أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمود المصلح - صيد الخاطر 6














المزيد.....

صيد الخاطر 6


محمود المصلح

الحوار المتمدن-العدد: 2988 - 2010 / 4 / 27 - 09:58
المحور: سيرة ذاتية
    



اليوم في بقج ..اليوم في بقج ..

البقج جمع بقجة والبقجة ( صرة من القماش بداخلها ملابس والعاب واشياء متفرقة ، كانت وكالة الغوث توزعها على الطلاب في المدارس التابعة لها ، وكانت تأتي على شكل هدية من شعوب العالم بعد محنة الشعب الفلسطيني وشتاته في أرجاء الأرض ) .

وقفنا في الطابور الطويل ( جميعنا من القرع ) الاقرع من ليس له شعر على رأسه ، بملابسنا الرثة ، وإبراهيم العطية( زميلنا ) ، تظهر رقعة بنطاله أمامي ، وحقيبة عطوة ( زميل آخر ) التي اقتصت من كيس طحين ، وبقيت كلمة ( هدية من شعب الولايات المتحدة ) .

ذهبنا الى الخيمة القصية في الزاوية ، ووقف كل معلم مع طلابه ، لنشرب كوبا من الحليب سيء الطعم وكريه الرائحة ،وكان المعلم يأمرنا بشرب الحليب رغما عنا ، فلا إرادة لنا في ان نقبل او نرفض ، وكل ما كنا نقوم به تنفيذ الامر وكأننا في معسكر اعتقال . من يشرب الحليب يذهب إلى الطابور الآخر في منتصف الساحة .

رياح كانون تصفر ، وتصفع وجوهنا ونحن نقف في الساحة الطينية الموحلة ، التي تصطف حولها الخيام ، كانت الخيمة ذات العمود المكسور هي صفي ( الأول الابتدائي ) بعض الخيام استطاعت أن تقاوم الرياح والمطر ،لكن السارية التي كانت تحمل علم الأمم المتحدة بلونه الأزرق المميز لم تكابد ما كابدت الخيم وما كابدنا .

الأستاذ محمود الشمالي ، بيده المؤشر الطويل الذي طور استخدامه من مؤشر إلى عصا وأداة عقاب ، يتجول بمعطفه الاسود الانيق ، ورائحة التوباكو تفوح من غليونه ، كأنه امبراطور او قائد عظيم .. هكذا كنت انظر اليه وهو ينادي على الاسماء في قائمة بيده .. كانت حركة الطلاب امامي حركة بطيئة جدا .. احمرت انوفنا وتجمدت اصابعنا ، وكنا نرتجف من البرد .. لكن ما أن نشاهد احد الطلاب يخرج من الخيمة الكبيرة ( خيمة المدير ) كانت مقابل السارية التي تحمل العلم . ما ان نشاهد احد الطلاب يخرج وبيده ( البقجة ) حتى تسري في دمائنا حرارة تدفعنا على الصبر .. والانتظار .
بعض الاباء احتراما للمعلم والمدرسة لم يقتربوا من الطابور والطلاب .. واكتفوا بالانتظار خارج الساحة .. فما ان يظهر ابن احدهم او من يهمه حتى يأخذ البقجة من يده خوف ان يسرقها ضعيف نفس او متسلط او ان تسقط على الارض الموحلة .. كنت في مؤخرة الطابور .. حيث كاان الترتيب حسب الحروف الهجائية ..
لا ادري كيف فقدت نفسي فلم اجد في الطابور بل في الساحة غيري .. حتى الاستاذ محمود الشمالي انسحب من الساحة .. ولم يبقى غيري..
تقهررت الى الخلف مقهورا ، حزينا بائسا ، تكاد اطرافي ان تتجمد من البرد ، ولم اجد من ينتظرني في الخارج ،
رحت ابكي بكاء داخليا فيه من الاحتراق ما يكفي لحرق قلبي لسنين ، ولم اشعر بتك الحالة من القهر ، كما شهدت واحسست ، على الباب كان في استقبالي امي واخوتي .. وهم يسألون عن البقجة ، وما فيها ... فلم ادري كيف افسر او ابرر ، وفي اليوم التالي .. اكتشفت انهم كانوا ينادون على الاسم الأول متبوعا باسم العائلة ... فلم انتبه لاسمي .. ولم ينتبه الأستاذ لمن بقي في الساحة ، حيث لم اجب ولم أبادر إلى الخيمة الكبيرة ، نادى الأستاذ على الاسم التالي .
احضر الأستاذ البقجة ، فشعرت بنوع من الرضا .. ولكنه لم يكن شعورا بالسعادة كما لو كنت استلمتها باليوم الاول بعد الطابور ومع الاخرين . ولم افرح بالبنطال ، واللعبة ، وربما البيجاما ، وكيس من قطع الليجو الملونة ذات الأحجام المتفاوتة .



#محمود_المصلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجربة الأردنية
- لمن يحسن المحسنون ..بناء المساجد
- هل الخطاب الديني يساير العصر ...
- التصيق للجلاد
- الولايات العربية المتحدة ..
- القوة النووية العربية
- هلوسة محمود المصلح ........
- صيد الخاطر 5 ..,وأنا شو دخلي؟
- القاع مفتوح ..اهلا وسهلا
- يوميات .. الصين
- لهم ثلاثة عيون .. ونحن بلا عين
- الاتحاد السوفيتي ...ذكريات قديمة
- صيد الخاطر 5 اسواق البالة ..
- بغاء ومتاجرة بالجنس ... بصورة شرعية
- الحمار والفيل
- قبول الاخر فن لم نعرفة بعد ...
- هلوسات معمر القذافي .............
- صيد الخاطر 4
- صيد الخاطر 3
- صيد الخاطر 2


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمود المصلح - صيد الخاطر 6