أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - صدمة الحقيقة.. في شرم الشيخ















المزيد.....

صدمة الحقيقة.. في شرم الشيخ


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2983 - 2010 / 4 / 22 - 00:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العلاقات بين الدول ليست مجالا للأعمال الخيرية وإنما تحكمها المصالح وهذه المصالح تحركها موازين القوي، ولأن موازين القوي في النظام الاقتصادي العالمي تميل بصورة ساحقة لصالح دول الشمال الغنية، فإن هذه الأخيرة تملي شروطها وتفرض إرادتها علي دول الجنوب الفقيرة والمستضعفة التي أصبحت مثل الأيام علي مائدة اللئام. ولم تصبح هذه الحقيقة في حاجة إلي برهان لأن الأدلة عليها تسد عين الشمس!
ولهذا.. دأب الذين لا ينطلي عليهم الكلام المعسول لـ »أهل القمة« في دافوس وغيرها من المحافل التي يسيطرون عليها علي تذكير الناس اللي تحت بأنه لا بديل لهم عن التكاتف سويا من خلال فتح القنوات المغلقة والمسدودة بين دول الجنوب وتعظيم التعاون بينها ومحاولة توحيد صفوفها من أجل تحسين فرصها في التفاوض مع »الناس اللي فوق«.
ولم تتبدد هذه الدعوات في الهواء، بل ظهرت مبادرات متعددة للتعاون بين الدول النامية، ونشأت تكتلات سياسية واقتصادية متنوعة فيما بينها، سواء أثناء الحرب الباردة أو بعد سقوط حائط برلين.
ومن هذه الكيانات تجمع »الكوميسا«.
هذه التسمية التجريدية هي الحروف الأولي من الاسم الرباعي لـ »السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا« هذا التجمع الذي نشأ عام 1994 يضم 19 دولة إفريقية يبلغ إجمالي عدد سكانها ما يقرب من 400 مليون نسمة أي أنها سوق كبير نسبيا ويمكن للتعاون فيما بين دولها وشعوبها أن تكون له ثمار عظيمة.
وبالفعل.. توجد إمكانات هائلة لهذا التجمع الإفريقي، كما أنه حقق نجاحات لا يجب التهوين من شأنها في السنوات الماضية، كما أن مصر قد استفادت منه بدرجة ما خاصة بعد الاتفاق علي إعفاءات جمركية بين عدد كبير من دول تجمع الكوميسا وقد وقعت مصر وثماني دول أعضاء في الكوميسا عام 2000 اتفاقا بمنح إعفاء جمركي كامل من الرسوم الجمركية المقررة علي الواردات المتبادلة بشرط أن تكون هذه الواردات مصحوبة بشهادة منشأ الكوميسا.. هذه الدول الثمانية هي كينيا والسودان وموريشيوس وزيمبابوي وزامبيا وملاوي ومدغشقر وجيبوتي، ثم انضمت إليها عام 2004 كل من بوروندي ورواندا والمفاوضات جارية لتفعيل هذا الاتحاد الجمركي لتجمع الكوميسا وتوسيع نطاقه.
وليست الإعفاءات الجمركية هي الميزة الوحيدة بطبيعة الحال، بل إن هناك مشروعات مشتركة كثيرة يمكن أن تغير وجه الحياة في دول هذا التجمع الإفريقي، إذا ما تم المضي فيها بجدية وبتوخي الحرص علي تحقيق المصالح المشتركة للدول الأعضاء.
ومن هنا تأتي أهمية المنتدي الثالث للاستثمار لتجمع الكوميسا الذي عقد في شرم الشيخ يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، ولم يقتصر علي وفود من بلدان التجمع الإفريقي، وإنما شاركت في أعماله مؤسسات رسمية وخاصة وممثلو، دول من خارج التكتل أيضا، وهيئات دولية وتجمعات إقليمية أخري رفيعة المستوي.
وطرحت علي جدول الأعمال قضايا ومشروعات بالغة الأهمية وتم التداول حول أرقام فلكية بمليارات الدولارات.
وأبلت وزارة الاستثمار بلاء حسنا في التحضير الجيد لهذا المنتدي الثالث، كما كان أداء الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار فعالا وذكيا وعمليا للغاية.
وهذه النجاحات المصرية في المنتدي، سواء فيما يتعلق بأداء وزارة الاستثمار أو المبادرات المصرية الخاصة ـ وكذلك نجاحات وإنجازات الكوميسا خلال السنوات الماضية كانت موضع اهتمام كثير من التقارير الصحفية التي نشرت أثناء وبعد انعقاد منتدي شرم الشيخ، وستكون موضع اهتمامنا في مقالات لاحقة.
لكن المسألة التي ميزت هذا المنتدي الثالث من وجهة نظري والتي يجب ألا تفوتنا دلالاتها في هذه المقاربة الأولية لما جري في شرم الشيخ يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، هي الصراحة التي فرضت نفسها والتي لا نألفها في مثل هذه اللقاءات حيث تعودنا علي الكلمات الدبلوماسية والشعارات المستهلكة والأقوال المعسولة التي ليس لها في الأغلب رصيد في الواقع.
في شرم الشيخ حدث العكس تماما ومنذ الجلسة الأولي حيث وضعت الفاتنة الإفريقية القادمة من زامبيا السيدة امبيزا مويوم يدها علي الجرح وقالت بصريح العبارة إن آلاف المؤتمرات تعقد وتنفض وتتحدث عن الاستثمار ولا شيء يحدث وأن هذا الحديث المعسول يمكن أن يتكرر مئات وآلاف المرات ولن يتغير شيء علي أرض الواقع إذا لم يتغير موقف الدول الإفريقية الأعضاء في تجمع الكوميسا في أربعة مؤشرات.
ـ مؤشر الفساد الذي تحتل فيه الآن معظم الدول الأعضاء في الكوميسا وضعية سيئة حيث لايزال الفساد مشكلة بالغة الخطورة في إفريقيا عموما.
ـ مؤشر التنافسية الذي يظهر منه أن وضع القارة الإفريقية غاية في الضعف.
ـ مؤشر تصنيف الجدارة الائتمانية.
ـ وأخيرا مؤشر أداء الأعمال.. الذي يبين أن العديد من الدول الإفريقية لاتزال من أصعب الدول من هذه الزاوية مع بعض الاستثناءات حيث استطاعت رواندا أن تحرز تقدما ملموسا واستثنائيا جعل رؤوس الأموال تتدفق عليها بالنتيجة كما أن كينيا تحرز تقدما معقولا.
وإلي جانب دلالة هذه المؤشرات وما يجب علي دول الكوميسا أن تفعله لتغيير موقعها عليها أشارت دامبيزا مويو إلي استحالة إفراز تقدم اقتصادي في غياب الإصلاح السياسي.
وإذا كانت كلمات دامبيزا مويو بمثابة »دش بارد«، في الجلسة الأولي، فإن الدكتور مويو نائب رئيس بنك التنمية الإفريقي لم يكن أقل صراحة بل ربما يكون الأدق هو أن كلمته في الجلسة الأولي أيضا وضعت الجلسات التالية كلها علي المحك حيث قال دون مواربة أخجل مما تحقق في تجمع الكوميسا خلال السنوات الماضية خاصة إذا نظرنا إلي ما لم يتحقق وليس فقط إلي ما فعلناه في تاريخ هذا التجمع الإفريقي.
وانتقد تركيز الاهتمام علي جذب رأس المال الأجنبي، بينما الأولي بالرعاية هو تذليل العقبات أمام رأس المال المحلي الإفريقي فما لم نؤمن بقدراتنا لن يؤمن بها الأجانب.
وطالب المشاركين بألا يتحدثوا فقط عن الفرص بل ن يتحدثوا أيضا وأولا عن التحديات والعقبات مشيرا إلي أن رجل الأعمال الإفريقي يجب أن يتعلم 19 أسلوبا للتعامل مع 19 دولة عضوا في الكوميسا وأن يحصل علي 18 تأشيرة دخول إلي كل دولة من دول هذا التجمع الذي يفترض أنه منطقة اقتصادية واحدة بينما الواقع يقول إن وحدته صورية وأوضاعه الفعلية مروعة وأحد الأمثلة علي ذلك أن تكلفة الحصول علي السلع والخدمات به أعلي من تكلفة الحصول عليها في الاتحاد الأوروبي.. ولذلك فإنه لا جدوي من بحث المشاكل الدولية إذا لم تكن لدينا شجاعة الاعتراف بالمشاكل المحلية والعمل الجاد علي حلها.
هذه الصراحة هي بداية الطريق وإذا لم يكن منتدي شرم الشيخ قد أحرز سواها لكان ذلك كافيا له.. لكنه لم يفعل ذلك فقط.. ولهذا حديث آخر.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داوستاشي.. بدون تعليق
- ... حتى التصوف.. بقرار جمهوري!
- هل يتجه الاقتصاد العالم إل »التدمير الخلاق«؟!
- -شهادة- إنسان مصرى بدرجة قاضى دولى:كيان الجماعة المصرية مهدد ...
- »المستنير »دادا«.. في قلب العتمة
- كل هذا العبث.. من أجل انتخاب -نصف رئيس-؟!
- فيروس التفكك .. الزاحف على ضفاف النيل
- »رسائل البحر«.. في مرسي مطروح
- سلامتك .. يا وطن
- العلم يا ناس!!
- مجلس الدولة يحكم ب -وأد- المصريات!
- مخالب دولية لاتفاقية مكافحة الفساد
- معاقبة صحفَّية.. بسبب أمانتها المهنية!
- حتي القضاة.. معرضون للخطأ
- سعد هجرس : الخرافة تسيطر على فكر المصريين والعقل يتراجع
- هناك شيء عفن.... فى البرلمان!
- تحذير دولى للنائمين فى العسل .. مصر... دولة فى وضع -حرج-
- بدلاً من خطاب الشكوى .. وبديلاً عن استراتيجية المراوغة
- وقائع خطيرة تستدعي وضع النقاط علي الحروف .. من الذي يحمي كل ...
- قبطى.. لامؤاخذة!!


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - صدمة الحقيقة.. في شرم الشيخ