أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - سبحة الضفادع














المزيد.....

سبحة الضفادع


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 2994 - 2010 / 5 / 3 - 20:26
المحور: الادب والفن
    


سقيمة وطأة الليالي في هذه الأيام السديمة، خيم الحزن العميق على سكان القرية بموت واحد من اهلها الذي كان في عنفوان الشباب، كان جثمان بوعزة يستريح تحت سقيفة المسجد الوحيد بالقرية في انتظار دفنه في الصباح، وكان ضحية نزيف داخلي غامض لم يفلح في مسح عوارضه الفقيه الوحيد بالمنطقة، وكان كل ما شاع في يومها أن بوعزة تغذى بدمائه الجن عندما خطا فوق صفحة الماء الداكن عندما كان يرعى غنمه بالوادي، قيل أنه سهى عند الخطو ولم يبسمل.

كان الوادي قد جف عندما تمت أعمال حفر بئر منجمي بالمنطقة، إلا أن الشركة أعادت إليه خضرته بفضل التكنولوجيا الجديدة، حيث أقامت بما استخرجته من صخور وتربة من داخل البئر ساحات طويلة وعريضة على جنبات البئر وبنت بها دورا للتخزين والإدارة وحمامات ومراحيض عصرية للعمال وأرست قنوات الصرف الصحي لينفذ الماء منها إلى الوادي وتعيد حياة اخضراره من جديد، كان ذلك شرطا متضمنا في بروتوكول الإستثمار بالمنطقة.

كان الماء كما قلت داكنا على طول الوادي عبر حفر صغيرة تركتها السيول الرعدية تمتد عبر طول الوادي، مشكلة خاصرة تفترش شريطا من العشب الأخضر تلعب فوقه فرق لكرة القدم تتشكل من أبناء العمال بالمنطقة، وكان بوعزة يجلس فوق صخرة في جانب من هذه الملاعب يمتع نظره بمرح الأطفال وهم يتبارون بدون انقطاع، وكان احيانا ينفخ في نايه ثم يضعه أحيانا اخرى ليتيح لنفسه انتعاشة من السجائر التي تملأ جيبه، بينما اغنامه كانت تنتشر عبر سفح الجبل تاركة العشب الأخضر لنقيق الضفادع، وقيل آنذاك عن امساك الأغنام في تناول العشب، أن ذلك لحكمة ما، استخلصها فقيه القرية في القول، أن الأغنام بما هي لا تعقل وهبها خالق الكون بأن ترى ما لا نراه نحن البشر، وبما أنها لا تنعم بهبة النطق فهي أيضا لا تستطيع أن تفصح عما ترى أو تنطق البسملة التي تزيح الشياطين والجن عن الطريق، وأن السر في امتناعها عن مرعى الوادي هو أنها رأت الجن في ملحمة الرقص على إيقاع نغمات ناي بوعزة ذلك المساء فشاعت بفطنتها الغريزية عبر السفح بحثا عن كلإ يابس حتى لا تصاب بالمس في الوادي، وأن ذلك من حكم الخلق في تجنب ماشيته صرع الجنون.

كان بوعزة يضع نايه بجانب الصخرة التي يجلس عليها، وحدث ان ضفدعا اقترب منه ذلك المساء، فأراد ان يزيحه من الناي إلا أنه عدل عن الأمر معتبرا تقرب الضفدع إليه بمثابة استئناس منه، نظر إليه مليا فيما كان الضفدع يتربع بجانب الناي كقزم هرم أعيته السنون، بدا لبوعزة أن يشاركه متعته في انتشاء السيجارة، نزع من جيبه أخرى، أشعلها ثم أثبتها في فم الضفدع، الذي بدا مغميا عليه من الوهلة الاولى، لكن بوعزة تعمد أن يتركها في فمه وينتظر ردة فعله، بدأ الضفدع ينتفخ شيئا فشيئا، ولاح لبوعزة أنه ربما يستعد للنفخ عبر الناي الذي بجانبه أو انه سينق نقيقا لم يسمعه في حياته، لكن بعد مرور الوقت كان الضفدع ينتفخ حتى فارق الحياة.

في اليوم التالي أخبر بوعزة أصدقاءه باكتشافه العجيب، وأخبرهم أنها الطريقة المثلى لإراحة عمال القرية من ضجيج النقانق الذي يلوث آذان الأهالي أثناء الليل وأنه سيعمل على اختراع جديد لآلة تمكن من أدخنة الضفادع دون حاجة إلى لمسها باليد تجنبا لسمومها التي تطلقها من مسامها حتى تتمكن كل الأسر التي تهاجمها الضفادع من التخلص منها دون حاجة إلى رميها بالأملاح كما كانو يفعلون سابقا، وانه سيخفي اختراعه الجديد عن شركات التبغ حتى لا يكثر الطلب عليه وتزداد اسعاره. وهكذا بدأ يبحث في اختراعه العجيب في بحث مضني عما يمكن أن يساعده في توفقه في ذلك، رمى عنه الناي الذي كان يشغله في أوقاته السابقة وبدأ يتوافد على مزبلة الشركة حيث كانت ترمي نفاياتها من الأسلاك وبعض قطع الغيار والمعلبات لعله يفطن إلى قطعة تصلح لاختراعه العجيب، وبقي في بحثه هذا إلى أن عاوده نزيف حاد أقعده في البيت إلى أن وافته المنية دون أن ينزج حلمه في الإختراع. كان أثناء مرضه قد أفتى فقيه القرية على اهله بأن لايحملوه إلى المستشفى معتبرا مرضه مس من الجن وليس مرضا طبيعيا، كما أن المس لا يتوافق مع الأدوية الطبية، مدليا في نفس الوقت أن مافعله بوعزة وما كان ينوي أن يفعله في حق الضفادع هو منكر نهى عنه الإسلام لأن نقيقها تسبيح للخالق، لذلك نهي عن قتلها، وخالف بوعزة ذلك فابتلاه الله بهذا المرض الغريب.

مات إذن بوعزة دون أن ينجز اختراعه وبقيت الضفادع تسبح في كل موسم



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكومة المغربية وقضايا الهجرة
- تداعيات الرحيل
- مذكرات عبور: بوابة ابني نصر
- مذكرات عبور
- في التناقض: ماهو حرام على انجلز حلال على أنور نجم الدين 2
- في التناقض: ماهو حرام على انجلز حلال على أنور نجم الدين
- حكايا من المهجر: ساحة وليلي 2
- رسالة غرام، وجحيم المدرسة القروية
- حكايا من المهجر: ساحة وليلي
- حكايا من المهجر: صراع الهيمنة 3
- حكايا من المهجر: صراع الهيمنة 2
- حكايا من المهجر: الموضولو 3 وصراع الهيمنة
- حكايا من المهجر: هلوسة عبابو 3
- حكايا من المهجر: هلوسة عبابو 2
- هل يعيد التاريخ أحداث إيليخيدو مرة أخرى إلى الواجهة
- حكايا من المهجر - هلوسة عبابو
- الدرس الثاني ديالكتيك البراءة
- الدرس الأول لأطفالنا في الديالكتيك
- مقاربة تصورية حول الحتمية الاشتراكية
- نحو تأسيس مزبلة إلكترونية


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - سبحة الضفادع