أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمود حمد - .هل التعذيب سلوك فردي طارئ..ام احد خصائص السلطة المستبدة!؟















المزيد.....


.هل التعذيب سلوك فردي طارئ..ام احد خصائص السلطة المستبدة!؟


محمود حمد

الحوار المتمدن-العدد: 2998 - 2010 / 5 / 7 - 13:19
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


كتب الزميل العزيز ـ ابراهيم الحريري ـ مقالا نازفا بالوجع ودعوة لوقف الصمت المريب عن ممارسات التعذيب ..بعنوان :(ضد التعذيب ..لم يعد السكوت ممكناً)..
مما حَرَّضَني على الكتابة عن جرح غائر في الروح كنت أُرجئ الحديث عنه لتراكم مصائبنا..كما يقول المتنبي:
رماني الدهرُ بالأرزاءِ حتى فؤادي في غشاءٍ من نبالِ
فصرت إذا اصابتني سهامٌ تكسرت النصالُ على النصالِ

هل " التعذيب " سلوك فردي طارئ..
ام أحد خصائص السلطة المستبدة!؟
محمود حمد

يقول علي حسن المجيد في شريط فيديو على الانترنت موجهاً كلامه الى جلادي الأمن:
" تستطيع ان تُعَذِّب العراقي حتى الموت..لكن لايجوز لك المس بكرامته!!!"( شر البلية مايضحك)!؟
ونحن اليوم نتساءل:
• هل يمكن ان يُعَذَّب الانسان ـ اي انسان ـ وتُنتهك كرامته بذريعة "حماية التجربة الديمقراطية "؟!
• هل يمكن السكوت على ممارسات التعذيب ـ الواسع او المحدود ـ كموقف سياسي بدعوى مواجهة من يريد استغلال تلك الممارسات وـ تهويلها !ـ لاغراض سياسية تنافسية!؟
• هل يباح للسلطة " الديمقراطية " تعذيب المتهمين او المشتبه بهم بالارهاب بذريعة " انتزاع المعلومات من ـ المتهمين ـ خوفا على مصير الديمقراطية.. "!؟؟
• فاذا لم تكن حياة وحقوق وكرامة الانسان جوهر تلك " الديمقراطية "..فما الذي يميزها عن الاستبداد!؟
• واذا كان " التعذيب " سبيلا لانقاذ " الديمقراطية " فمتى تنقطع سلسلة التعسف ان لم يكن في زمن الديمقراطية!؟
• وهل اثبت التأريخ يوما ان ممارسة ـ التعذيب ـ وَفَّرَتْ الحماية لأي نظام مستبد او " ديمقراطي "!؟
لنتصفح بعض عبر التاريخ الساخن لـ ـ التعذيب ـ:
• كانت ذريعة قريش عندما أوغلت في ـ تعذيب ـ عمار بن ياسر الصحابي الشهيد وجريمة ابي جهل بقتل ام عمار وابيه هي :( حماية دين الآباء والأجداد من ـ دعوة ـ بن عبد الله!!!).
• وكانت ذريعة جلادي نظام صدام عندما ـ عذبوا ـ الشهيد محمد باقر الصدر واخته الشهيدة بنت الهدى هي ( حماية الثورة من المد الخميني المجوسي!!).
• وقبلها ..كانت ذريعة وحوش الحرس القومي عندما _ عذبوا ـ سلام عادل ورفاقه حتى الموت ..هي :( حماية عروس الثورات من المد الشيوعي!!).
• واذ اختفى في اقبية ـ التعذيب ـ على ايدي الفاشست آلاف البارزانيين من الفتيان والشباب والشيوخ .. كانت الذريعة ( حماية وحدة الوطن من الانفصاليين !!)
• وحيث نبحث الى اليوم عن اخوتنا الفيليين الذي انقطعت اخبارهم في دهاليز ـ التعذيب ـ ..كانت الذريعة ( حماية ظهر الثورة من الطابور الخامس!!).
• وفي غلس الليل عندما تناهشت الكلاب المفترسة بـ ـ التعذيب ـ حتى الموت جسد الحكيم اللواء راجي التكريتي..كانت الذريعة ( حماية قيادة الحزب والثورة من المندسين!!).
• وحيث فاحت فضائح ـ التعذيب ـ في سجن ابو غريب على ايدي المحتلين الامريكان..كانت ذريعة الادارة الامريكية ( حماية الامن القومي الامريكي!!).
• و مَرَّت في العراق عقود طويلة ومريرة..أُستبيحت بها ارواح وكرامات مئات آلاف العراقيين بـ ـ التعذيب ـ الاحترافي في كل انحاء السجن الذي اسمه العراق..بذريعة ( حماية الثورة والحزب القائد ) من العملاء والخونة..ومن بينهم معظم حكام اليوم!؟
وكل هؤلاء مسلمون وعراقيون من ضحايا التعذيب المقصود والممنهج...
فكانت ومازالت جميع جرائم التعذيب التي تمارس بحق الانسان ـ البرئ او المذنب ـ في مختلف دول وبقاع العالم ، وفي جميع اقبية السجون العلنية والسرية هي " الحفاظ على شرعية النظام " من تخريب الخارجين على القانون!!!
وعلى الرغم من تشكيل لجنة تابعة للامم المتحدة عام 1987 مختصة بمراقبة ومنع التعذيب ووقعت عليها 141 دولة ومن بينها العراق ، إلاّ ان منظمة العفو الدولية تشير في تقاريرها الى انتهاكات شنيعة في معظم الدول الموقعة على تلك الوثيقة..
ناهيك عن تلك الدول التي رفضت التوقيع عليها ( بحجة.. انها تمس سيادتها الوطنية..وتتدخل بشؤونها الداخلية!!!!!).
بل ان معظم تلك الدول التي تنفضح فيها جرائم التعذيب دأبت على استخدام مفردات تضليلية كـ "سوء المعاملة" و" التجاوزات " للتهرب من الإدانة ـ الاخلاقية ـ لجرائم التعذيب التي تمارسها اجهزتها القمعية.
علما بان مفهوم " تعذيب " هو مفهوم محدد لدى المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان..وهو :
( أي عمل يُنزل آلامًا جسدية أو نفسية بإنسان ما وبصورة متعمدة ومنظمة ، كوسيلة من وسائل استخراج المعلومات ، أو الحصول على اعتراف ، أو لغرض التخويف والترهيب ، أو كشكل من أشكال العقوبة ، أو وسيلة للسيطرة على مجموعة معينة تشكل خطرا على السلطة المركزية..ويستعمل التعذيب في بعض الحالات لأغراض أخرى كفرض مجموعة من القيم والمعتقدات التي تعتبرها الجهة المُعذِبة قيمًا أخلاقية ).
ويرى الحقوقيون المختصون بالجرائم ضد الانسانية : ان وجود ـ غاية ـ من وراء التعسف هي الفيصل بين مفهوم " التعذيب " ومفهوم " المعاملة القاسية "
• ان ميدان الفصل بين " البراءة " و" الإدانة " هو القضاء ، والسبيل الى الإدانة هو الادلة الجنائية المُثبتة والاعترافات غير المُنتَزعة بالتعذيب الجسدي او النفسي او المعنوي!!
لقد ارتبط ـ التعذيب الواسع ـ عبر التاريخ ومازال بالتعصب العقائدي لدى الجهات القادرة على اغتصاب حريات خصومها..
• في القرون المبكرة من التاريخ كانت الاقوام الهمجية تمارس ـ التعذيب ـ ضد من يتخلون عن العقائد الوثنية بدعوى اخراج الارواح الشريرة من نفوسهم ، لاعادتهم الى عقائد القوم!
• في اليونان القديمة كان ـ التعذيب ـ وسيلة الاحرار لانتزاع ـ الحقيقة ـ التي يُضمرها العبيد تجاه اسيادهم!
• في عام 1252 ـ ايام محاكم التفتيش ـ اصدر بابا الفاتيكان اينوسينت الرابع مرسوما أباح فيه ـ التعذيب ـ ضد المتهمين بالهرطقة للحصول على المعلومات منهم!..
• في عام 2001 اصدر الرئيس الامريكي بوش امرا سريا اباح فيه استخدام " اساليب عنيفة " لانتزاع المعلومات من سجناء جوانتنامو!
• كانت جريمة سجن ابو غريب احد تلك الممارسات الوحشية المرتكزة الى ذلك الامر الرئاسي الامريكي ، والتي فضحتها وسائل الاعلام الامريكية ـ وليست العربية او العراقية ـ عندما قدم البرنامج الاخباري 60 دقيقة من على شبكة CBS تقريرا مفصلا عن ـ التعذيب ـ في السجن السيئ الصيت.
• بل ان الادارة الامريكية لجأت خلال العقدين الاخيرين الى مايصطلح عليه بـ " التعذيب بالإنابة " ..حيث يجري نقل المتهمين من الولايات المتحدة ومن اوربا الى بلدان غير ملتزمة باتفاقية مناهضة ـ التعذيب ـ بهدف انتزاع المعلومات منهم بـ ـ التعذيب ـ.( صرح عضو البرلمان السويسري ـ ديك مارتي ـ في يناير عام 1996 بان المخابرات الامريكية اختطفت مايقارب الـ 100 شخص من بلدان اوربا ونقلتهم الى بلدان اخرى لاستجوابهم ..وهي: مصر والاردن والمغرب واوزبكستان وسوريا)!
• في بعض البلدان ـ الاسلامية ـ يمارس التعذيب حتى الموت كعقوبة شرعية!
• يكاد كل عراقي قد وشِمَ بصنف من صنوف ـ التعذيب ـ خلال حياته ..ولاحاجة لاطنان الوثائق التي خلفتها الدكتاتورية عن اصناف غير مسبوقة لتعذيب العراقيين او تلك التي اضافها الاحتلال..
بل يكفي الكشف عن اجساد ونفوس وعقول وكرامات العراقيين..
فإن هي أفلتت من ـ التعذيب ـ في زمن الدكتاتورية فانها قد أُغتصبت وأُستبيحت مثل وطنها في زمن الاحتلال..بمن فيهم حكام اليوم الذين كانوا بالامس ضحايا ـ التعذيب ـ المتعدد الاصناف .. ونسي البعض منهم او تناسى تلك المحنة ..واصبح متسترا على الارهاب باسم ـ الوطنية ـ او متسترا على التعذيب باسم مكافحة الارهاب!!!
• تمارس الاجهزة المتخلفة التعذيب كوسيلة رخيصة ووحشية وبدائية للوصول الى المعلومات..كما هي الحال في ـ الانظمة الفاشلة ـ والولايات المتحدة!؟
• وفي البلدان الموبوءة بالتخلف لايحتاج العاملون بالاجهزة القمعية الى ـ نصوص ـ تبيح لهم " التعذيب "..فهم مُعَبؤون بالكراهية ضد الآخر الذي لايعرفونه..لانهم نتاج بيئة التخلف والتطرف!؟
• في ابريل من عام 1966 اقتحم مفوض الامن ( رحيم ) بوابة الصف الاول بثانوية العروبة في العمارة وقطع عليَّ الدرس واقتادني مُكبلا من بين طلابي..وحال وصول سيارة الفولكس الصفراء الى مديرية الامن بحي الحسين..ادخلوني الى الملازم ( ابراهيم ابن الحممجية).. الذي باغتني بلكمة على وجهي اسقطتني على الارض وانهال على راسي وذراعيَّ بعصا كانت بين كومة عصي غليظة على الطاولة..واستمرت الحفلة ( كما كان يحلو لهم تسميتها )..حتى تكسرت كل ذخيرته من العصي فاخرجوني وانا في غيبوبة ..شبه عار ومدمى بعد ان كَسَرَ ذراعي اليمنى ومزق ملابسي ...
وترسب منذ ذلك النهار في ذاكرتي السؤال الذي لم يفارقني الى اليوم:
o من أين ؟ ومتى ؟ وكيف؟ إختزن كل هذا الحقد المُتفجر عَلَيَّ وهو لم يرني من قبل!؟
o وكيف يمكن ان يكون ـ الانسان ـ أداتاً لتعذيب الاخرين....من يعرفهم ومن لايعرفهم؟!
o كيف يتحول انسان بسيط الى جلاد متوحش؟
ان الكثير من الناس على اختلاف مستوياتهم الثقافية مؤهلون للاذعان لميول وممارسات التعذيب عندما يخضعون لنظام عقائدي استبدادي شمولي متواتر ومديد..نظام يبرر التعذيب..ويوصم الضحايا بالخيانة خارج ولاية القضاء ، ويحظى بدعم مجتمعي متخلف ومتطرف..وذراع مؤسساتي متوحش ..وتضليل اعلامي متواصل..بحيث يصبح التعذيب سلوكا لايجرؤ احد على رفضه او حتى استهجانه..فيسكتون عنه ..ثم يتماهى الناس فيه ويخنعون للتغافل عنه..حتى وان تعرض للتعذيب اقرب الناس اليهم، ومن ثم ينزلق البعض منهم لتبريره ، وآخرون ينحدرون لترويج ممارساته جهارا على نطاق واسع خارج الاقبية السرية..فيصير جزءاً من سلوك المجتمع وأحد خصائص السلطة القوية!!!؟
كما ان المنخرطون في بيئة يُمارس فيها ـ التعذيب ـ يتأقلمون ويندمجون مع تلك البيئة ..لكي يشعروا انهم جزء من تلك البيئة الطاغية التي يعيشون فيها..للإحتماء بالخوف من الخوف.
ويأتي الانحدار نحو ممارسة التعذيب ـ عند بعض شرائح المجتمع ـ كتنفيس عن المكبوتات التي فرضها المجتمع اوالسلطة اوالدين اوالعقائد على لاوعي الانسان الهش!
و( هناك الكثير من التجارب التي تمت في القرن العشرين على الحيوانات بالإضافة إلى الإنسان أدت إلى نتائج مفادها أن جرعة معينة من الألم الجسدي والنفسي قد يؤثر بصورة ايجابية على قدرات الفرد العقلية والجسدية لتحفيزه الأدرينالين ، ولكن هذه الجرعة إذا استمرت فإن الشخص يدخل إلى منطقة ضبابية من الإدراك ، يعرضه إلى قبول أية فكرة حتى إذا كانت منافية للمنطق أو متعارضة مع مبادئ الشخص ، وهذه المرحلة من التحول تُستغل عادة في ما يُسمى بعملية غسل الدماغ ..وفي بعض الأحيان يُظهر الشخص المتعرض لعملية التعذيب تعاطفا مع جلاده وتعرف هذه الظاهرة النفسية المعقدة (بالإنجليزية: Stockholm syndrome‏) بمتلازمة ستوكهولم ..عندما تكون الضحية تحت ضغط نفسي كبير ، فأن نفسه تبدأ لا إرادياً بصنع آلية نفسية للدفاع عن النفس ، و ذلك من خلال الاطمئنان للجاني ، خاصة إذا أبدى الجاني حركة تنم عن الحنان أو الاهتمام حتى لو كانت صغيرة جداً ، فإن الضحية يقوم بتضخيمها و تبدو له كالشيء الكبير جداً. و في بعض الأحيان يفكر الضحية في خطورة انقاذه ، وانه من الممكن أن يتأذى اذا حاول احد مساعدته او انقاذه ، لذا يتعلق بالجاني!!!)
ان الاجهزة التي انشأتها السلطات المستبدة كأسلحة فتاكة لمواجهة خصومها لابد ان يكون الفرد العامل فيها مُحترفا الفَتْكَ بالآخر ـ الخصم ـ لان ذلك معيار كفاءته ومهارته وولائه للسلطة ، ولن تغير بضعة مواعظ عن ـ حقوق الانسان ـ من ـ وظيفته العدوانية ـ التي جُبِلَ عليها.. لان ـ التعذيب ـ ليس " مهارة مهنية " فحسب ، يمكن نسيانها واكتساب نقيضها عبر دورة تدريبية..بل هو رؤية ضالة ..وسلوك متوحش ..ووعي مُشَوَّه ، وموقف متخلف..وإنكفاء متطرف!!!
فالجلاد لن يتردد عن الفتك حتى باسياده عندما يسود عليه غيرهم!!
لان تلك هي لغته في التعامل مع الآخرالتي تعلمها ويُتقنها وتستجيب لمكوناته العقلية والنفسية والسلوكية!
• عندما طلب عامر عبد الله من صدام حسين عام 1977 ايقاف ممارسات اجهزة الامن باختطاف وتعذيب ـ الرفاق ـ لانتزاع البراءة منهم ..أجابه صدام قائلا:
وظيفتهم كرجال أمن تفرض عليهم هذا السلوك لكسب الآخرين الى صف الثورة ..هذه هي اللغة التي يعرفونها ويُتقنونها!!!
• ان ممارسات اغتصاب الانسان تبدأ من تاريخ ونهج اغتصاب السلطة..هذا السلوك الاستلابي التراكمي الموروث في تاريخ تكوين السلطات المستبدة..والذي لن يزول الا بنشوء ونمو وانتشار ثقافات وممارسات الديمقراطية وحقوق الانسان في المجتمع والدولة بشكل تدرجي تراكمي متنامي في بيئة خالية من الاستبداد والتعسف والاستلاب والاقصاء..لان السلطة المُغتَصِبة تُنتِج مُغتَصِبين!
وتاريخ تلك السلطات وتراثها هو تاريخ السجون كَمَعازل يستفرد بها الجلادون بضحاياهم.. وهي تهدف الى ما أبعد من الإيذاء الجسدي او النفسي الواقع على الفرد لحظة الاستجواب:
( استنادا إلى أحد الكتب المنهجية لوكالة المخابرات الأمريكية فان عملية التعذيب تؤدي إلى تقهقر الإنسان إلى مراحل بدائية على عدة مستويات ، منها عدم قدرته على إنتاج أعمال إبداعية عالية المستوى ، وعدم القدرة على التعامل مع القضايا والمواقف المعقدة ، أوعدم القدرة على مواجهة الأزمات والمواقف المُحبطة ، وعوائق عديدة في تواصل علاقات الشخص مع المحيطين به نتيجة لعامل الشعور بالعار والخضوع وفقدان الشعور بأهمية الذات ، وعدم القدرة على تغيير الواقع ، والخضوع للمتغيرات ، وانعدام الأمل بمستقبل مشرق ، وفقدان الكبرياء وعزة النفس نتيجة لأساليب التعذيب المتعددة والمتنوعة!!! )
لقد دأبت القوى الدولية على انشاء مراكز عالمية واقليمية لادارة عمليات التدريب على ـ التعذيب ـ وتحقيق المقاصد الاستراتيجية والتكتيكية من ورائها..
ويعتبر بعض المراقبين لحقوق الانسان ( مؤسسة العالم الغربي الامنية ) التابعة لوزارة الدفاع الامريكية ومقرها ولاية جورجيا احد اهم المراكز الدولية للتدريب وادارة عمليات التعذيب والاغتيالات في العالم..والتي كشفت في عدد من وثائقها للفترة من 1987-1991 عن تفاصيل دقيقة لاستعمال اساليب " عنيفة " في الاستجواب لغرض انتزاع المعلومات!
وابان الحرب الباردة كان اكبر مركز لتدريب المتخصصين بـ ـ التعذيب ـ في دول العالم الثالث ( الصديقة للمعسكر الاشتراكي ) ومنها العراق ، مُخَبأ في مقر المخابرات بالمانيا الشرقية..
( وعندما انهار جدار برلين وتفككت المانيا الشرقية كان المهتمون بحقوق الانسان يتوقعون فتح ملفات ذلك الوكر الدولي الرهيب..لكن المخابرات الامريكية وحلفائها حرصوا على اخفاء تلك الوثائق وحَرَّموا على غيرهم الوصول اليها..بشكل مريب..لكن تلك الريبة تبددت عندما كُشِف عن لجوء مدير ذلك الجهاز الى اسرائيل حال سقوط جدار برلين..كونه عميلا للموساد الاسرائيلي طيلة فترة عمله في ذلك الجهاز السري!!)
• ان القوانين لاتحمي الاشخاص من ـ التعذيب ـ لانه أحد اسلحة السلطة الذي تفرض به هيبتها على السكان..
فالقوانين لاتُكتب الا لضمان قوة السلطة ..
ولاتُطبق الا لمصلحة السلطة..
وسيبقى الحال كذلك الى ان تُدرك السلطة انها ادارة مؤقتة لأمَدٍ محدود غير قابل للتمديد..ليعود اعضائها بعد ذلك الى رحمة ذات القانون الذي حَكموا الاخرين بإسمه!
فالقوانين مكتظة بالعقوبات لمنتهكي القانون..لكن تلك القوانين تخلو من المساءلة الحازمة عن الجرائم التي يرتكبها المسؤولون الحكوميون بحق الناس باسم القانون! ( فكم قضية يُحكم فيها الناس لانتهاك الحقوق المادية؟!..وكم قضية يُحكم فيها الجلادون لانهم انتهكوا حقوق الانسان؟!)
• ان السكوت عن مرتكبي جرائم التعذيب منذ عام 1963 ومابعده كان عاملا اساسيا في ادامة واشاعة هذه الممارسات الوحشية على امتداد العقود الاربعة الماضية وحتى يومنا هذا!
• بعد اسبوع من استباحة قوات الغزو لبغداد وسقوط الصنم كتبنا مقالا طالبا فيه بفضح الملفات السرية الخاصة بانتهاكات حياة وكرامات العراقيين على مدى عقود ومنها ملفات ـ التعذيب ـ ..ونبهنا الى امرين:
1. عدم نشر اسماء الاشخاص المتورطين في الجرائم..كي لايُفهم من ذلك دعوة لارتكاب جرائم بحقهم خارج سلطة القضاء.
2. ضرورة كشف التوزيع الجغرافي لحجم القوة القمعية المشاركة في تلك الشبكات الارهابية ، وفق كل مدينة وقرية .. تلك ( الزمر) التي هدرت حياة وكرامة العراقيين على مدى عقود ، وبيان مراكز تدريبهم المحلية والدولية والدول التي تقف وراءها، والقوى الراعية لجرائمهم والمتسترة عليها..
فلماذا لم يجرِ الكشف عن تلك الوثائق للشعب الضحية!!!؟؟
لو جرى الكشف المبكر عن تلك الشبكات التي احترفت ـ التعذيب ـ والقتل ايام النظام السابق بعد الغزو وسقوط الدكتاتورية مباشرة عام 2003 ، لكنا قد فككنا بؤراً ارهابية شكلت فيما بعد الحواضن الاكثر خطرا على حياة الناس وأمنهم..
فيما جرى استغلال تلك الشبكات من قبل المحتلين بتأجيج الفوضى الخلاقة في بنية المجتمع وهياكل الدولة ومفاصل الحكومة..
وشكلت تلك ( الزمر) التنظيمات الأكثر تطرفا وارهاباً ووحشية في فصول الفتنة الطائفية التي رعاها الاحتلال وتورط فيها المتحاصصون داخل السلطة وخارجها!!
ولكن يبدو ان للمحتلين اسبابهم الاستراتيجية وللمتحاصصين اسبابهم التكتيكية بعدم فضح ملفات ـ محترفي التعذيب والقتل ـ فقد تتهاوى بها رؤوس كبيرة، وتتزعزع دول قريبة وبعيدة، وتتبدد مشاريع استخبارية كبرى ، وتندثر اوهام مقدسة مستوردة واخرى محلية!!
وهي ذات الاسباب التي جعلتهم يحرصون على عدم الكشف عن شبكات الارهاب المحلية والاقليمية والدولية التي تشيع الفناء بالعراق منذ سبع سنوات!!!
كما ان تبرير ـ تعذيب ـ الخصوم السياسيين وتبجيل مواقف الموالين الذين يتعرضون للتعذيب يشكل عاملا آخرا في ادامة هذا السلوك المشين..لان الموقف من التعذيب يجب ان يكون واضحا ومطلقا وغير قابل للتمييز بين الضحايا !
ان ـ التعذيب ـ ممارسة ارهابية يُشرعنها النظام المستبد بصفته حاضنة ومصنع وحامي وراعي لاجيال متوحشة من محترفي ـ تعذيب ـ الآخرين من الخصوم والموالين!
وـ التعذيب ـ في ذات الوقت بيئة وذريعة مُنتجة للتطرف والارهاب المضاد!!
ان قوة الدولة " الديمقراطية " وهيبتها تكمن في احترام كرامة الانسان وحياته وحقوقه..وليس في ولاء مجموعة من منتهكي حقوق الانسان المتسترين بثياب الدولة وغموض القانون وقبعة " الديمقراطية "!!
لهذا لم يعد السكوت عن جرائم ـ التعذيب ـ ضد اي انسان ومن اي انسان مُمكنا ولامُبررا..
لان ( الساكت ) شريك في الجريمة ..
بتهمة التستر على المجرمين الذين يمارسون ـ التعذيب ـ!!!
..والمطلوب هو :
تشكيل شبكة وطنية من دعاة حقوق الانسان ـ لاينتمون للسلطة واحزابها ـ في جميع المدن والقرى العراقية..لمراقبة ومنع ممارسات التعذيب ـ الجسدي والنفسي والمعنوي ـ التي تمارسها اجهزة السلطة ضد المواطنين ، او التي يقوم بها افراد المجتمع ضد بعضهم البعض..كجرائم ـ التعذيب ـ ( ضد المرأة او ضد الاطفال )!!!



#محمود_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحرير الإرادة الوطنية من الاحتلال ..وتطهير الدولة من المحاصص ...
- حكومة - متخصصين - للانقاذ الوطني..لا حكومة - متحاصصين - للدم ...
- - التحزب القَبَلي - وامكانية قيام دولة ديمقراطية في العراق!! ...
- تنقية الاجواء مع الجيران..وتسميم الاجواء مع الاخوان!!
- دولة منزوعة السيادة..وحكومة منزوعة الارادة..واستجداء دول الج ...
- حذار من إعادة إنتاج..- دولة التحاصص بالمغانم والتستر على الم ...
- نحن مع المعارضة الوطنية الرقابية الاستقصائية ..مهما كان لونه ...
- -المتحاصصون- يتوعدون بقبر الحكومة قبل ولادتها!؟
- كوارث العبث الأمريكي بمصير العراق!؟
- أي “جبهة وطنية عريضة “ستُنقِذ العراقيين؟!
- إنفجار الصراع على السلطة في العراق.. بين معارضة الأمس وبقايا ...
- الإعلاميون..والساسة المُتَقَزِمون!!
- إفتعال أزمة - الفكة - لن تُنقِذ - نهج التأزيم - بطهران من ال ...
- الصحفيون العراقيون ..ونواب - النَزَعْ الأخير-!؟
- في أربعينية ( شاعر الحرية والسلام ) علي جليل الوردي..
- حذار من.. -الناخب المتخلف- و -المرشح المتطرف-!؟
- -الإبتزاز- في قمة السلطة..نهج خطير أفضى ويفضي الى الكوارث!
- المتحاصصون يُجبَرون على إحتساء “الديمقراطية “ساخنة!؟
- لماذا تخشى -الأكثرية- المتحاصصة صوت -الأقلية- الديمقراطي؟!!
- صناعة - التخويف- من الآخر..إستراتيجية المتطرفين لتخريب الانس ...


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمود حمد - .هل التعذيب سلوك فردي طارئ..ام احد خصائص السلطة المستبدة!؟