أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف بمناسبة 1 أيار 2010 - المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي - عبد القادر أنيس - إلى ذكرى رفيقي النقابي ن ف.














المزيد.....

إلى ذكرى رفيقي النقابي ن ف.


عبد القادر أنيس

الحوار المتمدن-العدد: 2992 - 2010 / 5 / 1 - 17:38
المحور: ملف بمناسبة 1 أيار 2010 - المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي
    


شخصيا لم أعد يساريا، أو بالأحرى لم يعد اليسار يعني لي ما كان يعنيه لي قبل أن أنسحب من صفوفه. لم يعد اليسار يعني لي النضال من أجل الاشتراكية وسلطة العمال وحزب الطبقة الشغيلة. أنا على قناعة الآن بأن على كل قوى العمل والإنتاج والإبداع والعلم والثقافة عندنا تتحالف لإحداث قطيعة نهائية مع قوى الظلامية والاستبداد وإقامة مجتمعات ديمقراطية لبرالية تتاح فيها لجميع الطبقات إمكانية الدفاع عن مصالحها بطرق سلمية متحضرة. صرت أكثر قناعة أن عالما بدون طبقات وأنانيات مازال من قبيل الوهم. ولهذا يجب التوصل إلى عالم يعترف بهذه الطبقات والأنانيات ويديرها بأساليب سملية يعترف الجميع بحق الآخرين في الاختلاف والتواجد والتداول على الحكم.
وأنا أناضل من أجل هذه الرؤية، أعتقد أنني أقرب إلى الروح اليسارية التي ناضلت في أجوائها كل شبابي ومعظم كهولتي بنية صادقة وإنسانية فياضة. فالحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والمواطنة الكاملة لن تتحقق للناس كهدية أو مِنَّة من أحد مهما حسنت النوايا.
لا يحرر العمال إلا أنفسهم عندما يعون قوتهم ويتبنون طرق التنظيم العصرية النقابية والجمعوية والحزبية ويحذرون من كل المغامرين الذين يريدون ركوب قضاياهم للوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها لهم ولأبنائهم وحاشيتهم.
خيبتي كانت كبيرة في اليسار الذي انتميت إليه في السبعينات والثمانينات، وخاصة في التسعينات بعد أن فشلت نظريته (العلمية) في فهم ما كان يحدث حتى وقعت الواقعة.
لعل أهم حادث دفعني لإحداث القطيعة مع اليسار الشعبوي هذا، وكانت حادثة مؤلمة إلى أقصى الحدود، هي عندما أُبْلِغْت باغتيال أحد رفاقي الحزبيين والنقابيين القاطن في مدينة تبعد حوالي مائة وخمسين كلم عن مدينتي، فتوجهت إلى تلك المدينة مع بعض الرفاق لتشييعه إلى مثواه الأخير. كان هذا الرفيق يسكن بيتا حقيرا هو أقرب إلى الكوخ منه إلى بيت حصين بأبواب وشباب حديدية كما هي حالة معظم منازل الجزائريين بعد أن انهار الأمن وعمت الفوضى وغابت الدولة أو ضعفت فسمحت لما صار يشبه دولة موازية يديرها الإسلاميون ليلا، في حي شعبي بائس أصبح سكانه في صف الإسلاميين خوفا وجبنا وانتهازية. اقتحم الإرهابيون بيته في منتصف الليل بعد أن حطموا الباب الخشبي المهترئ، وأخرجوا أخاه الأصغر اعتقادا منهم أنه هو، وصياح أمه يمزق عنان السماء في تلك الليلة الليلاء ولكنه اضطر للخروج من مخبئه وتسليم نفسه فابتعدوا به قليلا ثم ذبحوه وبقي مرميا طوال الليل هناك. جريمته أنه كان خصما لهم في نقابة المصنع حيث كانوا هم قد أسسوا (النقابة الإسلامية للعمل) وكان جريئا في مواجهتهم لأنه مازال يحظى بشعبية في أوساط العمال فأرادوا بذلك إرهاب البقية الباقية ليخلو له المجال وحدهم. المأساة التي حزت في نفسي أكثر أن الإرهابيين بعد أن قاموا (بمأثرتهم) هذه كانوا قد أعطوا تعليمات للناس بألا يمشي أحد في جنازته تطبيقا لشريعتهم فالتزم الجيران كلهم بلا استثناء بالأوامر، وعندما وصلنا إلى بيته في الصباح لم يشأ أحد الاقتراب منا وإرشادنا، وأخيرا جاء أحد الرفاق من المقبرة وأخبرنا أنه قد تم نقل رفيقنا إليها مباشرة من المستشفى دون المرور على المنزل كما هي العادة. وبسرعة توجهنا إلى المقبرة وعندما وصلنا إلى مكان الدفن كان رفيقنا يرقد تحت التراب ولم يكن إلى جانب القبر سوى أمه وأخته وصهره زوج أخته، بينما كان مجموعة من الشباب ممن شاركوا في حفر القبر يتشاجرون على الأجرة التي تلقوها مقابل حفر القبر، كانت تقدر يومئذ بمائتي دينار (ما يعادل دولارين). كان المشهد كافكاويا فعلا. هذا رفيق ناضل سنين طويلة في النقابة وفي لجان الأحياء من أجل قضية هؤلاء الشباب من أبناء الكادحين، بينما هم كانوا يتقاتلون على بضعة دنانير ولا أحد فيهم سأل عنه وعن مقاطعة الناس له حتى في دفنه.
فهمت حينها أنه من العبث مواصلة النضال بالطريقة التي نفعل، ولا جدوى من تبني قضايا الكادحين ما لم يكونوا طرفا واعيا فيها. وهو ما أهمله اليسار دائما خوفا من مواجهة القناعات الدينية الراسخة أو تملقا لها. كان يعمل على تحرير الأبدان قبل تحرير العقول، بينما العكس هو الصحيح في نظري بما بعني مساعدة الناس على التحرر من أفيون الدين ورجاله ومن أفيون كل الهويات القاتلة من قومية وقبلية وطائفية وكل تلك الحماقات التي يستغلها المستبدون وأعداء الحرية لركوب الجماهير وسوقها حيث شاؤوا.



#عبد_القادر_أنيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع القرضاوي 5
- حوار مع القرضاوي 4
- حوار مع القرضاوي 3
- حوار مع القرضاوي 2
- حوار مع القرضاوي 1
- نفاق الطبقة السياسية الجزائرية
- خرافة التوفيق بين العلم والإيمان
- قمة الخداع والانتقائية في الفكر الإسلامي (تتمة)
- قمة الخداع والكذب والانتقائية في الفكر الإسلامي
- هل للمرأة حقوق في شريعة الإسلام؟
- أيهما الأكثر إبداعا: الرجل أم المرأة؟
- الفكر الإسلامي بين التحايل والخداع والسذاجة 9: محمد الغزالي ...
- الفكر الإسلامي بين التحايل والخداع والسذاجة 8: محمد الغزالي ...
- الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتحايل والسذاجة 7: محمد الغز ...
- الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتحايل والسذاجة 6: محمد الغز ...
- الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتحايل والسذاجة 5: محمد الغز ...
- الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتحايل والسذاجة: محمد الغزال ...
- الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتحايل والسذاجة: محمد الغزال ...
- الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتحايل والسذاجة: محمد الغزال ...
- الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتضليل والتحايل الساذج: محمد ...


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف بمناسبة 1 أيار 2010 - المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي - عبد القادر أنيس - إلى ذكرى رفيقي النقابي ن ف.