أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير قوطرش - حنان الفلسطينية














المزيد.....

حنان الفلسطينية


زهير قوطرش

الحوار المتمدن-العدد: 2978 - 2010 / 4 / 17 - 01:33
المحور: الادب والفن
    



رفع فنجان قهوته وتناول منه رشفة صغيرة, ثم أعاده ووضعه بهدوء على الطاولة ,وهو يحاول الإجابة عن سؤالي .....لكنه تمهل عن قصد . نظر إلى زوجته رفيقة عمره والتي كانت تشاركنا جلستنا الحوارية هذه بعد سنوات من الفرقة بيننا لأسباب وظروف خاصة, رمقها بنظرة خاطفة ,وكأنه أشار عليها أن تذهب إلى المطبخ لإعداد بعض من ألوان الطعام ,كوني كنت ضيفهم الأول الذي حل عليهم بعد هجرتهم من الوطن.حاول تجميع أفكاره لصياغة الإجابة المناسبة ,وما أن بدأ الحديث ,شعرت وكأن حباله الصوتية قد أصيبت برجفة بسيطة دلت على مدى تأثره وخوفه من الإجابة عن سؤالي. لكنه أشار إلى صورة معلقة على الجدار ,وكانت تضم ثلاثة أطفال صغار ,وأجابني .... كما ترى رزقنا بثلاثة أولاد ,طفلة ,وولدين .استغربت تأثره ومحاولة هروبه من الإجابة على سؤالي الاعتيادي . قلت له ما شاء الله وليحفظهم الله. سألته .....
وما هي أسماءهم ؟ ...أجابني ..البنت أسمها حنان الفلسطينية ,أما الأولاد ,فهما ثائر ,ونضال الأشقر.....َصَمتُ للحظات , وأنا أفكر بما قاله لي ....ومن ثم نظرت إلى الصورة من جديد كوني استغربت أن تكون للطفلة كنية تختلف عن كنية الأولاد .ومن فوري سألته:....لم أفهم عليك ماذا تقصد ,هل البنت أبنتك ؟...أجابني ...لا تسرح بخيالك يا صديقي ... أنها ابنتي التي لا مثيل ,أنها جزء من وجودي الحي....أجبته... شيء جميل ولكن لماذا اختلفت كنيتها عن كنيتك....رشف من فنجان القهوة مرة أخرى ,ومن جديد غاب في صمت شعرت من خلاله أن في الأمر لُغزاً.وبعد لحظات التفت إلي ,وسألني ...ألسنا نحب فلسطين ونعتبرها قضيتنا المركزية في نضالنا الوطني,ونفدي شعبها بكل ما نملك....أجبته بالطبع ....لكن هذا لا يبرر أن تكون كنية طفلتك (الفلسطينية) مختلفة عن كنيتك.
هز برأسه قائلاً ....نعم يا صديقي أنها حنان الفلسطينية ,هكذا نناديها في البيت أنا وأمها ,أما كنيتها الرسمية ... هي أشقر ...أجبته.... شيء جميل حقاً ,ولكن لماذا لم تعطي نفس الكنية لأبنك ثائر أو نضال. ... أجابني....أنها هي صاحبة الحق في هذه التسمية .....صمت قليلاً ومن ثم ...سألني ...هل أنت مصر لمعرفة الحقيقة ...أجبته أبداً ...كما يقال في علم السياسة أنها قضية داخلية ,لا يمكنني التدخل بها....أجابني ....أبداً .. أنا وزوجتي اتفقنا أن نطلعك على السر كونك أخاً وصديقاً لي وللمرحوم الشهيد سامر .....
وبدون مقدمات ...فاجئني بقوله.... حنان ليست ابنتي البيولوجية ,أنها ابنة زوجتي... استغربت حديثه ...كوني أعرف زوجته منذ الصغر, واعرف أنها لم تكن متزوجة ,واعلم أنهما تزوجا وأقاما عرساً لم استطع حضوره.... ثم تابع حديثه قائلاً.....حنان هي ابنة صديقنا المرحوم الشهيد سامر....لم أصدق ما أسمع ,....ماذا تقول !!!! أجابني.... أنها الحقيقة ...سألته بحيرة....كيف حصل هذا ؟... شرد بفكره بعيداً ثم سألني .... ,هل تذكر أيام الحرب الأهلية في لبنان؟....قلت له بالطبع ,وهل تذكر أن والد حنان سامر كان متطوعاً يعمل في الجيش كخبير....أعلم ذلك..,يومها اختلطت الأوراق السياسية ,وجاءت الأوامر إلى الفرقة التي كان يخدم فيها بالهجوم على معسكر للفلسطينيين ,رفض سامر تلك الأوامر وأعلن يومها تمرده على الضابط المسئول ,الذي حاكمه فوراً محاكمة ميدانية عسكرية ,وأطلق عليه الرصاص ليرديه شهيداً......أجبته أتذكر تلك الحادثة ...رحمه الله ,لقد كان مثال الوطنية وأتذكر ما قالوه لنا رفاقه أنه وقبل سقوطه على الأرض بعد إطلاق النار عليه قال للضابط
"أفضل أن أموت على أن أقتل أخاً لي من فلسطين ,يعيش في مخيم ويدافع عن قضية عادلة" ...وتابعت حديثي معقباً......
. شاب عاش من أجل مبادئه ومات من أجلها.أتذكر الحادثة وأتذكر عندما كان يقول لنا دائماً ...الحياة مبدأ وموقف. أتذكره وكأنه أمامي الآن ..بلون سحنته السمراء, وشعره المجعد ,وعيونه الخضر .شاب كانت لا تفارق محياه الابتسامة ,شهماً ودوداً ,صادقاً ...صمتنا معاً صمت حداد للحظات على ذكراه العاطرة.
ثم تابع حديثه قائلاً...سامر قبل استشهاده كان قد كتب كتابه على زوجتي ,وكانا بانتظار الإجازة من أجل عقد القرآن....وحدث ما حدث....,وبعد أن تمت مراسم الدفن . جاءتني سعاد ,وهي تناشدني باسم كل الأنبياء والصالحين أن استر عليها....لم أفهم يومها ماذا كانت تقصد ,وبخجل أخبرتني أنه بعد كتب الكتاب,دخل فيها سامر ,وهي حامل الآن....طلبت مني مساعدتها من أجل إسقاط الحمل بأسرع ما يمكن كوني أعمل في مستشفى للولادة ....صدقني يا أخي في تلك اللحظة, وكأني رأيت سامراً يقف أمامي وجهاً لوجه , وهو يرفع العلم الفلسطيني ويطلب مني أن لا أتخلى عن حبيبته التي من أجل مبادئنا السامية وحبه لفلسطين ,ضحى بحبه لها......
وتابع حديثه .... وبدون تفكير ....سألتها ....هل تقبلين بي زوجاً.. صمتت وقد تسمرت الكلمات على فمها....طلبت إليها أن تعود إلى أهلها وأخبرتها أني سوف أرتب الأمور بعد انقضاء فترة الحزن.... وفعلاً ...تزوجنا ,وبعد سبعة أشهر ,رزقنا بحنان ,ابنة سامر وابنة زوجتي وابنتي الغالية ....لهذا أطلقنا عليه أسمها الجميل حنان الفلسطينية ....حتى لا تموت ذكرى سامر الذي قدم حياته قرباناً للقضية الفلسطينية.
جاءت زوجته ,تدعونا للعشاء...... أكبرت فيه هذه الروح ,وهذا الوفاء, وهذا الصدق .وما أن جلسنا إلى طاولة الطعام ,حتى دخلت عينا حنان الفلسطينية بعد عودتها وأخويها برفقة جدتهم .نظرت إليها ...إلى لونها الأسمر الجميل ,إلى عيونها الخضر إلى شعرها الأسود المجعد ,أنها صورته طبق الأصل ...صورة الشهيد سامر ,أخذتها إلى صدري وقبلتها ,وقبلت نضال وثائر ,وسقطت من عيناي دمعتين , وقلت في نفسي ما أجمل أن تستشهد يا سامر من أجل القضية الفلسطينية ,وتترك لنا في هذا العالم ما يذكرنا بك ,وبالقضية دائماً.



#زهير_قوطرش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلة القهر والفقر أم المباشرة في الدبر
- صرخة في صحراء العولمة
- إستراتيجية اللاعنف
- الخلافة الإسلامية على مذهب أهل السنة والجماعة.:
- المقهور
- مشكلة الفقر
- رحيل مناضل
- أعشق شهر إبريل (نيسان)
- مرض التقليد في الحركات الشيوعية العربية.
- الجنس عند العرب والمسلمين
- الاشتراكية و صحة الإنسان
- لماذا يا أبي؟
- أمي الأرملة.
- ما ذنب الكلاب !!!!
- يا نساء العالم ,ويا نساء المملكة العربية السعودية
- الاشتراكية..... هل انتهت؟
- ماء الحياة
- الإسلام هو الحل
- خال المؤمنين معاوية بن ابي سفيان
- حكاية وعبرة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير قوطرش - حنان الفلسطينية