أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد رمضان الجبور الصورباهري - تحدي/قصة قصيرة














المزيد.....

تحدي/قصة قصيرة


محمد رمضان الجبور الصورباهري

الحوار المتمدن-العدد: 2996 - 2010 / 5 / 5 - 23:14
المحور: الادب والفن
    


تحـــدّي *
لم يفاجئه تجمع زوجته وأولاده بعد عودته من وظيفته، فقد كان وعدهم بأن يصطحبهم إلى حديقة الحيوان التي تم افتتاحها مؤخرا في مدينة الرصيفة، ولم يجد ما يبرر عدم ذهابه ، فالمكان قريب لمن سكن هذه المدينة، والتكلفة قليلة، والمطلوب منه فقط الموافقة ، ومن ثم تحريك قدميه ولو لمرة واحدة في السنة للخروج مع زوجته وأولاده.
فرح الأولاد وهم يقفلون أبواب بيتهم ويتجهون إلى حديقة الحيوان.
على باب الحديقة تجمع الناس ، واختلط الحابل بالنابل ،وتناثر بائعو الترمس والفول ......والعرق سوس....والذرة ....وكل يغني على ليلاه
تحت شجرة قريبة من باب الحديقة ترك زوجته و أولاده وطلب منهم ألا يتحركوا حتى يعود إليهم وبعد تدافع بالأيدي والمناكب ، وتعالي الصراخ والهتاف خرج "أبو جميل" من بين الجموع وهو يرفع التذاكر بيده عاليا ويتجه نحو زوجته وأولاده .
حدق فيهم جيدا وهو يوصيهم بعدم الاقتراب من أقفاص الحيوانات فالحيوانات في التلفاز تختلف عنها في الحقيقة ....وساروا جميعا وهم ينظرون إلى الحيوانات ويفتحون أفواههم بعلامات التعجب تارة وبالصراخ تارة أخرى ...و"أبو جميل" لا يبدي امتعاضا أو تأففا لصراخ أولاده بل هو مسرور لفرحهم بهذه النزهة غير المكلفة في نظره وتطيل" أم جميل" والأولاد الوقوف أمام قفص الأسد ،وتبدي "أم جميل" إعجابها الشديد بمشية الأسد وكبريائه ويغتنم "أبو جميل" الفرصة ليظهر بمظهر المثقف الحصيف فيعبر عن ذلك متمثلا قول المتنبي :
يطأ الثرى مترفقا من تيهه
فكأنه آس يجس عليلا
و"أم جميل" فاغرة فاها ،تتطلع بإعجاب طفولي شديد للأسد ، غير مكترثة بكلام زوجها ، فهو في واد وهي في واد آخر.
أمام قفص القرود تجمع الناس ، وأقبلوا إليها جماعات وشتى ،ووحدانا ومثنى ، يشدهم ويجمعهم حركات القرود وصياحها ، يحاولون مداعبتها ...إثارتها ... ويزداد سرور" أم جميل" وأولادها وهم يرون الناس يقدمون لهذه القرود قرون الموز ، وحفنات البزر ، وتنفلت ضحكاتهم عاليا وهم يرونها تقشر هذه الأشياء وتأكل ما بداخلها..
ـ سبحان الله ....مثل بني آدم!!
ـ يا "أم جميل" شو بختلف القرد عن الإنسان إلا انه لا يتكلم.
ولكن لا تقتربي يا "أم جميل" ، ابقي بعيدة ....فالقرود غدارة.
ما زال الناس يتوافدون ويتجمعون حول القردة وهم يضحكون ،يضحكون بملء أفواههم ، وصرخات القرود تملأ المكان ، وتزيد الرعب في القلوب، ويتوقف صياح وصراخ القرود فجأة لتصرخ أم جميل بأعلى صوتها فقد تمكن أحد القرود من سحب شالها عن رأسها بعد أن كاد يؤذيها ، ويتجمد الدم في عروقها ، ويهرع "أبو جميل" إلى رأس زوجته الغالية ويغطيه بجاكيته ، خوفا من تبقى فارعة دارعة أمام الناس ، وتبكي "أم جميل" خوفا... وهلعا... وخجلا....، والقرد يمسك بشالها ، يقربه من أنفه وسرعان ما يبعده مستقذرا ، ثم تراه يلف به رقبته ويصرخ ، وآخر الأمر يضعه تحته ويجلس عليه وكأنه يتحدى الجميع ، يحاول أحدهم تقديم خدمة بسحب الشال من تحته ولكنه يتراجع عندما يجد القرد حريصا على ألا يترك هذا الشال مهما كان السبب.
يتوقف الضحك، ويقف معظم الناس مشدوهين بتصرفات هذا القرد ، والقرد لا يكف عن النظر إليهم نظرة فيها التحدي ، وهم في عجز تام عن استرداد شال "أم جميل" ، وأبو جميل ما زال يتفقد جاكيته وراس امرأته التي ما زالت غارقة في نوبة من البكاء لما حدث . ويتقدم أحدهم في عينيه شراسة تفوق شراسة القرد نفسه ، يتقدم من القفص وقد حسر قناعه ، وشمر ذراعه ، وجمع أعطافه ، ينظر في عيني القرد ، يداعبه بأصابعه التي طالت ، يحاول القرد من خلال فتحات القفص الحديدي الإمساك بيده ، يثيره ، يسخر منه بحكمة ، ينال منه في أكثر من مرة ، والقرد في حالة غضب عارم وهيجان وتصميم عجيب بالاحتفاظ بالشال ، ويناوله بعض الذين أحبوا اللعبة قطعة موز، ويحملها الشاب متحديا القرد ، يلوح بها أمامه ، يقربها من يديه وفمه ويسحبها بخفة الساحر ، والقرد يزداد غضبا وانفعالا ، وصاحبنا يمثل الدور بإتقان عجيب ، وبحركة بهلوانية ، فيها الخفة والشطارة ، يرمي بقطعة الموز فوق القفص ، فيقفز القرد لالتقاطها فيسحب الشاب الشال بكل سهولة ويسر ، ويستدير نحو الجمهور الذي راح في نوبة تصفيق حاد ، فقد قهر القرد ، وها هو يرفع يديه منتصرا أمام الناس وقد أدار ظهره للقرد غير آبه ، ويقفز القرد داخل القفص ، ويتحرك ، ويصيح ، يصرخ بأعلى صوته ، يتعلق بالقفص مواجها الجمهور ، ثم ما يلبث أن يطلق بوله بغزارة باتجاه الشاب المنتصر ، الذي تبللت ملابسه ، ويضحك الناس من جديد .
"انتهت"



#محمد_رمضان_الجبور_الصورباهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة جدا


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد رمضان الجبور الصورباهري - تحدي/قصة قصيرة