|
المطلوب هو الفعل و ليس الفتاوى والوعاظات و الشعارات
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2994 - 2010 / 5 / 3 - 19:17
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الحرية السائدة في العراق اليوم لها ايجابياتها الكثيرة، و انها توفر الارضية اللازمة للشفافية و التعددية ، و هي من اهم المباديء الاساسية للديموقراطية و التقدم في كافة المجالات، و الشعب العراقي كان متعطشا لها و عاش في المرحلة الدكتاتورية المظلمة، و هو يرزح تحت ثقل ما جنته ايدي و مخالب الحكم المكيافلي. تنفس الشعب الصعداء و وصل الحال الى حد الفوضى، و هو يتخبط لحد اليوم و لم ينظم وضعه على ما يرام و لم يستقر رغم المحطات الرئيسية للعملية الديموقراطية التي مر بها، و يزداد تدخل الاخرين في شؤونه يوما بعد اخر و لم يترسخ لحد اليوم الركائز الاساسية لنظامه الفدرالي و هو غير ناصع الشكل و اللون الى الان. الفوضى و الهيجان الحاصل لها تتكرر باستمرار، و لها اسباب و عوامل ذاتية و موضوعية ، فان كانت الظروف الاقليمية و السياسية العالمية و مصالح العديد من الجهات لم تدع ما يعبد الطريق للوصول الى الامان و ليس لنا حيلة في علاجها ، فان ما يمس الذات و ما يخصنا و الاسباب الداخلية و نحن مصدرها و دافعها، يمكن ان نتحاشاها او على الاقل نقلل من تاثيراتها السلبية ان لم نتمكن من استئصالها لو كنا جديين في عملنا. المنابر المختلفة التي تطلق منها الوعاظ و الفتاوى و الشعارات الخيالية الرنانة بدلا من ان تحل المشاكل تعقدها اكثر، و خاصة انها تنبعث من وراء المصالح الضيقة و دوافعها المتنوعة، و التحزب و متطلباته و ما وراءه من الامر و المطلب له اثاره السلبية المؤثرة على الحياة العامة للشعب. لو دققنا اكثر و تكلمنا علميا و اتخذنا من الفاتاوى و انواعها المختلفة و منابرها المتعددة و دوافعها مثالا لنحللها و نبين ما تنتج على الارض منها ،نتوصل الى ان ما تطرح لها ما يعيق العملية السياسية بكاملها و تصنع العراقيل امام المسيرة بمجملها . المعروف عن الواقع العراقي و المستوى الثقافي العام بانه يتاثر باية كلمة تطلق من المنابر العقيدية مهما كانت دقتها او نوعيتها، و سيتفاعل معها الشعب مهما كانت النتيجة في المحصلة النهائية ، و تؤدي في اكثر الاحيان الى تدمير النسيج الاجتماعي و السلم و العلاقات المرتبطة بين المكونات و تزيح اي تعايش سلمي يبنى على الارض و تزرع الاحقاد لمدة طويلة بين المكونات ، و تعمق الخلافات و تشتد الصراعات ، و في اخر المطاف ستؤثر على السلم العالمي عند تطورها و عبورها للحدود الدولية الاقليمية، و هنا تفرض هذه المشاكل و القضايا الحساسة الكبيرة نفسها على القوى ذات العلاقة و المصالح العالمية لتتدخل و تحافظ على مكانتها و مصالحها في المناطق المتازمة من هذا النوع. تتطور الاحداث بعد اهتزاز اية دولة تعاني من هذه الازمات و تكون خطرا على المحيط مما تحدث فراغا و تخلخل في توازن القوى و تخبط المعادلات، و ما تفرز منها من السلبيات ستكون المحرك الاساسي لعدم استقرار المنطقة باكملها. ان الوعاظ و الخطابات و الشعارات المختلفة ليست باقل تاثيرا من الفتاوى، فان البعض من هذه المنابر التي تبث مثل هذه الخطابات مشكوك في امرها و من ورائها و دوافعها ، سوى كانت داخلية او خارجية ، لذا نتلمس يوميا المبالغة في اظهار اي حادث يومي بسيط باتجاه ما ينفع اهداف هذه القوى المصلحية و اكثرها اقليمية، و تصرف المبالغ المالية الخيالية في هذه الامور بدلا من ان يركن من ينعكف في هذا العمل على تحسين وضعه ، و هو يحس بانه يهتز و يمحى كيانه من تجسيد الديموقراطية في العراق و لم يعد النظر في حاله، يريد الخراب للعراق و المنطقة معه من اجل الحفاظ على سلطته، و يصنع الموالين و يكون سخيا عليهم في سبيل تحقيق اهدافه . لو ندقق في التصريحات التي تطلق بعد كل ازمة يمر بها العراق من قبل الجهات المختلفة و نتفحص ما ورائها سوى كانت داخلية او من قبل من له صلة بها و ما ورائها ، سيتوضح لدينا الغرض منها. وخلال هذه المرحلة كم شاهدنا من التناقضات و الازدواجية في التعامل مع الاحداث و العلاقات من قبل القوى المختلفة على الساحة العراقية. من جهة يتكلمون عن الاستقلالية و السيادة و الاستناد على الذات و القانون و القضاء في حل المشاكل و في اخرى يتوجهون الى العكس، ومن جهة يعلنون موقفا و اراءا حول المواضيع الساخنة و يطبقون العكس على الارض، و هؤلاء حقا يطبق عليهم المثل العراقي الدارج (اسمع كلامك اصدقك و ارى افعالك اتعجب) . هؤلاء يعملون كدمية يحركهم الممول و اصحاب الفضل عليهم. و على الشعب العراقي ان يميز بين القول و الفعل و ما يحتاجه هو الفعل على الارض و ليس التصريحات و المناقشات البيزنطية على الفضائيات. هل من المعقول ان تكون جهة تعارض سقوط الدكتاتورية بايدي خارجية و تعتبر التحرير و سقوط اعتى دكتاتور احتلالا و غزوا للعراق و تقاطع العملية السياسية برمتها و لم تدخل الانتخابات و من ثم تنصاع للامر الواقع و تاتي في نهاية المطاف و تتوسل و تستجدي الحل من القوى التي اعتبرتها محتلة و غازية حتى الامس القريب لان مصالحها الخاصة فقط في خطر . هذه هي السطحية في التعامل مع الاحداث و هذا ما يخلق الشكوك لدى كل متابع ازاء من وراء هؤلاء و الذي يدفعهم لهذا الامر و الموقف و هذه ليست سياسة كما يدعون. و من جانب اخر هل يعقل ان تؤمن انت بتداول السلطة و الديموقراطية بكل مفاصلها و الحكم المدني و التعددية و احترام الاخر، و تصر انت بنفسك ان تكون انت الوحيد الامر الناهي مهما كان الثمن،و تكون انت ضاربا مباديء الديموقراطية عرض الحائط، و هل من المعقول ان نتلمس التغييرات التي احدثها العلم و المعرفة و التقدم التكنولوجي و انت تريد ان تحكم بفلسفة القرون الوسطى و تضلل المجتمع بكل الطرق المتاحة، و هل من المعقول ايضا ان تكون انت حتى الامس خادما لما يسمى المحتل و اليوم تغير وجهتك نحو الاخر و تتكلم على العلن بمنطق، و افعالك على الارض توضح عكس ما تدعي. اذن العراق يغرق في بحر الفتاوي و الوعاظات و الشعارات الخيالية و الافكار الطوباوية و ما ورائها من المصالح، و ما يحتاجه الشعب هو العكس تماما اي الفعل على الارض و العمل بواقعية و ما يتقبله الواقع ، انه يحتاج بداية الى الامن و السلام، و الخدمات العامة هي من الاولويات ، و لا يهتم الشعب ما ينطق به هذا و ما يردده ذاك . و يفلح من اقترن قوله بفعله على الارض، و الشعب انفتح و اتسع وعيه و بفرق الصالح عن الطالح مهما كانت التضليلات ، و المراحل القادمة ستكون حاسمة لبقاء الاحسن و الاصلح .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انتشار الفقر في اقليم كوردستان رغم الميزانية الهائلة له
-
الفدرالية الحقيقة تنقذ العراق و تحافظ على وحدته
-
من يقدٌر الكتٌاب و الادباء في حياتهم ؟
-
ترسيخ التسامح يضمن التعايش السلمي في العراق
-
في مثل هذه الظروف، من يفكر بالطبقة الكادحة في العراق ؟
-
التحالف الكوردستاني و احتمالات تشكيل الحكومة العراقية المقبل
...
-
ما يعيق النظام العالمي الجديد هو الازدواجية في النظرة و التع
...
-
السيناريوات القابلة التطبيق لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة
-
الصحافة الكوردستانية الى اين ؟
-
هل يمتلك العراق ما ينقله الى مصافي الدول المتقدمة ؟
-
كيف نغلق طريق الفساد المستشري في العراق ؟
-
من يحدد هوية العراق ؟
-
ما يحتاجه العراق هو الحوار ام المفاوضات ؟
-
اهم نقاط التحول في تاريخ العراق الحديث
-
التحزب و الثقافة السياسية في العراق
-
هل مجتمعاتنا تتقبل الحداثة كما هي بشكلها الصحيح؟
-
انفال انفال و ما ادراك ما الانفال
-
هل ديموقراطية العراق في الاتجاه الصحيح ؟
-
كيفية تدخل الاكاديميين لايجاد الحلول السياسية لما وقع فيه ال
...
-
الحداثة و تاثيراتها على الهوية الثقافية في منطقتنا
المزيد.....
-
-الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل
...
-
مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق
...
-
الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
-
لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في
...
-
وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر
...
-
هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
-
Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
-
ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
-
الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان
...
-
واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|