أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد محمد صالح - ثقافة الدوجما















المزيد.....

ثقافة الدوجما


أحمد محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 912 - 2004 / 8 / 1 - 12:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ثقافة الفقر والإفقار ، والجهل المركب ، وعشوائية التفكير والسلوك ، كلها عوامل فى منظومة واحدة تولد الدوجما ، والدوجماطيقية كما وصفها استاذنا الدكتور مراد وهبة ، هى توهم إمتلاك الحقيقة المطلقة ، لدرجة اصبحت للدوجما سلطة تحكم على من يعارضها بالهرطقة او الكفر . وزوجة صديقى وزميلى من ملاك الحقيقة المطلقة ، جاهلة ، مكابرة ، ورغم انها خريجة جامعة ، لكنها تخاصم الكتب ولا تحتملها ، مثل غالبية الجامعيين من خريجين وطلاب واساتذة ، فالجهل عشش فى عقول الجامعة ! وزوجة صديقى دوجماطيقية ، وتمتلك الحقيقة المطلقة ، وتحرم وتحلل فى التيلفون لشقيقاتها وصديقاتها أمور حياتهن ، واصبحت واعظة ومدروشة ، طول النهار فى البيت إذاعة القرآن الكريم شغالة حتى على دروس النحو المقررة على المدارس الأزهرية ! وطول النهار تتجول فى البيت وهى تقول سبحانك سبحانك ، سبحانك وفقا لتعليمات سيدنا عمرو خالد حفظه الله ، حاولت اعرف اسباب الدروشة الفجائية ، نعم هى محجبة ، ولكنها تدروشت إخيرا ، يمكن يكون بسبب المناهج التعليمية التى تربت عليها فى الصغر ، وظهرت علاماتها فى الكبر ، مناهج تشجع التزمت والمغالاة والتمسك بقشور الدين ، اذن امريكا عندها حق فى فرض وصايتها على مناهج تعليمنا خاصة الدينى حماية لمصالحها ، يمكن بسبب القهر السياسى والاجتماعى والاقتصادى الذى نعيش فيه ! ابدا فهى تعيش فى ظل حكومة نظيف ، وقبله عاطف عبيد وقبله كان الجنزورى ، وماعرفش مين كان قبله كلهم اسماءهم واحدة وسياسياتهم واحدة ماشاءالله البلد بخير ، والسمن والصابون فى اعلانات التليفزيون كثير والخير والأمن يعم الوطن كله ، يمكن بسبب الفيديو كليب الجديد لمولانا الشيخ عمرو خالد الذى جعل نساء ورجال مصر تنشغل تماما عن أمور السياسة وما يحدث فى البلد ، حاولت إقناعها ان الموضوع تجارة وسياسة ، وشيخنا كان يلقى موعظته فى مسرح مستأجر والدخول بالمشروبات مثل اى قهوة بلدى ! ابدا .
ويأتى العيد الكبير ، ويصبح خروف العيد مشكلة كل عام بين صديقى وزوجته ، التى تكاد تتهمنى بالكفر لأننى اشجعه على التصدق بثمن الخروف إذا توفر ، حفاظا على البيئة ، ورأيها لابد من الدم والدم والدم ! وأحاول هذا العام أن اقنعها بان اسامة بن لادن جازاه الله كل خير والزرقاوى حفظه الله لأمة الاسلام كانا سببا فى إساله الكثير والكثير من دماء المسلمين وغير المسلمين ، ويكفى هذا دما وذبحا ولا داعى للخروف ! لكنها سترفض تماما لأنها متأكدة ان مكانها الأخير فى الجنة لأنها أم ومحجبة وهذا يكفى تماما فى رأيها لدخول الجنة بمجموع كبير ! وهى تجزم ان زوجها صديقى الغلبان مكانه الطبيعى والأكيد فى النار ! لأنه يتفق معى فى افكارى ، والتى تعتبرها هى مثل أفكار فرج فودة ، ونصر ابو زيد ، والمستشار العشماوى وهم فى رأيها كفرة يستحقوا الموت !
زوجة صديقى حسمت الأمور فى حياتها وفى العالم كله ، فهى الأجمل ، والافضل ، والأنظف ، والأحسن ، والأعلم ، والأفعل ، والأرشد فى التفكير ، لا تنطق اللغو ، طبيخها هو الأطعم ، ملابسها هى الاشيك ، غسيلها هو الأنصع بياضا ، أهلها وخصوصا أمها ، حماة صاحبنا هم افضل ناس على وجه الأرض ، ومن ينكر ذلك تتهمه بمعاداة السامية ! اولادها كل حسناتهم نتيجة جينتها الوراثية ، وكل سيئاتهم طبعا نتيجة جينات زوجها صديقى الغلبان ! ودائما تذكر زوجها صديقى بإنها كانت تستحق زوجا أفضل ، وانه يجب ان يحمد الله على موافقتها الكريمة على الزواج منه ، وان واحدة بكل تلك المواصفات وصاحبة الحقيقة المطلقة ، كانت تستحق مستوى معيشة افضل ، فهى دائما حانقة على كل عمل يقوم به صاحبنا ، زوجة صديقى لا تقبل الأخر ، اى آخر حتى لوكان زوجها !
زوجة صديقى تملك الحقيقة المطلقة ، وتعتقد أعتقادا جازما فى كل مظاهر التدين الطقوسى الشعبى ، وتعتبرها فروضا وجوهر الدين ، وتعتبر كل التراث مقدس ومنزل ، مهما كان ضد العقل ، ومنطق العصر ! زوجة صديقى تعتبر كل العالم كفرة ، الا هؤلاء المكتوب فى شهادة ميلادهم أنهم مسلمون ، بشرط تكون الشهادة مختومة بختم النسر من موظف الصحة ، فهم فقط أصحاب الجنة ، وهى لاتهتم بأن يكون هذا المسلم حرامى ، او مرتشى ، او عضوا فى الحزب الحاكم او مجلس الشعب او الشورى او وزيرا فى أى حكومة ، او مقاول غشاش ، او مقترض من البنك وهرب ،كل ذلك لا يهمها يكفى فى رايها انه مسلم بشهادة الميلاد لدخول الجنة ، طبعا ماعدا زوجها وصديقه الغلبان!
وأزعم ان قطاعا كبيرا من المسلمين ، خاصة حاملى الشهادات مثل زوجة صديقى دوجماطيقيون ، يتوهمون عن جهل أنهم يملكون الحقيقة المطلقة ، وانهم أحسن أمة أخرجت للناس ، وان بقية العالم كفرة !بل كل فرقة فى الإسلام تعتير نفسها صاحبة الحقيقة ، وتكفر بقية الفرق .
وفى يوم دعتنى زوجة صديقى إلى زفاف أبنتها الكريمة ، وسئلت عن العريس قالت انه شاب أسلامى ، لم افهم هل هناك شباب اسلاميين ، وشباب غير ذلك ! وعرفت يوم الزفاف ، أنهم أخذوا العروسة إلى أكبر محلات تزين النساء ، وصرفوا عدة الوف من الجنيهات على تزين العروسه لزوجها الاسلامى ، وكانوا فى انتظارها خارج المحل بمجرد خروجها غطوها بملايه بيضاء كبيرا ، حتى لا يراها احد غير زوجها الاسلامى ! وأمسكوا يدها حتى لا تتعثر إلى السيارة ،وهى ايضا سيارة اسلامية مزينه بملصقات مثل الاسلام هو الحل ، الحجاب طريق الجنة ، وغيره من الشعارات الجوفاء التى لاتحمل اى معنى حقيقى غير الاعلان السياسى ، واستغلال جهل الناس وازمتهم الأقتصادية والأجتماعية !
وذهبت مع رجال الأسرة الى مسجدا كبيرا لحضور عقد القران ، فى وقت العشاء ، وكانت المفاجأة ان فى هذا التوقيت تعقد ما بين ثلاثة وأربعة عقود قران, وتختلط أصوات المدعوين وأهل العروسين بأصوات المصلين, بل تعلو أصوات الزغاريد علي صوت الإمام ، ولاحظت وجود عدد من المجاذيب والشحاذين داخل صحن المسجد الذى توجد علي سوره غرزة لتدخين الشيشة والمعسل ، يجلس عليها المدعوين ! والأمر الأكثر بلاء فقد فوجئت بوجود أكثر من رجل بالداخل وهم يفترشون الأرض ممددين ،ناهيك عن هجوم الشحاذات والشحاذين على المدعوين ، منتهى التوازن الحضارى والدينى !
وكانت حفلة الزفاف ، فى فندق يقال انه متخصص فى الزفاف الاسلامى ! النساء فى صالة منفصلة تماما عن صالة الرجال ، وفى إمكان النساء مشاهدة ما يحدث فى صالة الرجال من خلال شاشات التليفزيون ، منتهى التدين الغبى ، والموسيقى والأغانى الاسلامية تملأ المكان … طبول ودفوف ، وموسيقى صلى الله على محمد … سئلت عن ما يحدث كانت الأجابة ان الدجيه D.J اسلامى ! والجرسونات والمصورين فى صالة النساء من النساء المحجبات ، وفى صالة الرجال من الرجال أصحاب الذقون ، منتهى التوازن ! وشاهدت الشباب فى صالة الرجال يرقصون على الموسيقى الاسلامية ، تلك الرقصات الغربية ، وقام العريس الاسلامى بإفتتاح الرقص ، طبعا النساء يشاهدن تلك الرقصات من خلال شاشات التليفزيون ، وعرفت ان العروس ايضا وزميلاتها رقصن الرقصات الغربية على الموسيقى والأغانى الاسلامية ، طبعا بدون ان يراهم احد ! ويالهول ما رأيت من سلوكيات في البوفيه المفتوح من معظم المدعوين!! خاصة ان الملاعق والشوك أختفت ، لأنها حرام ، ولا تنتمى للإسلام ! والبوفيه كله على الأرض وعليك استعمال اليدين فقط ، شىء لايصدقه عقل أو حاجة تكسف أو قل ما تشاء من عبارات الوصف والغضب علي حال هؤلاء المتأسلمون ، ورايت صراعا على الطعام بين ناس جاءوا وكأنهم في مهمة رسمية عنوانها الأكل فقط ،
وكل واحد رسم علامات التهجم والتحدى وأخذ يبسمل باسم الله ، ويطلق صيحات الجهاد ، ويهجم على الأرض ، ويملأ الطبق الأول ، ثم يذهب ويأتي بالثاني بكل سرعة ، ثم يملأ طبقا ثالثا وكان المنظر مرعبا ! وعرفت ان نفس المنظر تكرر فى بوفيه النساء ! وبدأت الزفة وتقابل العريس الاسلامى مع العروس المعبأة فى ملاية بيضاء ممسكا بيدها حتى لا تتعثر ، فى ممر فاصل بين الصالتين على خلفية الدفوف والطبول والأغانى الاسلامية .
اعتقد بعد هذة البانورما السريعة ، لا يوجد تعليق غير ان قطاعا كبيرا من المصريين شغلوا انفسهم بالحلال والحرام والحجاب والسفور ، وأعطوا ظهورهم تماما لكل متغيرات وعوامل العمل والأنتاج والتقدم ، وان العقل المصرى نتيجة منظومة القهر والفقر والخرافة أصيب فى بنيته الذهنية حيث اصبح يعيش فى الماضى بدلا من أن يكون أداة لتطويروالارتقاء بهذا الماضى ، وأن المصريين ينظرون إلى الوراء نتيجة الإحباط من الظلم السياسي والاجتماعي‚ وتغيب الديمقراطية و عدم احترام الحقوق الأساسية للإنسان . واتذكر هنا كلمات فيلسوفنا مراد وهبة : إن جهل العقل يغتال العقل ، والشعور الواعي بفداحة الجهل هو الذي يحفّز الإنسان إلى التعلم . والإنسان بحاجة إلى تغيير ما بداخله ، وصناعة سلوكه بما يتناسب مع الإنجازات الكبيرة التي حققتها هذه الحضارة ، فلا يمكن العودة إلى الوراء ، و أن ما نواجهه اليوم هو أزمة حضارية، بسبب هيمنة الأصولية علينا وافتقارنا للإبداع في حل الإشكاليات الجديدة. وان حالة التخلف فى مصر حالة دائمة على مر العصور !



#أحمد_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتصار الفقر
- التدين على الإنترنت
- ختان العقول
- الأديان والعقائد حول العالم
- حقوق المعلومات فى عالم غير متساوى
- الشيخة نادية والدكتور زويل
- المثقفون والعمدة
- الحرية الأكاديمية وأسلمه المعرفة
- الإرهاب و وسائل الإعلام
- فى بلاد الكفيل
- المرأة المصرية فى عباءة الكفيل الوهابى


المزيد.....




- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد محمد صالح - ثقافة الدوجما