أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جمال المظفر - عبدالله ..لايخشى عباد الله !!















المزيد.....

عبدالله ..لايخشى عباد الله !!


جمال المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 2991 - 2010 / 4 / 30 - 23:43
المحور: كتابات ساخرة
    


عبدالله مواطن مغلوب على امره دفعته الظروف السياسية والاقتصادية الى مغادرة بلده لان الطغاة يرفضون توجهاته السياسية والفكرية ، حتى ولو كانت في الاحلام ، فمن يحلم بالتحليق عاليا واشاع رؤياه لاصدقائه ووصل الخبر الى الوالي وحاشيته فانه يحاكم بتهمة الشروع بانقلاب عسكري والتآمر على الامن والسلم العالميين ، لانه لو لم يكن يفكر بهذا الامر لما انعكس على صورة حلم في المخيلة ، فهناك توافق مابين الشعور واللاشعور ..
استلف عبدالله اجور السفر من اصدقائه لانه لايملك قوت يومه وشد رحاله الى بلاد الله الواسعة ، متنقلا مابين رصيف ورصيف ، ومابين مقهى ومقهى وشحططه في حافلات النقل العام والدوران في الازقة بحثا عن عمل يؤمن له قوت يومه ، يشطر رغيف الخبز الى نصفين ليكفيه وجبتين وان انقطع شسع نعله خاطه وان تهرأت ملابسه الداخلية رممها ورقعها فلا احد ينظر الى مابالداخل ، الكل عليه بالظاهر ، الا من يرتاد المناطق ( الواطية ) فان ملابسه الداخلية ترى بالعين المجردة لابالتخيل ...
مرت السنين وعبدالله هو عبدالله المؤمن الصابر المكابر يعمل ليل نهار من اجل لقمة العيش ، مرة عتالا وتارة نادلا وان افتقد الى عمل التهى بفتل شواربه فهي ايضا مهنة من لاعمل له اسوة بالمثل الشعبي ( الماعنده شغل .....!!) وكلما جلس لوحده حلم بالعودة الى احضان الوطن ليعتذر الى اصدقائه الذين اقرضوه مالا حسنا وصبروا عليه طويلا ولم يطالبوا بالدين بل كانت اعينهم على عائلته يمدون لها يد العون كلما احتاجت الى معونة ...
عبدالله المؤمن الصابر المكابر تحقق حلمه بعد سنين طويله بالعودة الى دياره بعدما انهار الطاغوت بقدرة قادر ، يحمل (شنطته ) المرقعة التي خرج بها لانها تمثل الم الغربة ومرارتها وفيها ملابسه ونعله ، لم يكد يصدق انه يسير في بلده دون هراوة السلطة اوعفرتة الرفاق ، رمى عبدالله كل مايملك في النهر ، ابتداءً من فردتي نعله وجواريبه المرقعة وملابسه الداخلية وراح يحلم بنعيم الحياة والصعود الى الواجهه السياسيه ، ولكنه ما ان يتوسد رأسه المخدة ويدخل في قيلولة حتى تراوده الاحلام المرقعة اسوة بالجواريب المرقعة ، يفز مرعوبا من تلك الرؤى الشيطانية وكانها ماركة مسجله لصقت به ، فاحلام النوم ليست كاحلام اليقظة يمكن السيطرة عليها او الغاء بعض المشاهد منها ، بامكانك ان تصبح ملكا بمجرد اطلاق العنان للمخيلة اوان تعاشر امرأة جميلة اوان تكون مليونيرا ، اما احلام النوم ( اللاشعورية ) فانها كارثية ودائما ماتكون حقيقية تتحقق بعد فترات ربما تكون قريبة او بعيدة بعض الشئ ..
الصدفة وحدها قادت عبدالله الى ان يكون سياسيا باعتبار انه ناضل وتحمل مرارة الغربة ولوعة الارصفة وضيق الحال ، وما على من يدخل المعترك السياسي الا ان ينزع جلده ليكون سياسيا ، ويومها تبدل عبدالله المؤمن الذي يخاف الله الى عبدالله الذي لايخشى عباد الله ، وباتت الارض لاتسعه ، ينظر الى العامة من علو ، كلما حاول ان يعيد ترتيب نفسه الى ماقبل التغيير تأبى النفس الامارة بالسوء وتأمره بان يكون الامر الناهي المتكبر ...
عبدالله لم يعد عبدالله ، بات يحيا حياة الاباطرة ويرمي في سلة النفايات مايحلم به العامة ويوزع الصرماية على الافاقين والمنافقين ومن يصدحون باغاني التبجيل والتمجيد ، وان مشى فعلى عباد الله ان يخروا له سجدا وان يكتموا انفاسهم ويشدوا احزمتهم ، ورغم ان كل بني البشر هم عبيد الله الا ان كل عبد له منزلة عند الوالي ، الاقربون ثم الاقربون ثم الحاشية ثم المداحون والطبالون والزمارون والمهلهلون والرداحون والمتزلفة والى اخر القائمة التي تحظى بالرعاية الملكية ...
عبدالله الذي يخاف الله بات لايخشى عباد الله ، ولايستمع الا لمن يكبره ويعلي مكانته ومن يوعظه فكأنما انزل غضب السماء عليه ، ان قال له رفاقه احذر الحاشية صم اذنيه وادعى الطرش ، بل تحامق عليهم وقاطعهم لتصوره ان هؤلاء يريدون التفرد به لابعاده عن حاشيته لغايات اخرى لالغرض النصيحه .
عبدالله الذي لايخشى عباد الله بات يخشى النوم ، لانه كلما وضع رأسه على المخدة طاردته الاحلام النصائحيه والمواعظيه والتي يعدها كوابيس ويفز مرعوبا وكانما ( جيثوم ) نام على صدره ..وفي يوم ما جاءه ملك رباني مع اول قيلولة تسربت الى مخيلته ..
الملك : عبدالله اصح الى نفسك ، فالرفعة والسمو في الاخلاق لافي التكبر والتطاول على الاخرين ..
عبدالله: لم اعد قادرا على ثني نفسي ، فهي التي تقودني ، وانت تعرف ان النفس امارة بالسوء.
الملك : اصلحها ، بدينك لابدنياك ، وعمد دنياك بآخرتك لابمؤخرتك ، واصلح نفسك بصالح الاعمال لابفسادها..
عبدالله: الغربة وضيق الحال علماني القساوة ،وقد كنت عبدالله الذي يخشى الله وعباده ولكن كانت حياتي بائسة ومعطله ، اتوزع على الارصفة والتحف الجوع واتدثر بالاحلام .
الملك : من يخشى الله يخشى عباد الله ، لان صورة الله في خلقه ، ارجع الى جلدتك ولاتلبس عباءة اكبر من قامتك ..
عبدالله: يأكلونني ، ويستغلون ضعف العاطفة ورقة الاحساس ، والسياسة تلبسني ثوب الغلظه.
الملك : الغلظة امام الظالم لاعلى المظلوم ، تمنى ان تكون دائما مظلوما لاظالما ياعبدالله ..
عبدالله: وهل بامكان المظلوم ان يكون قائدا ، فكيف بامكاني ان استل سيفي وغمدي اجرب....
الملك : الحكمة لغة العدل ، والسيف لغة الضعيف ، المستبد ، المتعالي ، الاحمق ، سيفك لسانك وعقلك بصيرتك وتواضعك ...
عبدالله : لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم ، ماهذه الكوابيس التي تلاحقني ليل نهار ..
الملك : ياعبدالله هذه ليست كوابيس انها صحوة الضمير وخطاب الذات العليا ، هي اضاءات ربانيه ، لولم يريد الله اصلاحك لما بعث لك ملكا يوقظك من جبروتك ويوصيك بعباده خيرا ، ولانك كنت عبدالله الذي يخشى عباد الله فانه اراد تذكيرك ، عسى ان نفعت الذكرى ..
فز عبدالله مرعوبا من تلك الرؤيا وامتطى جبروته ، وراح يقسم ان تلك الرؤى لم تكن غير كوابيس واضغاث احلام ، لكنه نسي ان الملائكه والاولياء والصالحين لايأتون بهيئات تخالف هيآتهم الحقيقية ، لم تنفع معه الذكرى ولاالنصح ، ومنح بقدرة قادر لقب ( عبدالله الذي لايخشى عباد الله ) وبات لاينام ابدا كي لاتراوده الكوابيس الربانيه ...
انه مجرد حلم سطرته المخيلة في زمن ما ، لرجل يدعى عبدالله كان في يوم ما يخشى عباد الله ...



#جمال_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دماء الشعب لاتعوض بنكتة سياسيه
- انسى العالم كله
- تشكيل ام ترقيع الحكومة
- دولة المؤسسات ام دكاكين الاحزاب
- التلويح بالملف الامني
- عراقيوود ... بدون خدع سينمائية ..!!
- افرازات الانتخابات
- العبوا بعيدا عن مقدرات الشعب
- اين كانت برامجكم الشعاراتية ؟
- عرس ام معركة انتخابيه
- حملة كبرى للوعود لاللبناء والاعمار
- شقاوات السياسة ... واللعب بالنار
- باسم الله ... شرعنوا الحواسم
- الصراع السياسي الى اين
- عندما يحترم المسؤول شعبه
- عروش وكروش وانقلابات
- لعبة كسر العظم
- احذروا الماركزيلات
- هواة الجعجعة
- انكسار الذات في القص النسوي


المزيد.....




- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جمال المظفر - عبدالله ..لايخشى عباد الله !!