتروا بيوتا ودكاكين ، أعطني بطاقتك الشخصية من فضلك ..

نادر دفع كل ما بحيلته من مال ، في ضرائب ، ومخالفات أسبا مختلفة ، ولأنه لا يعمل فقد اتبع سياسة التسديد بالتقسيط مما أرهقه أكثر .. فانتقل إلى مدينة أخرى ربما يرتاح نفسيا .. بحث عن بيت يستأجره فاشترطت شركات البناء عليه أن يعمل ، فمن لا يعمل لا يحتاج إلى سكن ..
ترجى خادمة البناء ، عفوا (السيدة المنظفة) أن تتوسط مع السكرتيرة دون فائدة ..

لما خرج قابله رجل يجر كلب ، ويحمل حقيبة ملابس ، وعكاز .. قال له : افعل مافعلت .
وماذا فعلت أيها السيد ؟
قال السيد : اذهب واشتري كلبا ً ، سيعطونك بيت .

أسرع نادرإلى دار أيتام الحيوانات واشترى كلبة ومعها (جرو) صغير وعاد إلى السكرتيرة مستعطفا أن لاتنام الكلبة وابنها في الشارع ..
بعد أسبوع اتصلت به على هاتفه النقال وأبشرته أن الشركة نظرت بعين العطف إلى حالة كلبيه المثيرة للشفقة وأعطته بيتا .
ولأنه دون عمل ذهب يطلب المساعدة من دائرة تسمى بدائرة المساعدات .. أخذ كلبه معه لتتأكد الموظفة أنه لايعيش وحيدا ً ..
ولذلك صرفت دائرة المساعدات للكلبة وابنها راتبا شهريا ، وطلبت منه أن يبحث عن عمل ليعيلهما ، وصفت حالته بالمزرية ، كانت حالتهم محزنة ..

لما مات نادر ، لم يترك ملكية ترثها الكلبة وابنها .. احتضنتهما دائرة الأيتام ، أما هو فقد ساهم أفراد جاليته في جمع تبرعات لدفنه في جناح يقع في زاوية مقبرة المدينة ..

وبعد خمس سنوات " المدة القانونية لدفع أجرة القبر السنوية " ، توقفت سيارة تابعة لبلدية المدينة عند قبره ، كان فيها حفار قبور واحد ، أخرج الكومبريصة من السيارة وحفر القبر من جديد .. أخرج عظام نادر من القبر .. جمعها في كيس معد لعظام الموتى الذين ماتوا في الغربة بعيدا عن الأهل والوطن ..
رماه خلفه في الصندوق المعد للحالات المشابهة .. أخذه بعيدا وأتلفه .

= = = = = = = = = = = = = =
* فزعة : باللهجة العامية السورية تعني نجدة .



#ربحان_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توقف قلمي ، لم يستطع الكتابة عن يوم الجلاء*
- رحل الأستاذ حافظ القاضي وترك لنا أثارا من الأدب وتاريخ رجل م ...
- قالت ، وقلت ، وقال ، وقلنا
- المهام الأساسية للأحزاب السياسية السعي للوصول إلى السلطة باس ...
- - تعالوا نتحاور -أنظمة الاستبداد تركت فجوة بين شعوب المنطقةش ...
- ماذا عن حقوق الإنسان ، وأين هيئة الأمم من قضية الشعب الكردي ...
- فلتصمت معارضة كسيحةغير قادرة على شجب الجريمة الكرد واجهوا ال ...
- إذا كبر ابنك اعرف أنك هرمت
- حملة تضامن مع المعتقلات السوريات
- جيش القمع البعثي في دمشق يحتفل بيوم انقلاب البعث المشؤوم ويع ...
- حول مقال الطائفية والاعتراف باسرائيل للأستاذ محمد سيف الدولة
- الغلابة انتصروا والريس حصد الكاس*
- الممارسات الأمنية المذلة للكرامة الإنسانية تدفع الشاب رمضان ...
- زرنقة
- امسح لي الاسم من GOOGLE
- بمناسبة إغتيال مهاباد الشهيدة الكرد .. بعد كل اغتيال .. صحوة ...
- حكامنا ظلموا فخافوا ، وحكامهم عدلوا فحكموا
- ماما : اكتبي وصاياي
- ماما : اكتبي لله أن يرسل هداياي
- الذكرى ال 126 لميلاد الكاتب والفيلسوف جبران خليل جبران


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربحان رمضان - نهاية رجل منفي