أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جاسم المطير - رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى خلفاء بغداد الثلاثة















المزيد.....

رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى خلفاء بغداد الثلاثة


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 2988 - 2010 / 4 / 27 - 18:18
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى خلفاء بغداد الثلاثة
تحيتي اليكم من ليل متشح بسواد الغربة :
بغداد عاصمة العراق ، هي دلالة حياة ستة ملايين إنسان ، تعيش على أرضية نابعة من مياه دجلة الخير ، لكن مركزيتها ظلت هشة منذ عقود عديدة ، بانتظار حكمة وشجاعة حكامها الثلاثة القيّمين على معاني وأهداف وطرائق حياة الملايين الستة . أتوق في رسالتي هذه إلى الحديث عن أصل مشاكل المدينة التي أصبحت اليوم غير متوهجة . لا تملك مكاتب أجهزتها رؤية عمرانية ، لا قريبة المدى ولا بعيدة . كما يبدو من أعمال السنة الماضية أن آمال كوادرها محبطة في اجتياز ليل يبدو أمامهم أن ظلامه بلا نهاية ، خاصة وأنهم يعلمون أفضل مما يعلم المواطنون ، أن قادة حكومة بغداد المحلية لم تتوفر لديهم دلائل تشير إلى رغبتهم في الاستماع إلى شكاوى المواطنين ، أو أنهم لا يتعاطفون مع ما يسمعون .
من هذه المعرفة الأولية المتوفرة عندي ، عن رهبة النفس ، التي يعيشها المواطن البغدادي ، أتوق إلى مخاطبة صريحة ، عبر رسالة مفتوحة ، مع السادة :
(1) محافظ بغداد . صلاح عبد الرزاق .
(2) أمين العاصمة . صابر العيساوي .
(3) رئيس مجلس المحافظة . كامل الزيدي .
أخاطبكم بصراحة باعتباركم ثلاثة آباء تدورون في فلك خلفاء إسلاميين قدامى لا يرعون بغداد البائسة ، التي سامحتكم وسامحت غيركم ، من قبلكم ، على أخطائهم وهفواتهم الطفولية ، التي جعلت هذه المدينة الكبيرة أسوأ كثيرا مما كانت عليه من قبل ، ليس بسبب الشارع الملتهب بالإرهاب كما يدّعون ، بل بسبب الواقع الوراثي المتأصل في ميول السادة القادة من الذين كانوا وما زالوا يعتقدون أن الجهل مفضل على العلم طالما الجاهل يدّعي أنه من المؤمنين .
أقول في البداية ، بصراحة تامة ، أنكم لم تقدموا لسكان مدينة بغداد ، سواء الفقراء منهم أو الأغنياء أو من متوسطي الحال والمال ، غير مناظر الخراب . وجهوا إبصاركم ، أنّى شئتم ، أيها السادة القادة ، فأنكم لن تجدوا غير التهديم في الشوارع ، والأرصفة ، ومخالفة واضحة في مسير سياراتكم وسيارات المواطنين من بعدكم . مواقف السيارات فوضى ما بعدها فوضى . لوحات الإعلانات ، التجارية والانتخابية ، لا تقدم جمالا في فضاء المدينة ولا في حيطان أبنيتها . النصب التذكارية إما أنها تعاني من الوساخة أو أنها كئيبة من الفقر ، خاصة وأنها ما عادت تحظى بتبجيل مواطنين زائرين . كما لا توجد شجرة مبتسمة في شوارعها . بطبيعة الحال فأن المواطنين فيها يعانون من أنواع العذاب اليومي ، من عذاب نقص الماء والكهرباء ، وهم لا يرون فيها أي ضوء ساطع يبشر بظهور رقعة خضراء جديدة ، يتمنون فيها مستقبلا زاهرا لحياتهم ، التي يحلمون فيها أن تكون سعيدة على وجه الكون الفسيح .
أيها الخلفاء البغداديون الثلاثة : أنتم تعرفون بدون أي شك أن للمسئوليات العامة ، أخلاقيات خاصة . كما تعرفون أيها السيد المحافظ ، أيها السيد الأمين ، أيها السيد رئيس المجلس ، أن أول هذه الأخلاقيات هي أن تطلقوا العنان لأنفسكم ولأموال الدولة النفطية الطائلة ، الموضوعة تحت أياديكم و تصرفكم ، لأعمار المدينة ولتنظيف شوارعها وساحاتها وأزقتها ، من الزبالة المحظور وجودها في كل عاصمة من عواصم الدنيا ، التي أقمتم فيها طويلا قبل سقوط الدكتاتورية ، أو زرتموها منتصرين بعد السقوط ، لكنكم ، كما يظهر ، كنتم تحبون النظر المجرد لمعايير الحياة في بلاد أوربا وأمريكا وليس في نيتكم اللمس أو التقليد أو التعلم منها او من مناهجها العمرانية . بذلك برهنتم على صواب حكمة شعبية عراقية مسموعة منذ تأسيس الدولة العراقية تقول : لا يأتي من الحكومة والحكام غير الكوارث .
لا ادري لماذا يصعب عليكم أيها المسئولون الثلاثة رؤية أمكنة الخراب في بغداد ..؟ لماذا تنظرون إلى أنفسكم بإعجاب لكنكم لا تنظرون إلى ما تشاهدونه في الشوارع باستغراب ..؟ كيف تحسون بالراحة في وقت لا يشعر فيها المواطن البغدادي من وجودكم أي فائدة ، كأنكم تركبون سفينة فضاء تنظرون فيها إلى بغداد عن بعد ، فلا تشاهدون ما جرى وما يجري في شارع الرشيد القريب جدا من مباني أمانة العاصمة والمحافظة والمنطقة الخضراء ، إذ تجول سفنكم الفضائية عند ذهابكم إلى العمل يوميا وعند عودتكم مساء كل يوم إلى بيوتكم ، المدثرة بالدفء شتاء وبالبرودة صيفا ، حيث يكون من الصعب عليكم رؤية حالة البؤس في الساكنة على ارض وأسطح شارع الرشيد .
ليس شارع الرشيد شيئا مميزا بلون ازرق أو احمر أو بني لكنه يتميز بكونه (قلب بغداد) فإذا تعمـّر القلب فأن (جسد بغداد) يعمـّر كله ، يتخلص من الخراب الشامل ، الصلب منه والسائل .
ربما لا تستهويكم فكرة تعمير شارع الرشيد وإصلاحه . ربما تجدون في هذا القول عمقا لا يزيد في بغداد الكبرى عن أعمار بضعة كيلومترات مسكينة وبائسة هي طول وعرض شارع الرشيد . لكنني في هذه الرسالة أتوجه إليكم ، راجيا منكم ، أن تتفحصوا الطيف المرئي لبضعة كيلومترات قليلة ، كي تنصرفوا ، بعد ذلك ، لتتفحصوا طيف الأشعة البائسة في كل نواحي بغداد ، فمن لا يرى الإشارات الدالة ، القريبة منه ، فأنه حتما لا يستطيع استكشاف قمم الزبالة والخراب في مدينة الثورة والبياع والزعفرانية والشعلة وأبو دشير وغيرها من المناطق البعيدة عن عيونكم ، حيث أثبتت تجارب السنة الماضية من عمر جلوسكم على كراسي المسئولية الزاهية أن نظركم قاصر تماما عن رؤية البؤس في مدينة ضاعت مسئولية أعمارها بين دواليبكم وملفاتكم ، كما أثبتت تجاربنا في مراقبتكم أنكم وجميع كوادركم التابعة إليكم بحاجة إلى أجهزة استكشاف وقياس الطيف على ارض الواقع ، التي يطلقون عليها اسما علميا في الغرب (السبكترومتر) كي تساعدكم على تمثل المرئيات في شارع الرشيد القريب من حركتكم اليومية لتتعرفوا على وجود عام كبير مغلف بالزبالة والخراب في قلب بغداد .
لقد امتص الخراب كل ضوء من شارع الرشيد حتى غدت المباني المطلة عليه تعاني من نقص الأوكسجين ، مما أدى إلى قطع سبل الحياة في جميع شرايينه وأوردته ، وصار الرشيد في حالة مأساوية تتطلب منكم المبادرة فورا إلى معالجتها لوقف التداعي الحضاري والتجاري والعمراني في قلب بغداد .
لا ادري هل أنكم تعلمون أم انتم لا تعلمون بأن المباني التراثية في شارع الرشيد تتعرض للهدم والتلف ، في كل يوم ، الأمر الذي يهدد بانقراض الإرث الحضاري والنسيج الجميل للعمران البغدادي الأصيل .
هل تعلمون ، أيها المسئولون الثلاثة ، أن الإهمال الصارخ لأصحاب العمارات والأملاك في هذا الشارع وحواليه ، في الأزقة المتفرعة عنه ، يقتضي من أمانة بغداد ومجلس محافظة بغداد ممارسة التدخل المباشر لوقف التدهور المريع بتراث بغداد وحضارته العمرانية .
هل تعلمون أن إصلاح شارع الرشيد ومبانيه معناه الحفاظ على موروث عمراني تاريخي ينتقل إلى الأجيال القادمة .
هل تعلمون ان شارع الرشيد هو الشريان الأبهر لمدينة بغداد كلها وأن تطويره اقتصاديا ينعكس على المناطق المحيطة به أولا ومن ثم يساهم في تطوير بغداد كلها .
أيها السادة الخلفاء الثلاثة : أدعوكم لزيارة شارع الرشيد ومقارنة حاله اليوم بحاله في ما مضى .
تفضلوا بزيارة إلى ساحة الرصافي لتكتشفوا كيف يدور مدار القرن الحادي والعشرين في بلادنا .
تفضلوا بزيارة ساحة حافظ القاضي لتدركوا أي ذنب كبير ترتكبه محافظة بغداد وأمانتها بحق المواطنين العراقيين أجمعين .
تفضلوا بزيارة إلى ساحة الميدان لتروا بأم أعينكم بأي قرن من الزمان تحكمون .
تفضلوا بزيارة إلى الشورجة حتى يصعب عليكم حساب الزمان كله .
أتمنى أن لا يصدمكم شيء مما ترونه ، في هذه الزيارات ، التي يبدو لكم بعدها بوضوح ، أن سماء النهار لا وجود لها في بغداد لأن هواءها ضئيل ومكروبها كثير وثقيل ، وأن قمم الزبالة فيها لا تساعد على العيش في مدينة لا يقرأ فيها خلفاؤها المسلمين الثلاثة صفحات سود في عيون الناس البغداديين ليعرفوا ماذا في أمخاخهم وماذا في ألسنتهم من نغمات مسموعة .
والسلام عليكم



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدمتان سياسية ونفسية بين الوزيرة ورئيس الوزراء ..!
- عودة العراق إلى عصر صناعة الأحذية يدويا ..!
- عن المعجزات والمستحيلات في السوق الانتخابية الحرة ..
- رسالة مفتوحة ثانية من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي
- الراقصون على انغام الوزارة العراقية المرتقبة
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي رئيس الوز ...
- صفات الإبصار في عقل النائب الحمار ..!
- هل يكون الفرح الانتخابي جوهر الحياة الديمقراطية ..؟
- الموت تفخيخا ووعد خمور الجنة وحور العين ..!
- مشاغل الفائزين بالانتخابات تضخم فعاليات الإرهابيين
- أبو مجاهد فوق القانون وهزال الادعاء باستقلالية القضاء / القا ...
- البرلمان الطائفي أفيون الشعوب ..!!
- تماثيل صدام حسين في طرابلس ..!
- ضحايا وجلادون في شركة مصافي الجنوب بأرض الجن ..
- تحية إلى وزارة الثقافة بمناسبة يوم المسرح العالمي ..!
- سيدي الشاعر : إنهم يفضلون السماء الغائمة ..!
- حمدية الحسيني هيكل انتخابي غامض وعاجز..!
- دعوا مستشار الرئيس المالكي في نومه العميق ..!
- مياه العراق عام 2222 كما أنبأتني العرّافة..!!
- في السراء والضراء كانت قمرا لا يغيب


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جاسم المطير - رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى خلفاء بغداد الثلاثة