أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - اول اوكسيد الكراهية















المزيد.....

اول اوكسيد الكراهية


عماد عبد اللطيف سالم

الحوار المتمدن-العدد: 2981 - 2010 / 4 / 20 - 00:08
المحور: كتابات ساخرة
    


اول اوكسيد الكراهية

عماد عبد اللطيف سالم


1

• يعد غاز اول اوكسيد الكاربون من الغازات "عديمة اللون والطعم والرائحة" .
• وهو غاز " قابل للاشتعال ".. حيث يتحول الى ثاني اوكسيد الكاربون .

• وحين يتم خلطه ( في حيز مغلق ) مع الهواء والاوكسجين ( بنسب معينة ) يكون قابلا للانفجار " في وجود لهب او شرر " .
• وهذا الغاز مسؤول عن العديد من الوفيات " سواء اكانت عرضية او انتحارية ".

• كما يتسبب في وفاة اكثر " ضحايا الحرائق " ... وقبل " امتداد النيران اليهم " .
• وهذا الغاز هو واحد من " السموم المفضلة " لمن يحاولون الانتحار "لسهولة الحصول عليه "
• ولايمكن استخدام هذا الغاز بهدف " التهديد بالانتحار " .. اذ انه سرعان مايسبب حالة فقدان للقدرة على الحركة والنطق سابقة على حالة غيبوبة الوفاة " بحيث لاتسمح بالعدول عن نية الانتحار لدى المنتحر ... اذا رغب في ذلك ."



2

كانت ايام العراق البريطاني ... والعراق الملكي ... هي ايام الاوكسجين ... وثاني اوكسيد الكاربون ... وايام "الانتقال من الاقطاع الى الرأسمالية " ... ايام لم يكن فيها "اول اوكسيد الكراهية" قد كشر عن انيابه بعد .


3


ومع ظهور "اول اوكسيد الكراهية" طرأ تحول انتكاسي على النمط الانتقالي للتنمية في العراق.. فبدأ نمط الانتاج السائد " يرتد عكسيا " من " الاشتراكية العربية الرشيدة " الى "رأسمالية الدولة الوطنية" الى "رأسمالية البرجوازية الريفية الرثة وتطورها الرث " الى "اقطاعيات شيوخ العشائر وملوك الطوائف " .. وبين هذا وذاك.. تريفت السلطة.. وتمدين الريف.. واندثرت الطبقة الوسطى (او فقدت اخلاقياتها وقيمها القديمة) .. وعدنا الى عصور ماقبل الصناعة .


4


وجميع هذه التحولات " الانحطاطية " تمت خلال خمسين عاما " فقط " من الزمان العراقي المهدور في الفوضى والعبث.. وقبل كل " مرحلة تاريخية " من مراحل القهر العراقي هذه " كانت سحابة الغاز السام تلوح في الافق.. وكان العراقيون ( بقدرتهم المذهلة على التنبؤ بالكوارث القادمة )... يرصدون بخوف وذهول .. وقبل بداية كل مرحلة من مراحل الانتقال هذه .. التغلغل الاول لغاز اول اوكسيد الكراهية في خلاياهم المستباحة .




5





غير ان الأمر لايقف عند هذا الحد " الهذياني " ( في بعده الاجتماعي على الاقل ) .
• اذ سرعان ماانتبه الاقتصاديون العراقيون الى حقيقة مروعة مفادها ان صناع غاز اول اوكسيد الكراهية .. ومسوقيه ( من تجار الجملة والتجزأة ) يدركون جيدا "نظرية الدفعة القوية" كرافعة تنموية اساسها الصناعة والتصنيع للداخل .
• كما يدرك هؤلاء الاوغاد ايضا عبء المقايضة بين رغيف الخبز وبين البندقية .
• و يعرف (قادة الغفلة) هؤلاء ان عبء تخصيص الموارد يتفرع عن هم اكبر .. هو هم الندرة.. ومن ثم فان السؤال الذي يلح عليهم ويقض مضاجعهم هو هل يستخدمون موارد البلد المحدودة لانتاج المزيد من الخبز والزبدة .. ام لانتاج المزيد من البنادق ؟
• ان هؤلاء "الرعاة" يعرفون ان انتاج رغيف الخبز واستهلاكه ليس له محددات واشتراطات تتناقض او تتقاطع مع المنطق الاقتصادي السليم (حتى بابعاده السياسية والنفسية ) فهو ينتج ويستهلك لتوفير الحد الادنى من متطلبات بقاء " الرعايا " احياءا ( ومنتجين ) وفي حدود الموارد والامكانات ودوال الانتاج المتاحة .
• اما افضل مالايعرفه هؤلاء ( واكثره خطورة ) فهو قيام البندقية بفرض اشتراطاتها الخاصة بها بمجرد انتهاء عملية انتاجها.. وتسويقها الى ايدي اولئك الذين لم يصل اليهم رغيف الخبز بعد ... او انه وصلهم بمقدار غير كاف لاشباع الحد الادنى من احتياجاتهم البايولوجية .
• فالبندقية ليست سلعة للاستعمال او بضاعة للمقايضة فقط .ان البندقية تفرض منطقها الخاص على المنتج والمستهلك.. كما تفرض قوانينها الخاصة على الاقتصاديين والسياسيين معا .
• البندقية تتحول من " متغير تابع " الى " فاعل مستقل " بمجرد طرحها للوحدة الاولى من "منفعتها الحدية" ... اي بمجرد ضغط المستهلك الاول على الزناد ... واطلاقه الرصاصة الاولى على المستهلك الاخر.
• ان البندقية ( كمنظومة فكرية – عقائدية ) ليست عاقرا... فهي ولادة ... وولودة . وهي لاتحتاج ( لكي تؤسس للخراب الملحق بوظيفتها ) المزيد من عناصر الانتاج ... لتتناسل وتلد الاطفال .
• وهؤلاء الاطفال يكبرون... ويحلمون بفرصة عمل .. وبرغيف خبز حار ... وبرشفة ماء ( غير اسن ).. ومنهم من يحلم بالزواج من حبيبته .
• وفي شوارع تكتظ باليائسين ... يتجول " الرعاة الجدد " نافثين غازهم " الدفيء " على رعاياهم البررة .
• عندها ستكتمل حلقات " التنمية العراقية المستدامة " ... فيتزوج الرجال بنادقهم (وليس حبيباتهم)... وينجبون بنادقا ... لاتحتاج الى خبز او زبدة .
• وهكذا يتم تعظيم " دالة رفاهية الرصاص ".. ويصبح اول اوكسيد الكراهية رمزنا الوطني ... وليس " عارنا " المعلن على الملأ .




6


وعلى خلاف الكثيرين من " الاقتصاديين الافذاذ " ... "وخبراء المراحل الانتقالية الجدد".... " وبدو المناطق الرمادية الرحل " ... فان التنانين النافثة لأول اوكسيد الكراهية ( في سهول وجبال وصحارى بلدي ) تعرف "امثلية باريتو" جيدا : -
• فاذا كنت تريد ان تحقق قدرا اكبر من الرضا لفرد... فما عليك سوى الحاق الضرر بفرد اخرفالموارد محدودة... ولاتكفي لتحقيق الرضا للجميع .
• واذا كنت تريد زيادة اشباعك... او تعظيم منفعتك وحدها ... فما عليك سوى تقليص منافع الاخرين ... ومحاصرة المجال الحيوي لمصالحهم ... فالريع محدود ... والنهابون اكثر شراهة من الجراد .. في حقول نفطنا الجرداء من السنابل .
• واذا كنت تريد اعادة انتاج المزيد من الكراهية.... دع الاخرين يستفيدون من "وفورات الحجم " واياك و " ثبات الغلة " .
• وبينما تدفع الندرة بناة الدول الاخرى الى توخي افضل كفاءة توزيعية ممكنة للموارد .. بهدف تحقيق افضل اشباع ممكن للحاجات (الانية والمستقبلية لمواطنيهم) .. فان هاجس الندرة بالنسبة " للتنانين الشريطية المحورة عراقيا " يدفعها دائما الى البطش ببعضها .. وبالموارد المتاحة.. بكفاءة ليس لها مثيل حتى في الفنطازيا الاقتصادية – الكلاسيكية – الماركسية – المجيدة .
• وعند هذا الحد .. ستحل علينا " فوضى هوبس " ولعنته معا ... حيث الكل ضد الكل ... في حمى هدر عبثي للموارد والامكانات لم يسبق لبلد متخلف ان شهد له مثيلا من قبل.




7



• هذه التنانين الطفيلية .. تحول البلد الى مستحيل ... وحين تنفث غازها السام ... فانها تواصل تفريغ هذا البلد من المعنى .
• وفي البلد المكتظ بالتنانين والابخرة ... تنعدم المخيلة ... ويصبح ورثة " الطاغية المتعسف المهووس بالسلطة المطلقة " عارا وطنيا على وطنهم " الافتراضي " ... وعارا شخصيا على ذواتهم الرثة .
• ان هذه التنانين الاسفنجية.. الضئيلة كالسحالى ... لاتؤمن بغير القصاص من الاخر .
• " بيد ان القصاص هو العدالة الصغيرة . عدالة لاتتأمل في ذاتها .. ولاتنتج مفهوما للعدل والظلم .. ولاتؤسس معيارا ضابطا للقيم . "
• وحين يكون القصاص من " الأخر " بدلالة القرابة ( ايا كانت ) لا بدلالة القانون ... فانه يصبح ثأرا .. ويصبح كل فرد " طالب ثأر " من الأخر . وحين يسعى كل فرد الى الاخذ بثأره ... فأن مجموع هذه " الثارات " سيشكل " الثأر المحلي الاجمالي ".
• وهكذا سيتمكن المجتمع المأزوم اخيرا من الثأر لذاته- من ذاته ( في مقاربة مبتذلة لمقولة ادم سمث التي مفادها ان مجموع مصالح الافراد .. هي المصلحة العامة للمجتمع الذي ينتمون اليه ... وان سعي كل فرد منهم لتحقيق مصلحته الخاصة ... سيعمل على تحقيق مصالح المجتمع بكل فئاته ) .




8




قبل عشرين عاما قرأت لـ " اوكتافيو باث " هذه الكلمات الواخزة... كسكين في القلب : -

• الجسد لايزال مقفلا .. الروح لاتزال مقفلة .. حتى ان الذباب يلتقط الدموع ... وياخذها الى صناديق القمامة ... انهم يأخذون ارواحنا الى صناديق القمامة .
• هل سبق لكم وشاهدتم الزلاجة التي تجرها الكلاب ؟ ماحصل لنا ان احلامنا .. كل احلامنا ... كانت تجرها الكلاب .

• كنت اكره " ارثر شوبنهاور " كثيرا .. انه الرجل الذي يشبه القبر . كان ينصحنا بان نستعمل جثثنا استعمالا رديئا للغاية . ومع ذلك فان قليلا منا اخذتهم العدمية . فقد كان مستحيلا علينا .. نحن الذين نتوهج كالعشب .. ان نملأ افواهنا بالرماد ... ونموت .

• ليس صحيحا اننا نشبه الوحول . ان الانسان يشبه النهر .. والنهر الذي يحمل الماء يحمل اشياء اخرى كثيرة . اما الوحول فتمشي في خط مستقيم الى رؤوس الجنرالات .

• الانسان هو لغتي الوحيدة ... ولايمكن لأي تابوت ان يستوعبني .

• لاتعود السمكة سمكة حين توضع في الحقيبة .

• ارجوكم لاتحدثوني عن الخبز ... انني اكره الخبز ... حدثوني دائما عن الحرية .

• ان الثورات ماتت منذ زمن طويل . وعندما يتحدثون الان عن "ارنستو تشي غيفارا" فكما لو انهم يتحدثون عن " توت عنخ امون ".

• كان هناك رجال يشبهون الجبال .. لكننا ارغمناهم على السقوط . كل دموعنا لاتكفي لغسل هذه الخطيئة الكبيرة . لكننا نرتكب الخطيئة كما لو اننا نغتسل بالوردة .

• نحن هنا نولد وفينا حنين كبير الى الحزن . لاندري لماذا . ربما لاننا نسمع انين ابائنا عندما نكون في بطون امهاتنا .

• حين يعرف الجنين .. وهو في بطن امه .. كم ان عذابنا مدمر ومرير .. يطلب العودة من حيث اتى . اطفالنا هنا يولدون رغما عنهم .

• البيت الابيض هو سقفنا . اياكم ان ترفعوا رؤوسكم لئلا تصبح ... زجاجا .

• لماذا لانرفع صوتنا عاليا ونقول ان "كارل ماركس" عندما درس الكائن البشري .. بدا كما لو انه يدرس ... القطارات .

• الايديولوجيا جافة وثرثارة . هي تأخذ الكلام الذي اعطتنا اياه امهاتنا.. كما اعطتنا اياه الاشجار ... ثم تضعه في اشرطة ميتة .

• ان ثاني اوكسيد الكاربون يحطم الجسد . ومن خلال ثاني اوكسيد الشيوعية .. بعثوا الينا بالايديولوجيا لتحطيم ارواحنا .



9



• المجد للقوة
والعار للحق .


• المجد للانظمة
والعار للانسان.


• المجد للصدفة
والعار للضرورة .


• المجد للتفاهة
والعار للعقل .


هكذا يتم التأسيس للخراب ...... في مجتمع مأزوم .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الابعاد الاقتصادية لاتفاقية سحب القوات الاجنبية من العراق
- وطن لايتسع لصباحات أمي
- قطار بغداد...
- يومياتِ يُتم ٍ غيرُ مُعْلَنْ
- اعداد ومناقشة واقرار الموازنة العامة الاتحادية في العراق
- ملاحظات عن الشأن الاقتصادي في مذكرات بول بريمرعن مهمته في ال ...


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - اول اوكسيد الكراهية