أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عهد صوفان - الدين عندما يعتدي على الوطن















المزيد.....

الدين عندما يعتدي على الوطن


عهد صوفان

الحوار المتمدن-العدد: 2989 - 2010 / 4 / 28 - 22:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



الوطن شيء والدين شيء آخر.الوطن مكان ووجود يحتضن البشر, يأويهم ويحنو عليهم كأبناء له يطعمهم من خيرات أرضه ويسقيهم ماءه. يجمع أفراحهم ويزرع فيهم الذكريات والأحلام , ويسجّل لحظات حياتهم في ذاكرته لأنهم صاروا جزءاً من ترابه وأشجاره وسمائه..
أما الدين فهو اعتقادٌ, هو فكرٌ, نقبله اليوم وقد نرفضه غداً.. هو شيءٌ آخر يجمع أبناء الاعتقاد الواحد فقط. أما الوطن فهو الجامع لكل أبنائه في كلّ معتقداتهم. هو الأوسع والأشمل.. ولا يجوز أن نقارن بين الإثنين. فكيف إذا اعتدى أحدهما على الآخر؟. الدين عندنا اعتدى على الوطن وجعله جزءاً منه. فصار الوطن رهينة بيد رجل الدين وبيد المقدّس القادم من السماء...صار اسم الوطن مستمدّ من الدين, وكينونة الوطن هي من كينونة الدين. وأصبح الدين هو الكلّ والوطن هو الجزء..
ماذا يمنع أن يكون الوطن حاضناً للجميع بكل اعتقاداتهم ومذاهبهم وبعدالة ومساواة بعيداً عن العدد واللون والنسب؟؟ ولماذا يفرض الدين على الوطن التشريع والقوانين والعادات والسلوكيات – يفرض اللباس – وطريقة الزواج – وطريقة الكلام ووو..
الدين الإسلامي عندنا احتلّ مساحة الوطن كلّها وسمى الوطن باسمه وسمّانا نحن البشر باسمه وفرض على الجميع أن يقبل به الحاكم الأوحد والآمر الأول, فما يقرره رجاله مطاع لأنه منزل من السماء. ضاعت هوية الإنسان عندنا لأن الدين احتلّ عقل الإنسان وصار الموجّه والآمر. وليس للإنسان رأي أو قرار, بل ينفّذ ما أمر به...
وهنا يصبح الوطن رهينة لقرار رجل الله, وتصبح حروب رجل الدين هي حروب الوطن, وغزواته هي غزوات الوطن, يقتل باسم الوطن. يأخذ الوطن إلى أين يشاء و حيثما يشاء, فتضيع هوية الوطن وتندثر تحت رايات الصراعات الدينية وما تجلبه من مصائب وويلات وحرق وتدمير وخراب..
يتحول الوطن إلى أسير وجريح. لأنه عندما تسقط ثقافة المحبة والأخوّة بين أبنائه, تسود ثقافة الاحتلال والاستباحة ويتحول الوطن إلى أرض معركة, المنتصر فيها يفرض ثقافته ورأيه ويتصلّت باسم القوة وباسم المقدّس الذي يعتقد به, والذي باسمه يأمر والآخر يطيع...
واليوم كما في السابق جيوش الله تصول وتجول باحثة عن انتصار ترضي به الله المتشوّق للنصر المبين, والذي صار مالكا لمؤسسة عسكرية كبيرة, فيها الجيوش الكبيرة التي تملكها الدول, و جيوش المذاهب الدينية, كجيش حزب الله الذي يقاتل الاستكبار العالمي, وجيش القاعدة الذي يقاتل الطغاة, وجيش المهدي الذي يقاتل الاحتلال, وجيش حماس الذي يقاتل الصهيونية, وجيش الجهاد وجيش التكفير والهجرة وجيش الرسول وو... وقاعدة اليمن وقاعدة السعودية وقاعدة المغرب وو.. وخلايا هنا وخلايا هناك. تدرّب المقاتلين وتعدّ الرجال لحروب العصابات وقتال المدن والشوارع والحروب الليلية والنهارية. الحروب الخاطفة والتفجيرات الانتحارية . آلاف الجيوش في بلادنا تستعدّ للقتال , تنتشر في كل مكان. وصلت الى كل الدول بأسماء أحزاب دينية وخلايا يقال عنها نائمة تستيقظ في الوقت المناسب وبأمر من الله لتفجّر نفقاً أو طائرة أو حافلة, أو تستهدف السياح أو الجسور أو أي مكان يلهمهم الله أن يفجروه, لأن الله كتب وقدّر وحدد. وما عليهم سوى التنفيذ بما أمروا به..
الله الذي أقام هذه المؤسسة العسكرية الكبيرة أقام أيضاً مؤسسة مدنية دينية تملك الاعلام والتعليم تساعد في نشر العقيدة والتمسك بها عن طريق جيش من العلماء ورجال الدين الساعين لأسلمة كلّ القوانين والتشريعات وفرض آرائهم على الجميع..
إنها فعلاً مؤسسة كبيرة يقودها الله. حيث صارالله حاكماً فعلياً وقائداً عسكرياً وليس إلهاً لجميع البشر. والدين لم يعد فكراً وثقافةً وأخلاقاً. لم يعد علاقة روحية مع الله بل علاقة مقاتلين مع قائدهم..
والضحايا هم الأقلّ عدداً, هم المسالمون الذين يتعرضون للتمييز والعذاب, فيبدأ مسلسل التهجير والنزوح عن الوطن, ومعها تبدأ مسيرة العذاب لمن ولدوا وتربوا وعاشوا في وطنهم, يرحلون عنه طلباً للأمان وللقمة العيش. لأن وطنهم مستباح من رجال الله الذين لم يدركوا أن الوطن هو بيت لجميع أبنائه. هو منهم وهم منه. حدود الوطن تنتهي عندما يفقد الوطن معناه ودوره.. فيتحول لمجرّد مكان, لمساحةٍ من تراب. فتموت الذكريات ويموت الإنتماء...
ويكبر الألم في النفوس, ويكبر الحقد والكراهية التي تحوّل الحياة إلى مأساة تكبر يوماً بعد يوم,لتكون حاجزاً أمام تقدّم وازدهار الوطن.لأنه أصبح مسرحاً لمعركة وليس مكاناً للحبّ والتعاون..
هكذا تصبح الحياة عندما يتحول الدين إلى سيف مسلّط, وجيشٍ غازٍ,ورجالٍ وعضلات, وأوامر منزلة لا نقاش فيها ولا رأي. فهي ثوابت مقدسة ومطلقة...
هذا الكلام ليس افتراء أو تحليل, بل حقيقة وقصص من الواقع, لا من الخيال. قصص محفورة في وجدان المهاجرين من أوطاننا الذين غصّت بهم شوارع وأرصفة العالم وهم يحملون ذكريات العذابات والإضطهاد. تم اقتلاعهم من أوطانهم ومن جزورهم لأن جيوش الله رفعت راية الدين الجديد الذي نسخ كلّ الأديان السابقة. واعتبر المخالفين أهل ذمّة وكفّار..

بُعثت بالسيف بين يدي الساعة...
وجُعل رزقي في ظل رمحي...
أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. فإذا فعلوا عصموا منّي دماءهم وأموالهم.
قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ .

هاجروا بالملايين خوفاً على حياتهم وحياة أطفالهم, وهروباً من السيوف المسلطة فوق أعناقهم ومن التمييز ضدهم. هاجروا وكلّ واحد يحمل آلامه وجراحه, مشرّداً وتائهاً في هذا الكون, لا أحد يسمع شكواه وأنينه وإن تكلّم اليوم اتهموه بالعمالة والخيانة. طُردوا وعليهم أن يقبلوا الوضع الجديد. بعضهم حاول نسيان الماضي ونسيان الوطن, لكن الذكريات لا تنته إلا بالموت, وآخرون تمسكوا بالوطن في صدورهم وعقولهم وهم ينظرون من بعيد بحسرة وألم ودموع, لأن الوطن صريع ومقتول والقاتل هو إنسان يتكلّم باسم الله ويتوكل على الله ويقتل باسم الله.
سادت سلطته أرجاء الوطن وامتدت خارجه أيضاً. زرع الرعب في العالم, وهدد وتوعد بموت آخر وقتل آخر.. وقال بأنه سيرفع رايته فوق كلّ الأرض, هكذا هدد والمسألة فقط مسألة وقت. هكذا قدّموا لنا الله............



#عهد_صوفان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمة القراءة لا تقرأ - أمة اللسان
- ألم يحن الوقت لندرِّس وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟
- الوثيقة العمرية - وثيقة الخليفة العادل
- هل السياسة فن الكذب أم أنها جوهر الصدق
- لماذا الاقتراب من الدين خط أحمر؟؟
- الخوف من سلطة الله وسلطة النظام
- انفصام أم انسجام ما بين الوطن والدين والنظام
- من يجيد قراءة التاريخ يكتب المستقبل
- أكذوبة اسمها العروبة 3
- إلى وطني الذي أُحبّ
- المرأة في النصوص المقدسة..الوجه الآخر
- المرأة قصة قهر و ظلم طويلة
- كل شيء عندنا مقدس
- كذبة اسمها العروبة 2
- اكذوبة اسمها العروبة 1
- الكتابة ليست ترفاً فالكتابة كلمة والكلمة بداية
- الغزوات الاسلامية قراءة أخلاقية
- أيديولوجيا الفساد بين القبلي والديني
- رسالة إلى وطني
- الناسخ والمنسوخ في القرآن


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عهد صوفان - الدين عندما يعتدي على الوطن