أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف بمناسبة 1 أيار 2010 - المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي - ساطع هاشم - اللون الاحمر و العلم الاحمر















المزيد.....

اللون الاحمر و العلم الاحمر


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 2990 - 2010 / 4 / 29 - 16:32
المحور: ملف بمناسبة 1 أيار 2010 - المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي
    


الاحمر من الالوان الاساسية التي استعملها الانسان بغزارة , في الفن والمعمار والاقمشة وعموم مواد حياته اليومية التي شكلت ثقافته وعاداته وتقاليده ورموزه عبر التاريخ , وكان له تأثير نفسي واخلاقي في الحضارات كلها وان اي دراس جاد لتاريخ هذا اللون سيكتشف التناقض الحاد في مغزاه ووظيفته عبر العصور حيث تتغلف بداخله ازمات حياة الانسان نفسه عبر الزمن والحضارات وتناقضاتها الازلية .
وفقا لنظرية– برلن و كاي - المصطلحات الاساسية للون – وهي الدراسة الشهيرة التي اجراها هذان الباحثان الامريكيان في علم اللغة على مجموعات من الناطقين ب (98) لغة في سنة 1969 وقد أيد صحتها وعلميتها الغالبية الساحقة من المختصين– فأن الاحمر هو المرحلة الثانية من مراحل تسمية الالوان في اللغات البشرية كلها بعد المرحلة الاولى - ثنائية الاسود والابيض (الغامق / الفاتح – المعتم / المضئ) .
استخدمه انسان عصر الصيد /السحر ( العصر الحجري القديم والوسيط ) بكثرة في الرسومات على جدران الكهوف وطلاء الاجساد اثناء الطقوس السحرية وتلوين ادوات صيده بأعتباره لونا مقدسا وأحد اسباب ذلك هو تكنلوجي بحت لسهولة استخراجه وصناعته من ثالث اوكسيد الحديد ( مواد معدنية صخرية او طينية ) لتوفره في كل بقاع الارض .
من اشهر الامثلة التي بحوزتنا من تاريخ الفن عن اللون الاحمر ومكانته الرمزية في المجتمع , هو طريقة استعماله في اليونان القديمة وثم في روما القديمة حتى القرن الخامس الميلادي للتمييز بين الطبقات . فقد كان الاباطرة الرومانيون يستعملون اللون البنفسجي المحمر (المائل الى الاحمر ) في ملابسهم او ديكورات منازلهم كعلامة على الملكية والسلطة , وكانت قوانين روما قاسية وحادة في منع الناس العاديين من ارتداء الملابس بالالوان الملكية وكانت الاصباغ التي تستعمل في تلوين تلك الملابس تستخرج من اصداف بحرية تكثر في سواحل لبنان حاليا , وقد برع الفينيقين في صيدها وتصنيع الاصباغ منها وتصديرها باسعار غالية .
اما اللون الاحمر القاني فهو للطبقة في المرتبة التالية مثل القادة العسكريين والقضاة والنبلاء والاخرين . وفي السلم الهرمي للالوان في روما يقف البنفسجي المحمر في اعلى الهرم يليه الاحمر , وفي قاع الهرم يقف اللون الازرق الذي كان يمثل لون العبيد , وهذه عادة ورثها الرومان من الاغريق وبقيت مستمرة في اوربا حتى القرون الوسطى حيث تبدل الجو الثقافي والديني العام , فقفز الازرق الى قمة الهرم واصبح يمثل لون العذراء باعتبارها ملكة السماء , اما بقية الرسُل فقد ألبسوا الملابس الحمراء , ثم اصبح الازرق لون البروتستانت في القرن السادس عشر وفيما بعد لون الاغنياء واصحاب السلطة , وحاليا فهو لون احزاب اليمين والمحافظين .
ولاتوجد لدينا دراسات قيّمة تعطينا فكرة عن التسلسل الهرمي للالوان(ان وجدت) ومكانتها في معتقدات العراقيين القدامى ورمزيتهم , نظرا لاندثار الاصباغ التي كانت تُطلى بها التماثيل وتَلف الملابس والسجاد , ولكن علاقتهم بالمعنى الرمزي مختلف تماما عن اليونانين والرومان وذلك اعتمادا على العدد القليل من اعمال الفخار والطابوق المزجج التي وصلتنا والموزعة في العديد من متاحف العالم فهي تعطينا فكرة مختلفة تماما عن ما هو مألوف في التاريخ الاوربي , فمكانة اللون الازرق مثلا لم تكن محتقرة قطعا وفقا للشواهد الباقية , والاحمر لون اساسي في الشعائر والطقوس ورموز الالهة وربما كانوا مثل قدامى المصريين الذين جعلوا الاحمر رمزا للاله اوزريس وعشقوا الازرق .
والاحمر في معتقدات شعب الانكا في امريكا اللاتينية كان رمزا للحياة والموت على حد سواء وكانوا يرمزون الى قوميتهم وجيشهم وملوكهم في خيط احمر ذا عقدة في احد نهاياته يحملونها معهم .
وفي الفترة الاسلامية كان عَلم الخوارج احمر , وكان امراء فارس يرتدون القلنسواة الحمراء وحذا الاتراك حذوهم .
على ان هذا اللون قد اكتسب مكانة خاصة في الصراع الطبقي في العصر الحديث ومنذ الثورة الفرنسية سنة 1789 تحديدا والى الان , وذلك بفضل ارتباطه كرمز بنضال اليساريين والاشتراكيين المستمر .
كان اللون الاحمر او قطعة القماش الحمراء المرفوعة تستعمل قبل الثورة في فرنسا كاشارة على وجود خطر او علامة تحذيرية للتوقف وعدم اجتياز الحواجز , وبالضبط كما تستعمل الاضوية الحمراء في الشوارع في وقتنا الحالي , وفي اكتوبر من سنة 1789 اقرت الجمعية الوطنية قانونا يقضي برفع العلم الاحمر من نافذة المجلس البلدي وفي تقاطعات الشوارع في حالة حدوث اعمال شغب وتجمعات مخلة بالامن العام , وفي حالة رفعه فان كل التجمعات تعتبر غير قانونية وعلى الشرطة اتخاذ الاجرائات اللازمة , فتحول العلم الاحمر شيئا فشيئا الى رمز للتخويف وحالة الطوارئ , لكن ذلك لم يستمر طويلا , ففي 17/تموز/1891 القي القبض على الملك بينما كان يحاول الهروب واعيد الى باريس .
وعلى اثر ذلك دعى الجمهوريين انصارهم للتجمع والتوقيع على عريضة تطالب الملك بالتخلي عن السلطة , فحضر جمع غفير من الناس , وسادت المكان فوضى واضطراب خلال عملية التوقيع , رفع على اثرها عمدة باريس جين سولفيان العلم الاحمر مطالبا الناس بالتفرق فورا , وقبل ان يتمكن الجمهور من المغادرة اطلق الحرس الوطني الرصاص وقتلوا حوالي خمسون شخصا , فاصطبغ العلم الاحمر بدمائهم واصبحوا شهداء الثورة , ومنذ ذلك اليوم صار العلم الاحمر رمزا للمضطهدين والثوار المستعدين للانتفاض ضد كل الطغاة , واصبح العلم الاحمر بمضمونه الجديد هذا شعارا رفعه الثوار الفرنسيون في ثوراتهم وانتفاضاتهم اللاحقة كلها , ( خص فيكتور هيجو العلم الاحمر في بضع صفحات في روايته الشهيرة – البؤساء -) , الى جانب العلم الاحمر , كان العلم ثلاثي الالوان الفرنسي (ازرق , ابيض , احمر ) يرفع بالتظاهرات والاحتجاجات ايضا باعتباره العلم الرسمي للامة .
وكاد العلم الاحمر ان يصبح علم فرنسا في حالتين , الاولى سنة 1848 عندما طالب المنتفضين الحكومة بان تتبناه كعلم يمثل الفقراء وعامة الشعب على النقيض من العلم ثلاثي الالوان الذي يمثل الجانب الاخر , الرأسماليين /البرجوازيين/الاعيان وغيرهم من ممثلي طبقات السلطة , لكن وزير الخارجية لامارتين القى خطبة قومية حماسية طنانة انهت الجدل لصالح العلم الثلاثي .
والثانية في ربيع 1871 عندما رفع عمال باريس علمهم الاحمر رمزا لدولتهم الجديدة فوق مبنى بلدية باريس , لكن انكسار الكومونة بعد شهرين حال دون ذلك فتحول منذ ذلك الحين , من علم يمثل عمال فرنسا وثوارها الى رمزا وشعارا عالميا لكل الثوريين بالعالم ومازال هكذا حتى يومنا هذا .



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ازدهار العلم وانحطاط العراق الحديث
- سباق الجرذان في العراق
- مالذي يبحث عنه الفنانون في غابة السماسرة والوحوش
- بقايا سلالات البرابرة في العراق
- شباط الاسود....اعادة جديدة لدروس قديمة
- الديني والدنيوي والجهل كسلاح
- تقوى الله سوقٌ لاتبورُ
- يتشبه الطاغي بطاغ مثلهُ
- انهم ذئاب فلا تكونوا خراف


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف بمناسبة 1 أيار 2010 - المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي - ساطع هاشم - اللون الاحمر و العلم الاحمر