أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حمادي بلخشين - القضاء و القدر بين السلفية و الإسلام 4/4















المزيد.....

القضاء و القدر بين السلفية و الإسلام 4/4


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 2999 - 2010 / 5 / 8 - 15:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


القضاء و القدر بالمفهوم الإسلامي

مفهوم القضاء و القدر اسلاميا، معناه ان تؤمن بان الله قد سجل كل ما عملته في الدنيا في لوح محفوظ عنده، اعتمادا على علمه تعالى بما سيكون من أعمالك( التي ستقوم بها بكامل حريتك بما مكنك تعالى من التحكم في جوارحك)، و لولا إرادة الله تعالى التي اقتضت منحك حرية التصرف في تلك الجوارح، ما استطعت تحريك إصبع, أو دفع ذبابة حطت على انفك، ولو شاء الله تعالى سلبك تلك الجوارح و تركك عاجزا كحجرة ملقية في الطريق، لسلبها منك فورا،شئت ذلك أم أبيت، فلست تملك من أمرك شيئا، فأنت ضعيف مقهور تحت إرادته سبحانه(1) .

فإيمانك بالقضاء و القدر بالمفهوم الإسلامي الخالص، يقتضي منك الإعتقاد بان جبنك عن مشاركة اخوانك في حرب الحكام المستبدين، لن يجرّك الي ميتة مبّكرة أي قبل أوانها، فموتك و حياتك محددان إلهيا منذ الأزل. لأجل ذلك كان الإيمان بالقضاء و القدر عاملا ايجابيا ملهبا لحماسة المسلمين الأوائل و دافعا لهم لنصرة الدين و تحرير البشرية من نير المستكبرين .

فالإيمان بالقضاء و القدر بمفهومه الإسلامي، هو أن تسلّم بأنّ " ما أصابك من مصائب مكتوبة و مسجلة قبل ان نولد و لا مناص من مواجهتها، لأنها قدر مكتوب يقول الله تعالى ( قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا) ــ التوبة 52ـ أي انه من بين كل المصائب التي نتوقعها و يهددنا بها الآخرون فلن يصيبنا منها إلا ما هو مكتوب علينا، و لذلك فان المؤمن يتخذ موقفا محايدا وسيطا بين المصائب و المسّرات التي تواجهه، لأنها قدر مكتوب لا فرار منه، و لذلك لا ينهار عند المصائب
ولا يختال سرورا عند النعمة يقول تعالى(ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك على الله يسير، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم ) ـ الحديد 22/23 ــ و طالما وقر هذا في يقين المؤمن، فلن يخشى تهديد المستبد و حاشيته ،لأن المستبد يتعرض للمصائب و المسرّات مثل كل انسان بل هو أكثر فزعا منها، بل أن ضحايا بطشه تتحول الى كوابيس مفزعة و تحيل ليله و نهاره الى جحيم و يجعله أسير سجن الحراسة والخوف، فكيف يخشى الناس من هو اكثر منهم خوفا و جبنا... و لذلك فإن المؤمن بعقيدة الإسلام لا يمكن ان يكون سلبيّا أو خاضعا للإستبداد، أو مشاركا للمستبد في ظلمه و استبداده، وطالما تسود عقيدة الإسلام الحقيقية، فلا مجال لإستبداد أو طغيان، و حيث تربى المؤمن على تلك العقيدة ستجده ايجابيا في مواجهة الطغيان" (2) .

كما أن الايمان بالقدر يحملك على الإعتقاد كما ذكرت آنفا، بأن أجلك معلوم لدى الله تعالى و مدوّن في اللوح المحفوظ، و لن يؤخره نكوصك عن مواجهة العدوّ أو تراجعك عن جهاده. و على اساس ذلك الفهم الإسلامي الخالص، رأينا صحابة رسول الله يستهينون بالمخاطر ولايبالون أوقعوا على الموت، أم وقع الموت عليهم، ماداموا موقنين أن موتهم لن يحدث قبل موعده و لن يتأخر عنه جزءا من ثانية.

كما ان الإيمان بالقدر بمفهومه الإسلامي، يعني الإيمان بأن خسائر الأموال و الأهل والولد والجراحات و تلف النفس قد أرادها الله لك، عقوبة منه على ذنوب علم انك ستأتيها أو ابتلاء لصبرك. و في هذا ما يبعث ايضا على التسليم و الرضى بمصيبة نقصان الأموال و الأنفس و الثمرات، إذا حصلت نتيجة جائحة طبيعية أو حادث سير أو ما يشبه ذلك .أما أذا حدثت المصيبة بقصد جنائي، و بأيدي أعوان الحاكم الظالم، أو بيد شريكك في الوطن، وجب عليك ردّ الفعل والمطالبة بالقصاص، و استخلاص الخسائر التي ذهبت نتيجة العدوان على الأرواح أو الممتلكات التي تعرضت إليها، عملا بقوله تعالى( و الجروح قصاص) و قوله تعالى(و جزاء سيئة سيئة مثلها)، و ليس الإكتفاء بمجرد السكوت و الإعتقاد بأن من الحق بك الضرر حاكما كان أم محكوما كان مجبرا على ما اقترف من جرائم، و منفذا لما سطر في اللوح المحفوظ وما سبق في علم الله تعالى, ثم بالإسترجاع والترديد بأن ما أصابك من مصائب هو من عند الله، وان ثورتك و سعيك للقصاص بمن تسبب في ايقاع الضرر بك، هو من قبيل الإعتراض على قضاء الله و قدره، وانه يتحتم عليك الصبر وعدم متابعة الآثم و استخلاص حقك منه ، أخذا بالعقائد السلفية المميتة التي تدّعي جهرة،أن كشف عورة رجل يستحم على شاطئ البحر نتيجة هبّة ريح، تعادل كشف عورة رجل أكره على خلع ثيابه في مخفر شرطة، الأمر الذي يجب عليه تحمله بكل روح رياضية و نفسية مرحة. لأنّ الذي حرّك الريح هو الذي حرّك يد الشرطي. كما يستطيع ذلك الرجل المعرّى تعزية نفسه بترديد قول الشاعرالمرتزق" و ان جرح أمير المؤمنين و جرحه / لكالدهر لا عار بما فعل الدهر!" فسواء أصفعك مجنون في الطريق العام، أو صفعك شرطي أمام المارة لأنك خرجت عن طابور ما . فعليك عدم الشعور بالعار أمام الناس .لأن ذلك محض قدر، فكما يجب عليك الا تشعر بعار صفعة المجنون فعليك ايضا ان لا تتأثر بصفعة الشرطي، لأن صفعة الشرطي الحبيب مثل أكل الزبيب، فالحاكم سلفياّ مثل الخالق، لا عار بما أوتيت من قبله .

فأكتفاء أحدنا بالإسترجاع والقول بأن المظلمة التي حاقت بي من ولى أمري هي من قضاء الله التي لا يسعني حيالها الا الصبر والسكوت، ليس من الإسلام في شيء، بل ان هذا الفهم المعوج لعقيدة القضاء و القدرهي مسخ أموي ــ سلفي لمفهوم القضاء و القدر، فحاشا لله أن يرضى الظلم، و حاشاه أن يجبر أحدنا على الظلم ثم أن يعاقبه عن ظلم أجبره عليه. سبحانه و تعالى عما يصفه به الملكيون الفاسدون و السلفيون الجاهلون .

فاذا أقصينا فرضية أن الذي نكبك في مالك او جسمك لم يجبر من قبل الله تعالى على ما فعله بك اعتمادا على العقيدة السلفية التي تدّعي أن الذي حرّك الظالم للإضرار بك هوالله تعالى لأن افعال ذلك المجرم مخلوقة من قبل الله تعالى مثل يده التي ليس له في خلقها مسؤولية) .
اذا اقصينا تلك الفرضية السلفية الجهولة، علمنا ان الذي ألحق بك الضرر انما ألحقه بك عن إرادة و قصد. لأجل ذلك، وجب استخلاص الحق منه، و بكل الوسائل المتاحة، وهذا ما يطالبك به الإسلام و يمدحك عليه. قال تعالى في معرض مدحه للمؤمنين الذين لم تفسدهم عدوى السلفيين (( والذين اذا اصابهم البغي هم ينتصرون. و جزاء سيئة مثلها )) .

فالتكليف يقتضي حتما حرية الإختيار وإلا بطل أصلا، كما يقتضي التكليف امتلاك المكلّف آلة العمل ليقرّر ماذا يفعل وماذا يدع .
فحاشا لله أن يحملنا على فعل الشر ثم يعاقبنا عليه, كما يزعم أهل الجور من الحكام المدعومين بالجبرية السلفية التي تؤيد زعمهم في أن ما يقترفونه من موبقات، لا مسؤولية عليهم فيه لأن القضاء الإلهي المسبق، هوالذي حملهم عليه، و اجبرهم على فعله. بإعتبار أن لا إرادة للإنسان و لاقدرة له على أفعاله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد المحسن يسار المتحدّر من اصل عراقي، شاب موفور الصحة، يعيش في بلدة ايبيونا في البرازيل، كان ذات يوم يقود سيارته في طريق عام قرب مدينة سان باولو، فجأة رأى على جانب الطريق شخصا يحاول دفع سيارته المعطلة، فتوقف لمساعدته فماذا حدث له؟... " أعرب الرجل عن امتنانه للمساعدة، و صعد الي سيارته المعطلة بينما قام عبد المحسن بدفعها بكل قواه لمساعدة الرجل على تشغيل المحرك، لكن السيارة كانت ثقيلة جدا، فشدّد عبد الحسن من قوة دفعه للسيارة المعطلة بيديه، وفي هذه الأثناء شاهد فجأة وميضا ضوئيا مرّ من أمام عينيه مثل فلاش كاميرا، فتوقف فورا واضعا يده امام عينيه، وعندما أزاح يده اكتشف انه لم يعد يرى شيئا فصرخ قائلا لصاحب السيارة المعطلة انه فقد بصره! فأخذه الي المستشفى حيث أجرى له الأطباء فحوصا و قالوا ان الجهد الشديد الذي بذله لدفع السيارة ادى الي خلل عام تقريبا في ضغط عينيه نجم عنه انفجار أوردة دقيقة !! عبد المحسن يعيش الآن في عمى كامل!" ذلك ما أوردته مجلة سيدتي في عددها 1317 بتاريخ 3 يونيو 2006 تحت عنوان عراقي حاول مساعدة شخص تعطلت سيارته في طريق عام ففقد بصره " إهــ
فمن منا يضمن ان يستمر في التمتع ببصره بعد ساعة واحدة من الآن.؟ من منا يضمن سلامة عينيه حتى لو توقف كليا عن مساعدة أي سيارة واقفة في الطريق العام، حتى لوكانت صاحبتها ملكة جمال الكون؟ تم ألم نسمع بأناس باتوا بصراء فأصبحوا عميانا و هم على فرشهم؟... الذي أردت قوله أننا بشر ضعفاء لا حول لنا ولا قوة. و لا ندعي أننا" نخلق" أفعالنا بل ان الله هو الذي مكننا من تلك الجوارح كي نتصرف بها بحرية فنفعل ما نشاء و نترك ما نشاء، ولو شاء الله لمنعنا من فعل أي شيء مهما كانت قوتنا.فلا حول ولا قوة الا به تعالى.
2) اللواء إحسان صادق. جذور الفتنة في الفرق الإسلامية منذ عهد رسول الله الى اغتيال السادات ص 181/182



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضاء و القدر بين السلفية و الإسلام 3/4
- رد على مقال -عندما يدخل الله غرف نومنا- للكاتب جلال حبش
- القضاء و القدر بين السلفية و الإسلام 2/4
- القضاء و القدر بين السلفية و الإسلام 1/4
- إحباط ( قصة قصيرة)
- إنفعال!( قصة قصيرة)
- رعب ( قصة قصيرة)
- وصمة!!( قصّة قصيرة)
- هراء !! ( قصة قصيرة)
- في جاهليتها الأولى، كانت المرأة أرفع مكانة وأشرف قدرا من جاه ...
- شهادة من أكبر صنم وهّابي معاصر :النقاب ليس فرضا ولا سنّة !!
- العدوان الوهّابي على المرأة
- إختيار ! (قصّة قصيرة)
- ابن تيميّة: كان مجرّد فزّاعة سلفيّة مضحكة 4/4
- بن تيميّة: كان مجرّد فزاعة سلفية مضحكة 3/4
- بن تيمية كان مجرّد فزاعة سلفية مضحكة 2/4
- ابن تيمية: كان مجرّد فزاعة سلفية مضحكة 1/4
- إمتنان ! ( قصّة قصيرة)
- ردّ على مقال السيد صلاح يوسف- لماذا تركت الإسلام-
- إدانة! ( قصة قصيرة)


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حمادي بلخشين - القضاء و القدر بين السلفية و الإسلام 4/4