أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طارق حربي - مساهمة في ملف (الهوية الوطنية العراقية)















المزيد.....

مساهمة في ملف (الهوية الوطنية العراقية)


طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 2995 - 2010 / 5 / 4 - 12:17
المحور: المجتمع المدني
    


* مساهمة في ملف (الهوية الوطنية العراقية)
الملحق الثقافي لصحيفة الصباح الجديد الذي يصدر في 4/5/2010
طارق حربي
* هل يمكننا أن نسأل عن ملامح هويتنا العراقيّة عبر التشكيك بوجودها اصلا في ظلّ هذا التنامي لصوت المجموعات العرقيّة والاثنيّة المنادية بهوياتها الفرعيّة على حساب الهويّة الوطنيّة ؟
- يتكون النسيج العراقي من جماعات وطنية غير منسجمة قوميا وطائفيا وثقافيا ومذهبيا ودينيا، أضف إلى ذلك التبعية للعامل الاقليمي والعربي والأممي لدى بعضها، فكيف يمكن لهوية وطنية واحدة أن تجمعها وتوحدها وتجعل ولاءها للدولة وللعقيدة العراقية!؟
سؤال يواجهنا دائما خلال عملية تأصيل الهوية الوطنية، إن عدم قدرة هويات العراق الفرعية على الاندماج السلمي فيما بينها و- كان يمكن أن تكون مصدر قوة روحية واجتماعية - متأت من انعدام المؤسسات الدستورية، واحتكار الموارد الاقتصادية والسلطة، وشيوع الاستبداد والعنف ابتداء من العهد الملكي مرورا بثورة 14 تموز 1958، وانتهاء بانقلاب 1968 الأسود، وصولا إلى تداعيات مابعد الاحتلال.
يمكن القول إن تشكيل الهوية الوطنية بدأ منذ تشكيل الدولة العراقية سنة 1921، وتذكر المدونات المعنية بتأريخ العراق أن الملك فيصل الأول واجه صعوبة بالغة في تجميع أديان ومذاهب وأعراق وقبائل في رقعة جغرافية محددة، لم تسلم من تاثيرات العامل الخارجي.
ومع صعود الأحزاب والايديولوجيات في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، زاد التشظي في الهوية الوطنية لصالح أجندات خارجية، وقامت مجافاة شبه كاملة لها، وهو ناتج من جهل الأحزاب لأهميتها في عملية اندماج الهويات الفرعية، وعدم اتفاق الجماعات العراقية على تحديد تأريخ عراقي مشترك يوحدهم أمام التحديات، ويرى العديد من الباحثين أن كل فريق يقدم تفسيراته : فالقوميون يرون تقاطعا بين العروبة والهوية العراقية، ولايرون الوطن العراقي إلا ضمن إطار العالم العربي، وينكرون عليه تأريخه وجغرافيته وهوياته المحلية وتنوعه، والشيعة يسردون تأريخأ طويلا من الدم والمظالم والاحباط السياسي، والاكراد يعيشون حلم التمدد والمكاسب السياسية في إطار حلم كردستان الكبرى وتداعياته في نسق التعصب القومي، ونتيجة لهذا التراكم الذي امتد لأكثر من ثمانين عاما، بما تضمنه من عقود من الحكم البعثي الدموي الطائفي، زائدا الخلل الفاضح في السوسيولوجيا العراقية، كل ذلك فتح الباب واسعا بعد التغيير لظهور هويات متعددة طائفية وقومية وعرقية منقسمة، لم تجلب للعراق سوى العمليات الارهابية والتدخل الخارجي والسير نحو المجهول، ونُسي الانتماء للعراق وهويته، التي يمكن أن تعكس وحدة العراقيين مع احتفاظ الجميع بهوياتهم المحلية والفرعية.
*واذا ما اتفقنا على تعرض هويتنا للكثير من الهزات والضربات بفعل ماحدث ويحدث في الساحة السياسية العراقية منذ أول قطرة دم سالت قبل عقود بدافع الوصول الى السلطة، هل يمكن للمثقّف أن يطرح برنامجا واقعيّا لإستعادة عراقيّة هذه الهويّة، بدلا من استمرار تشظيها بيد المجموعات المكوّنة لها ؟
تلعب الثقافة دورا مهما وفاعلا في الوعي الجمعي لأية أمة، وتأكيد شخصيتها الثقافية التي تتبلور عبر التاريخ، وبما أن الثقافة طريقة في التصور والسلوك، ونشاط انساني يحمل دلالات روحية ومادية، فإن المثقف يلعب دور حامل مشاعل التنوير، وكمنتج لمجموعة من الأفكار والرؤى المستقبلية وتأصيلها لتعكس تطور الحياة والمجتمع، لكننا نرى أن الدولة العراقية لم تشرك المثقف العراقي في تشكيلها أو رسم سياستها أو تستشيره، بل أبقته تابعا للسياسي في دور ملتبس عطل دور الثقافة، في النهوض بمشروعها الوطني لتأصيل الهوية الوطنية العراقية.
لقد برزت العديد من الهويات في تأريخ العراق مثلت ذروة التشظي : الحزبية أو القبائلية أو المذهبية أو المناطقية، وهوية المثقف المفرد ضعيف التأثير في المجتمع، وفيما عمد الاحتلال العثماني إلى تذويب الثقافات المحلية في الثقافة الطورانية، نرى أن الاحتلال الانكليزي لم يبتعد عن هذا المفهوم، فعمل على ترسيخ الثقافة الاقطاعية وبما يخدم مصالحه، ولم تستطع النخب الثقافية بعد ثورة 14 تموز 1958 النهوض بمشروع تأصيل الهوية الوطنية، بمواجهة تحديات الثقافة العشائرية والاقطاعية والمناطقية، فيما غلب صوت الحزب وعبادة الفرد الواحد في أنساق الثقافة الدكتاتورية بعد انقلاب 1968 الفاشي.
وهكذا تأرجحت أزمة الهوية الوطنية في الخطاب السياسي العراقي، بين مقولات الدين والقومية والأممية، كمعطى حتمي للآيديولوجيات التي اعتنقتها الأحزاب والجماعات، حينما قامت على المفهوم السياسي وتركت القاعدة الاجتماعية، بمعنى قيام علاقة فوقية بين الوطن العراقي والخارج، وهكذا رأيناها تخفق في أيام المعارضة في تبني مشروع وطني، يتمظهر فيه مفهوم الأمة العراقية ويحمل لواءه مشروع ثقافي، ولم تستطع المقولات المذكورة أن تكون بديلا عن الهوية الوطنية منذ تاسيس الدولة حتى اليوم.
نعم يمكن استعادة دور الثقافة وفاعليتها ودور المثقف في طرح برنامج، يستعيد من خلاله دور الهوية الوطنية، عبر إحداث قطيعة مع ثقافة الاستبداد والانفلات من النظام الثقافي المركزي إلى نظام تعددي، وإطلاق مشروع لتجذير الثقافة العراقية وتعزيز مبادىء الديمقراطية فيها، كفيل بجعل المجتمع العراقي أكثر تماسكا، وتحرير المثقف من تبعيته للسياسي، ومن الثقافة الحزبية وانتقاله إلى آليات ثقافة مدنية تعددية .

* أخيرا الى اي درجة علينا نحن أبناء العراق، أن نعترف بإن الانتماءات المتعددة والمتناقضة بتنوعها الاثني والعرقي ..الخ، في الغالب، تفضي الى مجتمع منقسم ؟
لاشك أن هيمنة الأحزاب الاسلامية على السلطة في العراق بعد التغيير، والتلويح بمشروعها باقامة نظام يعتمد التشريع الاسلامي في الحكم، يتعارض مع طبيعة مكونات الشعب العراقي التعددية وفعاليات المجتمع المدني، كما يؤخر بناء المؤسسات الديمقراطية والدستورية، أضف إلى ذلك المسائل العقدية التي أسماها عدد من الكتاب والباحثين بألغام الدستور، وفي نهاية المطاف لايمكن للدين أو القومية أو أي من الآيديولوجيات، أن تعكس هوية موحدة للعراق بأطيافه وقومياته وأديانه ومذاهبه، لكن الاطار الوحيد الذي يمكن له أن يحتوي التعددية هو الهوية الوطنية العراقية، لتوفرها على الكثير من الآليات مثل الجغرافية والارادة السياسية والتأريخ المشترك والثقافة المشتركة وغيرها، وبالتالي هي عامل دمج وتوحيد - لاشعارا حزبيا - يعكس الأوضاع العراقية كوحدة شاملة لايمكن تجزئتها.
إن المشاركة السياسية الواسعة للجماعات العراقية، والتشريعات البرلمانية التي تضمن التوزيع العادل للثروات، احترام الخصوصية للجماعات والهويات الفرعية، في إطار تعزيز الثقة بينها وبين الدولة، أضف إلى ذلك التطور الاقتصادي والقضاء على الفوارق الطبقية، والسعي في عملية الاندماج بين الجماعات والثقافات في بودقة الولاء للدولة في إطار التعايش السلمي، وتطويع الهويات الفرعية ليكون ولاؤها لهوية العراق الشاملة في إطار المصير المشترك، برعاية دولة يشعر فيها الجميع بالمساواة ويسود القانون في ظل العقد الاجتماعي، هذا وغيره يمكن أن يؤدي إلى رفع الهوية الوطنية العراقية فوق الهويات الفرعية للجماعات الاثنية والعرقية والقومية والمذهبية المختلفة، التي لايمكن إلا أن تستند على أسس قانونية يرسخها مبدأ المواطنة، في إطار من المساواة والحقوق والواجبات.
إن حماية المجتمع من الانقسامات يبدأ بمشروع عودة الروح إلى الهوية الوطنية، عبر دعم وتنمية الطبقة الوسطى (التكنوقراط/ المهندسين/ المعلمين/ الأساتذة الجامعيين) ، وهي طبقة فاعلة في المجتمع نمت نموا مضطردا في العقود الثلاثة التالية لتشكيل الدولة، وكانت صدى للثورة التجارية التي سادت أوروبا في عصر النهضة، لكن دورها اضمحل وتفككت عرى المجتمع المدني منذ صعود الأنظمة الكليانية، و سياسة الاستبداد وعبادة الفرد الواحد، إن تبني النظام السياسي لمفهوم الهوية الوطنية، من شأنه أن يبعد خطر الانقسام في المجتمع، ويقوي الأواصر بين الجماعات والهويات الفرعية، ويمنح الهوية الوطنية دورا سينعكس إيجابيا على علاقات العراق الاقليمية، في إطار السلام والتعايش في المنطقة .



#طارق_حربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمرات الارهاب وتأخر تشكيل الحكومة!
- العراق يمر بمأزق سياسي..ماالعمل!؟
- أيها الوطن
- حجرٌ ملَبَّدٌ بالغيوم
- ذباح العراقيين يقلد أوسمة!
- إتلاف الأطعمة الفاسدة في الناصرية..إلى متى..!؟
- لا لجعفر الصدر كمرشح تسوية بديلا عن المالكي!
- نتائج الانتخابات وتغليب المصلحة الوطنية العليا
- ماهذا الغموض..ماالذي يجري!؟
- تحولات في المشهد السياسي العراقي
- تأخير أم تزوير!؟
- انتصار الحبر على الدم!
- شكرا قداسة البابا!
- ماذا وراء زيارة علاوي للرياض والقاهرة!؟
- من سرق أنبوب النفط من مدينتي!؟
- امرأة على ظهرها كفن!
- عشائر المالكي!!
- -غزوة الفنادق- تتحملها المساءلة والعدالة والحكومة العراقية!
- بايدن والبعث وهيئة المساءلة والعدالة!
- رئيسنا الخروعة!


المزيد.....




- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طارق حربي - مساهمة في ملف (الهوية الوطنية العراقية)