أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ثقافة البازار.. أقوي من مدافع آيات الله














المزيد.....

ثقافة البازار.. أقوي من مدافع آيات الله


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 911 - 2004 / 7 / 31 - 11:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


»يا فاطمة.. يا وجيهة عند الله.. اشفعي لنا عند الله«
هذا هو الشعار الذي يخطف بصرك بمجرد ان تطأ قدمك مطار طهران، حيث تجده اينما يممت وجهك باشكال وأحجام مختلفة وبعد ان تخرج من المطار الذي يعج بالازدحام الخانق تجد نفس الشعار يرتفع بصياغات مختلفة علي جانبي الطريق وفوق المباني الحكومية والمنازل الخاصة علي حد سواء.
ولن تحتاج الي سؤال احد لانك ستدرك علي الفور ان المقصودة هي السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبي محمد (صلي الله عليه وسلم).. وان هذا الاحتفاء بها هو جزء من الاحتفاء العام والاستثنائي بآل البيت عموما، حيث يعتبر عيد ميلاد كل منهم (ومنهن) وذكري وفاته (أو وفاتها) مناسبة غيرعادية يشارك الملايين في الاحتفال بها.
والأمر الذي يضاعف إحساسك بهذه الظاهرة انها تجري في امة تضع العمامة علي رأسها منذ ثورة الخميني وتتسربل نساؤها بالحجاب، حتي لو لم تكن تلك الآنسات والسيدات ينتمين الي البلاد الايرانية او الديانة الاسلامية.
والمدهش ان يسري هذي الحجاب »المفروض« في بلد بالغ التنوع حيث يشكل الفرس 51% من سكانه والأزريون 24% والجيلاكي والمازانداراني 8% والاكراد 7% والعرب 3% واللور 2% والبلوخ 2% والتركمان 2%.
ورغم ان الشيعة المسلمين يمثلون الاغلبية بنسبة 89% توجد اقلية سنية ليست قليلة الشأن تبلغ نسبتها 10%، والواحد في المائة المتبقية تتوزع بين الزروشتيين واليهود والمسيحيين.
وهذه الجماعات العرقية المتعددة تتحدث بلغات عدة ايضا حيث يتحدث بالفارسية 58% من السكان و26% يتحدثون بالتركية ولهجاتها، و9% يتحدثون بالكردية و2% باللغة اللورية، و1 % يتحدثون باللغة البلوخية، و3% يتحدثون بلغة الضاد.
كل هذه التعددية لا تجدي امام واحدية الحجاب وفرضه علي الجميع بلا استثناء.
لكن الطريف ان هذا الحجاب الاجباري بدأ يأخذ اشكالا »معدلة« و»معتدلة« ولم يعد مقتصرا علي العباءة السوداء التقليدية التي لا تكشف سوي الوجه وربما اطراف الاصابع فالبنات يتبخترن بأزياء »ملونة« تقتفي أثر خطوط الموضة في كثير من الأحيان علي آخر صيحة لكنها تصاحب غطاء رأس »متساهل« يمكن أن ينحسر في دلال ليكشف خصلات من الشعر الجميل.
ويصل »التساهل« إلي ما هو أكثر من ذلك حيث أصبح بإمكان الفتيات والسيدات استخدام مستحضرات التجميل، كما أصبح بإمكان بعض »الشجعان« من الفتيان والفتيات أن يسيروا في الشوارع العمومية متشابكي الأيدي، وهو أمر كان في عداد المحرمات من قبل.
وأنا شخصياً ليست لدي مشكلة مع الحجاب من حيث المبدأ، بدليل أني والد لابنتين رائعتين إحداهما محجبة والثانية ليست كذلك.
بمعني أنني لا أجد مشكلة في الحجاب، أو اللاحجاب، طالما كان ارتداء الحجاب أو نبذه نابعاً من مشيئة حرة، وليس مفروضاً من سلطة خارجية، دينية كانت أم مجتمعية.
ومع عدم استساغتي لفرض الحجاب في بلاد الفرس، وغيرها، علي جميع خلق الله، باعتباره القشرة الخارجية لفرض سلطة دينية علي المجتمعات، التي هي بطبيعتها »دنيوية« في معظم شئونها ومتطلباتها.
ورغم نفوري من الخلط بين الدين والسياسة عموماً..
.. فإن الانتقال من السطح إلي العمق في هذا المجتمع الإيراني بالغ الثراء كفيل بأن يلفت النظر إلي حقيقتين أساسيتين:
الأولي: هي ان »ثقافة البازار« هي الأقوي في إيران بصرف النظر عن شكل الحكم القائم فيها، وسواء كان الجالسون علي »عرش الطاووس« هم أبناء »الشاهنشاه« أو »آيات الله«.
فالبازار هو الحقيقة الجوهرية، وهو بدوره يفرز سلوكاً »براجماتياً« في السياسة الخارجية والداخلية بصرف النظر عن الشعارات التي يرفعها أهل القمة.. علمانيين كانوا أو رجال دين.
الحقيقة الثانية: ان العمامة والحجاب، رغم شيوعهما وفرضهما بالقوة، لا يعنيان »دروشة« الدولة والأمة، ولعله يمكن القول إن العمامة والحجاب في إيران هما علي الرأس فقط وليسا علي العقل.. والدليل علي ذلك اننا نجد أنفسنا في مواجهة دولة وأمة لديهما مشروع »قومي« و»عقلاني«.. وفي إطار هذا المشروع المتماسك استطاعت سلطة »الملالي« ـ رغم التحفظات المبدئية علي مسألة ولاية الفقيه وعلي الخلط بين الدين والسياسة وعلي تفاصيل كثيرة في السياسة الخارجية والداخلية ـ استطاعت هذه السلطة منذ عام 1979 ان تحقق إنجازات مهمة لا ينبغي التقليل من شأنها.. وهي إنجازات مكنت طهران من أن تحقق معدل نمو حقيقي وصل إلي 9.7% وهو رقم قياسي بكل المعايير، فضلاً عن معدل نمو يبلغ 6% لثلاث سنوات متعاقبة. وهذا النمو يرتكز علي معدل نمو في المنتجات الصناعية يبلغ 4.46% ويكفي أن نعلم أن إيران تنتـج سنوياً ما يقرب من مليون سيارة.. والأهم أن 80% من مكونات هذه السيارات إيرانية والأخطر أن المحركات من بين هذه المكونات المحلية.
ونتيجة لذلك وصلت الصادرات الإيرانية إلي 25 مليار دولار العام الماضي.
هذه المؤشرات.. وتلك الأرقام.. تقودنا إلي الانتباه إلي عدم التلكؤ طويلاً أمام العمامة والحجاب والنظر بإمعان إلي المشروع القومي والعقلاني لتلك البلاد التي كانت مهداً لواحدة من الحضارات الأكثر عراقة في العالم.
ويبدو أن القوي الدافعة لهذا المشروع القومي والعقلاني أقوي من كل الاعتبارات الأيديولوجية وغير الأيديولوجية.
ويبدو أيضاً أن الصراع الدائر في طهران بين »المحافظين« و»الإصلاحيين« مؤشر علي أن الحضارات الكبري لا يمكن تكبيلها بعباءة حتي لو كانت موشاة بالذهب.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مـجمــوعـة الـ 15 تستـعـد لإحيــاء روح بانــدونــج
- النـكــوص الـديمقــراطي
- مؤتمر طهران يفتح النار على منظمة التجارة العالمية
- حكاية الصحفيين مع وزارة نظيف.. وكل حكومة
- صـديـق إسـرائيـل يحـاكـم صـدام حســين
- لماذا هذا التلذذ بحبس الصحفيين؟!
- الـــوفــــد
- الصحفيون ليسوا قضاة.. لكن الوزراء ليسوا آلهة
- !استئصال الناصريين
- العرب مذلون مهانون فى قمة الثمانية الكبار
- مكسيم رودنسون .. مفكر وضع أصبعه فى عين - حكيم أوروبا -
- شاهد عيان فى عنبر المعتقل وبلاط صاحبة الجلالة - شهادة مقدمة ...
- لماذا أصبحت الطبقة السياسية سميكة الجلد؟!
- خصخصة حق تقرير المصير.. هى الحل
- مهرجان »كان« السينمائي أهم من قمة تونس العربية
- يحيا العدل.. الأمريكي !
- اكبــر ديمقـراطيـة .. فى بـــلاد تركب الأفيــال
- الغضب .. أفيون العرب!
- جــريمـــــة الـقــــرن الحــــادي والعشـــــــرين
- الــــــورطــــــــــة !


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ثقافة البازار.. أقوي من مدافع آيات الله