أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسن عبد الحافظ - جماليات الكتابة القصصية: قصة الطفل نموذجًا















المزيد.....



جماليات الكتابة القصصية: قصة الطفل نموذجًا


محمد حسن عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2975 - 2010 / 4 / 14 - 16:30
المحور: الادب والفن
    


1- في أسئلة الدهشة والغرابة
عندما وصلتني الدعوة للمشاركة في فعاليات ورشة الإبداع المعنونة بـ"المعايير الجمالية في السرد؛ المفهوم والإشكالية"، توقفت عند عنوان الورقة التي كُلفت بإعدادها - هذا العنوان الذي عنونتُ به ورقتي بالفعل– وأصبتُ بدهشة محببة إلى نفسي، فهي الدهشة المفجرة لأسئلة إشكالية، والأسئلة الإشكالية تدفع إلى البحث، وتستثير الرغبة الكامنة في الاكتشاف والتعلم والمعرفة. لكن جانبًا من هذه الأسئلة تعلق بالغرابة! ولهذه الغرابة قصة؛ فقد تصورت – وفقًا لحصول نص مسرحية "لُعبة الغُوْلَة" على الجائزة الثانية في مجال أدب الطفل – أنني سأُدعى إلى ورشة الإبداع للحديث عن موضوع في المجال الإبداعي الذي ينتمي إليه العمل الفائز بالجائزة، سواء كان موضوعًا عامًا كـ "مسرح الطفل" الذي ينطوي على موضوعات فرعية متعلقة بـ "النص المسرحي" و "العرض" و "الأداء"، أو موضوعًا خاصًا كـ"الكتابة المسرحية للطفل"، أو أكثر تحديدًا كـ"تجربتي في كتابة نص مسرحية لعبة الغولة للأطفال". وكنت – ولا أزال – أرى أنها موضوعات بديهية، وملهمة في الوقت نفسه، فبعض الأدباء فقط يتمتعون بوعي فني وجمالي حيال ما يبدعون، ولديهم أدوات منهجية تتيح لهم الخوض في غمار المفاهيم والقضايا الإشكالية المتعلقة بالأجناس الأدبية التي اختار كل أديب الكتابة في أحدها، وربما جذب أحد الأجناس الأدبية الأديبَ إلى فضائه الجمالي المخصوص.

لكن البعض الآخر من الأدباء لم يكتسبوا تلك الأدوات المنهجية التحليلية بقدر تمتعهم بالخبرة الإبداعية في جنس أدبي بعينه، وربما في جنسين، وهم في هذه الحالة – حالة انخراطهم في "ورشة الإبداع" – متورطون في طرح رؤية نقدية للجنس الأدبي الذي يبدعون نصوصه، قد تكون هذه التجربة عسيرة بالنسبة إليهم، لكن كثيرًا ما يتحقق الاكتشاف والتعلم بالتورط، سيكون ذلك بمثابة تنمية للنزعة النقدية، وتوسيع لمجال الخبرة الجمالية، أو يمكن أن يمثل دعوة إلى خوض مغامرة جمالية، تؤسس للقيم الجمالية التي يحملونها أو ينشدونها، فما يقدمه الأديب هو نموذج لغوي ذو مواصفات جمالية مخصوصة، وهو نموذج مغاير – أو مضاد – لما هو سائد في القيم والمواضعات والتقاليد والجماليات. وعندما يشعر المبدعون بالفجوة بين متغيرات الخبرة الجمالية من ناحية، والمعايير النقدية السائدة من ناحية أخرى، فإنهم يعلنون حق اللجوء إلى الكتابة على الكتابة؛ أي إلى الكتابة النقدية على الكتابة الإبداعية، على نحو ما تجلى – على الصعيدين العالمي والعربي – في تجارب إبداعية ونقدية لمبدعين نقاد أو لنقاد مبدعين 1.

إن الكاتب المبدع يمتلك ملكة تجميع شظايا معطيات الحياة المتناثرة وتركيبها في تشكيل فني متماسك. وعلى حين يشارك المبدع في الحياة بجوانبها العملية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ويفهمها من داخلها، فإنه يعرف أيضًا كيف يكون فعالاً خارج الحياة المعيشة، فيحول ما يستقبله عقله ووجدانه إلى رموز وصور وعلاقات لغوية، وتفاعلات نصية وإشارات أو علامات ثقافية وحضارية، يتشكل من خلالها العالم من جديد. والناقد – بدوره – يعمل على اكتشاف الآليات التي بموجبها تتحول معطيات الحياة الخارجية إلى قيم جمالية داخل النص. والكاتب، إذ يعمل على إيجاد المعادل الفكري والعاطفي لحقائق الحياة وقوانينها، عبر "التذكر" عند أفلاطون، أو "التفكير" عند أرسطو، أو "الذوق" عند كانط، أو "الروح" وفقًا لجمالية هيجل 2، أو "الرؤية والحدس" وفقًا لجمالية كروتشه 3، أو عبر "المخيلة المبدعة" التي هي مبدأ الفن، كما هي مبدأ الحكم على الجمال، إنما يضفي على ذلك الوجود نفسه قيمة جمالية باقية، تظل مجالاً مفتوحًا للناقد كي يضيء هذه القيمة، ويضعها في نسق من القيم الجمالية التي يقاس بها الفن بصورة عامة 4. وبعبارة أخرى، فإن الناقد يعمل على تحديد مستويات الإبداع في نص المبدع؛ وقياس مدى تحوّل "المفاهيم الجمالية" إلى "قيم جمالية" داخل النص. فالمفهوم يظلُّ مفهومًا مادام خارج إطار الإبداع. وحين يدخل المفهومُ إلى النص الإبداعي، يصبح قيمةً جمالية 5.

إذا كان جانبًا من هذه الأسئلة يُعرِّج بنا على ظاهرة المبدع الناقد والناقد المبدع، فإن جانبًا آخر منها يتعلق بسؤال محوري حول السمات الجمالية النوعية للأدب، وإذا كان للأدب سمات جمالية نوعية – والأمر كذلك - فإلى أي حد يعي المبدع بجماليات النص الأدبي الذي يبدعه؟ وكيف يتعاطى الناقد نفسه مع هذا الوعي؟ إنني أحيلكم إلى نموذج واحد - من لدن نماذج عدة – تمثل إضاءة وهَّاجة لمبدع على إبداعه، وهو للروائي خيري شلبي، كنت أود أن أقتطف منه – هنا - ما يمثل دلالة عميقة على وعي الفنان بفنه، والمبدع بإبداعه، والأديب بجنسه الأدبي، لولا خشيتي من الإطالة المفارقة لحدود الأسئلة الإشكالية التي أطرحها – هنا – في مستهل ورقتي، المتصلة بالوعي المنهجي لدى المبدع بنصوص الجنس الأدبي التي يكتبها.

أما الأسئلة التي أثارت غرابتي، فتتصل بوضعية مثيلة لوضعيتي الآن، بوصفي مبدعًا في "الكتابة المسرحية" الموجهة للطفل، ويُطرح عليَّ إنتاج أفكار في قضايا إشكالية تتعلق بقصة الطفل. ماذا لو لم أحمل خبرة نقدية لا بأس بها، تتيح لي المشاركة في هذا الإطار؟ وأتصور أن تفاعلات ورشتنا كفيلة بإنتاج إجابات عن هذه الأسئلة.

3- في أسئلة الجنس الأدبي
تنهض الكتابة القصصية على أساسين متضافرين. الأول: اجتماعي، والثاني: جمالي. وهما خصيصتان ينفرد بهما القص من بين معظم أجناس الأدب. ولئن كان من المستحيل تمييز الاجتماعي من الجمالي، فكذلك من المستحيل أن ينفرد أيٌّ من الاجتماعي أو الجمالي بالقص. وإذا كان وجود القص قد اعتمد على المزج الماهوي بين الاجتماعي والجمالي، فإن تطوره لم ينل – في أيٍّ من مراحله – من هذا المزج، تتعدد التقنيات وتتنوع الأشكال، والقص لا يكاد يتحول عن ثنائية المزج تلك، ويعود ذلك إلى أن القص – دون معظم الأجناس الأدبية – يمتلك تاريخًا اجتماعيًّا طويلاً موغلاً في القدم سابقًا على أدبيته، كما يمتلك – من جهة أخرى – سياقًا محايثًا لوجوده. وبالتالي، فهو جنس أدبي مفتوح على كل من التاريخ والمجتمع على نحوٍ يؤمن نصوصه من تجاوز حدوده الإجناسية، مهما تناص مع أجناس أخرى، أو مع بعض خصائصها 6 . لعلنا ذلك يفسر جانبًا من ثراء الحضور الذي يتمتع به القص لدى المتلقين على تنوعهم، وخاصة الأطفال، حيث يمثل تلقيهم الشغوف للقص – الشفهي والمكتوب على السواء – صورة بارزة لتَجَذُّر القص في تاريخ الوعي الجمعي الإنساني.

وتنهض جمالية القص على اللغة بوصفها مادة تشكيله، كما تنهض جمالية اللغة على القص بوصفه جنسًا أدبيًّا، حيث لا تستمد اللغة جمالياتها من تكوينها الذاتي فحسب؛ أي بوصفها أصواتًا وتراكيب ومجازات ذات طاقة تأثيرية مباشرة؛ ولكن أيضًا من علاقتها بالجنس الأدبي الذي تذعن له في صوغ أبنيتها، حيث تصبح اللغة - بموجب هذه العلاقة - متجسدة في أفق جمالي جديد. ومن ثم، فإن طاقة اللغة في التأثير تكمن في الجنس الأدبي نفسه، بوصفه فضاءً فنيًّا للتوصيل الجمالي. فجمالية اللغة – وإن كانت خصيصة كامنة في اللغة ذاتها، بوصفها طاقة من الإمكانات المحتملة التي يضطلع المبدع باستبطانها – لا تتحقق إلا عبر وسيط جمالي استقرت أعرافه وتقاليده، هذا الوسيط هو "الجنس الأدبي" الذي تستجيب له اللغة بتشكلاتها ووظائفها الجمالية. إن للجنس الأدبي جمالية نابعة من تقاليده الخاصة في التعبير، وهذه التقاليد هي مكوناته الفنية الثابتة التي تفرض نفسها على المبدع بكل ما يتمتع به من قدرات في الخلق الفني، كما أنها تفرض نفسها على القارئ في ممارسته النقدية والتأويلية، وبذلك يصبح "الجنس الأدبي" معيارًا يوجه الإبداع والنقد في آن معًا 7.

3 – في أسئلة قصة الطفل: جماليات البث والتلقي
ما الدلالات التي يحملها عنوان هذه الورقة (الكتابة القصصية: قصة الطفل نموذجًا)؟ ما المقصود بـ"قصة الطفل"؟

لدينا ثلاثة احتمالات دلالية. الأول: القصة التي يكتبها الراشد، ويوجهها إلى الطفل. الثاني: القصة التي يكتبها الطفل، ويوجهها إلى الطفل. الثالث: القصة التي يحكيها الطفل، ويكتبها الراشد. الرابع: القصة التي يكتبها الطفل ويوجهها إلى الراشد. وكلها احتمالات مشروعة وقابلة للتطبيق، لكني سأركز في ورقتي على الاحتمالين الأول والثاني.

أ. في الاحتمال الأول
ما أعسر أن يكتب أحدنا – الموسومين بالرُشَّد - للطفل، فهذه الكتابة تتطلب دُربة ودراية، مثلما تتطلب وعيًا ورقابة ذاتية. وإذا كانت الدُّربة تُكتسب بالمران، فإن الدراية سابقة على الممارسة؛ أي إن للكيفية التي بها يُكتب للطفل مواصفات تقتضيها أدبه. وإذا كان الوعي مما يشترط في الكاتب قبل الإقدام على الكتابة، فإن الرقابة الذاتية ترافق كاتب قصة الطفل على الدوام وهو يقبل على الكتابة القصصية، فمسؤوليته إزاء النشء الذي يتحكم في اختيار النهج الذي يتغيا تكوينه عليه، أكبر مما لو كان متوجهًا بخطابه إلى شريحة من القراء الرُّشَّد، ممن يتمتعون بمستوى من التنبه والتحوط والحذر والرفض والمواجهة الضدية والتفاعل المتكافئ. إن هشاشة الطفل تحمل القاص مسؤولية مضاعفة؛ فهو، وإن كان حرًّا في اختيار موضوع قصصه، مدفوع إلى أن يكيف هذه الحرية طبقًا لحاجات الطفل، ميولاً كانت أو آمالاً أو إكراهات. وهو، إن لبَّى هذه الحاجات، وتخلى عن حُصَّة من حريته، مجبرٌ على أن يفيَ بالحقوق الجمالية للأدب، ليفي – من ثم – بحق المتلقي/الطفل عليه إمتاعًا وتساميًا، وإلا صار الأدب الذي يسهم في إنتاجه باهتًا فاترا. ولعل المفلح من كُتَّاب قصة الطفل هو ذاك الذي يحقق المعادلة المتمثلة في اكتناز قصته بجماليات النص القصصي من جانب، واكتناز روحه باحترام المتلقي/ الطفل من جانب موازٍ. ومتى اختل أحد العنصرين، فقدت قصة الطفل ألقها الجمالي، وباء قارئَه/الطفل بخيبة أمل لا جُناح عليه في عدم الوعي بها.

لكن، ما معنى أن يلبي القاص "احتياجات الطفل"؟
لا تكفي المعرفة النظرية بأصول التربية، وبعلم نفس الطفل، وبمراحل وعيه الجمالي، وبإشكالات نوعية لفئات من الأطفال، ناهيك عن معرفة فضاء أدب الطفل نفسه، إلى غير ذلك، إذا لم يترافق مع هذه المعارف خبرات التعاطي "الميداني" المباشر مع الطفل، وفقًا لما أضاءته العلوم الإنسانية التي صار الطفل واحدًا من أبرز موضوعاتها، والتي تكشف عن الأهمية الحاسمة للسنوات الأولى من الحياة، وعن القدرة الكامنة التي يتمتع بها اللاشعور، والرغائب، والتواترات النفسية، والانفعالات، والخيال الخلاق. نجد مثل هذه الخبرات الميدانية الملهمة لدى المبدعين الكبار الذين قدموا إسهامًا جماليًّا فائقًا في مضمار أدب الطفل، مثل عبدالتواب يوسف ويعقوب الشاروني.

لكن كثيرًا من الراشدين يحملون أوهامًا عن الطفل وعن عالمه، كأنهم يهربون من ذواتهم، وينسون طفولتهم القديمة، أو يتحاشون طفولتهم التي لا تزال تسكن فيهم. لا ينفكون من تصورات يقوم معظمها على "نوايا حسنة"، لكنها في الحقيقة مشوشة، قلقة، خائفة، حيال الطفل، بوصفه كائنًا ناقصًا، فيمارسون مختلف أنواع السلطة التي ينجم عنها ضمور فرصه في الاختيار، وفي الاكتشاف، وفي القفز. في امتطاء الخيال وتأمل الغامض، والبعيد، والخبيء.

بعض هؤلاء الراشدين يشتغلون في ميدان الأعمال النقدية التي تتناول نصوص أدب الطفل بالدرس والفحص، ويستنسخون التوجيهات الإرشادية والوصايا النازعة إلى "التبسيط" و"السهولة" و"الوضوح" و"الانتقاء" و"المنطقية" و"الملاءمة" و"تحديد الفئة العمرية" و"الترشيد اللغوي والخيالي"، و"الحذر من التحديث والتجريب" وغير ذلك مما يمثل – في تصورهم - الاحتياجات التي ينبغي على كاتب الأطفال أن يقدمها للطفل في قصصه. وهي – للأسف – توجيهات إرشادية مؤثرة في ميدان "الكتابة القصصية"، حيث تتمثلها قصص، أو مجموعات قصصية، أو روايات، موجهة للطفل، تزخها المطابع زخًا، ويستهلكها الآباء شراءً، ويطالعها ملايين الأطفال في العالم العربي.

إذا ولَّينا ذائقتنا الجمالية شطر مبدعين كبار، ممن قدموا منجزًا إبداعيًّا عظيمًا في تاريخ الأدب العربي المعاصر، وتجرعوا من كأس انتكاس الكتابة الإبداعية للطفل - في القسم الأعظم من التداول الجماهيري لنماذجه - فإننا نجد بعضًا منهم يتدخل ليرفد الجانب المشرق من الإبداع الموجه للطفل. فعندما أقدم الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر على صوغ بعض "من حكايات الشعر والشاعر" 8، بوصفه مسامرة للأولاد كي لا يناموا، لم يتخلَ عن النظام الجمالي للتعبير الشعري الذي شكَّله واحتذاه وطوَّره عبر محطات من مسيرته الشعرية خلال زهاء نصف قرن، ولم ينحُ عن توظيف تقنيات لغوية شعرية وثقافية في السرد الموجه للطفل. ولم يبرح موقف الشاعر المتأمل، مجسدًا صورة الأب الذي يسامر أولاده بالحكي الشعري، متخذًا من الحكاية مادة أولية للرؤية، واستبطان الحكمة، حيث تنطلق من رؤية شعرية تستخدم المجاز، وتنحو إلى تكوين جمالي مكتنز بالبلاغة للجمل والصور 9 . لكنها في الوقت نفسه تتسق مع تجربة الشاعر وضرورتها الفنية، معتصمًا بجماليات الحكي الذي اختاره الشاعر لصوغ عالم جمالي يسامر الأولاد، انطلاقًا من رهان عقده مع قارئيه في ديوانه "صيد اليمام" 10 :

"إلى الطلائع من الأبناء والأحفاد: أطلق أمامكم بعض اليمام الذي عشش في قلبي، وأغريكم باصطياده.. حياة الأمة كلها هي أفق طيرانه، وأملي أن تدوروه بشباك الفهم الكادح، وسهام الذكاء اليقظ المتوقد.. هذا هو الرهان بيننا.. فأينا سيخذل الآخر، ويهرب من صعوبة الرهان؟! أطلقت رهاني وكلي ثقة بأنكم أذكياء جادون لا يصعب عليكم صيد. أم سيكون الخذلان منكم باستسلام الصيادين للتسلية والسهولة. والتسلية والسهولة صيد لا يكلف جهدًا ولا مشقة؟! لعلكم ستقولون: ما لنا وهذا الصيد في الآفاق العالية، وما لهذا الشاعر لا يضع ما يريدنا أن نصيد على أطراف أصابعنا وفي أكف أيدينا؟! هو رهان بيننا إذن.. فهيا اخرجوا معي إلى براح السهر الصعب، وبيننا الأفق الوسيع ليمام القراءة الكادحة والذكاء النبيل".

يحاول القاص والروائي فؤاد قنديل سد النقص الحاد في مجال الكتابة القصصية الروائية للفتيات والفتيان، بروايته المعنونة بـ"الساحرة والملك" 11، وتنسحب المحاولة على إتاحة ما تتمتع به الكتابة الروائية من جماليات مخصوصة، تمنح الطفل زادًّا إبداعيًّا مختلفًا عما تتمتع به أجناس القص الأخرى كالقصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا، حيث ينهض إيقاع الرواية - فى الأساس- على التشكلات الجديدة، المتقطعة - أى المتكررة - للزمن، فى علاقاتها العضوية والمركبة بمجمل عناصر الرواية وتقنياتها، التى تقوم بإنشاء معمارها، وتنظيم موضوعاتها، وإلقاء الضوء على قيمها الاجتماعية والجمالية، لتفضي- فى النهاية- إلى تحديد محتوى شكلها. نفيد، فى هذا الإطار، من أفكار "باختين" الذى استعار مصطلح "البوليفونية polyphony" من موسيقى الاحتفاليات الشعبية (الكرنفالية)، ليتخذها أداة لمعالجة ظاهرة "تعدد الأصوات" فى الرواية. ونستلهم من استعارته إمكانية الاعتماد على الصيغة "المونوفونية" (المونولوجية)، التى تتسم بها إيقاعات عالم الجنوب وشعوب العالم الثالث التى ننتمى إليها بامتياز. وكذلك مقولته النظرية حول مفهوم "الزمكانية" (الكرونتوب)، الذى استعاره باختين من مجال علم الرياضيات، ليمثل مقولة أدبية للشكل والمضمون، وموضوعًا محوريًّا يمكن - من خلال تطبيقه تطبيقًا حرًّا - أن نعتمده فى اكتشاف الإيقاع الخاص بكل رواية، والتنويعات الهارمونية (التناغم)، أو الميلودية (النغمة الأحادية)، أو النشازية (التنافر)، التى ينتظمها هذا الإيقاع، وتظل هناك أهمية قصوى للبحث فى علاقة التلازم المجدولة بإحكام بين الزمن والإيقاع، حيث يمثل الزمن مقياسًا لتحليل الإيقاع من حيث الطول والقصر، ومن حيث تكرار انتظامهما، أو انتظام تكرارهما. كذلك الأمر فى تعميق بحث العلاقة العضوية بين الزمن- بمستوياته المختلفة - والرواية؛ حيث يضطلع التشكيل الزمنى فى الرواية بتحقيق التنويعات الإيقاعية، بمشاركة العناصر الروائية التى يدخل الزمن، أيضًا، أساسًا فى تحققها الجمالي؛ إذ لا نتصور قصًّا بدون تزمين؛ أى إننا لا نتصور مكانًا بلا زمان، أو حدثًا بلا زمن، أو شخصية دون أطر زمنية، أو سردًا دون عالم ومحيط زمنيين 12 .
بقطع النظر عن المعيار السني في تحديد فئات المتلقين من الأطفال، تظل جماليات الرواية قائمة على الإيقاع البوليفوني، وعلى الحوارية، وعلى تعدد الرؤى وأصوات الشخصيات ، وتعدد تشكيلات الزمان والمكان، وتراكب الوقائع والأحداث. أما ما راج من النماذج القصصية الطويلة نسبيًّا – في مضمار الأدب الموجه إلى الطفل - فإنه يرتكز على ما يسمى بروايات الألغاز والروايات البوليسية، وصارت صنعة قصصية تقليدية فرض سوق الكتاب رواجها على نطاق واسع بين أجيال من اليافعين العرب، دون أن يغتني الإبداع القصصي – في هذا المجال - بأعمال روائية أخرى ترتكز على فضاءات سردية تعيد تشكيل الواقع الاجتماعي، أو التاريخي، أو تعيد إنتاج المتون السردية والحكائية في التراث الشعبي العربي.


ب. في الاحتمال الثاني
تمثل الكتابة القصصية التي يبدعها الأطفال واحدًا من أهم العلامات على تطور قصة الطفل في العالم العربي، وعلى النجاح في اكتشاف الموهوبين منهم. وبالرغم من محدودية النماذج الجيدة التي نشرت في بلدان عربية عدة، فإني أتصور أن التجربة قابلة للتمدد والاتساع تباعًا.

أتيح لي الاطلاع على بعض النماذج المبشرة لقصص الأطفال، معظمها – وأجودها – من إبداع الفتيات، لعل ذلك يذكرنا بأن المرأة - منذ طفولتها - هي ينبوع الحكي، وأن القص الشفهي هو من خلق النساء، ولا يزال نموذج "ألف ليلة وليلة" حاضرًا في الوعي الجمعي الإنساني 13. كما يمثل انخراط الطفل/ الأنثى في عالم الكتابة الإبداعية علامة على تطور المجتمعات العربية نفسها، بل يمثل ذلك ثورة جمالية حقيقية على الهيمنة الذكورية للغة، بالمفهوم الذي صاغه عبدالحميد الكاتب، بقوله: "خير الكلام ما كان لفظه فحلاً، ومعناه بكرًا"، وكأنه بذلك يعلن – حسب عبدالله الغذامي – عن قسمة ثقافية يأخذ فيها الرجل أخطر ما في اللغة؛ وهو "اللفظ"، وللمرأة "المعنى". وتناسلت من هذه القسمة قسمة أخرى، أخذ فيها الرجل "الكتابة واحتكرها لنفسه، وترك للمرأة "الحكي"، مما أدى إلى إحكام الرجل السيطرة على الفكر اللغوي والثقافي، وعلى كتابة التاريخ من منظوره الذي يرى فيه نفسه صانعًا ومحركًا للتاريخ. وهنا، تأتي المرأة إلى اللغة بعد أن سيطر الرجل على كل الإمكانات اللغوية، وقرر ما هو حقيقي وما هو مجازي في الخطاب التعبيري، ولم تكن المرأة في هذا التكوين سوى مجاز رمزي أو مخيال ذهني يكتبه الرجل، وينسجه حسب دواعيه البيانية والحياتية. وإذا ما جاءت المرأة أخيرًا إلى الوجود اللغوي من حيث ممارستها للكتابة، فإنها تقف أمام أسئلة حادة عن الدور الذي يمكنها أن تستنبته لنفسها في لغة ليست من صنعها، وليست من إنتاجها، وليست المرأة فيها سوى مادة لغوية قرر الرجل أبعادها ومراميها وموحياتها 14.

"اسمي سلمى"، هكذا تستهل الطفلة سلمى عبدالغني قصة "معاناة رئيسة"؛ أولى قصص مجموعتها المعنونة بـ "في مكان ما" 15، معلنة حضور الذات/ الطفلة في كل قصص المجموعة (ثماني قصص قصيرة)؛ "في القرية" و "في الساحة" – حسب عنونة آخر قصتين – وفي المدرسة، وفي البيت، وفي الحلم. كذلك تفتتح الساردة قصة "البوابة الغامضة" بقولها" "أنا مروى، وأنا في العشرين من عمري"، ممعنة في استخدام ضمير المتكلم (ة) أسلوبًا في سرد القصص، على نحو يكشف – سيميائيًّا – عن جرأة الساردة في الإفصاح عن نفسها، وعن هواجسها، وعن أحلامها، وعن رؤيتها الخاصة للعالم. وتقوم بتوظيف مختلف تقنيات الكتابة القصصية التي عهدناها في الكتابات القصصية المرموقة، كتوظيف الرموز، واستخدام تقنية المونتاج السينمائي (المونتاج على أساس الترابط والمونتاج على أساس التوازي والمونتاج على أساس التقطيع)، ومزج التناقضات، والبوح والتعبير عن الذات، والتجسيم، والتضخيم، والمفارقة التصويرية، وشعرية اللغة، وقصر الجملة، والتشكيل الجمالي الزمان والمكان والتجريب، وأسلوب تيار الوعي، والعناية برسم الشخصية، والعناية بالحوار الذي يكشف عن تفاعلات النفس، وتغير طريقة السرد.

إن هذه المجموعة – بجانب أعمال أخرى من الكتابة القصصية التي يبدعها الطفل - تحطم الافتراض القائل بأن القصص التي نقرأها لمبدعين مرموقين هي وحدها التي تكون مركبة وذات مغزى وجديرة بالتحليل الدقيق، وغالبًا ما ينصرف أصحاب هذا الميل الافتراضي عن قصص الأطفال، معتقدين أنها بسيطة الذكاء، ومحدودة المعنى والتركيب. والحقيقة أن قصص الأطفال معقدة الأسلوب والبناء والمضمون، وما تعنيه قصة طفل قد يطرح سؤالها بالأهمية نفسها وبالإمتاع نفسه الذي تحظى به "آنا كارنينا"، أو قصص زكريا تامر. وإذا أصغينا بانتباه، فستمنحنا قصة الطفل طريقة جديدة للنظر للأطفال وفهمهم. ومن الممكن أن تمثل هذه القصص مجالاً حيويًّا لنا، باعتبارنا آباء ومدرسين وباحثين؛ لأنها تبصرنا بكيفيات اكتشاف الأطفال العالم في أعمارهم المختلفة، وكيف يفكر ويشعر طفل معين، ومع ازدياد عدد الباحثين الذين يكتشفون القصص الطفلية والقاصين الأطفال، يزداد النفع لنا وللأطفال أنفسهم ولتنميتهم.

بوسعنا في مثل هذه التجارب الحيوية، أن نلتقط شيئًا في الخيال افتقدناه عندما فارقنا طفولتنا. شيئًا ذا خيال طليق وجمال أخاذ وتعبير مدهش، كتعبير طفل في الخامسة من عمره، قال لمعلمته: "الريح هي فرسُ السماء" 16.


الهوامش ـــــــــــــــــــــــــــــــ
 يذهب علماء الإدراك من أمثال إدجار مورين إلى أن المخ البشري لا يستطيع أن يقدم على مغامرة ناجحة ما لم يكن لديه مفهوم واضح للسائد والمألوف، وتصور قاعدي للأشياء؛ أي ضرورة امتلاكهم لمعرفة بالقواعد القائمة للأدب، ومعرفة عميقة وغنية بالتراث الثقافي. انظر: مجموعة نقاد وأدباء، هل للأدب قواعد؟، فصول "القاهرة"، العدد 58، شتاء 2002، ص ص 94 - 107.
1. انظر: اعتدال عثمان، إضاءة النص "قراءات في الشعر العربي الحديث"، سلسلة دراسات أدبية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1998، ص 97 و 98.
2. راجع: هيغل، المدخل إلى علم الجمال: فكرة الجمال، ترجمة: جورج طرابيشي، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط 3، بيروت، 1988.
3. انظر: علي أبو ملحم، في الجماليات: نحو رؤية جديدة إلى فلسفة الفن، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1990، ص 96، 116.
4. انظر: اعتدال عثمان، مرجع سبق ذكره، ص 97.
5. انظر: عبدالله خلف العساف، دراسات جمالية نصيّة في الشعر السّعودي الجديد "ممارسة في النقد التطبيقي"، منشورات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الرياض، 2005، ص 32.
6. محمد فكر الجزار، العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي، سلسلة دراسات أدبية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1998، ص 110، 111.
7. محمد مشبال، البلاغة ومقولة الجنس الأدبي، عالم الفكر "الكويت"، العدد 1، المجلد 30، يوليو – سبتمبر 2001، ص 51 و 52.
 يعبر يعقوب الشاروني بأسلوب شائق عن ما تعلمه من الأطفال، وعن تأثيرهم البارز في رحلة إبداعه لهم، فيقول: "حرصت لسنوات طويلة علي أن استمع إلى الأطفال، خلال ما يدور بيني وبينهم من نقاش، في مختلف بيئات مصر ومحافظاتها، وأنا أحكي لهم الحكايات، أو وأنا جالس في وسطهم داخل قاعات مكتبات أو نوادي الأطفال، ولقد استفدت الكثير والثمين خلال تلك الساعات الممتعة، عن اهتمامات الأطفال، وخيالهم، وكيفية رؤيتهم للعالم، وتعبيراتهم وألفاظهم. تعلمت من الأطفال أنهم يحبون الدخول في موضوع القصة من السطر الأول، وليس من الصفحة الأولى! وأنهم يحبون الخاتمة العادلة، التي يكافأ فيها الأخيار العادلون، ويعاقب الأشرار الظالمون. وأنهم لا يحبون الانتصار السهل، بل يشوقهم أن يتابعوا كفاح البطل ضد العقبات، إلي أن يتغلب عليها. وأنهم رغم هذا، يحبون أن يشيع جو المرح في ما يُقدم إليهم، أو، علي الأقل، ألا يشيع فيه جو الاكتئاب أو الحزن أو الإحباط. تعلمت منهم أنهم يحبّون الحكاية المحبوكة الواضحة المتتابعة الأحداث، ذات البداية والذروة والنهاية، بحيث يستطيعون إعادة روايتها بسهولة وهم يسألون أنفسهم بعد كل فقرة يسمعونها أو يقرءونها: "وماذا بعد؟". لكن كل هذا لا يتعارض مع ضرورة أن تدور أعمال الكاتب حول ما يريد أن ينميه في الأطفال من اتجاهات وقيم وأفكار وسلوك وبشرط أن يجيء كل هذا كجزء من نسيج العمل الفني وليس مقحمًا أو دخيلاً عليه، فالعمل المقدم للأطفال لا يتحمل كلمة حشو زائدة سواء كانت نصيحة أو فكاهة أو موقفًا مثيرًا، وإلا ضاع العمل بين الخطابة والضحك والإثارة! تعلمت من الأطفال أنهم علي استعداد لأن يتقبلوا أي موضوع نقدمه إليهم إذا عرفنا كيف نقدمه بما يتناسب مع خبراتهم وقدراتهم علي الاستيعاب، حتى موضوعات الموت والإحباط وفقد الأحباء وتخلي الرفقاء، بل يجب أن نمهدهم نفسيَّا من خلال الأعمال الأدبية والفنية ليواجهوا مثل هذه المواقف بحس عقلاني، مسلحين بالفهم والصلابة والأمل. إن معظم القصص الشعبي يدور حول محاولات البطل للتغلب علي قوي تبدو دائما اقوي منه، لكن بالعزيمة الصادقة وبالصلابة والذكاء وحسن الخلق يتغلب عليها جميعا في النهاية. تعلمت أن اتأمل بحب وتقدير "رسوم الأطفال"، فمنها استطعت أن استشف بوضوح كيف يري الأطفال العالم. إنهم يضخمون ما يثير انتباههم وما يكون هاما أو فعالا، لكنهم يحذفون أو يقللون من شأن غير الهام وما لا يقوم بدور أساسي. إنهم لا يهتمون بالتفاصيل. إنهم يستخدمون الألوان التي يحبونها ولا يهمهم أن تتطابق مع ألوان الأشياء في الطبيعة. إنهم يرسمون ما يعرفون، وليس ما يشاهدون، فيرسمون داخل الأشياء وخارجها، كأنه لا توجد حواجز تمنع الرؤية، ويجمعون في مكان واحد أشياء وأحداث تقع في أماكن وأزمنة متعددة، كما يجمعون في رسومهم بين الواقع والخيال المنطلق. ولو فعل الكبار هذا لأدخلنا عملهم في نطاق اللامعقول أو المذاهب الفنية الحديثة، لكنها بالنسبة للطفل هي عالمه المنطقي والمعقول، فعالمه يبدأ وينتهي بالخيال، حيث تتفاعل الخبرات التي تقع عليها حواسه. كذلك عرفت خلال عملي الطويل للأطفال ومع الأطفال، أن للكلمة المكتوبة سحر قوي وتأثير دائم، لا يستطيع الطفل الفكاك منهما، فأدركت مسئولية كاتب الأطفال الخطيرة أمام جمهوره. لذلك أحرص في كتاباتي لهم علي تجنب بعض الموضوعات، أو التركيز علي موضوعات أخري. إنني قد أتحدث عن فشل البطل مرة، لكن لابد أن يكون هناك دائما الأمل في أن ينجح في مرة تالية. إنني أحرص في كل ما أكتب علي تشجيع وقوف الصغار موقف النقد من تصرفات البالغين التي تتعارض مع ضرورة تنمية قدرات الأطفال علي الإبداع والابتكار، وعلي الاستقلال واتخاذ القرار، وعلي الحق في إبداء الرأي والمناقشة. وأحرص في كتاباتي علي إعطاء الفتي والفتاة أدوارًا متوازنة في العمل الأدبي، وعلي تأكيد عدم التفاوت بين قدرات البنت والولد، فالصورة التي نقدم عليها الفتاة في أدب الأطفال، كثيرًا ما تؤثر بعمق في الصورة التي ترسمها الفتاة لنفسها في الحياة الاجتماعية واليومية. كما أحرص أن يمتد بصر الأطفال إلى المستقبل، وأن يكون بحثهم المستمر ليس فقط عما حدث في الماضي، بل أن يستشرفوا احتمالات المستقبل... أتجنب تمجيد فكرة الطاعة المطلقة التي تتعارض مع حرية القول وضرورة الحوار واحترام الرأي الآخر، وضرورة الاقتناع بما يجب أن نفعل وما يجب أن نمتنع عن فعله... أتجنب التركيز علي مواقف العنف. وإذا استلزمت القصة شيئًا من هذا، فلابد أن يكون كنوع من "العقوبة"، وليس مجرد انتقام أو رغبة في انتصار علي خصم. كذلك أتجنب أي حل لمشكلات بطل القصة عن طريق الاعتماد علي القوة، ... كذلك أتجنب السخرية من الآخرين، أو ازدراء الإنسان بسبب لونه". انظر: يعقوب الشاروني، تجربتي في الكتابة للأطفال، مؤتمر: أدب الطفل- سؤال الهوية والإبداع، الهيئة العامة لقصور الثقافة، الفيوم، 25 مارس 2005.
8. محمد عفيفي مطر، من حكايات الشعر والشاعر، لوحات: راشد الكباريتي، دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة، 2003.
9. انظر قراءة نقدية للمجموعة، في: هيثم الحاج علي، محمد عفيفي مطر: عندما يحكي الشاعر، الثقافة الجديدة (القاهرة)، نوفمبر 2007.
10. محمد عفيفي مطر، صيد اليمام، لوحات: راشد الكباريتي، دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة، 2002، ص 4، 5.
11. فؤاد قنديل، الساحرة والملك، رسوم: محمود الهندي، المركز القومي لثقافة الطفل، القاهرة، 2008.
12. انظر: محمد حسن عبدالحافظ، محتوى الشكل في الرواية المصرية: علاء الديب نموذجًا، فصول (القاهرة)، العدد 59، ربيع 2002، ص277.
 أفادت الحكاية الشعبية من انتشار الكتابة للأطفال في أوروبا. فبعد الإسهام البارز الذي قدمه شارل بيرو بكتابه "حكايات وخرافات من الزمن الماضي، عام 1696، وكان للأخوان جريم ولأندرسون دور مهم في رواجها في ألمانيا وانجلترا. وخلال عقود القرن العشرين، شهد العالم العربي إقبالًا متناميًا على الكتابة للأطفال بالاعتماد على التراث والمأثور الحكائي الشعبي، كحكايات ألف ليلة وليلة، وكليلة ودمنة، والحكايات والحواديت الشفهية التي تخص كل بلد عربي على حدى. وتمثل الحكاية الشعبية إبداعًا مجاوزًا للثقافة المهيمنة، بما فيها من محظورات وممنوعات اجتماعية ودينية، وهي تنطلق من مخيلة حية وتلقائية في تصوراتها للطبيعة والواقع، فبطل الحكايات الشعبية غالبًا ما يواجه قدره بمفرده بعيدًا عن الأطر الثابتة وعن الأوامر والنواهي، وله أن يخرق المسلمات المتوارثة التي عادة ما تكبل طاقة الطفل، فكثيرًا ما ينقض البطل السلوك القويم الذي يراد للطفل أن يلتزم به، كالطاعة العمياء للوالدين والتزام الصدق المطلق. ومع ذلك، لا تخرج الحكاية الشعبية عن البنى المؤسسة للذهنية الجماعية، وعن انسجامها مع الوعي الاجتماعي. وتقدم المقاربات النقدية التي تستعين بأدوات التحليل النفسي تحليلاً أكثر عمقًا للقيم الرمزية القارة في القص الشعبي، وتأويلاً مناقضًا للتصورات الشائعة تجاه ما يبدو – لدى بعض التربويين وكتاب أدب الطفل - أنه عنف ورعب وانحراف عن السلوك القويم الذي يُراد للطفل أن ينهجه. راجع: رفيقة بحوري، الحكاية الشعبية والكتابة للطفل، ضمن أعمال المؤتمر الدولي السابع لقسم اللغة الفرنسية، كلية الآداب جامعة القاهرة، حول: الحكي الشعبي بين التراث المنطوق والأدب المكتوب، دار عين للنشر، القاهرة، 2009، ص ص 197 : 210.
 يوجد عدد من المحاولات المثمرة التي اهتمت بكتابة الأطفال القصصية. فعلى المستوى العالمي، هناك موقع (منشورات الطفل) com.kidpub.www، وهو يُبرز منذ عام 1995 كتابات الأطفال القصصية من مختلف أنحاء العالم باللغة الإنجليزية، ولا يتدخل الموقع في تحرير القصص، بل ينشرها كما كتبها المؤلفون الصغار. وعلى المستوى العربي، ثمة مبادرات مبكرة في تونس منذ 1993، كالتي أطلقها البشير الهاشمي في قابس (مشروع القصص المدرسية) أو (الطفل يكتب للطفل). واضطلعت إدارة المطالعة بوزارة الثقافة والمحافظة على التراث التونسية بتطوير مثل هذه المبادرات، وتوسيع نطاق اشتغالها وتأثيرها، لتشمل المناطق المحرومة، من خلال برامج المطالعة في الوسط الريفي على سبيل المثال. وأتيح لي الاطلاع على جهود مثمرة لجمعية أهلية تونسية، هي جمعية معرض صفاقس لكتاب الطفل، من خلال معرضها السنوي لكتاب الطفل الذي تقيمه بانتظام منذ عام 1994، والذي يقام على هامشه حلقة بحثية تناقش قضايا جوهرية في مجال أدب الطفل. وفي الإمارات، أسهم التعاون بين إدارة مراكز الأطفال والفتيات ودائرة الثقافة والإعلام في طباعة أعمال أدبية جيدة بإبداع الأطفال من الفتيات والفتيان. وفي اليمن، بادرت مؤسسة غير حكومية هي مؤسسة إبحار للطفولة والإبداع، بتوثيق نماذج من كتابات الأطفال والنشء. وفي مصر، تبنى المركز القومي لثقافة الطفل تطوير تجربة الكتابات الإبداعية للأطفال. فأطلقت سلسلة "من طفل لطفل"، عام 2008. وفي نطاق التجارب الثقافية الأهلية، تبنت ساقية الصاوي، عام 2007، تجربة ملهمة في حكي الأطفال خاضتها رانيا رفعت شاهين، بعنوان "بساط الحواديت، حواديت للكبار والصغار".
13. انظر: محمد حسن عبدالحافظ، هل الهلالية سيرة نسوية؟، ضمن أعمال المؤتمر الدولي السابع لقسم اللغة الفرنسية، كلية الآداب جامعة القاهرة، حول: الحكي الشعبي بين التراث المنطوق والأدب المكتوب، دار عين للنشر، القاهرة، 2009، ص ص 385 : 397.
14. راجع: عبدالله محمد الغذامي، المرأة واللغة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الثالثة، 2006، ص 7.
 سلمى عبدالغني ناجي، من مواليد صنعاء عام 1995، تدرس في المدرسة اليمنية الحديثة. في الصف السادس، بدأت بكتابة القصة القصيرة، ونشرت لها أول قصة في 2003، تمارس الرسم والعزف على البيانو، وتهوى قراءة القصص.
15. سلمى عبدالغني، في مكانٍ ما، رسومات: هيثم محمد حسين و هند محمد حسين، سلسلة إبداعات جدد، مؤسسة إبحار للطفولة والإبداع، صنعاء، 2006.
16. انظر : سوزان إنجيل، القصص التي يحكيها الأطفال؛ محاولة لفهم السرد عند الطفل، ترجمة: إزابيل كمال، تقديم: أحمد زرزور، المشروع القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2002، ص 7.



#محمد_حسن_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناسك 1
- تراث في طريق الزوال
- بعض مشكلات العمل الميداني في جمع المأثورات الشفهية
- يوميات نيسان
- يوميات نيسان 1
- أتوق لطفلٍ لم يولد بعد - 1
- الجامعة المفتوحة على طريق الجنوب : نقش على جذوع شجر الزيتون
- سيرة بني هلال ودرس الاختلاف
- الفولكلور والتنمية(مهاد نظري)
- أفق المرأة المصرية
- محتوى الشكل في الرواية المصرية، علاء الديب نموذجًا
- الشعر مدينة خربانة؛ السيرة الشعبية وقضايا النوع الأدبي
- طــريـق الــهـلالـيـة
- الثقافة الشعبية والمجتمع المدني؛ نحو مدخل فولكلوري للتنمية
- حرية الشفاهي ؛ حرية المكتوب


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسن عبد الحافظ - جماليات الكتابة القصصية: قصة الطفل نموذجًا