أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - أوهام ما وراء المتوسط















المزيد.....

أوهام ما وراء المتوسط


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 2996 - 2010 / 5 / 5 - 18:47
المحور: الادب والفن
    


ملاحظة:

عملا ببعض الملاحظات التوجيهية التي تلقيتها من بعض الزملاء الأجلاء، والتي انصبت على العنوان، اود أن اشير إلى أن هذا المقطع هو تتمة ل"أحلام دونكشوت مغربي" وغيرت العنوان إيمانا مني بأن ملاحظات هؤلاء الزملاء كانت صائبة.



بقي محب ينتظر المساء كله دون أن يلتقي أحدا ممن يستضيفه، قيل له بان اليوم يوم عمل والعمال غالبا ما يلزمون بيوتهم لضيق الوقت، فساعات العمل طويلة وتمتد الى النهار بطوله، وعندما يخرجون من العمل لايكفيهم الوقت في اعداد مستلزمات اليوم المقبل في تهييء الغذاء والإغتسال وأخذ الراحة الممكنة لاستقبال يوم عمل جديد، أخبره أحد ممن لقيه في محططة المسافرين بأن لا يقلق لذلك مادام الجو دافئا حيث يستطيع أن ينام في الشاطيء حيث يمضي الناس الليل كله هناك دون مشاكل، وعليه أن يتدبر أمره كي لايبدو مقطوعا من الشجرة وغريبا بالشاطيء.

عمليا استحسن محب الفكرة وذهب مباشرة إلى الشاطيء، اشترى في طريقه منشفة متوسطة ليفترشها في الشاطيء، خلع ملابسه وعانق موج البحر ليظهر للعالم أنه ليس حراكا جديدا. لبث هناك إلى أن قلت حركة الناس في الشاطيء، ثم انزوى إلى مكان معشوشب لينام في دفئه نوما عميقا لم يستشعر معه لسعات النواميس الحارقة والمنتشرة بالمنطقة.

استيقظ باكرا على هدير محرك الجرافات التي تنظف الشاطيء وتعيد بسط رماله، ذهب إلى المقهى المعلوم لتناول وجبة الفطور، سأله أحدهم إن كان يريد العمل، فأجاب بالإيجاب، تناول فطوره بسرعة والتحق بالسيارة التي ستقله إلى حقل لجني الطماطم خارج المدينة، سأله صاحب المزرعة عن مسكنه، بدا أنه لايعرف عماذا يسأله، تدخل المغربي الذي كلمه بالمقهى ليترجم له، ناصحا إياه بأن لايصارح صاحب المزرعة كونه حراك جديد، أخبره بأنه سيجيب عنه بمعرفته هو مع تظاهره بأنه يترجم مايقوله محب، وهكذا أخبر الباطرون بأنه وصل لتوه من أليكانتي ولم يتدبر بعد أمره، أراد أن يفهم الباطرون بأن محب لم يجرب بعد العمل في الطماطم، حتى يتفهم أن عليه ان يشرح له طريقة الجني قبل بدء العمل. لم يهضم محب بعد لماذا عليه أن يكذب ﻷول مرة على أول واحد دعاه للعمل، لكن المغربي أخبره بأنه لايعرف قوالب(حيل) الشغل هنا، وعليه أن يعرف دائما من أين تؤكل الكتف، ولا أهمية لصراحته في شأن العمل.

عند المساء، عند متم العمل سأل الباطرون محب ما إذا كان ينوي السكن قرب المزرعة ما دام لم يجد مسكنا بعد، اقترح عليه أن يبني له نوالة في انتظار إتمام بناء مسكن صغير بالمزرعة، فوافق محب فورا، أخذ الباطرون جراره وتوجه به نحو دير صغير ليغرس جيبها فيه ويحدث فجوة في الدير تصلح لإيواء شخصين على الأقل، ثم أخذ غطاء بلاستيكيا للتسقيف بشكل متدلي إلى الأمام مع ترك فجوة للدخول والخروج وهكذا تم بناء كهف ملائم للسكن بمواصفات عصرية وبسرعة قياسية تركت محب مندهشا أمام عبقرية الأوربي الذي وضع حلا واقعيا لإنهاء حالة التشرد التي صاحبته منذ ولوجه أرض الأحلام. أخبره الباطرون بأنه سيتركه ليستأنس محله الجديد ويذهب هو ليأتيه بالغطاء والمأكل والماء وطمأنه بأنه لاخوف عليه ولا هم يحزنون، لأن المزرعة ملك خاص لايدخلها أحد إلا بإذنه.

لبث محب في المزرعة شهرين، تمكن خلالها من شراء هاتف حمال من النوع الجيد، وأصبح له رقم تواصلي يمكنه من مكالمة عائلته وأصدقائه، حذاء رياضي يتناسب مع سراويل الدجينز، وأقمصة لائقة لاتظهره على أنه من سكان كهوف الألفية الثالثة، كما أنه تمكن من تعلم بعض الكلمات الإسبانية التي اضطرته الحياة الجديدة لتعلمها تواصلا مع بيئته الجديدة.

عندما تم خريف الطماطم، جاءه الباطرون ليخبره بأنه سيبدأ الموسم الجديد من الطماطم مع دخول السنة الجديدة، كما اخبره بانه يترك له خيار تدبر أمره في أن يبحث عن شغل عند أحدهم حتى يبدأ الموسم الجديد عنده وأن لامشكلة لديه في أن يبقى في مسكنه إذا أراد، على أن ينتبه إلى المزرعة حتى لا تتعرض أدواتها المتروكة هناك بالمخزن إلى بعض أعمال السرقات التي تتم من حين إلى آخر. لبث أسبوعين دون عمل، بدأت الوساوس تطغى على تفكيره، هاتف مراة عديدة صديقه عمر الذي سبقه إلى إسبانيا، أخبره هذا الأخير أنه بمنطقة تاراغونا، يعمل في موسم العنب الذي أشرف هو الآخر على نهايته، وأنه ينوي السفر إلى برشلونا عندما يتم الموسم، في انتظار موسم الحوامض. حيث اتفق الإثنان ان يلتقيا ببرشلونا. بعد أسبوعين ذهب إلى هنالك والتقى صديقه عمر، تشردا هنالك مدة لا يستهان بها، يتنقلان من مأوى خيري إلى آخر، وطبعا في المدن الكبيرة لا يمكن العمل بدون رخصة الإقامة والعمل، فكانا يعيشا على التقاط بعض المؤن الملقات قرب القاذورات (أحذية صالحة، أجهزة منزلية متخلى عنها حيث يكتب عليها بأنها صالحة وما إلى ذلك) حيث يأخذاها ويعيدا بيعها في الأحياء الشعبية المكتظة، وكانا عندما تنتهي فترة إيوائهما في المآوي الخيرية يلتحفان العراء نوما في الحدائق العمومية، وحين تمطر يهربان للنوم تحت القناطر.

عند بدء موسم جني الحوامض، سافرا إلى طاراغونا، دام الموسم شهرين متتاليين، عملا خلالها في إحدى المزارع، وبعدها اجترو من جديد اياما طويلة من التشرد تعرفا خلالها على صديقين من الجزائر، صعلكوا بما فيه الكفاية، متنقلين شمالا وشرقا وغربا بين مداشر إقليم طاراغونا دون جدوى، وفي الأخير، خلصوا إلى فكرة أساسية مفادها أن وضعهم اللاقانوني مع كثرة التنقل من هنا أإلى هناك قد يعرضهم للوقوع في حالة الطرد، ثم إن وضعهم هذا، لا يمنع التنقل إلى بلد آخر مادامت الحالة هي هي بدون وثائق، وان المسألة لا تفرق عندهم بين أن يكونوا في إسبانيا أو في بلد آخر، فالمعركة السرية مع رجال الأمن سواء هنا أو هناك لاتختلف، لذلك مالمانع أن ينتقلوا إلى بلد "اشتراكي" مؤسساته المدنية توفر حقوقا اجتماعية وإنسانية أحسن بكثير مما هي عليها في إسبانيا المتأثرة بالزلط الإفريقي، لماذا لايسافروا مثلا إلى بلد يوفر السكن ويؤمن حقوقا إنسانية ومجتمع عالمي يؤمن بالإثنيات كبلجيكا مثلا أو سويسرا اللتان تتربعان على عرش اربع لغات أو أكثر دون أن يؤدي فيها ذلك إلى مشاحنات عرقية؟. ناقشوا الأمر فيما بينهم أسابيع عديدة، جمعوا خلالها معلومات كافية عن كل بلد، وفي الأخير قرروا السفر إلى بلجيكا.

كان عمر يعرف أحد مساعدي سائق إحدى شاحنات النقل العمومي التي تأتي من الناظور، تعرف عليه في إحدى عملياته الفاشلة في محاولات التسلل بمرسى الناظور، وكان أن نجح في إحداها، فانسل إلى شاحنة كانت متوقفة هناك تنتظر دورها في ولوج الباخرة، حيث ضبطه المساعد هذا ووشى به إلى رجال الأمن بالمرسى ليرموا به خارج سياج المرسى، وكان أن التقاه عمر خارجا فلامه على وشايته، إلا أن المساعد اخبره بأنه فعل ذلك فقط لأنه لايريد أن يتورط في مشكلة تهريب، وانه لوتجنب الشاحنة التي بها يعمل لما وشى به، وأنه لا يمكن التغاضي عن ذلك داخل دائرة التفتيش عند الجمارك أو داخل المرسى، وأنه فيما عدا ذلك، يمكنه أن يساعده إذا سنحت الفرصة لذلك. وذات يوم بينما عمر كان تائها في إحدى جولاته، دخل إلى إحدى محطات استراحة المسافرين، ليصادف المساعد وهو يدخل إلى مقهى المحطة حيث دعاه هذا الأخير لتناول فنجان، وبينما هما يتبادلان الحديث حول البلاد والزلط وذكريات التسلق، مازحه عمر قائلا:

ــ لقد قلت لي أنه يمكنك مساعدتي خارج حدود المراقبة، هانحن الآن خارج تلك النقط، كيف يمكنك الآن مساعدتي؟

ــ كنت حينذاك تريد أوربا، ها أنت الآن فيها، ماذا تريد بعد هذا؟

ــ أريد التوغل بعيدا، إلى الشمال أكثر،أنا في الويل ـ ويل، يقصد أنه في نفس الويل، وما دمت في أوربا، وما دمت ألبس ما يغطس وجهها في وحل الهجرة السرية، وما دام ينتظرني الرحيل في يوم ما، فلن أدخر جهدا في البحث عن فرصتي.. صمت قليلا ثم أضاف : سأبحث عن شقراء تجذبها جذوع إفريقيا التي نحملها فينا، ضحك قليلا ثم قال: سأغرق في الترحال كما غرق ابن بطوطة، نحن حفدته.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سبحة الضفادع
- الحكومة المغربية وقضايا الهجرة
- تداعيات الرحيل
- مذكرات عبور: بوابة ابني نصر
- مذكرات عبور
- في التناقض: ماهو حرام على انجلز حلال على أنور نجم الدين 2
- في التناقض: ماهو حرام على انجلز حلال على أنور نجم الدين
- حكايا من المهجر: ساحة وليلي 2
- رسالة غرام، وجحيم المدرسة القروية
- حكايا من المهجر: ساحة وليلي
- حكايا من المهجر: صراع الهيمنة 3
- حكايا من المهجر: صراع الهيمنة 2
- حكايا من المهجر: الموضولو 3 وصراع الهيمنة
- حكايا من المهجر: هلوسة عبابو 3
- حكايا من المهجر: هلوسة عبابو 2
- هل يعيد التاريخ أحداث إيليخيدو مرة أخرى إلى الواجهة
- حكايا من المهجر - هلوسة عبابو
- الدرس الثاني ديالكتيك البراءة
- الدرس الأول لأطفالنا في الديالكتيك
- مقاربة تصورية حول الحتمية الاشتراكية


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - أوهام ما وراء المتوسط