أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل الخطيب - وارسو توّدع ونحن نبتهل!..














المزيد.....

وارسو توّدع ونحن نبتهل!..


فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 2976 - 2010 / 4 / 15 - 01:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وارسو توّدع ونحن نبتهل!..

لم يرث الحكم عن أبيه، ولم يقم برلمان أبيه كخياط بيجامات بتعديل الدستور ليناسب مقاساته، لم يبعثوه إلى إنكلترا للعلاج النفسي بصمت أخرس، لم يأتِ للقصر على ظهر دبابة، لم يقم بحركة تصحيحية مباركة على رفاقه، لم يعتقل المعارضين من رفاقه أو غير رفاقه، لم يقصف ولا قرية أو مدينة في وطنه بالمواد الكيميائية أو بالقذائف لتربية وتخويف الشعب وللقضاء على المتمردين على حكمه، لم يسقط عشرات الآلاف من أبناء بلده كضحايا قمعه، لم يُطوّر فنون السجون والتعذيب، لم يُساهم في إعلان حالة الطوارئ ولم يُبقِ عليها، لم يُفرّط بتراب الوطن لا في "اسكندرونهم ولا في جولانهم"، لم يدعم الإرهابيين في أي مكان في العالم للترويع والتخويف من خطر البدائل، لم يضع يده على بترول البلد ويمنع حسابه ضمن موازنات الدولة –على اعتبار أن البترول في يدٍ أمينة-، لم يقضِ في عهده ولا أي صاحب رأي سياسي ولو ليلة واحدة في السجن، لم يكن مشهوراً بكثرة التماثيل والجداريات التي يقيمها له المتسلقون، لم يقم بتأسيس منظمات كثيرة للمخابرات، لم تُسمى باسمه المؤسسات والشوارع والساحات والجسور والسدود والمشافي ورياض الأطفال ودور الثقافة والصالات والأفلام، ولا توجد باسمه المنشآت الرياضية والتماثيل والحدائق والمتنزهات والغابات والمسابح، ولم تحمل اسمه المطارات والمعسكرات والدورات والمجمعات والجوامع والكنائس والمدن والبلدات والضواحي..إلخ. لم يصفه ولا أي إنسان بالديكتاتور لا من المعارضة ولا من أبناء بلده المهاجرين في العالم، لم يُسمع عن فساده أو فساد أسرته، لم "يتستر على العيوب والنواقص" أبداً، لم تصبح بلده في قائمة دول الفساد في العالم، لم يُساوم على حقوق وطنه بأي ثمن كان حتى لو كان بقاءه في الحكم، لم يغزُ أي بلدٍ مجاورٍ "شقيق"، لم يأمر في عمليات الاغتيال ضد خصومه السياسيين، لم يتدخل ولا مرة واحدة في مسائل القضاء واستقلاليته، لم يكن ممانعاً في النهار ومتسولاً مستجدياً "أعداءه" في الليل، لم يطرح شعار الوقت المناسب والرد المناسب، لم تكن ثروته مليارات الدولارات ولم يستطع التوفير من راتبه كي يُصبح ملياردير، لم يقم بتأهيل ابنه لاستلام الحكم والبلد وكأنها حاكورة تابعة لبيته، لم يقم بابتزاز الخارج وتهديدهم بسجن أبناء بلده إذا لم يعطوه بعض الامتيازات هنا أو هناك، لم يطلب منه ولا أي مسئول أجنبي للإفراج عن معتقل سياسي واحد عنده مقابل خفض العقوبات عنه، لم تكن إدارة دولته من أشخاص فاسدين فقط ولم يُشجعهم على الفساد، بل كان مقاوماً عنيداً للفساد، لم يكن أولاد المسئولين قمة الزعبرة والتشبيح والنصب، ويمكن متابعة الـ"لم" هذه، لكنه بالتأكيد لم يكن حاكماً عربياً، ولم يكن يوماً عضواً في بلاط وحاشية أي حاكم مستبد. وآخر " لم "، هي أنه لم يكن رُبع برلمانه من الأميين كما في اليمن السعيد أو من عصابات المافيا المخابراتية كما في مزرعة الأسد الأب مؤسس القمع والفساد أو وريثه مُكرّس البلاء و "الفثاد"!..

نعم يجب أن نضع سطراً فارغاً بين تلك الكائنات الحية المريضة وبين رمزاً للوطنية والنزاهة، فراغاً وحاجزاً بين كل ما هو سيء ومُقرف ومافيوزي وبين رمز الطهارة والإخلاص الوطني والحضاري العصري، بين وريثٍ يعرفه جيداً عدة أطباء إنكليز بأنه غير صحي "ليست شماته" وبين إنسان عاش بأخلاق وشعور الإنسان المواطن..
إنه كاجينسكي، والذي تفخر فيه بولونيا كما كان فخوراً هو بانتمائه البولوني، كاجينسكي الذي فرض في حياته ويفرض في مماته احترام معارضيه السياسيين قبل مؤيديه، لأنه كان مستقيماً ووصل الحكم بطريق مستقيمة..

أسرارُ رهيبة تخفيها غابات سمولنسكي الروسية وخاصة منطقة كاتين، أو بالأحرى لم تكن يوماً سراً أمام البولونيين. الديكتاتور الأكبر ستالين، قام في عام 1940 بإعدام نخبة بولونيا، 22 ألفاً من الأطباء والمحامين والمفكرين والفنانين وضباط احتياط أعدمتهم المخابرات السوفييتية بأمرة المستبد الأكبر، وبهدف إجهاض دولة بولونيا والأمة البولونية، وحتى الأمس القريب لم تعترف موسكو بتلك المجزرة. غابات كاتين كم تُشبه صحراء تدمر ورمال تدمر بقهرها واستبدادها ودمائها، وُحُول ثلج كاتين كم تُشبه فضلات ذرّات رمال تدمر النووية.
لكن بولونيا قامت كما قام المسيح، حقاً قامت ولا يُشكك في ذلك حتى "أعداءها" وحتى الذين لا يؤمنون بالمسيح وقيامته، وتوّحد الشعب والأمة البولونية من أجل الأهداف الوطنية العامة، وكانت دائماً بولونيا الشعب هناك في كاتين رغم أنف العساكر..
وبالأمس القريب سقطت طائرة الرئيس البولوني وهي تحمل نخبة بولونيا العسكرية والسياسية والإدارية وفي مقدمتهم الرئيس كاجينسكي وزوجته، في مكان كان قد قضى فيه أقربائهما قبل 70 عاماً، لكن هذه الكارثة صهرت الشعب البولوني في بوتقة حقيقية. لقد ارتقى البولونيون وعلى مختلف مشاربهم إلى درجة المثل الذي يُشار إليه بالبنان على السلوك الحضاري والوطنية. المتابع لمحطات التلفزة البولونية وبدون معرفة اللغة يرى بأم عينيه حقيقة الشعب الذي يعرف تقدير من يستحق ذلك وبدون شبيبة الثورة وبدون طلائع ومخابرات ودبابات، بدون تمثيلٍ وابتذال.
لم يكن كاجينسكي رجل دولة فقط، لقد كان أكبر من ذلك، لقد كان وطنيٌ قبل كل شيء. كاجينسكي لم يستطع في حياته توحيد البولونيين كلهم خلفه، لكنه وحّدهم كلهم –وأكرر كلهم- في موته.
ما أحوجنا إلى موّحدٍ لنا حتى لو لم يكن عندنا من يُشبه غبار كاجينسكي، ما أحوجنا للعزاء، العزاء الذي لا يمكن أن يكون عزاءً!.. لقد بكيتُ أنا كاجينسكي ورفاقه، أم كنتُ أبكي سورية؟!...

بودابست، 15 / 4 / 2010، فاضل الخطيب.



#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خبز الرئيس وملح النائب!..
- الماضي والمستقبل وعِلم جهاد بينهما.!.
- أن تذهب متأخراً خيرٌ من ألاّ تذهب.!.
- هل يعتذر الوليد من الوالد بلا -تخلّ-؟!..
- متى يعتذر الأكراد؟!..
- وجوه المرأة: الحُبّ ثم الحُبّ ثم الحُبّ.!.
- المأساة والملهاة والكامخ بينهما.!.
- وفاء -الاصدقاء-.!.
- مقاربة للوطن والمواطنة.!.
- الجولان بين الأسد وليبرمان.!.
- بصراحة واضحة. حوار ساخن مع الأمل.!.
- 3 جي في1(جبهة الجهاد الجديدة للحزب).!.
- همزة الوصل والقطع وقواعد النصب والرفع.!.
- قبل أن تتكسر مرايا الشام.!.
- من شبّ على شيءٍ شابَ عليه؟ وَلَوْ صبغ شَعره؟.!
- رأس السنة الجديدة نصفه قديم.!.
- من طقوس الميلاد الشجرة وبابانويل.!.
- في ذكرى ضم الجولان
- الحوار المتمدن هو حرية التعبير.!.
- اطلبوا العلم ولو في أميركا..!


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل الخطيب - وارسو توّدع ونحن نبتهل!..