أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - انتصار عبد المنعم - الأدب واشكالية الآخر














المزيد.....

الأدب واشكالية الآخر


انتصار عبد المنعم

الحوار المتمدن-العدد: 2987 - 2010 / 4 / 26 - 23:41
المحور: الادب والفن
    


تميز الأدب عن غيره من المجالات بمقدرته غير العادية على احتواء وتناول جميع المشكلات دون ازعاج البحث عن حلول لها. بل جاءت بعض الأعمال الأدبية لتتنبأ بأحداث اعتبرناها وقت ظهورها نوعا من الخيال الفائق، ثم ثبت بعد ذلك أنها كانت قراءات مستقبلية لما شهدنا حدوثه بالفعل، مثلما حدث مع جورج أورويل فى «مزرعة الحيوان» وإسقاطاتها وتنبؤاتها المتعلقة بالثورة البلشفية، وفريد معوض فى «أيام فى الأعظمية» واستشرافه لاحتلال العراق. والدوس هيكسلى فى روايته «عالم جديد شجاع» وبوادر تحقق نبوءته الخاصة بميكنة كل شىء، وطغيان المادة، وضياع قيمة الفرد والأسرة وانعدام الاختيارات فى انعدام تام لإمكانية أخذ قرار يخالف النهج الواحد المتتالى والمتشابه حتى فى شكل الوجه والجسم.
وكان من المفترض أن يكون الأدب مجالا تتساوى فيه كل الأجناس وكل الألوان، مادام أنه مجال لا يتعدى حدود الورق. ولكن من الملاحظ أن الأدب فى الكثير من أشكاله أصبح انعكاسا للعنصرية والتمييز فى صورها العديدة. وجاءت النظرة العنصرية من حقيقة الجهل بالآخر الذى ندرك جيدا أننا نجهله، ولا نجد أمامنا إلا اختلاق الصور والأخيلة التى تتناوله بمفهومنا وثقافتنا وأيدولوجياتنا المتنوعة والمختلفة والمغايرة لحقيقة هذا الآخر. بل لقد انساق المثقفون أنفسهم وتداولوا مسميات تصنيفية تُعد فى حد ذاتها تمييزا مثل مسميات الأدب الأنثوى، أدب الزنوج، أو أدباء الجنوب، أو الأقاليم على سبيل المثال لا الحصر. وداخل الأعمال الأدبية نفسها ظهرت شوفينية الأفكار والتوجهات. وكان الحال بالنسبة لصورة الشرقى أو العربى فى الأدب والفن أشد مأساوية حيث تم رسم صورة له من خلال أساطير وحكايا متخيلة على أنه الجشع، البدوى، زير النساء، راعى الجمال فى الصحراء. وتتجسد مقولة أفلاطون فى جمهوريته «أولئك الذين يروون القصص، هم من يحكمون المجتمع» لتتوالى الأعمال الأدبية تعكس النظرة الدونية للآخر «العربى» لتصوره على أنه الوثنى الهمجى فى الكثير من الأعمال مثل قصيدة «أغنية رولاند» وقصيدة «الخطايا السبع القاتلة) للشاعر (وليم دنبر)، و(كريستوفر مارلو) فى مسرحيّته الشهيرة (تيمورلنك العظيم ). ثم بعد أحداث 11سبتمبر أضاف الإعلام صفة جديدة ملصقاً به تهمة الإرهاب وتنعكس. بالتالى على الأدب والفن والفكر الغربى عامة، وعلى ألسنة كبار الرموز مثل توم كروز وأرنولد شوارزينيجر وريتشارد جير. ولكن الأدباء والمثقفين ممن كان لهم معرفة بالآخر العربى، لم يقعوا فى شرك ما تردده صحافة لا تعرف عن الشرق سوى ما تسمعه من جانب واحد ومعاد له . فالكاتب البرازيلى «باولو كويلو» عايش الشرق وخبره عن قرب فى زيارته للمغرب واقترابه من الثقافة العربية فعلا وقولا، ولذلك لم يستق معلوماته من الأفلام ونشرات الأخبار الغربية التى صورت الشرق على أنه «شرق الرعب»، بل قال متباهيا بتأثره بالشرق «ومن لا يحب الشرق يعنى أنه بلا قلب». وهذه المقولة تعبر عن الفارق الكبير بين من عايش ثم تحدث وهذا الآخر الذى يكتفى بتصور الآخر وفق ظروفه وأحواله.
وإن كانت هذه صورة العربى فى العيون الغربية البعيدة جغرافيا وثقافيا والتى لم يحدث بينها وبين المشرق العربى التحام حقيقى عن قرب، كان من المفترض أن تكون صورته فى الأدب الفارسى أو الإيرانى حقيقية أو على أقل تقدير واقعية بمميزاتها وعيوبها بفضل القرب الجغرافى والاختلاط التاريخى على مر العصور منذ الغزو العربى لفارس فى القرن السابع الميلادى, ولكن من الملاحظ أن الأدب الفارسى دأب على تصوير العرب على أنهم «البدو المتوحشين» الذين دمّروا حضارة ايران الساسانية. أو هم مجرد «حفنة من آكلى السحالى، الحفاة العراة الذين يقطنون الصحراء..» كما كتب ميرزا آغاخان كرمانى. وصادق هدايت، أشهر كتاب إيران المعاصرين يصف العرب بـ «المتوحشين» والقساة والمتعطشين للدماء والموبوئين والقذرين والبشعين وأصحاب «الجلود السوداء والمتخلفين». والروائى محمد على جمال زاده يصف العرب بـ «المتخلفين والقساة»، وسخر من شخصية العربى فى كتابه «الفارسية سكر» واصفاً إياه بـ « قطة بيضاء تقعد ملتوية على كيس من غبار الفحم». و تندر مستحقرا الجنس العربى قائلا: «العربى فى الصحراء يأكل الجراد مثلما يشرب كلب اصفهان المياه المثلجة».
والروائى صادق جوباك يرى العربى منافقاً ودميماً ومتوحشاً، ففى روايته «المصباح الأخير» يسخر من البصرة وسكانها العرب قائلا: «عليك أن تحترس فى البصرة وتحرص على أغراضك هناك. فحالما تدير وجهك يسرقك العرب، ليس هناك من لصوص أسوأ من العرب». والأمثلة كثيرة والنظرة الدونية العنصرية واحدة لدى الشعراء والروائيين الايرانيين والتى قد تبلغ من الحدة حد التطرف لتشمل الهجوم على اللغة العربية والدين المشترك والنظرة إلى العرب على أنهم الوحوش الغرباء المتطفلين الذين دمروا حضارة فارس .
وإن كانت صورة «الآخر» العربى فى الأدب الفارسى بمثل هذا المسخ والزيف، فمن غير المنطقى أن ننتظر من الأدب العبرى أن ينقل صورة براقة لنفس «الآخر» الذى لا يشترك معه فى لغة ولا دين ولا ثقافة. ولذلك جاءت صورة «الآخر» فى الأدب انعكاسا وامتدادا لحالة الاحتقان التى لم تنفرج منذ حرب 48 مرورا بنكسة 67. وكان من المنطقى أيضا أن يرى كل جانب فى هذا «الآخر» عدواً وقاتلاً محتملا، وجاء الأدب ليعكس أيضا كل هذا فى ما بات يعرف بأدب الحرب أو أدب المقاومة الذى ينطلق من خبرات شخصية حقيقية أو سرد تم نسجه على معطيات الصراع الدائر بين الجانبين
انتصار عبد المنعم
مجلة أكتوبر العدد1742



#انتصار_عبد_المنعم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «رستم كيلانى» ورسالة الأديب النبى
- انتصار عبد المنعم : بدأت التدوين علي الرمال قبل اختراع النت ...
- الذكرى الأولى لصعود الأديب فتحي سعد
- «الجنوبى» الباحث عن الحقيقة
- قلب «جاذبية صدقى» الذهبى
- الكتابة للطفل وعنه
- الإسكندرية تتنفس شعرا
- أدباء العرب ونظرية المؤامرة
- نحن أولاد الغجر
- عن البهجة والكآبة
- «ماركيز».. دروس فن الحياة
- الثقافة المفهوم.. والأزمة
- ادكو..من الكانو إلى نوكيا!!
- سأحدثكم عن ندا
- علاء الأسواني ودوق داركور!!
- -الصرخة-مابين كرم النجار وأم الرجال!!
- مشايخ الإنترنت!!!
- التسكع الرقمي
- قلب الكاوبوي لا يتسع لأسودين!!
- قاسم أمين ... ديور وشانيل !!


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - انتصار عبد المنعم - الأدب واشكالية الآخر