أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لؤي الخليفة - انه زوجي وليس ابي !!














المزيد.....

انه زوجي وليس ابي !!


لؤي الخليفة

الحوار المتمدن-العدد: 2999 - 2010 / 5 / 8 - 16:19
المحور: الادب والفن
    


كنت حينها في العاشرة من عمري , كنت فرحا بمدرستي وزملائي العشرين في الصف الرابع , والجميع كان جذلا بالمبنى الجديد الذي نقلونا اليه منذ ايام , كنا نحث الخطى كل صباح لنشم رائحة السمنت والاصباغ التي طليت بها المدرسة , كيف لا وقد كنا نسكن بيوتا من الطين واجذاع النخيل , كان كل شيء في المدرسة جديدا , مصاطب الجلوس في الصف ..الملاعب .. ارضية الساحة الاسمنتية والتي زهت بالعديد من الرسومات الجميلة ...
جاءنا المعلم ذات يوم ليخبرنا ان يوم غد سيكون عدد تلاميذ الصف ثمانية وعشرون , اي نزداد ثمانية , واشار المعلم باصبعه الينا قائلا .. عليكم ان تكونوا مهذبين وان تعاملوا الضيوف الجدد بادب جم ولا تشاكسوهم او تزعجوهم ... انهن ثمان تلميذات , سيكونن اخوات لكم في الصف ...
لقد فتح الجميع فاه عند سماع الخبر وان الضيوف فتيات , ذلك انها المرة الاولى التي سيجمعنا صف واحد معهن , راودني كثير من الفرح وشيئا من الخجل ... فرح بالتلميذات , وخجل من الخطأ , سواء اكان ذلك امامهن او امام المعلم عندما يسألني ولا اجد له جوابا ... ولم تختلف مشاعر زملائي واحاسيسهم كثيرا , ذلك ان هذه الاحاسيس كانت صغيرة غضة مثلنا .
في اليوم التالي جئن الفتيات كفراشات ملونة , ارتدين قمصانا بيضاء وتنانير زرق وجواريب بيض واحذية سوداء , وكانت اشرطة حمر تزين شعر رؤسهن , وما ان دخلن الصف حتى طلب المعلم منا نحن من كان يجلس على المقاعد الامامية , تركها لهن والنزوح الى اماكن اخرى , وقد ازعجني ذلك كثيرا , لم لم يذهبن هن الى المقاعد الخلفية ؟ , المهم جلسن وخيم هدوء لم نعتده سابقا في الصف , غير ان احدنا كان ينظر الى زميله مبتسما , وثمة من ضحك علينا نحن ممن ازيح عن مقعده .
وبمرور الايام صرنا نتحدث معهم ونضحكهم كما كانوا هم يضحكوننا , صرن لنا في الصف كاخوات كما قال المعلم , ونعاملهم كما نعامل اخواتنا في البيت , ومضت السنون وهم معنا , وانهينا الابتدائية , وفي المتوسطة كن معنا ايضا .
كانت منى اقربهن الينا , تناقشنا في مسائل الحساب واعراب الجمل ... كانت ذكية جدا , كنا جميعا نحسدها على ذلك , واستمرت هذه العلاقة الجميلة البريئة حتى وصلنا الى الصف الثالث , وذات يوم غابت منى عن المدرسة , ولم تأتي في اليوم الثاني والثالث ... لم نعد نرى منى ولا نسمع تعليقاتها اللطيفة الحلوة ... مر شهر على غيابها دون ان نعرف لذلك سببا , قررنا ان نكلف احدى الطالبات لزيارتها في البيت , وقد وافقت ان تقوم بالمهمة , في اليوم التالي كنا جميعا متلهفين للقاء الطالبة , وما ان جائت حتى التففنا حولها , لتخبرنا ان ابيها زوجها الى رجل ثري ولن تأتي بعد اليوم الى المدرسة , لقد كانت صدمة لنا جميعا , فقد كانت لما تزل صبية بعد , واين هي والزواج وهي في هذا العمر المبكر .
وتعاقبت السنون وما التقى احد منا بمنى , وضاعت عنا اخبارها تماما الا اننا لم ننسها ابدا ... وتفرق الشمل بعد الدراسة المتوسطة ليذهب البعض منا الى الاعدادية والاخر الى العسكرية ... وذات يوم وقد كنت طالبا في الجامعة , وكنت في طريقي الى الكلية , سمعت صوتا يناديني , غير اني لم اجد احدا بعد ان التفت يمينا وشمالا , الا ان الصوت لم يكن غريبا ابدا ... لقد سمعته كثيرا فيما مضى , ولكن لا ادري اين ومتى ... ولم افلح بمعرفة مصدر الصوت او صاحبه , وما ان خطوت اثنتان او ثلاث خطوات صوب الكلية حتى عاد الصوت ذاته مناديا بأسمي , التفت الى جهة الصوت لا شاهد امرأة تشير الي بيدها ... لم اعرفها للوهلة الاولى , اقتربت منها وعبثا حاولت ان اتذكرها , رغم ان صوتها كان مألوفا لدي ... صاحت بي مالك مذهولا وكانك لاتعرفني , ازددت تيها , ترى من تكون هذه , واستفقت اثر صيحة اخرى منها , لتقول انا منى , اختك وزميلتك في المدرسة ... انسيت ؟ لم لم انسى انا ؟ لم اتذكرك انا ؟ حينها انتابتني رغبة شديدة بالبكاء ... ايعقل ان تكون هذه المرأة هي نفسها تلك الفراشة التي جائتنا مع زميلاتها , لقد تغير كل شيء فيها , وكانت العباءة والحجاب يغطيانها من اعلى رأسها حتى اخمص قدميها ... حملت طفلا رضيعا واقتادت معها اثنين اخرين ... تحدثنا لبعض الوقت عن الماضي الجميل والحاضر , غير اني لاحظت رجلا مسنا متعبا جدا كان يقف قريبا منها , فقلت لها علي ان اساعد اباك وايصالكم الى حيث ترومون , نظرت الي لبعض الوقت , والالم يشدها وتساقطت دموعها , لتقول لي انه زوجي .



#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثمة مسلم يريدني ان اكون معاقا او ذا عاهة ... !!!
- الكويت ...قزم توهم نفسه عملاقا !!
- دعوى امام هيئة اجتثاث البعث ضد الرب ...!!
- كان بعضهم (( يبزخ )) على انغام ب (( الروح بالدم )) ... !!
- ايعقل ان يكون ربنا الذي خلقنا (( ارهابيا )) ؟؟
- قناة الجزيرة الفضائية ... مالفرق بين الارهاب والمقاومة ؟
- الحجاب ... واللغط الذي فاق حده ..
- اانتم قادة العراق ؟
- بعضهم ارهابي مع سبق الاصرار
- المالكي وعلاوي ... كلاكما غير مؤهل
- هلا اعتذرت حماس لسكان غزة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لؤي الخليفة - انه زوجي وليس ابي !!