أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عمر كوجري - الجثامين عادت والقروش لم تشبع














المزيد.....

الجثامين عادت والقروش لم تشبع


عمر كوجري

الحوار المتمدن-العدد: 2986 - 2010 / 4 / 25 - 17:35
المحور: القضية الكردية
    



بالأمس عادت جثامين محمد صديق إبراهيم وزوجته زينب والغالية الصغيرة إلى ديريك.. مسقط رؤوسهم بعد طول انتظار، وتعب في مطارات الغرباء.. ولولا نقاء الجثامين لهاجمها دود حقود، ولشدة ما انتظرت كادت أن تتحنط مثل ملوك الفراعنة حتى تربح معركتها مع الحياة رغم أنها خسرته هذا الآن، وحتى ترتاح عظامها تحت تراب الوطن.
بالأمس سافر أخ العائلة المنكوبة، أو صديق للعائلة، وركب الأجواء لا البحار ليجلب جثامين الشهداء.. هم شهداء بكل ما للكلمة من معنى ومبنى، لكنه لم يكن.. منظمة دولية، أو جمعية ترعى حقوق الحيوان قبل الإنسان!!
بالأمس عاد الطفل الذي سلم من أنياب سمك القرش، لكنه لم يسلم من الغرق، عاد الطفل الذي كان يودُّ أن يخرج من رحم أمه إلى النور، كان يريد أن يكبر، ويمرح ويلعب،و يشاغب، وتأتلق على جبينه شموس العافية، والأمل بالحلم، والحلم بغد أجمل من أيام أسرته المنكوبة، لو تسنى القدر لذلك الطفل أن يخرج للحياة بكامل ضحكه.. بكامل نقائه وجماله، ويحمل بين أصابعه حناء المستقبل النضر لشعبه، لربما أضحى يوماً ما طبيباً لامعاً بعد أن يعود من بلاد الغربة، ووطن الغرباء إلى وطنه، ويزرع قرى الجزيرة قرية قرية.
ويمسح شوارعها شارعاً شارعاً، ويمتشق صنوبرها وغاباتها الكسيحات غابة غابة وشجراً شجراً.. وكان سينفض الغبار والألم من عيون الصغار، ويغني لهم مواويل حب الوطن وعشقه لينابيعه التي لن تعرف الجفاف يوماً، رغم أن التراب لم يكن وفياً يوماً معه، وكذلك الهواء. كان سيتكابر ذلك الذي لم يولد بعد على أحزانه الخاصة، ويضع خنجر الثأر من مأساته جانباً، ويزرع بدلاً من قبائل نمل الثأر وروداً تكفي لمدن منسية كاملة.. كان – سأسميه كاوا - سيقف في وجه كل الأطفال في ساحات وأزقات بلدات، ويقول لهم:
أنا كاوا .. الذي فاض من بين أصابع الشاعر
أيها الأطفال الرائعون.. أيها الأنبياء في سماحة وجوهكم، ابقوا حيث أنتم لا ترحلوا.. ذرة تراب هذا الوطن تساوي كنوز الغرب، وكلَّ بحاره ومحيطاته، وغاباته العذراء.
ابقوا حيث أنتم، لن تربحوا من البحث عن بطاقة هوية ضاعت منكم في ليل بهيم، وتتوهمون أنكم ربما لقيتموها هناك وراء البحار المرعبة حيث تتناسل أسماك القرش بصورة مرعبة، سيأكلكم القرش أيها الأطفال كما أكل ثلاثة من أخوتي هناك في مياه بحر اليونان.. عودوا أدراجكم ، عمروا قراكم التعبة، وازرعوا أصيص الورد على رموش أحبتكم، ولا تفكروا بالهجرة
أرجوكم.. أرجوكم... أيها الأطفال أحبكم أحبكم، لتكن عيونكم قبالة الوطن.
لاتتركوا وطنكم باحثين عن غيره
أنتم أيها الأطفال"ستولدون تحت الشجر/ و ستولدون تحت المطر/ و ستولدون من الحجر، و ستولدون من الشظايا / تولدون من المرايا تولدون من الزوايا/ و ستولدون من الهزائم تولدون من الخواتم / تولدون من البراعم، / وستولدون من البداية / تولدون من الحكاية تولدون بلا نهاية / وستولدون، و تكبرون، و........ تولدون.
لكن كاوا الكردي الذي ولدته من كلماتي، وأسقيته نسيم الروح لم يسمع كلامي، مثلما لم يسمع والده محمد صديق كلامه
مثلما تسمع أمه زينب كلامه.. زينب الجميلة التي كانت تسمع " طبطات" رجل كاوا على بطنها.. تلك الطبطبات التي كان تقول: يا أمي البحر كله أهوال، وفي البحر سمك كبببببييييير.. وقلبه قاس يا أمي، سمك القرش يأكل الأطفال يا أمي.. قسماً أنني سأكون مطيعاً لك ولأبي وأخوتي.
قسماً لن أعقَّ بكما، لكن أزيحا موضوع ركوب الأهوال من ذهنيكما أنت وأبي يا أمي.. لكن زينب داخت من عسل كلام صديقها .. صديق. ولم تأبه لطبطبات كاوا على جدران رحمها...
كاوا . الذي لم يعد إلى اليوم لساحِ الحياة وشمسها،
هو الآن تحت تراب يحضن وجهه، والشمس ترسل أشعتها عطراً لتظل ذكرى كاوا حادة وناصعة ومشتاقة.
الشهداء عادوا.. صديق وزينب والصغيرة الغالية وكاوا كلهم عادوا.
ولكن لم يعد أطفال جميلون آخرون، لم يعودوا،و والبحث عنهم ليس جارياً بعد كما ألفت الدول والحكومات، وكما ألف مانحو الهويات والجنسيات، وبائعو الأحلام السعيدة في أرض الحلم المهيض الجناح، حيث لابرهم بر، ولابحرهم بحر.. ولالهم سماء.
عادت الجثامين لكن القروش تنهش عظامنا وأكبادنا كل يوم.. ولم تشبع بعد!!
عادت الجثامين لكن، مافيات التهريب صائلة جائلة هنا وهناك.
يا إلهي كم قرناً يكفيني لأفك سر نظرات صديق وزينب وكل العائلة وهي تواجه وحش الموج البارد، حين أطفأ شمعة الحياة في تلك العيون.
يا إلهي!! كم كانت نظراتهم غائرة ولماحة وغريبة و... ساحرة!!



#عمر_كوجري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمك القرش اليوناني يشتهي لحوم أطفال الكرد
- نزيف الثلج
- تركيا والاتحاد الاوروبي وسيل المذابح


المزيد.....




- الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا بقيمة 15 ...
- اليونيسف: مقتل ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
- الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة -الأونروا- بقيمة ...
- حماس: لن نسلم الأسرى الإسرائيليين إلا بصفقة حقيقية
- بن غفير يدعو لإعدام المعتقلين الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ ال ...
- حماس: لن نسلم الأسرى الإسرائيليين إلا بصفقة حقيقية
- المواجهات تعود لمدينة الفاشر رغم اكتظاظها بالنازحين
- شهادات مروّعة عن عمليات التنكيل بالأسرى داخل سجون الاحتلال
- دهسه متعمدا.. حكم بالإعدام على قاتل الشاب بدر في المغرب
- التعاون الإسلامي تؤكد ضرورة تكثيف الجهود لوقف جرائم الحرب بح ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عمر كوجري - الجثامين عادت والقروش لم تشبع