أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فتحي الضو - (خوازيق) الدولة الإسلامية في السودان















المزيد.....

(خوازيق) الدولة الإسلامية في السودان


فتحي الضو

الحوار المتمدن-العدد: 3000 - 2010 / 5 / 10 - 08:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لست ذاك الفتى المفتون بالغرب لدرجة الوله والحُبّ الأعمى. فلي عليه مآخذ في سلبياته، مثلما له عليَّ واجبٌ في ايجابياته. لا سيما، تلك التي نفتقر إليها في حياتنا، بل نشعر أحياناً بالنقص والتخلف أمامها، فحق عليَّ حينئذٍ الامتثال لها وأنا من القانعين. وعليه انطلاقاً من هذا المفهوم.. ثمة سؤال ظل يراودني باستمرار، واعتقد أنه بالقدر نفسه سجل حضوراً دائماً في أذهان الكثيرين: ما الذي يجعل الناس في الدول (الكافرة) أكثر مثالية وأنبل أخلاقاً فيما يتعلق بدور الفرد في المجتمع، حاكماً كان أم محكوماً. في حين تتراجع هذه القِيم في الدول (المُسلمة) وعلى رأسها دولتنا الفتية صاحبة المشروع الحضاري؟ هذا بالطبع إذا سلَّمنا جدلاً إنها بالفعل دولة (مُسلمة) دفع لها ذِمِّيوها الجزية وهم صاغرون! لماذا الناس في الغرب أكثر صدقاً في تعاملاتهم الدنيوية، والعصبة في بلادي أكثر كذباً في أمور دينهم الأخروية؟ وبصورة أخرى ما الذي يجعل وزير المواصلات في دولة لا دين لها كاليابان، يستقيل من منصبه نتيجة خطأ ارتكبه عامل بسيط وتسبب في اصطدام قطارين، في حين يتأهب (المنتصر بالله) عثمان محمد يوسف كبر لولاية ثانية، وهو الذي يفترض أنه المسؤول رقم واحد في كارثة سوق (المواسير)؟ وطالما أن التجربة اثبتت انه لا يحق لمظلوم أن يطالب بحقوقه في دولة الخلافة الراشدة، فلا مناص من أن يرسل الظالم أرواحاً إلى بارئها مثلما بعثر أحلامهم في الهواء الطلق.. فقد ثبت – يا سادة يا كرام - بما لا يدع مجالاً للشك، أن أرخص شيئين في بلادي الناس والتراب!
لقد استغرب الكثيرون طبيعة السوق القائمة على تعاملات ربوية صريحة وواضحة، أو (السوبر ربوية) كما وصفها السيد الصادق المهدي (الرأي العام 8/5/2010) ظناً منهم أن الشريعة الإسلامية التي ترفع لواؤها حكومتهم السنية تُحرِّم مثل هذه الممارسات. كما استغرب كثيرون أيضاً العنف الدموي الذي بدر من أزلامها حيال الذين طالبوا بحقوقهم، اعتقاداً منهم أن الديانات السماوية والدساتير والأعراف جميعها تتفق في ضرورة تكريم الإنسان وصيانة حقوقه. ومع ذلك لا أجد بأساً من الإقرار بأن ما نجم عنها يعتبر سلوكاً ينسجم مع آيديولوجيتها، ويتسق تماماً مع طبيعة سدنتها. فما حدث في الفاشر الأسبوع الماضي، حدث بذات السيناريو في بورتسودان في العام 2005 وحدث في كجبار في العام 2007 ومدناً أخرى، أما الخرطوم العاصمة، فذلك أصبح سمتاً عادياً في أجندة سلطة يحلو لها إدارة نشاطها المأسوني من وراء حجاب!
لا تستطيع السلطة الولائية ولا المركزية أن تنفي أن هذا السوق تم برعاية كريمة منهما. فوفقاً للمعلومات التي أدلى بها وزير العدل عبد الباسط سبدرات في مؤتمره الصحافي، قال: (إنه تأسس في مارس 2009 بواسطة عريف شرطة آدم اسماعيل، ومساعد شرطة صديق موسى. وكان المذكورين حينها يعملان بالمكتب الخاص لرئاسة شرطة ولاية شمال دارفور، مما أعطى انطباعاً أن الأمر لديه علاقة باستثمارات الشرطة) ثم استطرد سبدرات وافصح عن أسباب طلاق الطرفين (إلى أن حدث شيء جعل رئاسة الشرطة تطلب من آدم اسماعيل أن يتقدم باستقالته، وهو اجراؤه حواراً صحفياً مع إحدى الصحف تحدث فيه عن استثماراته وثروثه وكان ذلك في يوليو 2009) أي بعد بضعة أشهر في كنف الدولة الراشدة. ومع ذلك يشير الوالي القديم/الجديد في حوار له مع صحيفة الأحداث 5/5/2010 إلى تاريخ أبعد في الحضانة (التزامن القدري جعل قضية السوق تثار في هذا الوقت، في حين أن سوق المواسير عمره سنتين، وهو غير مرتبط بالانتخابات. وحينما تأسس السوق لم تكن الانتخابات موجودة في المسرح السياسي، ولم يكن مخطط من سنتين لينهار السوق في مثل هذا التوقيت) فمن نصدق؟ وانظر إليه كيف يبريء نفسه ببراعة الحواة حينما سألته الرأي العام بتاريخ 6/5/2010 حول ما إذا كان يشعر بالخديعة؟ فقال (أبداً، أنا لا أشعر بأني خُدعت أو أجرمت أو أذنبت، أشعر بأني الآن أعمل في عمل شريف جداً، وهو السعي لرد حقوق المواطنين والحفاظ عليها) وللتأكيد يكرر اجابته في موقع آخر حينما سئل حول ما إذا كان قد تأخر في التدخل لتدارك المشكلة؟ يقول واثقاً (لم أتأخر أبداً، وكل الذي يقال في هذا، أنا أحسب إنه محاولة تجريم باطلة)! أكاد أشعر – يا قارئي الكريم - أن المذكور قد يعترض في يوم الحشر إن أؤتي كتابه بيساره!
المعروف أن الانسان يتمرد بطبعه على واقعه إن تم المساس بماله أو عرضه، لكن السيد الوالي في حواره مع الأحداث 5/5/2010 سلبهم هذا العالم الافتراضي ووضع لهم عالماً شريراً صورهم فيه كأشرار خارجون على القانون بنعوت لم تخطر بقلوبهم الحسيرة (الذين تظاهروا مجموعة من الناس، ليس هم المتضررون من سوق المواسير، وهو عمل سياسي يقوده من سقطوا في الانتخابات، وآخرون متورطون في نهب أموال المواطنين من خلال سوق المواسير ويسعون بفعلهم هذا لطمس المعالم) ويكرر الصفات نفسها في حوار آخر، يسبغ فيه على اللصوص الحقيقيين صفات القداسة (هؤلاء الاخوة إسلاميين من الدرجة الأولى، ولهم علاقة بالعمل الخاص منذ السبعينات، وما تعرضوا له هو مؤامرة من العاملين معهم من الفاقد التربوي وعناصر الحركات المسلحة، وهذا خطأهم. وما يحدث الآن في الفاشر من شغب واحتجاج هم الشماسة المدفوعين من الجهات التي فشلت في الانتخابات) ولمزيد من التأكيد يكرر الرأي في الرأي العام 6/5/2010 ويقول (يا أخوانا قضية سوق المواسير هذه قضية بيع وشراء، وولاية شمال دارفور ليست طرفاً فيها وأصل هذه القضية قضية سياسية من ناس رسبوا في امتحان الانتخابات، وآخرون يريدون إخفاء معالم الجريمة، فهي فقط ضجة إعلامية قائمة على جهل بالقضية والوقائع). فتأمل ضجة ضريبتها المال والدم!
ثم يقر السيد كبر للأحداث 5/5/2010 بأن الربا ليس في حدود مملكته فحسب، وإنما انداح إلى معظم مدن السودان بدءً بالعاصمة (سوق الكسر موجود في الخرطوم، تحت سمع كل مواطن ويشارك فيه كل أهل السودان، وسوق المواسير لا يختلف عن الموجود في الخرطوم أو مدني أو بورتسودان أو غيرها من المدن) لكن تلك ليست هي القضية كما يقولون. فإن أردت أن ترى الداء فانظر يا هداك الله وصفه الدواء. ففي سؤال (للرأي العام 6/5/2010) عن الطريقة التي سيتم بها معالجة قضية سوق المواسير؟ قال ببساطة.. كما عالجها القرآن. وكيف عالجها القرآن؟ عالجها بقوله (وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم) وأضاف الحكمة البلدية تقول (المال تلتو ولا كتلتو) ويبدو أن هذا المثل الدارج أصبح ينضح حكمة بين ليلة وضحاها. فقد ردده وزير العدل أيضاً في المؤتمر الصحافي المشار إليه، مع فارق إنه جعل منه نظرية كاد أن ينسبها لأرخميدس ويقول وجدتها (نوَّه إلى أن التسويات ستتم وفقاً لنظرية المال تلتو ولا كتلتو) فما ضرَّ عصبتهما طالما أنها لن تدفع بالتي هي أحسن!
ولكن هل جاؤكم نبأ كرم الله بن يوسف الثقفي.. هذه عصبة لا تنفك تتحف ناظريها بكل جديد مدهش. لم يفق الناس من كارثة المواسير. فإذا بكرم الله عباس والي القضارف الجديد يحدثهم عن محنة (بواسير) الشعب. إذ قام بتحويل أنظار الناس من الغرب إلى الشرق. ومثلما يفعل الذين افتتنوا بهوى السلطة، اعتلى سيادته منصة الخطابة في ميدان الحرية (تأمل مفارقة التسمية!) وأطلق عدة فرنامات في الهواء، مصحوبة بأمر تطبيق فوري، إذ أعلن عن (فك الاختلاط بين مدارس الأساس للبنين والبنات في مدارس الولاية، وإغلاق عدد من المقاهي بسوق القضارف باعتبارها بؤراً للفساد الأخلاقي، ووجَّه الأجهزة الأمنية بالولاية بإنفاذ القرار فوراً وإمهال اصحابها 72 ساعة كأقصى حد لإغلاقها باعتبارها مقاهٍ لإفساد الأجيال) وأضاف ( لن تكون القضارف أرضاً لقوم لوط) وكرم الله الذي شبَّه مع ذلك العام الأول لولايته (بعام الرمادة وطالب المواطنين من اصحاب المال الإنفاق على الفقراء والتخلص من البخل وشح الأنفس عبر نفرة شعبية ضخمة) كما شكا من (نفاد خزينة المالية ومخازن ديوان الزكاة) وكشف أيضاً عن (معاناة أهل الولاية من وطأة الفقر) لم يجد حرجاً مع كل ذلك من إعلان (تطبيق الحدود الشرعية طبقاً للشريعة الإسلامية) إنه كرم الله بن يوسف الثقفي القائل إن منهجه الجديد (سيحدث زلزالاً ويجرف الناس في منازلهم ومتاجرهم) فلا جناح ولا تثريب!
رأيت فيما يرى النائم أن والي العراق الجديد أبي العباس السفاح.. إعتلى المنبر ووضع عمامته على رأسه، وأزاح القناع عن وجهه، وقال لنا هلا رأيتموني، أنا ابن عصبته وطلاع الثنايا.. فلا رحمكم الله ولا جعل مثواكم الجنة. قوم تُبع نزع الله الشجاعة من قلوبهم، سلالة خُنع الجبن سيدهم. ينبغي أن تُخلع عيونكم، وتُثقب آذانكم، وتجدع أنوفكم. ضيقنا عليكم العيش فافسحتم لنا في المجالس، اضهدناكم وانتهكنا حقوقكم، فقلتم لنا جزاكم الله خيراً، قطعنا أرزاقكم فحمدتم الله على ضنك الحياة، صفعناكم على خدكم الأيمن فأدرتم لنا خدكم الأيسر. ماذا تريدون بحياة كالممات. يرقص الطير مذبوحاً من الألم وأنتم ترقصون طرباً من المحن. فما ضركم إن ولد المشروع خازوقاً جديداً!!

* سيظهر هذا الموضوع في الصحافة السودانية بعنوان (من المشروع طلع خازوق)



#فتحي_الضو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معايير أهل السودان.. الفريضة الغائبة
- التزويروقراطية والكذبوقراطية
- إنَّ بعد العُسِر... عُسَراً
- لا نافع إلا وجه الله
- فِقه الخِصام والوِئام في قاموس السيدين (2)
- فِقه الخِصام والوِئام في قاموس السيدين (1)
- الحِساب يوم القِيَامة
- أحكموا عليهم بأعمالهم
- الفساد في دهاليز مفوضية الإنتخابات السودانية
- الجلوس فوق برميل بارود
- صلاح قوش.. أو الحجاج بن يوسف السوداني!*
- البحث عن رئيس
- يا أيُها المبعُوث فِينا
- أنتِفوها... يرحمكم الله!
- عقلاء ومجانين
- قلْ يا أيها الفاسِدون
- انتخابات مقيدة ومزورة وتظاهرات حرة نزيهة
- وأنا مثلك أجهشت بالبكاء يا سيدي!
- دكتور الترابي وشيخ حسن (4-4)
- دكتور الترابي وشيخ حسن (3)


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فتحي الضو - (خوازيق) الدولة الإسلامية في السودان