أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سيد حسين - ثقافة الصدام















المزيد.....

ثقافة الصدام


سيد حسين

الحوار المتمدن-العدد: 2987 - 2010 / 4 / 26 - 00:02
المحور: حقوق الانسان
    


شهدت الشوارع المصرية خلال نصف السنة الحالية نوعاً جديداً من الصدام لم يتعود المصريون علي رؤيته أو متابعة اخباره من خلال شاشات الفضائيات.. الصراع الجديد لم يكن بين مصريين بعضهم مع بعض ولكنه صراع حقيقي بين المواطنين والأجهزة التنفيذية القائمة علي تنفيذ القانون وحماية الشعب والنظام الحاكم في الوقت نفسه وهذا ما أثار العديد من التساؤلات حول امكانية تمرد المصريين خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية إضافة إلي القاء مسئولية هذه المعارك والصدامات علي كاهل الدولة واجهزتها من قبل بعض المحللين الذين يرون أن أهمال الدولة لكثير من المناطق التي أصبحت بؤر جاهزة لصناعة التمرد دون خلق نشاط اقتصادي يكفل حياة كريمة لأبناء هذه المناطق مثل منطقة شمال سيناء وصعيد مصر والعشوائيات وهذا ما أنكرته الأجهزة المعاونة للدولة واصفة من يقومون بعمليات التمرد بأنهم قلة متمردة بطبيعتها وهذا ما رفضه العديد المراقبين متسائلين اذا كانت العناصر المتمردة في سيناء متمردة بطبيعتها فكيف نصف القائمين علي احداث الشغب في أسوان إثر مقتل أحد عناصرهم علي يد جهاز الشرطة، واحداث الحرق والتخريب في المحلة، واحداث النخيلة ودير أبو فانا وأحداث الزيتون ومعارك الصف الأخيرة. هل كل هذه الفئات أصبحت متمردة بطبيعتها التي تجبرها علي الخروج علي القانون أم أن هناك عوامل خفية وراء هذا التمرد. البداية مع ما كشفه الدكتور عبد الهادي الجوهري عميد كلية الآداب جامعة المنيا السابق في بحثه عن الاجتماع السياسي بعد تولي الرئيس مبارك مقاليد الحكم بثلاث سنوات فقط حين أشار إلي أن هناك حاجات اساسية لابد من اشباعها للمواطنين حتي يشعروا بالانتماء والولاء لهذا الوطن وبالتالي دفعه للمشاركة الحقيقية في الأعمال المجتمعية ولكن الدولة أهملت مواطنيها ووفرت الدعم لبعض الفئات وتركت الغالبية العظمي فأدي ذلك إلي احساس المصريين بمشاعر الغربة والسلبية ـ كماجاء في تقرير مجلس الشوري عام1982 ـ المنسوب للجنة الخدمات عن تنمية الانسان المصري. ووصف الجوهري في بحثه حالة الانانية والانفرادية واتخاذ القرار في غيبة من اصحاب المصلحة واخفاء الحقائق عن الجماهير، هذا إلي جانب التصرفات الحكومية التي لحقت بالمال العام الذي يمتلكه الشعب حتي أنه اصبح ملكيه خاصة لفئة من الناس وبالتالي انعدم احساس المواطن بأنه شريك في رأس المال العام ، إلي جانب تركيز وسائل الاعلام علي الاشادة بإنجازات النظام وإغفال سلبياته حتي أصبح منهجها هو التبرير لا التفسير. وبالتالي أصبحت الأوضاع في مصر مهدرة وسوداوية تشير إلي قرب حدوث فاجعة تتجسد في غضب العامة الذي لن يوقفه شئ سوي انهار الدماء والخوف بفعل فئة ظالمة استطاعت أن تضع يدها علي الأموال ثم راحت تبحث جائعة عن السلطة التي منحتها المزيد من الثروة في ظل معاناة شعب تعود الجوع والقهر والمرض دون غضب أو انفعال.. أصبحت البلد مريضة بالقلق والتوتر تتطور فيها الأوضاع من سئ إلي أسوأ من جرائم السرقة من أجل الحياة الي جرائم قتل الشرطة للمدنيين بل إلي حد مواجهات مسلحة مع البدو وابناء النوبة في الجنوب وعمليات الحرق والتخريب في أحداث المحلة.. التقارير الدولية تشير إلي ارتفاع مستوي الفقر الذي يعاني منه المصريون حتي بات مبرراً لانتشار الجريمة سواء كانت ضد الغير أو حتي في حق النفس بعد استباحة بيع الاعضاء البشرية والانتحار الجماعي للشباب المصري علي سواحل اوروبا.. كل هذا والسلطة توجه جهود اعضائها في البرلمان بالتكتم والتستر علي الفساد كما وصف النائب محمد العمدة، بعدم اعطاء الصلاحيات للمعارضة ليكشف الفاسدين عن طريق تقنين طرق قبول الاستجوابات تحت قبة البرلمان.. لقد بات ظلم المصريين اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً سمة من سمات الحكومة الحالية في الوقت الذي تسعي فيه جاهدة الي تدعيم رجال الاعمال لتزداد ثرواتهم وتتضخم فوق تضخمها مما كان مدعاة لاستشارة روح العداء بين الشعب والسلطة وحدوث مواجهات مباشرة تنذر بوجود خطرا يهدد أمن مصر. ورغم ذلك فإن السلطة لن تمارس سلوكاً عنيفاً يصل إلي حد الغضب وممارسة الانتقام والتصفية الجسدية الفعلية للعامة إلا حينما يتطاولون ويتجرأون عليها وينتهكون قداستها وهيبتها وهذا التحول من اللامبالاه أي الغضب والتهديد والعنف يحدث حينما تنتبه السلطة للخطر الكامن في ساحات العامة التي من الممكن أن تكون ارضا خصبة لحدود التمرد الفعلي أو الثورة الحقيقية التي قد تنال فعلياً من سطوة الدولة وهيبتها من خلال خطر المواجهات المباشرة مع الاجهزة القائمة علي تنفيذ القانون وحماية الانظمة الحاكمة خاصة إذا كانت هذه الانظمة قد بنت هيبتهاعلي القوة والقمع والاستبداد والخوف ولم تبن علي تعاقد اجتماعي ورضا وقبول وتبادل للحقوق والواجبات بين الراعي والرعية، ومن اللافت للنظر في هذا السياق أنه بينما تمارس السلطة كل حقوقها بل تتجاوزها جوراً وطغياناً حينما تستميل فئة مثل رجال الاعمال وتمنحها كل الصلاحيات وتحجب الثروة عن البسطاء فإنها دائماً ما تسعي لإلهاء الشعب وتغييب وعيهم ونفي حضورهم ولا تكف عن مطالبتهم باداء فرائضهم الواجبة والمحتومة وهو ما يوحي بالطابع المقدس الذي تحاول السلطة غرسه في ضمائرهم. فلم يأت صراع بدو سيناء مع جهاز الشرطة نتيجة طبيعتهم البدوية المتمردة كمايدعي البعض من المحللين والمفسرين الموالين لسياسات الحكومة المصرية وإنما جاء كرد فعل طبيعي لممارسات السلطة متجسدة في الحكومات المصرية المتعاقبة خلال الحقبة الأخيرة. فلعل الجميع يشيدون بالدور الوطني الذي لعبه بدو سيناء في حرب اكتوبر حين ادواواجبهم تجاه وطنهم بكل شجاعة، إلا أن ذلك لم يكن حافزاً لأن تنظر الحكومة المصرية إليهم نظرة آدمية بل تمادت في غيّها حين رفضت تملك البدو لأراضي سيناء في الوقت الذي منحت فيه رجال الاعمال المصريين والاجانب ألاف الافدنة في جنوب سيناء وشمالها ، حينها لم يجد البدو طريقاً سوي استخدام منطق القوة والتمرد للربح واستمرارالحياة فوضعوا ايديهم علي الاراضي التي خصصتها الدولة لرجال الاعمال ولم يتمكن أي رجل اعمال من استلام ارضه إلا بعد شرائها من البدو مرة ثانية ، حينها شعر سكان سيناء أن المنطق الوحيد للحصول علي حقوقهم في دولتنا الموقرة هو منطق القوة والعنف ومن ثم نشطت تجارة السلاح والمخدرات علي الحدود المصرية حتي أصبحت عمليات التهريب مهنة يمتهنها معضم ابناء سيناء بعد أن ساعد في ذلك اهمال الحكومة لهم ولاحتياجاتهم بالاضافة الي طبيعة البنية الحدودية. حاول جهاز الشرطة كثيراً السيطرة علي عمليات التهريب في هذه المناطق عن طريق استخدام اسلوب العنف والاعتقال والمحاكمات والاغتيال في قلة من الاحيان وهذا ما أدي إلي نشر الشعور بالخوف من المستقبل بين ابناء القبائل فكيف ينزل شاب في الثلاثين من عمره عن مقعد سيارته الشيروكي ليرعي الغنم أو يفرز القمامة. ولم تكن مواجهات جهاز الشرطة مع البدو هي الوحيدة خلال هذا العام فقد كان هناك صراعاً مسلحا ايضا بين ابناء النوبة واطقم نفس الجهاز في جنوب مصر بعد قتل ضابط شرطة لاحد المدنيين دون وجود تهمة أو ملاحقة امنية، فكما يشير البدو في شمال سيناء بعنصرية الدولة كذلك يشعر النوبيين فإذا كانت المواجهات بين الشرطة وابناء النوبة وبدو سيناء قد وصلت الي حد المواجهات المباشرة وإطلاق النار علي رعاة القانون بل واعتقال بعض عناصرهم واحتجازهم وترويعهم فإن ذلك ينبه الحكومة والنظام في مصر ويحثها علي اتخاذ سبل الحيطة والحذر لئلا يتكرر سلوك التمرد وتنتقل عدواة من الحدود الشمالية الشرقية والجنوبية إلي قلب القاهرة خاصة بعد انتشار عمليات قتل ضباط الشرطة للمدنيين مما ساعد علي نشأة حالة من الاضطراب في العلاقة بين رجل الامن والمواطن البسيط لدرجة جعلت البعض يحجم عن تقديم شكواه لاقسام الشرطة بسبب الفكرة التي تكونت في عقولهم عن طبيعة هذا الجهاز خاصة وأن هناك ما يؤكد علي توجهاته المعادية بعد محاكمات ضباط الشرطة بتهمة القتل أو التعذيب حتي الموت فيما يثار علي ساحة الرأي العام ناهيك عما يتخفي من جرائم دون أن يعرفها أحد. وهذا ما حدا ببعض المحللين إلي تفسير ظاهرة العنف علي أنها ظاهرة امنية تستخدمها الحكومات لارهاب الشعب وتهديده بعد انتشار حالة من السخط العام كانت عاملاً رئيسياً في ظهور الاعتصامات والمظاهرات للمطالبة بالحقوق المهدرة حيث لعبت الصحافة المصرية دوراً هاماً في تكوين هذه التوجهات لدي المصريين عن طريق فضح فساد العاملين في الجهاز الحكومي وتجاوزاتهم إثر انتشار قضايا اهدار المال العام سواء في عمليات بيع الشركات الحكومية أو عن طريق غياب المساءلة القانونية الخاصة بالبنود المالية لدي بعض المؤسسات والوزارات إلي جانب استغلال رجال الاعمال لمناصبهم و تحقيق ثروات ضخمة عن طريق الاحتكار بعد التسهيلات التي قدمتها لهم الدولة. بيد أن الحياة التي يحياها المصريون اصبحت مدعاة لليأس والاحباط فظهر نوع من الشعور بالحقد نحو طبقة الاثرياء التي كشفت الصحافة عن أرقام ثرواتهم التي تضمنت نتيجة تواطؤ الحكومة فشعر المصريون بأن الحكومة باعت حقوقهم لهذه الحفنة من الناس، ونتيجة سيطرة الاخيرة علي المناصب السياسية الهامة فإنها وقفت كحائط صدفي وجه اعضاء البرلمان الذين فضحوا التواطؤ الحكومي مع رجال الاعمال عن طريق تسهيل عملية حصولهم علي القروض من البنوك ووضع محاذير علي النيابة العامة لعدم تحريك الدعاوي القضائية ضد رجال الاعمال إلا بعد الحصول علي موافقة رئيس محكمة الاستئناف. لذا أوضح المواطن المصري مهمشاً وحائراً لا يجد من يسانده ويحل مشكلاته وذلك لأن رجال الأعمال إتخذوا من مبدأ التكافل الاجتماعي نوعاً جديداً من الدعاية ينفقون عليها جنيهات تافهة في مقابل ما يحصلون عليه من تسهيلات تضاعف ثرواتهم. في حين أن هناك خطأ فادحا في تطبيق السياسات الاقتصادية الصحيحة التي تشيرإلي أن المساعدات الاجتماعية لا تعني الاعانات الفردية ولكنها تعني عملية دعم كامل لمؤسسات المجتمع عن طريق المساهمة في تقديم الدعم المادي للعملية التعلمية وارسال البعثات المصرية للخارج والمساهمة في مشروعات تنموية حقيقية ودعم المواطن المصري عن طريق طرح مزيد من فرص العمل مقابل أجر يتناسب مع الواقع الاقتصادي ودعم اسعار انتاجيات شركاتهم عن طريق تخفيض اسعار المنتجات وتقليل نسبة الربح إلا أن رجال الاعمال اكتفوا بإلقاء ملاليم إلي حواري وازقة القاهرة ونجوع المحافظات وضواحيها.. وحين اكتشف الشعب المصري كم الاموال التي تدعم بها الحكومة نشاط رجال الاعمال تحولت النظرة اليهم علي أنهم مجرد مغتصبين لحقوقهم وبالتالي اصبحت السلطة في مصر متورطة في مسألة اهدار المال العام فظهر الشعور بالحقد الاجتماعي تجاه طائفة رجال الاعمال الذين يمثلون قلة تستأثر بثروات البلد وخيراتها وأوضحت الازقة والحواري والقري والنجوع ارضا خصبة لظهور التمرد وتكوين بؤر اجرامية لديها استعدادا للخروج عن القانون ومن ثم لا يستبعد المراقبون حدوث توترات داخل القاهرة وباقي ربوع مصر قد تصل إلي حد المواجهات المسلحة مع الشرطة أو حتي تخريب المرافق العامة مثلما حدث في النوبة وسيناء والمحلة في 6 أبريل.



#سيد_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شخصنة الدول


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سيد حسين - ثقافة الصدام