أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - رحلة الانثربولوجيا في مسرح ايوجينيو باربا(*)















المزيد.....

رحلة الانثربولوجيا في مسرح ايوجينيو باربا(*)


صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)


الحوار المتمدن-العدد: 2984 - 2010 / 4 / 23 - 12:52
المحور: الادب والفن
    





ان التجارب المسرحية الحديثة مستمرة بفتح طرق جديدة نحو مسرح مغاير لماهو سائد على خشبات المسارح التقليدية وتعّد تجربة المخرج الايطالي(ايوجينيو باربا) واحدة من هذه التجارب التي تنظر الى المسرح بمنظار يختلف عن الاخرين ،ويمتزج فيه الواقعي بالاسطوري .. ويتحول فيه التعبير الى تكنيك يعطي للممثل مساحات واسعة يكشف من خلالها عن مكنون الجسد الذي تشكل في الذاكرة الجمعية للممثل والتي تمتد عبر آلاف السنين وتختلف من مجتمع الى اخر.
لابد لنا من الاقتراب أكثر والتعايش مع (باربا) (انثربولوجيا المسرح) التي يدعو اليها في (مسرح الاودن).
ويعّد كتاب (زورق من ورق) والذي يقدم فيه بعض الاضاءات حول المسرح الذي يريد وقد ساعده في لك وجود المترجم والمخرج المسرحي (قاسم البياتلي) من خلال معرفته بالمصطلحات والمفاهيم التي طرحها (باربا) في كتابه هذا، وإبتداءا بالعنوان الذي يثير تساؤلات عدة قام المترجم بتوضيحها عبر تبيان الفرق بين الزورق و(المشحوف) الذي اشار اليه في المقدمة وقد قام المترجم بتغيير العنوان وذلك لصعوبة فهم كلمة (مشحوف) بالنسبة للقارئ العربي.
ان اضاءات المترجم قدمت تقارباً بين القارئ والمؤلف عبر الترجمة ، وهذا ما جعل الكتاب ومنذ اللحظة الاولى يختلف عن كتب مسرحية اخرى قام بترجمتها مترجمين من غير المسرحيين مما يوقع الكتب في مشاكل ترجمة المصطلح الفني.
يشير (باربا) الى تجاربه الشخصية في حديثه عن (أصل نشأة انثربولوجيا المسرح) ذاكراً سنوات طفولته ومشاهداته للاحتفالات الدينية التي كانت تقام في المدينة التي يسكن فيها ، بدأت كاشفاً عن مفهومه الخاص بالتحول فيقول:( ان التحول هو عبارة عن ثقافة ،وهناك ثلاث متطلبات ينبغي على كل ثقافة ان تمتلكها :الانتاج المادي من خلال التقنيات، التكاثر البيولوجي الذي يسمح بإنتقال التجارب من جيل الى جيل ، وانتاج المعاني واذا لم تكن قادرة على انتاج المعاني فهي ليست ثقافة ) .
ان عملية التحول التي يمر بها الطفل في مجتمع معين تختلف بالتأكيد عن اي تحول في مجتمع أخر ، ويوضح (باربا) ذلك من خلال الحديث عن هجرته في بداية حياته الى النرويج وفي محاولة منه للتجانس مع شعب غير شعبه فإنه عمد الى فهم تعابير الناس في الشارع (كان كل جهدي وإنتباهي مركزاً من اجل التقاط الحركات وتعابير الوجه والابتسامات .. المرحبة، المزدرية، المواسية، اللطيفة، العدائية، الاستسلامية، الهازئة، الحكيمة، وقبل كل شيء ان كانت تلك الابتسامة معي او ضدي ) .
وقد كانت لهذه التجربة الشخصية مداها الواسع في تطوير احد المفاهيم المهمة في المسرح الحديث الاوهو (ماقبل التعبير) والذي يؤكد(باربا) من خلاله على ان الحركات التي يؤديها ممثلوه في (مسرح الاودن) والتي كان يعتقد انها مستمدة من تنوع ثقافاتهم والتي تعود الى البلدان المختلفة التي عاشوا فيها ، او انها تعود رحلاتهم المتعددة والتي تؤدي بهم الى تعلم عادات وتقاليد وثقافة بلدان اخرى هي السبب في ذلك ، الا انه وجد ان التعبير الذي يقوم به ممثل في مسرحه يذكره بتجربة كان قد عاشها في طفولته فيقول ( في كل عرض مسرحي (للاودن ثياتر) هناك ممثل يقوم بشكل غير متوقع ومفاجأ بخلع ثيابه ولا يظهر عارياً بل يظهر مرتدياً ثوباً اخر، وكان اعتقادي لسنين طويلة ان ذلك هو احد استلهامات التأثر بما يحدث في المسرح الياباني –الكابوكي- اي الـ "هيكي نوكى" ) الا أن هذا الحدث الجديد بحسب (باربا) كان قديماً وراسخاً في ذاكرته كما يؤكد قائلاً ( كنت اعتقد انني كنت اقوم بتطبيق اجراءات يابانية ولكني الان فقط ادركت ان هذا اللجوء وهذا الرجوع :هي لحظة لحياة كنت قد عشتها في "كاي بوي" حيث شاهدت القماش البنفسجي وهو يسقط لأرى خلفه المسيح وهو ينبعث من جديد).
ان هذه التجربة التي يطرحها (باربا) إنما يدخل في ما يسمى (توارد الخواطر) كما هو معروف ففي كثير من الاحيان يمر الانسان بمثل هذه التواردات وقد تشترك في تجاربه الشخصية او قد تكون لمشاهدات او لأحداث من نسج الخيال.
وقد سعى (باربا) الى ايجاد تعريف واضح لـ (انثربولوجيا المسرح) وذلك لتفادي الخلط الحاصل بينها وبين علم الانثربولوجيا بحد ذاته فيعرفها قائلا:( ان انثربولوجيا المسرح هي دراسة السلوك المشهدي "المسرحي" لـ "ماقبل التعبير" الذي يوجد كأساس لمختلف الاجناس والاساليب والادوار التقليدية الشخصية والجماعية ) .
ان (باربا) في تعريفه السابق لأنثربولوجيا المسرح يشير الى سلوك الممثل القادم من ثقافة اخرى.. الا ان استخدامه اصطلاح (المشهدي) يمكن ان يعبر عن المشهد المتكامل والذي لايقتصر على الممثل لوحده وانما يشمل كافة العناصر التي تكونه وهي ( الازياء، الديكور، الاضاءة، الموسيقى ، والتقنيات الاخرى) فضلا عن اداء الممثل الا ان (باربا) لايضع في أهتمامه أي عنصر في التكوين المشهدي غير الممثل كما انه يؤكد على الاختلاف بين انثربولوجيا المسرح وغيرها ، الا انه يغفل مسألة مهمة الا وهي، ان الممثل القادم من ثقافة اخرى لابد له ان يصطحب مع تكنيكه الادائي التمثيلي والراقص بعضا من ادواته واكسسواراته التي يستخدمها ليكون طقسه مكتملاً، وقد نسي (باربا) حديثه عن اهمية الزي وما يوحي من دلالات تساعد الممثل في انتاج علاماته الانثربولوجية.
ان تركيز(باربا) في تعريف (انثربولوجيا المسرح) على الممثل ضمن بنية مشهدية كاملة يعطي دافعا قوياً للقول ان مسرحه هو مسرح ممثل لذلك فهو يعود الى صياغة تعريفه لأنثربولوجيا المسرح قائلاً:( ان انثربولوجيا المسرح هي دراسة حول الممثل ومن أجل الممثل انها علم برجماتي) ومن خلال هذا التعريف الجوهري الذي يريد (باربا) ان يدخل عبره الى تفاصيل تدريب الممثل ويبدأ بتقسيم الممثلين الى (ممثل شمالي وممثل جنوبي) ويرفض تسمية (المسرح الشرقي والمسرح الغربي) .
ان اختزال تسمية المسرح بـ شخص( الممثل هو غرض من اهم اغراض باربا) في رفع درجة الاهتمام بالممثل في مسرحه، الذي يدعم سلطة التعبير عن المسرح الذي يريد وبهذا الاسلوب لذلك نلاحظ ان (مسرح باربا) هوبحث في تكنيك الممثل سواء كان (شمالي او جنوبي) ومحاولة لإيجاد نقاط التشابه والاختلاف بينهما.
وقد اثارت مقولة جيرزي غروتوفسكي المعلم الاول لـ (باربا) الانتباه ، فهو يقول: ( ان التعبير الحقيقي هو تعبير الشجرة وفي توضيحه لذلك قال : لو اراد الممثل ان يعبر فسيكون منشطراً الى قسمين ، جانب يريد وجانب يعبر، جانب يعطي الاوامر والآخر يقوم بإنجازها ).
ان رأي غروتوفسكي هذا يمنح الممثل تكثيفاً عالياً في عمله ، وهو قريب من وجهة نظر ستانسلافسكي حول علاقة الممثل مع نفسه وعلاقة الممثل بدوره على خشبة المسرح.
ان (باربا) يركز في اهمية تكوين علاقات بين المسرح في الشرق والغرب ليتماهى كل منهما في الآخر ، من خلال حديثه عن مفهوم الارث المسرحي الذي تركه عمالقة المسرح عبر سنوات طويلة واختبارات لتجارب لاتعد ولاتحصى .. ليطرح وجه نظره الشخصية حول الإرث قائلاً:( ان الارث كعلم مخفي، يقوم بإصطياد من يرثه ، ان المادة الاولية في المسرح ليست هي الممثل ،او الفضاء او النص ، بل هي انتباه ونظر وسمع وفكر المتفرج. ان المسرح هو فن المتفرج) يطرح (باربا) رأياً مغايراً لما كان يدعو اليه حول اهمية الممثل في بناء العرض المسرحي .. ليكون المتفرج المتفاعل مع العرض الاهمية الاولى في ترجمة العرض، من جهة اخرى فإن(باربا) يتبنى فكرة تطوير ما يسميه "مسرح الايرو –اسيوي" وهو لايركز في ذلك على بنايات المسارح الموجودة في المدن الكبرى من أسيا وأوروبا وإنما نراه يتعمق في بحثه عن الثقافات والسلوكيات التي تتبعها الاقوم في تلك المدن ،في محاولة منه لخلق خليط بين تلك الثقافات والتعبير عنها عبر أجساد ممثليه في أي زمان ومكان ذلك المسرح الذي يدعو اليه ، هو مسرح لايدع مكاناً للحدود الثقافية بين دول العالم كافة.



















(*) زورق من ورق ، اوجينيو باربا ،ترجمة قاسم البياتلي ، مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.
جميع النصوص الواردة في هذا الموضوع هي للمصدر نفسه.



#صميم_حسب_الله (هاشتاغ)       Samem_Hassaballa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحنة العراقية في نص مسرحي من أميركا اللاتينية ..اين العذرا ...
- الدراماتورج .. وتعدد المفاهيم !!(*)
- رؤى كلكامش ....خدعة الحلم !!
- بعد الطوفان 2003 .. حرية في الحركة.. هروب من المعنى !!
- تحت فوق / فوق تحت .. المسرح واللامسرح ؟
- الكتابة ودلالات المعنى واللامعنى؟
- ساعات الصفر….التجريب – التخريب ؟
- العراق مسرحاً للأحداث !
- ذاكرة الابرياء ؟
- ورشة كاليكولا.. محاولة للبحث عن المدهش !!
- غرفة الإنعاش .. بين الموت والضحك !
- مسرحية : -نساء في الحرب-
- -كاسبار- حلم بالموت
- أضغاث أحلام تعود بالمسرح الي الواقعية
- مقال للنشر
- الحداد لا يليق بالطغاة
- أسرار العرض المسرحي وحرية التلقي
- جدلية العلاقة بين الممثل المسرحي .. والآخر الاجتماعي
- سبتمبر يطرق الابواب..!
- الفرق المسرحيةالعراقية وحلم العودة الى الواقع


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - رحلة الانثربولوجيا في مسرح ايوجينيو باربا(*)