أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - تأملات في القرآن المكي 3-4















المزيد.....

تأملات في القرآن المكي 3-4


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2986 - 2010 / 4 / 25 - 09:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


خامس سورة "نزلت" بمكة هي سورة "الفاتحة" التي تقول (بسم الله الرحمن الرحيم {1} الحمد لله رب العالمين {2} الرحمن الرحيم {3} مالك ويوم الدين {4} إياك نعبد وإياك نستعين {5} إهدنا الصراط المستقيم {6} صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين {7})
أولاَ: هذه السورة ليست قرآناً منزلاً من رب السماء، إنما هي شكر ومدح يقول به محمد للإله الذي مكنه من تنصيب نفسه ملكاً على العرب ورسولاً لهم، وكونهم يقولون "آمين" في نهايتها يُثبت أنها دعاء كان محمد يردده ويطلب من ربه أن يتقبله لأن "آمين" تعني "تقبّل منا". وسورة الفاتحة تقول، بعد البسملة، (الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم)، وهذه الجملة لا تضيف أي جديد للبسملة ولا لما سبقها من السور لأن كل السور السابقة تبدأ ب (بسم الله الرحمن الرحيم) ما عدا سورة التوبة. فكونه غيّر "بسم الله" إلى "الحمد لله" لا يضيف أي جديد. ثم تقول (مالك يوم الدين). وأختلف الناس في قراءة هذه الآية، فقال بعضهم (ملك يوم الدين). وربما كانت "ملك" أقرب إلى الحقيقة لأن محمداً كان يعتبر نفسه ملكاً على العرب، يأمر وينهي ويقتل ويحيي، ويجمع الأنفال من المحاربين. فكونه ملك أو مالك يوم الدين لا تعني أي شيء لأن الدين ليس واحداً وليس للأديان يوم معلوم. ولو كان الإله قد طلب من محمد أن يقول هذا الدعاء، فهو إذاً إله نرجسي لا يحب غير نفسه ويطلب من الناس أن يمجدوه ويستجدوه سبع عشرة مرة في اليوم في الصلاة ، وبعد ذلك يطلب منهم قيام الليل ليرتلوا القرآن الذي يبدأ بسورة الفاتحة. فكأن الناس لا عمل لها إلا تمجيد هذا الإله النرجسي.
(إياك نعبد وإياك نستعين). هذه لغة شخص يشكر ربه، ولو كان المتحدث هو الله، لقال (إياي أعبد وإياي استعين). ولكن لأن المتحدث هو محمد، فيقول لربه: إياك نعبد وإياك نستعين. (إهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم)، وواضح هنا أن محمداً يطلب من ربه أن يهديه إلى الصراط المستقيم، ولا يُعقل أن يقول الله (إهدنا الصراط المستقيم). ولكن كعادة المفسرين، فقد قالوا إن الآية مسبوقة بكلمة "قل" المحذوفة، فتصبح السورة (قل الحمد لله رب العالمين). ولكن لماذا حُذفت كلمة "قل" والقرآن يذكرها صراحةً في أكثر من مائة وثلاثين آية أخرى، منها (قل أعوذ برب الناس، وقل أعوذ برب الفلق)؟ ومَن الذي حذفها؟ هل حذفها الله بدون أي مبرر منطقي، أم حذفها محمد وبذلك يكون قد غيّر في كلام الله؟
واختلف المفسرون في عدد آيات هذه السورة، فقال بعضهم إنها سبع آيات لأنهم جعلوا البسملة آية من آيات السورة، بينما لم يعتبروا البسملة آية من آيات بقية سور القرآن. وبعضهم جعلها ست آيات فقط. والذين جعلوها سبع آيات أعطوها أسماء عديدة، فسماها بعضهم "السبع المثاني" لأن هناك آية تقول (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم) (الحجر 87). ولأن المفسرين لم يفهموا المقصود من السبع المثاني، زعموا أنه يقصد سورة الفاتحة ذات الآيات السبع. ولكن المشكلة هنا أن آيات الفاتحة ست وليست سبع. ثم أن "السبع المثاني" أتت في سورة "الحجر" وترتيبها هو 54 حسب ترتيب "النزول"، بينما "الفاتحة" كانت السورة الخامسة. فكيف يرمز الله في السورة الخامسة إلى معني سوف يذكره في السورة 54؟
وقال بعض المفسرين إن سورة الفاتحة اسمها "الشفاء" لما ورد عن الدارمي مرفوعاً، قال: قال رسول الله (الفاتحة شفاء من كل سم). ومن الغريب أن يقول محمد هذا الحديث وهو مات مسموماً بالشاة التي قدمتها له اليهودية يوم غزوة خيبر. فهل نسي محمد أن يقرأ الفاتحة ليشفيه ربه من السم؟ وقالوا إن اسمها "أم الكتاب" (لأن فيها من الصفات ما ليس لغيرها، حتى قيل: إنّ جميع القرآن فيها. وهي خمس وعشرون كلمة تضمنت جميع علوم القرآن) (القرطبي، تفسير الفاتحة). إذا كانت هذه السورة تحوي جميع علوم القرآن، فليس في القرآن أي علوم لأن سورة الفاتحة ليس بها غير دعاء يمجد به محمد ربه.
واختلف المفسرون حتى في مكان نزول هذه السورة، فقال ابن كثير: (هي مكية، قاله ابن عباس وقتادة، وقيل مدنية، قاله أبو هريرة ومجاهد وعطاء. ويقال نزلت مرتين، مرة بمكة ومرة بالمدينة. وحكى أبو الليث السمرقندي أن نصفها نزل بمكة ونصفها نزل بالمدينة). فلو كانت "الفاتحة" سورة "أنزلها" الله على محمد لما اختلف الناس في مكان نزولها. ولكن لأنها دعاء كان محمد يردده، لم يتذكر أحد من الصحابة متى نزلت عليه. فلو كانت قد نزلت عليه وطلب من كاتب الوحي أن يكتبها، لما اختلف الناس في مكان نزولها. وبالطبع ليس هناك أي سبب منطقي يجعل الله ينزل هذه السورة القصيرة مرتين، اللهم إلا إذا عرف أن رسوله وبقية المسلمين لا يستطيعون حفظ هذه الآيات الست. وكذلك لا يُعقل أن يكون قد أنزل نصفها بمكة، وانتظر أكثر من عشر سنوات لينزل الثلاث آيات الأخرى بالمدينة.
وآخر آية في سورة الفاتحة تقول (غير المغضوب عليهم ولا الضالين). ويمكننا أن نفهم أن بعض الناس قد يضلون عن الطريق المستقيم، ولكن لا نفهم كيف يمكن لإله في السماء قد خلق كل هذا الكون بمجراته ونجومه وكواكبه أن يغضب على مخلوقات ضعيفة مثل الإنسان. وفي حقيقة الأمر أن الغاضب هو محمد وليس الله، وسبب غضب محمد هو أن اليهود لم يصدقوه فصب جام غضبه عليهم. وبما أن المسيحيين كذلك لم يصدقوه، قال المفسرون إن المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم المسيحيون. والنتيجة هي أن سورة الفاتحة تثبت أن كل ما قال به محمد من دعاء أو تهجد مثل الفاتحة وسورتي المعوذتين (أعوذ برب الناس، وأعوذ برب الفلق) اعتبره الصحابة قرآناً. ولذا منع محمد الصحابة أن يكتبوا عنه أي حديث، وقال فقهاء الإسلام إنه منعهم حتى لا يختلط عليهم الحديث بالقرآن. وهو قد اختلط فعلاً.
السورة السادسة التي "نزلت" بمكة هي سورة المسد: (تبت يدا أبي لهب وتبّ. ما أغنى عنه ماله وما كسب. سيصلى ناراً ذات لهب. وامرأته حمالة الحطب. في جيدها حبل من مسد).
وأبو لهب، كما نعلم، هو عم محمد، وكان قد أيقن أن محمداً ليس رسولاً ولا نبياً، ولذلك كان يتهكم عليه. فغضب عليه رب السماء، ذلك المقتدر الذي خسف الأرض بقارون لأنه تبجح بماله على بني إسرائيل، ولكنه لم يستطع أو لم يرد أن يخسف رمال مكة بأبي لهب، مع أن خسف الرمال أسهل بكثير من خسف أرض مصر الصلبة، فلجأ إلى الشتم. (تبت يدا أبي لهب وتبَ). (ما أغنى عنه ماله وما كسب)، تماماً كما لم يغنِ عن قارون ماله. "أبو لهب" هذا كان واحداً من تسعة أعمام لمحمد لم يؤمنوا به، فلماذا صب إله القرآن جام غضبه عليه ولم يذكر أعمامه الآخرين؟ القرآن لا يخبرنا بالسبب ولكن المفسرين قالوا إن أبا لهب كان يرمي الأوساخ على محمد عندما يسجد، وكان يتبعه في مجالسه ويقول للناس لا تصدقوه. ورغم أن هذه معارضة سلمية يقوم بها كثير من الناس - كالذين يرمون السياسيين بالبيض - فإن إله القرآن لم ترق له هذه الحرية الفردية، فتوعد أبا لهب بالنار (سيصلى ناراً ذات لهب). ونفس هذا الإله قال إنه لا يحكم على الناس بأعمالهم قبل يوم القيامة، يوم يعطي كل واحد منا كتابه ليقرؤه، ويزن أعمالهم ثم يحكم عليهم حسب الكفة التي ترجح من الميزان (وأما من ثقلت موازينه. فهو في عيشة راضية. وأما من خفت موازينه. فأمه هاوية) (القارعة 6-9). ولكننا نراه هنا قد استعجل ولم ينتظر الميزان، فحكم على أبي لهب بالنار الخالدة ذات اللهب. هل عجز إله القرآن أن يعطي رسوله منطقاً يُقنع به أبا لهب، أو عجز أن يهدي أبا لهب، وهو القائل لمحمد (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)؟
وإذا اعتبرنا أن إله القرآن تمكن منه غضبه على أبي لهب وأصدر حكمه سريعاً قبل انتظار الميزان، فما هو ذنب امرأته حمالة الحطب، حتى تُصلى ناراً ذات لهب؟ يقول المفسرون إنها كانت ترمي الشوك في طريق محمد. يا للهول! رمي الشوك في طريق أفضل خلق الله يوجب الشواء في النار إلى الأبد. أليس من العدل الطبيعي أن يكون العقاب مساوياً للجريمة؟ ثم نسأل أنفسنا: لماذا عيّر الله هذه المرأة بحمل الحطب، والحديث المشهور يقول لنا "لئن يحمل أحدكم حبله ليحتطب، خيرٌ من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه". ولماذا وصف زوجة أبي لهب بحمالة الحطب، بينما قال إن زوجها كان غنياً ولكن لم يغنِ عنه ماله؟ فهل زوجة الغني تحمل الحطب؟ والذي يحيرني أكثر هو أن هذه المرأة المسكينة، والتي سوف تُصلى ناراً ذات لهب، سوف يكون في عنقها حبلٌ من مسد لا يدوم إلا لحظاتٍ في النار. فلماذا اختار إله السماء أن يضع في عنقها حبلاً من سعف النخيل بينما لديه أغلالٌ من حديد؟ (ولهم مقامع من حديد) (الحج 21). والخلاصة أن سورة المسد لم تضف إلى علمنا بالإسلام أي شيء، ولا بمعرفة ماهية الله فوق الذي كنا نعرفه من السور السابقة، وهو أنه إله يلجأ إلى التهديد والوعيد بعد كل آيتين أو ثلاثة. ولنا أن نسأل هنا: إذا كان هذا الإله مهتماً بأمر ملايين الناس وأرسل لهم رسولاً ليهديهم إليه، لماذا لم يركّز قرآنه، خاصة السور الأولى منه لهدايتهم بدل أن يشغل نفسه بشتم رجلٍ واحد وامرأته؟
السورة السابعة حسب ترتيب "النزول" هي سورة "التكوير" وترتيبها في المصحف 81. تقول هذه السورة (إذا الشمس كورت. وإذا النجوم انكدرت. وإذا الجبال سُيّرت. وإذا العشار عُطلت. وإذا الوحوش حُشرت. وإذا البحار سُجرت. وإذا النفوس زُوجت. وإذا الموءودة سُئلت. بأي ذنب قُتلت. وإذا الصحف نُشرت. وإذا السماء كُشطت. وإذا الجحيم سُعرت. وإذا الجنة أُزلفت.)
يكاد أن يكون هذا الجزء من السورة، صورة طبق الأصل من خطبة قس ابن ساعدة الأيادي التي يقول فيها (إنه من عاش مات. ومن مات فات. وكل ماهو آت آت. مطر ونبات. وأرزاق وأقوات. وآباء وأمهات. وأحياء وأموات. وجمع وشتات. وآيات بعد آيات. ليل موضوع. وسقف مرفوع. ونجوم تغور. وأراض تمور. وبحور تموج. وضوء وظلام. وبر وآثام. ومطعم ومشرب. وملبس ومركب. ألا إن أبلغ العظات. السيرفي الفلوات، والنظر الى محل الأموات.. إن في السماء لخيرا. وان في الأرض لعبرا. ليل داج. وسماء ذات أبراج. وأرض ذات رتاج. وبحار ذات أمواج). القس ساعدة ومحمد، كل منهما كان متأثراً بسجع الكهان. فالجزء الأول من سورة التكوير ما هو إلا سجع وقعه جميل على النفس ولكن محتواه خالي من أي معنى أو فائدة. فمحمد يعطينا عدة شروط مسجوعة لا يمكن أن تحدث وعلى الحياة بشر ليشاهدوها ويقتنعوا بها. فهو يقول (إذا الشمس كُورت)، وهو طبعاً كان يتخيل أن الشمس قرص مسطح يسجد عند العرش كل ليلة ليطلب الإذن بالشروق. ثم يقول (وإذا النجوم انكدرت). لم يكن العرب المعاصرون لمحمد يعرفون كيف تنكدر النجوم، فذهب المفسرون مذاهب عدة في تفسيرها. يقول القرطبي: (انكدرت يعني تساقطت وتناثرت.) وأتى بحديث عن محمد يقول "لا يبقى في السماء يومئذٍ نجم إلا سقط في الأرض حتى يفزع أهل الأرض". وقال الضحاك: "تساقطت وذلك أنها قناديل معلقة بين السماء والأرض". وطبعاً لجهلهم في تلك الأيام بماهية النجوم، حسبوها أجساماً صغيرة يمكن أن تسقط على الأرض، ولم يخطر ببالهم أن النجم الواحد أكبر من الأرض آلاف المرات، وأكبر من شمسنا عشرات، بل بعضها أكبر بمئات المرات. فلو سقط نجم على الأرض، لما بقيت أرض ولا أناس يفزعون، كما قال محمد في الحديث، ناهيك عن سقوط جميع النجوم على الأرض التي هي عبارة عن رأس دبوس بالنسبة لمجرة واحدة. فإذا كان الناس والحيوانات سوف يتبخرون بمجرد سقوط النجم على الأرض، من الذي سوف يشاهد هذه الشروط التي وضعها محمد ليوم الحساب؟
(وإذا العشار عُطلت). العشار هي النوق الحوامل، فكيف تُعطل هذه النوق؟ يقول المفسرون إن الناقة الحامل كانت أعز شيء للعربي، فإذا جاء يوم الحشر وقام العرب من قبورهم ورءوا نياقهم العواشر لم يهتموا بها لأنهم مشغولون بأنفسهم، وهذا يعني أنهم عطلوها. وفي الحقيقة فإن العاطل أو المعطل هو جيد المرأة إذا لم تكن عليه القلائد والمصوغات، كما يقول امرؤ القيس: وجيدٍ كجيد الريم ليس بفاحش *** إذا هي نصته ولا بمعطل
(وإذا البحار سُجرت). المسجور هو الشيء الملآن. يقول المفسرون: "إذا سُجرت البحار، يعني مُلئت حتى يفيض بعضها على بعض فتصير شيئاً واحداً. وقيل أرسل مالحها على عذبها" (القرطبي). ولأن أهل مكة لم يكونوا يعرفون الكثير عن البحار، ولم يعرفوا أنها أصلاً متصلة بعضها ببعض، وأنها شيء واحد، بهرهم هذا الحديث واعتبروه برهاناً على مقدرة الله. وطبعاً ليس هناك أي بحار عذبه ليخلطها بالمالحة. فكل تفاسيرهم خبط عشواء بلا علم. وتظل الأية سجعاً لا يفهمه أحد.
(وإذا النفوس زوجت). والنفس في لغة القرآن هي الشخص أو الإنسان، والقرآن يقول (لا تعلم نفسٌ بأي أرض تموت). فإذاً عندما يقول (إذا النفوس زُوجت) يعني إذا الناس زوجوا. وهنا احتار المفسرون فقال بعضهم الزواج هنا معناه أن يجمع الرجل مع القوم الذين كانوا يعملون عمله، أي يجمع أهل اليمين مع بعض وأهل جهنم مع بعض. وقال بعضهم إنما هو زواج أهل اليمين بالحور العين (القرطبي). فالنفوس متزوجة الآن، والإنسان يصادق ويختلط بمن هم من شاكلته، كما يقولون في المثل: إن الطيور على أشكالها تقع، فليس هناك أي شرط أو تهديد في هذه الآية، ولكنه السجع يشجع الساجع أن ينظم أكبر عدد من الكلمات ذات الوقع المتشابه
(وإذا السماء كُشطت). يكشط: تعني يسلخ الجلد عن الجمل أو عن الكبش، وتعني كذلك القلع عن شدة التزاق، أي الفصل بين شيئين ملتصقين. فكيف يكشط الله السماء؟ قال المفسرون إن الله ينزع السماء من مكانها كما تنزع الجلد عن الكبش. فالسماء حسب فهمهم هي بناء سميك كالسقف يمكن أن ينزعه الله من مكانه. وهذا يرجع لفهمهم للآية التي تقول إن السماء والأرض كانتا رتقاً، أي ملتصقتين، ففصلهما الله عن بعض. والكشط كذلك يعني إزالة النتوءات، فنقول: كشطت الحائط، أي جعلته أملساً. فكيف يجعل السماء ملساء؟ (وإذا الجحيم سُعرت، وإذا الجنة أُزلفت)، أي إذا أشعل الله نار جهنم وقرّب الجنة من المتقين، أو قرّب المتقين من الجنة. كل هذه الشروط التي سجعها القرآن، لابد لها من جواب شرط. فما هو جواب الشرط لهذا السجع الجميل؟ أي لماذا يفعل الله كل هذه الأشياء؟ الجواب هو حسب الآية اللاحقة (علمت نفسٌ ما أحضرت). كل هذه المعجزات الخيالية إذا قام بها الله، فسوف تعلم النفوس ما فعلت في الدنيا. هل لابد أن يكون العذاب مسبوقاً بمهرجان يبين عظمة الله؟ وما الفائدة من تبيان عظمة الله يوم الحساب، وهو لن يسمح للمذنبين بالرجوع إلى الدنيا ليؤمنوا به ويحسّنوا سلوكهم؟ كل هذا المهرجان قبل العذاب يعكس روحاً سادية لا تليق برب السماء.
انتهز محمد فرصة أن العرب كانوا مولعين بالشعر والسجع، فسجع لهم كلاماً جميلاً عن الأشياء التي سوف تحدث يوم البعث، ولذلك انبهر العرب بهذا السجع دون أن يتفحصوا معناه، ولم يكن بإمكانهم أن يتفحصوه لأنهم كانوا يجهلون العلوم الطبيعية مثل الفيزياء وعلم الفلك (إلا ما رءوه بالعين المجردة)، ولذلك صدقوا محمداً وقدسوا قرآنه لجمال السجع ولأنه أدخل الخوف في قلوبهم من عذاب الله إذا لم يؤمنوا بما يقوله لهم محمد.
ثم يترك إله محمد المعجزات المذكورة، ويبدأ بالقسم الذي له مكانة خاصة في قلبه، فيقول: (فلا أقسم بالخُنس. الجوار الكُنس. والليل إذا عسعس. والصبح إذا تنفس.) كل الكلمات في هذه الآيات كلمات غريبة على المعاصرين لمحمد ولم يفهما أي منهم، ولكنهم حفظوها لجمال سجعها. يقول المفسرون (الخُنس: هي الكواكب لأنها تخنس نهاراً، ويقال هي الكواكب السيارة دون الثابتة. وقال الضحاك إنها النجوم الخمسة – زحل، المشتري، المريخ، الزهرة، عطارد – لأنها تخنس في مجراها، وتكنس، أي تستتر). يتضح من شرحهم أنهم لم يكونوا يعرفون معاني الكلمات، ولا حتى الفرق بين الكواكب والنجوم، فجاءوا بتفاسير لا تستهوي إلا العقول الفارغة.
أما (الليل إذا عسعس) فتفسيرهم لها يفضح مدي تهافتهم على شرح مالا يعرفون معانيه. يقول القرطبي: (أجمع المفسرون على أن "عسعس" يعني أدبرَ. وقالوا تعني "دنا من أوله وأظلم". وقالوا: أقبل بظلامه. وقالوا: عسعس يعني ذهب. والخليل يقول: عسعس يعني أقبل أو أدبر). فهل فهمنا ما هو معنى "عسعس"؟ وأين هو إجماع المفسرين الذي قال به القرطبي؟ وهذه حيلة المفسرين، دائماً يقولون قد أجمع العلماء، أو أجمعت الأمة، مع أن العلماء والأمة لم يُجمعوا على أي شيء منذ أول يوم ظهر به الإسلام.
على أقل تقدير فإن خُمس القرآن يتكون من آيات تحتوي على كلمات غير مفهومة للعرب، ناهيك عن غير المتحدثين بالعربية. ومع ذلك يقول صاحب القرآن إنه "قرآنٌ مبين". فإذا كان هذا هو القرآن المكي الذي جاء به محمد في بداية دعوته ليقنع به أهل مكة، فلا غرابة أن وصف أبو لهب، وأبو جهل، وأبو سفيان قرآنه بأنه من سجع الكهان وقالوا عن محمد إنه كاهن، فهذه السورة لوحة فنية من السجع لكنها تخلو من أي محتوى قد يفيد الإنسان في معرفة رسالة الإسلام.



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رحاب القراء 2
- تأملات في القرآن المكي 2-4
- في رحاب القراء 1
- تأملات في القرآن المكي 1-4
- تعقيباً على تعليقات القراء على تاريخ القرآن
- تاريخ وماهية القرآن 3 – 3
- تاريخ وماهية القرآن 2 – 3
- تاريخ وماهية القرآن 1- 3
- يقولون ما لا يفعلون
- الإسلام يزرع الجهل والخزعبلات في أتباعه
- المسلمون يحتكرون كل شيء حتى الله
- خرافة العصر الذهبي في صدر الإسلام 3-3
- خرافة العصر الذهبي في صدر الإسلام 2-3
- خرافة العصر الذهبي في صدر الإسلام 1...؟
- مع القراء عن نباح الكلاب
- على نفسها جنت براقش - النباح حول المآذن
- إنجازات الحوار المتمدن
- نفاق وعاظ السلاطين
- حصاد الهشيم - الحلقة الأخيرة
- حصاد الهشيم - الحلقة قبل الأخيرة


المزيد.....




- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - تأملات في القرآن المكي 3-4