أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - دانيل بايبس - الغدر بفلسطين















المزيد.....

الغدر بفلسطين


دانيل بايبس

الحوار المتمدن-العدد: 2998 - 2010 / 5 / 7 - 20:03
المحور: القضية الفلسطينية
    


النكبة كلمة مرادفة للكارثة بكل ما تحمل هذه الكلمة من عواطف سلبية من يأس، غضب، هزيمة، وحتى الكراهية. دخلت هذه الكلمة في مصطلحات القواميس الإنكليزية، ويعرفها موقع الإنتفاضة الألكتروني المناهض لإسرائيل ب " ترحيل و طرد مئات الآلاف من الفلسطينيين من بيوتهم و أرضهم في عام 1948".

أصبح يوم النكبة موازياً ليوم قيام إسرائيل، ويطرح كرواية قصصية تثير الكثير من الإنفعالات سنوياً ، حتى أن بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة أرسل رسالة تضامن الى الشعب الفلسطيني سابقاً في ذكرى النكبة، رغم رئاسته لنفس المنظمة التي خلقت دولة إسرائيل. أما في داخل إسرائيل فترى مجتمع فلسطيني يهودي يعني بالتقارب الثقافي و السلمي بين الطائفتين و يحتفل بيوم النكبة بكل ما تعني الكلمة.

إن رواية النكبة تصور الشعب الفلسطيني كضحايا لم يكن لهم حرية إختيار ولا يتحملوا أي قدر من المسؤولية في مجرى الأحداث، وإلقاء اللوم برمته على إسرائيل بشأن مشكلة اللاجئين. إن هذا الطرح يتلاءم مع مجريات الأحداث يوم قيام دولة إسرائيل، حيث كان اليهود يشكلون أقلية ألسكان في وقتها.

هنالك مصطلحان يجب الإنتباه إليهما في متابعة التاريخ، وهما الحدس البديهي مقابل ضبط الحقائق التاريخية. هنا تبرز قوة كتاب " الغدر بفلسطين" بقلم الكاتب أفرام كارش من جامعة لندن، حيث يوفر لنا دقة تاريخية قبل كل شئ.

يقول الكاتب: " لم يكن الفلسطينيون ضحايا ساءهم الحظ من جراء الإفتراس الهجومي الصهيوني، و إنما اللوم يقع على عاتق القادة العرب الفلسطينيين الذين وقفوا، منذ أوائل العشرينات، ضد رغبات شعبهم آنذاك بإطلاقهم حملة لا هوادة فيها ضد حق تقرير المصير للشعب اليهودي، متوجين حملتهم بالسعي لإجهاض قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين". و يضيف الكاتب: " لم تكن المواجهة الفلسطينية اليهودية أمراً حتمياً، بل وحتى الصراع العربي الإسرائيلي". ومع مرور الأيام يبين الكاتب كيف بدأ الفلسطينيون و حلفائهم في الغرب بإعادة كتابة قصة فلسطين، مصورين إسرائيل بأنها المتهم الأول والأخير في أروقة الأمم المتحدة، والجامعات وإفتتاحيات الصحف. بعدها يمضي الكاتب بتثبيت نظريته مستنتجاً: 1 ً- أن الجانب اليهودي- الصهيوني- الإسرائيلي حاول أن يتوصل إلى حل وسط بينما رفض الجانب الفلسطيني - العربي – المسلم جميع العروض؛ و2 ً- العناد و العنف العربي ولّد كارثة صنعت بأيدي العرب أنفسهم.

النقطة الأولى أكثر وضوحاً وشيوعاً منذ إتفاق أوسلو ولا تزال تشكل نمط الأحداث الراهنة، وتتميز باتساق حسن النية اليهودية والرفض العربي منذ أيام عهد بلفور وحتى يومنا هذا. وعلى سبيل الذاكرة، فإن وعد بلفور، في 1917، أعرب عن رغبة الحكومة في لندن في إقامة وطن قومي لليهود ، وبعدها ب 37 يوما إحتلت بريطانيا فلسطين حتى عام 1948. لم تكن هناك ردة فعل عربية تذكر في ألسنين ألأولى بعد 1917، حيث أدرك الناس وقيادتهم أن فعالية المنظمة الصهيونية ساعدت في أحياء بلد كثير التخلف، عميق الفقر، و قليل السكان. بعدها ظهر على الساحة، وبمساعدة الإدارة البريطانية، الشخصية المضّرة بمن حولها على مسرح الأحداث: المفتي أمين الحسيني، والتي سيطرت على سياسة الفلسطينيين لثلاثة عقود مقبلة. تشير المستندات، التي يشير لها الكتاب أعلاه، كان لدى الصهاينة والعرب عدة خيارات، تميزت خيار الفريق الأول بالبحث عن حلول وسط، والثاني السعي وراء الإبادة.

كان تطرف أمين الحسيني غير قابل للتغيير، وتمر السنون ويصبح مشهوراً بميله للنازية وإعجابه بها، وما حدث بعد ذلك من صدامات دموية تحت قيادة الحسيني ضد الحركة الصهيونية، وعزم المفتي على إخلاء فلسطين من اليهود. لم يكن تطرف المفتي ممثلا للأغلبية الفلسطينية الراضية بالوجود اليهودي آنذاك، وتشابكت الأحداث بعدها مع ظهور ملك في الأردن يسعى إلى حكم اليهود، قيادات عربية ضعيفة، إدارة بريطانية في فلسطين معادية للسامية، وحكومة أمريكية مخطئة في تقديراتها. رغم تطرف الرأي الفلسطيني تحت قيادة المفتي، و نهوض النازية العالمية، لم تتوقف مساعي الصهاينة للتعايش ألسلمي، ولكن سياسة المفتي الغير قابلة للنقاش في مسألة تصفية اليهود أقنعت إدارة حزب العمل، ومن ضمنهم ديفيد بن غوريون، بأن العمل السلمي يسير في طريق مسدود، ولكنهم لم يتوقفوا عن البحث عن قيادة عربية معتدلة للتعامل معها.

على عكس القيادة العمالية، فإن زيف جابو تنسكي، رائد حزب الليكود الحالي إنتبه، في عام 1923، إلى ضآلة الأمل في قبول العرب لوجود دولة إسرائيل في فلسطين مع أكثرية يهودية، ولكنه رفض فكرة طرد اليهود من فلسطين مصراً على إعتاقهم كاملاً ضمن الدولة العبرية.

وتمر الأيام ويعلن قرار التقسيم في تشرين الثاني عام 1947، والذي نسميه الآن "حل الدولتين". لو تفحصنا الأمر لرأينا أن الأمم المتحدة سلمت للفلسطينيين يومها دولة لهم على طبق من فضة رفضه الحسيني الرافض لأي حل يتضمن حكماً ذاتياً لليهود. (( لو كان قد تصرف بحكمة يومها لكان الشعب الفلسطيني يحتفل اليوم بذكرى 62 لقيام دولته )).

إن الجزء الأصلي من هذا الكتاب هو الوصف الشامل لرحيل الجالية المسلمة و المسيحية من فلسطين، ما بين 1947 و1949 ، إعتمادا على وثائق ومستندات رسمية وبالتفصيل بادئاً بالمدن كحيفا، ويافا، وطبرية، والقدس، ماراً بعدها بالضواحي ومنتهياً بالقرى. حرب قيام إسرائيل يمكن تقسيمها إلى جزئين: الحرب الضارية بدأت بعد ساعات من قرار الجمعية العامة، في 29 تشرين الثاني عام 1947، وإستمرت إلى ليلة الإنسحاب البريطاني في 14 أيار عام 1948. الصراع الدولي بدأ يوم قيام إسرائيل، في 15 أيار، عندما غزت خمسة جيوش عربية دولة إسرائيل، وإنتهت في كانون الأول عام 1948. المرحلة الأولى كانت حرب عصابات، بينما الثانية حرب تقليدية. ما يقرب النصف من 600000 لاجئ عربي هربوا قبل الإنسحاب ألبريطاني ومعظمهم في ألشهر ألأخير من تاريخ ألانسحاب.

هرب الفلسطينيون لأسباب مختلفة وتحت ظروف عدة. القادة العرب أيامها أمروا السكان الغير المقاتلين بالابتعاد عن موقع حركاتهم ألعسكرية، وهددوا المتقاعسين بمعاملتهم كخونة إن لم ينصاعوا لأوامرهم. كما طالبوا بإخلاء القرى لتحسين مواقعهم العسكرية في ساحة القتال، و وعدوا السكان بعودة سالمة خلال بضعة أيام. بعض الجماعات الصغيرة فضلت الهرب على مهادنة الصهاينة كما صرح عمدة يافا يومها: " لا أمانع في تدمير يافا إذا ضمنت تدمير تل أبيب ". أعوان المفتي إعتدوا على اليهود بغرض التحريض، والعوائل القادرة على الهرب فعلت ذلك بدون تردد. ترك الكثير من المزارعين العمل بعد تفشي إشاعات عن قرب عقاب ملاكي الأراضي، و تفاقمت ألأوضاع مع قلة توفر ألمواد ألغذائية والمياه الصالحة للشرب، وبدا الرعب يسود خوفا من المقاتلين الصهاينة والعرب على السواء.

لكن الكاتب يؤكد لنا بأنه في حالة واحدة أجبرت القوات الإسرائيلية السكان العرب على الخروج، و ذلك في مدينة اللد. يبين ألكاتب إن لا أحد من 170000 – 1800000 عربي من سكان ألمدن أجبروا على الخروج من قبل اليهود، وجزأ ضئيل من 1300000-160000 قروي تركوا قراهم تحت إجبار القوات الإسرائيلية.

بعدها تطورت الأمور ولم توافق القيادات الفلسطينية على الرجوع حيث يكون ذلك بمثابة إعتراف بإسرائيل، وشددت إسرائيل من موقفها بعد فترة من إظهار إستعدادها لرجوع اللاجئين بعد تفاقم الحرب، حين صرح رئيس الوزراء الإسرئيلي يومها بن غوريون في 16 حزيران عام 1948: " هذه حرب حياة و موت ولن أسمح برجوع من تركوا أماكنهم .... لم نبدأ الحرب ..... هم بدئوا ألحرب في حيفا ويافا وبيسان ... لا أريدهم أن يشنوا حرب أخرى علينا"

بإختصار فإن الكاتب يستنتج أن أفعال القادة العرب أنفسهم هي التي أدت إلى إرسال مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى المنفى. في هذا الكتاب يؤكد الكاتب الحقيقة التالية: (( العرب أنفسهم أجهضوا فكرة الدولة الفلسطينية، وهم سبب النكبة كما تُعرف اليوم )).

هذا الكتاب هو تتمة لكتابات كارش التاريخية حول الشرق الأوسط، كان أولها: (( إمبراطوريات الرمال: الصراع في السيطرة على الشرق الأوسط، 1789 - 1923، مع أنري كارش 1999))، حيث يناقش فيه أن سكان الشرق الأوسط لم يكونوا ضحايا الامبريالية، وأنهم أشركوا في صنع قرار مصيرهم.

إن كتاب (( الغدر بفلسطين )) يضع النقاط على الحروف بخصوص المشكلة الفلسطينية، وكيف أن الخاصة من الفلسطينيين هي التي سلكت طريق الدمار والعنف وتسببت في محنة الفلسطينيين، ولن ينتهي الصراع إلا عندما يتخلص الفلسطينيون من آمال إبادة دولة إسرائيل.

ترجمة: د. سداد جواد التميمي

المصنف الإنكليزي http://ar.danielpipes.org/article/8338



#دانيل_بايبس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - دانيل بايبس - الغدر بفلسطين