أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي سعد - نحو إعادة تشكيل اليسار الدرزي














المزيد.....

نحو إعادة تشكيل اليسار الدرزي


مهدي سعد

الحوار المتمدن-العدد: 2989 - 2010 / 4 / 28 - 09:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمر الطائفة الدرزية في إسرائيل بفترة بالغة الحساسية والدقة نتيجة التحولات العديدة التي عصفت بها في السنوات الأخيرة على صعيد كيانها الداخلي وعلاقتها بمحيطها العربي والمؤسسة الإسرائيلية. ولا بد للمتابع أن يلاحظ مدى مفصلية وتاريخية هذه التحولات وقوة إسقاطاتها على واقع الطائفة ووضعيتها ضمن البيئة التي تعيش فيها. واللافت في الأمر أن اليسار الدرزي بقي عاجزًا عن قراءة التغيرات العميقة التي حدثت في بنية الطائفة ولم يستثمرها في صالحه، وأرجح أن هذا العجز يرجع إلى كون بعض القوى اليسارية ما زالت تحلل الواقع على أساس شعارات كانت قد حملتها في سبعينات القرن الماضي ولا تزال مصرة على صوابيتها وملاءمتها للمرحلة الراهنة.

ولعل أبرز تلك التحولات هي تصاعد النزعة الفاشية في صفوف الطائفة ككل وبين الشباب على وجه الخصوص، إذ يتبين لنا أن الأفكار العنصرية والشوفينية تأخذ طريقها في التغلغل لعقول الناس بوتيرة متسارعة. ولا شك أن الجهة الرئيسية التي تتولى نشر هذه السموم هي حركة الشبيبة الدرزية التي تضم في إطارها آلاف الشباب الدروز الذين تتم تنشئتهم فيها على ما تسميه "تطوير الوعي الإسرائيلي، حب الوطن والمواطنة الصالحة" حسب ما جاء في "أهداف الحركة"، بالإضافة إلى تشجيع الشباب على الالتحاق في الجيش الإسرائيلي. ويكفي أن نشير إلى أن رئيس هذه الحركة هو عضو كنيست عن حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يتزعمه أفيغدور ليبرمان، لنعرف مدى خطورتها على وضعية شبابنا ومستقبلهم.

من المعروف أن النزعات الفاشية تجاه المجموعات الأخرى لا بد في النهاية من أن تنقلب على المجموعة ذاتها وتزعزع بنيانها الداخلي، وهذا ما نلاحظه لدى الطائفة الدرزية التي ينتشر بين ظهرانيها العنف على مختلف أشكاله ولاسيما الاعتداء على الممتلكات العامة، حرق السيارات، إلقاء القنابل وإطلاق الرصاص الحي. ونسمع في الآونة الأخيرة عن ظهور عصابة تطلق على نفسها اسم "الكف الأسود" تأخذ على عاتقها مهمة القيام بأعمال إجرامية تطال كل من يخالف نظرتها المتخلفة للحياة. ولا شك أن المرأة هي الحلقة الأضعف في الدائرة التي تستهدفها هذه العصابة، إذ تقوم بإطلاق أحكام أخلاقية على النساء باسم الدين والعرض وتلجأ بموجبها إلى حرق سياراتهن بحجة حرصها على ما تسميه "كرامة الطائفة وشرفها".

والغريب في هذه المسألة أنها تلقى في غالب الأحيان الدعم والتأييد من قبل السواد الأعظم من المجتمع، الذي يضفي على تلك الممارسات البربرية نوعًا من الشرعية الدينية والاجتماعية، علمًا بأن الدين والقيم الإنسانية التي تربينا عليها يرفضان هذه الأشكال من السلوك الهمجي. وأميل إلى الاعتقاد بأن تمكن الأفكار الفاشية من اختراق "الوعي الدرزي" ناتج عن فقدان منظومة القيم الأخلاقية لدى شريحة واسعة من أبناء الطائفة، إذ يعاني الإنسان الدرزي في بلادنا من حالة ضياع على صعيد الانتماء إلى هوية واضحة المعالم، فلقد عملت السلطة على تفريغه من الشعور بانتمائه للعروبة كرافد ثقافي وحضاري يشكل عنصرًا هامًا من مكونات الهوية الدرزية ونجحت في ذلك. وفي المقابل طرحت السلطة مشروع "التدريز" لحصر المواطنين الدروز ضمن دائرة انتماء مغلقة على نفسها ومتعصبة لذاتها، إلا أن هذا المشروع لم يرتكز على أساس معرفي سليم ولم يكن الهدف منه سوى تجهيل النشء الدرزي بحقيقة أصله وانتمائه وتاريخه. والناتج الطبيعي من عمليتي "التفريغ" و "التدريز" هو البلبلة والفراغ وعدم الإحاطة بمكونات الذات ومميزات الجماعة.

كل هذا يحدث ويتعمق وسط غياب مشروع بديل ينقذ الطائفة الدرزية من حالة الضياع التي وصلت إليها، فاليسار الدرزي أخذ دوره بالتراجع ولم يعد يمتلك القوة النسبية التي كان يتمتع بها في السابق بعد أن استهدفته السلطة ومزقته وزعزعت وحدته فأصيب بخيبات عديدة أدت إلى انكفائه عن ممارسة الفعل النضالي المطلوب منه. من هنا تنبع الحاجة إلى إعادة تشكيل اليسار الدرزي من جديد ليتولى زمام المبادرة في طرح تصور حديث لوضعية الطائفة على ضوء التطورات التي حصلت في السنوات الأخيرة.

أعتقد أن هناك تيار يساري درزي آخذ في التبلور في أوساط عدد لا بأس به من الناشطين الدروز في الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني الفاعلة في صفوف الأقلية العربية في إسرائيل. ما يميز هذه النخبة المستنيرة عن "اليسار التقليدي" هو امتلاكها لثقافة أكاديمية عالية تمكنها من تحليل مجريات الأمور بمنطق علمي مغاير لما اعتدنا عليه من مقولات سياسية متقادمة. هناك أهمية كبيرة لتأطير هذه المجموعة في جسم واحد يأخذ على عاتقه تنفيذ مهمة إعادة تشكيل اليسار الدرزي ليلعب الدور المناط به على الساحة السياسية المحلية والقطرية. من هنا يجب أن نبدأ.



#مهدي_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو تنجيع أداء المعارضة الشفاعمرية
- قراءة في المشهد السياسي الشفاعمري
- عن الوطنية والمقاومة والإسلام السياسي
- لنجعل من احتفالات المئوية تظاهرة ثقافية مميزة
- لا بد من إرساء معادلة شفاعمرية جديدة
- الخلاف حول العطلة الأسبوعية هو نتاج لواقع طائفي مرير!
- حينما يتحول العنف إلى سلوك مبرر!!
- نحو تنشيط الحراك الثقافي الشفاعمري
- حول العلاقات المسيحية- الدرزية
- عن المسألة الطائفية مرة أخرى!
- في نقد اليسار الدرزي!
- نبني يسارًا جديدًا مع الجبهة
- الليبرمانية تشكل خطرًا على الديمقراطية الإسرائيلية!
- حمد عمار وخيانة الذات!
- ثقافة الحذاء!!
- نحو نهضة شفاعمرية حقيقية
- قائمة - دروز شفاعمرو- تستغل الدين لأهدافها السياسية !!
- الوحدة من أجل حشر قائمة -المستقبل- في الزاوية!
- لا مكان للمشاريع الأصولية الإسلامية في شفاعمرو!
- قائمة -مستقبلية- بمفعول رجعي !!


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي سعد - نحو إعادة تشكيل اليسار الدرزي