أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الاممية الرابعة - اتفاق واشنطن















المزيد.....



اتفاق واشنطن


الاممية الرابعة

الحوار المتمدن-العدد: 905 - 2004 / 7 / 25 - 11:53
المحور: القضية الفلسطينية
    


* (تقرير يعبّر عن وجهة نظر مكتب الأمانة الموحدة للأممية الرابعة، وقد ناقشته الأمانة في اجتماع عقد في بداية ديسمبر 1993).
1 - السياق التاريخي للاتفاق.

إن الاتفاق الذي جرى التوقيع عليه في واشنطن يوم 18 سبتمبر 1993، من قبل القيادة العرفاتية لم.ت.ف. وحكومة رابين وبيرس الصهيونية، تحت رعاية بيل كلنتون، لهو نتاج ثلاثة تطورات نستعرضها هنا بتسلسلها الزمني:
1) استكمال قيادة م.ت.ف. لسيرورة استسلامها السياسي الطويلة الأمد تحت وطأة الضغوطات المشتركة من طرف الدولة الصهيونية، والإمبريالية الأمريكية، والإمبرياليات الأوروبية والحكومات الرجعية العربية، وكذلك موسكو سواء في عهد بريجنيف وبعده غورباتشوف أو في عهد يلتسين.
إن قيادة عرفات، وهي المنبثقة عن البيروقراطية البرجوازية البالغة الفساد القائمة على جهاز م.ت.ف. في المنفى، كما على الرأسمالية الفلسطينية في الأراضي المحتلة سنة 1967 وفي الهجرة، تلك القيادة كانت قد فقدت روابطها الأخيرة مع حركة الجماهير الفلسطينية المسلحة عندما خسرت مواقعها في لبنان في عامي 1982 – 1983 إزاء إسرائيل أولا ومن ثم سورية. فقد تبنت آنذاك بصورة حاسمة أفق تسوية تفاوضية مع الدولة الصهيونية تحت رعاية الولايات المتحدة، وقد تجلى ذلك في: مدحها لخطة ريغان سنة 1982؛ اتفاقيتها مع العاهل الأردني وقطيعتها مع يسار م.ت.ف. سنة 1985 (ألغى الملك الاتفاقية بقرار منفرد سنة 1986،الأمر الذي حدا قيادة عرفات على التصالح مع يسار المنظمة سنة 1987)؛ اعترافها الرسمي بدولة إسرائيل وبحقها في الوجود ضمن حدود آمنة، وإعادة تأكيدها على مشروع "الكنفدرالية الأردنية-الفلسطينية" و "تخليها عن الإرهاب" سنة 1988.
2) انقلاب معطيات النضال الوطني الفلسطيني بفعل القفزة الكبرى إلى الأمام الناتجة عن الانتفاضة التي، منذ انفجارها في ديسمبر 1987، أعادت الشعب الفلسطيني ـ وتحديدا قسمه الساكن في الضفة الغربية وقطاع غزة، تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967 ـ إلى مركز السياسة الإقليمية.
فبعد أن أدت الهزائم المتتالية لم.ت.ف. في المنفى إلى تهميش دورها في السياسة العربية إلى حد بعيد، سنة 1987، جاء الاندفاع العفوي للانتفاضة في الأراضي المحتلة، تحت تأثير الكبت المتراكم، ليعزز دفعة واحدة العامل الفلسطيني في المعادلة السياسية في الشرق الأوسط ويجعله أقوى مما كان عليه في أي وقت مضى منذ مجازر الأردن سنة 1970. وقد توصل الملك حسين إلى الخلاصة التي فرضت نفسها، بتخليه الرسمي عن ادعائه باسترجاع الضفة الغربية التي تم ضمها إلى المملكة الهاشمية إثر حرب عام 1948 العربية-الإسرائيلية. فمنذ ذلك الحين، أي منذ عام 1988، غدت مشاريع التسوية الإقليمية التي كانت تحاول أن تلتف على الشعب الفلسطيني عن طريق التفاوض مع الأردن ـ ولاسيما خطة آلون التي ألهمت حزب العمل الإسرائيلي منذ مجازر الأردن عام 1970 وأعاد تنشيطها شيمون بيرس منذ عام 1986، عندما عاد إلى الحكم في إطار الحكومة الائتلافية ـ غدت تلك المشاريع تستحيل مواصلتها بلا استبدال المحاور الأردني بالقيادة العرفاتية لم.ت.ف.، وهي المحاور الفلسطيني الوحيد ذو مصداقية من وجهة نظر الصفة التمثيلية السياسية والمستعد في الوقت نفسه على الانخراط في "سلام أمريكي" إقليمي.
وقد تفاعلت إدارة ريغان مع ذلك التحول، بفرضها مواقف استسلامية جديدة على قيادة عرفات سنة 1988، قبل الدخول معها في حوار رسمي. بيد أن تلك المحاولة الرسمية الأولى أفضت إلى طريق مسدود: فقد تعرقلت شروط تقدمها مجددا من الجانب الإسرائيلي ـ وبسرعة كبيرة حيث أن اليمين الصهيوني تفرّد بالحكم من جديد تحت قيادة شامير، بعد نوفمبر 1988 ـ كما تعرقلت من الجانب العربي-الفلسطيني. حيث أن عرفات، إزاء رفض الليكود للتحاور معه، قرر المراهنة على نظام صدام حسين الذي خرج من حربه مع إيران معززا على الصعيد العسكري، مذّاك ظهرت بغداد كقاعدة الاستناد السياسي-العسكري الرئيسية لقيادة م.ت.ف., تعوض عن غورباتشوف الذي تنازل عن أي استعداد لموازنة الضغط الأمريكي.
3) انقلاب موازين القوى في الشرق الأوسط مع حرب الخليج سنة 1991، وتكريس اصطفاف موسكو خلف واشنطن فيما يتعلق بتلك المنطقة من العالم. لقد تلقى الشعب الفلسطيني تدمير العراق وكأنه هزيمة لقضيته، وهذا ليس بلا أسباب: ليس المقصود هنا أن المراهنة على دكتاتورية صدام حسين البورجوازية الشرسة كانت صحيحة، بل المقصود هو أن سحق العراق جعل ميزان القوى العسكرية الإقليمية يجنح بصورة جذرية لصالح إسرائيل. غير أن ذلك الانقلاب لم يكن بفعل الجيش الصهيوني ـ وهذا الأخير لم يكن قادرا على تحقيق ذلك بمفرده كما فعل في سنوات 1948 و1967 و1973 ـ بل حققه جيش الولايات المتحدة ذاته. وقد تحتم على واشنطن استكمال تكريس هيمنتها العسكرية في الشرق الأوسط بإقامة "نظام إقليمي جديد"، وهو عنصر حيوي في "النظام العالمي الجديد" الذي أعلنه بوش.
وللمرة الأولى في التاريخ، بدت الظروف ملائمة لإقامة "سلام أمريكي" شامل في تلك المنطقة من العالم: فالهيمنة الأمريكية غدت أقوى من أي وقت مضى وتكاد تكون بلا منازع بعد أن تحول المنافس السوفياتي التقليدي إلى شريك؛ أما بالنسبة لقلعتي الحركة القومية العربية بعد انسحاب مصر، فقد جرى سحق إحداهما فيما "انقلبت" الأخرى، أي سورية، والتحقت بمعسكر حلفاء واشنطن؛ وأما عرفات، فقد بات أضعف وأكثر عزلة مما في أي وقت مضى منذ عام 1967، وأصبح مستعدا بالتالي للدخول في كافة المساومات الاستسلامية. ومن المفارقات أن العقبة الرئيسية أمام "السلام الأمريكي"، منذ ذلك الحين، غدت متمثلة باليمين الصهيوني ذاته، الحاكم بقيادة شامير.
هذا وبأمل الحصول على قرض العشرة مليارات من الدولارات الذي كان يطالب به من أجل استيعاب تدفق المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفياتي، قبل شامير الاشتراك بالمفاوضات التي دشنها بوش بأبهة في مدريد، في أكتوبر 1991. كانت تلك المرة الأولى التي تُمثّل فيها الأطراف الرسمية للنزاع العربي-الإسرائيلي بأكملها، بما فيها القيادة العرفاتية لم.ت.ف. التي لم يخف على أحد أنها كانت تسير الوفد الفلسطيني ـ حتى وإن جرت مراعاة الشروط المخزية والشكلية التي فرضها شامير (لا تمثيل لفلسطينيي المهجر، ولا تمثيل للقدس الشرقية). ولكن المفاوضات سريعا ما تعرقلت بسبب تعنت اليمين الصهيوني. وقد نتجت عن ذلك أعظم مبارزة في تاريخ العلاقات الإسرائيلية-الأمريكية، مع خلاف مكشوف بين العرّاب الأمريكي والحكم الصهيوني ورفض لتقديم القرض المنشود بلا مقابل سياسي.

2 - مقدمات الاتفاق المباشرة.

إن الضغط الأمريكي مصحوبا باحتمال قطيعة بين أعظم قوة في العالم ومحميتها الصهيونية في وقت كان الوضع الاجتماعي-الاقتصادي الإسرائيلي لا ينفك يتفاقم فيه، هذين العاملين كانا حاسمين في الفوز الذي حققه حزب رابين-بيرس في الانتخابات النيابية في يونيو 1992، بفارق قليل. وبعودة هذا الثنائي إلى السلطة، انفتحت طريق "السلام الأمريكي" التي كان شامير يسدّها. هذا وقد سبق لرابين-بيرس في عامي 1987 – 1988، وهما مدعومان من نخبة المؤسسة العسكرية الصهيونية، أن وضعا مسألة "المساومة على الأرض" في مركز حملتهما السياسية. ففي نظر زعيمي حزب العمل الوفيين لخطة آلون، كان لابد لإسرائيل أن تختار بين "الأرض" من جهة و"يهودية" الدولة "الديموقراطية" (كذا) من جهة أخرى. أما الخياران الآخران، فبدا الإبقاء عليهما مستحيلا في الأمد الطويل في نظر رابين-بيرس، حيث أن أيا من الخيارين كان يهدد بأن ينسف بلا رجعة دعم البلدان الإمبريالية والطوائف اليهودية في تلك البلدان للدولة الصهيونية ـ وهو دعم تعتمد عليه تلك الدولة في بنيتها الأساسية.
إن طرد الفلسطينيين بالعنف في ظرف "بارد" لم يكن معقولا، إلا في رأي متهيّجي اليمين الصهيوني المتطرف شبه الفاشي، الذي كان ممثلا في حكومة شامير (لبّ المشكلة بالنسبة للصهاينة أن الفلسطينيين كانوا، في عام 1967، قد استوعبوا درس عام 1948 وتمسكوا بأرضهم). وكان ضم الضفة الغربية وغزة مستحيلا بالتالي، لأن ذلك يحتّم منح المواطنية الإسرائيلية لسكان هذه الأراضي بحكم القوانين الدولية بما يؤدي إلى تغيير التركيب الإثني لدولة إسرائيل تغييرا جذريا قد يقضي على طبيعتها كدولة "يهودية". ومن جهة أخرى، فإن خيار الليكود، وهو خيار الضم الزاحف بلا منح مواطنية، من شأنه أن يكرس نظام تفرقة عنصرية على نمط "الأبارتهايد": هذا الخيار، عدا كونه يلوث الصورة الدعاوية "الديموقراطية" للدولة الصهيونية، بات خطره يتصاعد مع تجذر نضال الفلسطينيين تحت الاحتلال ونموهم السكاني الأعلى بكثير من نمو الإسرائيليين (إذا استثنينا الهجرة اليهودية). والحال أن الليكود بذاته، باتفاقيات كمب ديفيد بين بيغن والسادات تحت رعاية كارتر، كان قد وضع نفسه منذ 1979 في أفق حكم ذاتي إداري فلسطيني في الأراضي المحتلة سنة 1967، مع أنه لم يقبل بمبدأ "المساومة على الأرض". ففي نظر بيغن، وفي نظر شامير بصورة أكثر حدة، كان لابد من أن تحتفظ إسرائيل بتلك الأراضي التي أعيدت تسميتها (يهودا والسامرة) بمنح سكانها نوعا من المواطنية بغير سيادة على الأرض، الأمر الذي يساوي طردهم رمزيا، من حيث الوضع القانوني بنوع ما.
أما في رأي رابين-بيرس ومجمل الصهاينة المستنيرين، فإن مصلحة إسرائيل تقضي ب"مبادلة الأرض بالسلام". ولا يعني ذلك في نظرهم، بالطبع، إرجاع كامل الأراضي المحتلة سنة 1967، كما لا يعني بالأحرى رد قسم من أراضي 1948 (بما فيها، طبعا، المثلث والجليل، منطقتا الأكثرية العربية ضمن حدود 1948)، ولا إزالة القوانين العنصرية التي تمنع الفلسطينيين من العودة والإقامة حيث يشاؤون على الأرض التي جرى طردهم منها مع تمتعهم بمساواة كاملة في الحقوق مع كافة السكان الآخرين بدون أية تفرقة ـ وكلها عناصر المساومة التاريخية الوحيدة التي قد تفضي إلى سلام حقيقي بين الشعب الإسرائيلي والشعب الفلسطيني بمجمله. ليس هذا ما يتطلع إليه الصهاينة المستنيرون، بل فقط، وبوحي خطة آلون، انسحاب جزئي من الأراضي المحتلة سنة 1967: أي الجلاء عن مناطق السكن الفلسطيني، باستثناء القدس الشرقية التي ضمها حزب العمل منذ عام 1967، مع الاحتفاظ بالمستعمرات الصهيونية على كافة البقع الاستراتيجية في هذه الأراضي (ولاسيما على امتداد نهر الأردن ـ وقد تأسست معظم مستعمرات الضفة الغربية في ظل حكم حزب العمل الصهيوني) ومع انتشار للجيش يسمح بضمان السيطرة على تلك الأراضي وممارسة الرقابة على انتقال الناس والبضائع بين المناطق الفلسطينية والمحيط العربي. وفي مقابل هذا المسخ من "المساومة على الأرض"، أصرّت الدولة الصهيونية-العنصرية على اعتراف جيرانها العرب بشرعيتها، وهذا الأمر الأخير يعني جوهريا فتح الأسواق العربية أمام البضائع والرساميل الإسرائيلية (إن لم يكن تدفق رساميل عربية إلى البنوك الإسرائيلية)، علاوة على أشكال "التطبيع" الدبلوماسية التي لا يمكن التقليل من شأنها بالتأكيد.
إن التطورات التاريخية المشروحة أعلاه منحت هذه الخطة صفة استعجال لم تحز عليها قط فيما سبق، كما فرضت في الوقت نفسه إدخال تعديل على النسخة الأصلية التي صاغها إيغال آلون، ودعمها رابين وبيرس:
- فقد زادت الانتفاضة كثيرا في إلحاح جلاء إسرائيلي عن مناطق السكن الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. إن الانتفاضة، بفرضها على الجيش الصهيوني أن يقمع باستمرار تظاهرات في الشوارع تشارك فيها نسبة عالية من الأطفال والنساء، قد أحدثت "انحلالا معنويا" حقيقيا في صفوف جيش كانت دائما تعبئته الإيديولوجية ـ أي قناعته بأنه يقاتل من أجل "بقاء إسرائيل" ـ عاملا رئيسيا في فعاليته.
وبهذا المعنى، فإن الانتفاضة قد استلهمت من دروس المقاومة اللبنانية للاحتلال الصهيوني، وهي المرة الأولى في تاريخ إسرائيل حيث انسحبت الدولة الصهيونية من أرض عربية بدون أن تحقق أهدافها وبدون أن تتمكن من فرض شروطها. والحال أن الشعب والجيش الإسرائيليين قد فقدا أي دافع للبقاء في لبنان إزاء حركة جماهيرية متعاظمة وحرب عصابات كانت فعاليتها كافية لتغذي ضغطا سياسيا قويا للجلاء عن أرضها. فمنذ عام 1988، صدرت عن نخبة المؤسسة العسكرية الصهيونية تصريحات مؤيدة للجلاء عن غزة ومناطق السكن الفلسطيني في الضفة، حتى ولو جرى الانسحاب بقرار منفرد، بلا تفاوض، بما أن الجيش بكافة الأحوال سيبقي تلك الأراضي داخل طوق بحيث يحاصر أي تهديد لأمن إسرائيل وأمن المستعمرات الصهيونية، لكن بتملصه من مهمة السيطرة المرهقة على السكان المدنيين.
طبعا، لم يخف على أي من المراقبين أن الانتفاضة، بدءا من سنة 1989، ثم إثر حرب الخليج، قد شهدت انخفاضا واضحا لوتائرها وظهرت عنها علامات لهاث، دون أن تنقطع مع ذلك ودون أن تعود أبدا إلى الوضع السابق لعام 1987. فلم يكن هناك أبدا ما يسمح لأي كان في إسرائيل أن يدّعي أن الوضع بدأ يعود إلى "طبيعته". لا بل وأكثر من ذلك، فقد انضاف إلى الانتفاضة، في الواقع، بعد جديد لنضالها، تصاعد بصورة جلية منذ حرب الخليج، ألا وهو تزايد أعمال العنف، الفردية أو المنظمة، التي يقوم بها فلسطينيون ضد المستعمرين الصهاينة وضد جيش الاحتلال، بما فيه على الأرض الرسمية لدولة إسرائيل (داخل حدود 1948). هذا ومن نافل القول أن أعمال العنف تلك (والكثير منها بلا أسلحة نارية) ليست بطبيعتها وكثافتها أعمالا قادرة على تهديد "أمن دولة إسرائيل"، مثلما لم تكن حرب العصابات في لبنان قادرة على التغلب عسكريا على الجيش الصهيوني. لكن هذه الأعمال كانت ولا تزال بالتأكيد أعمالا بفعالية كافية لتخلق شعورا حقيقيا بانعدام الأمن لدى المجتمع الإسرائيلي، وبصورة خاصة قطاعاته المتصلة بالسكان الفلسطينيين، أي المستعمرين والجيش بالطبع، لكن أيضا الإسرائيليين ذوي الاتصال باليد العاملة الفلسطينية المستغَلة على طريقة إفريقيا الجنوبية.
هذا التصلب في أشكال نضال الانتفاضة، الذي كان يسهل توقعه نظرا للإلهاث النسبي لتظاهرات الشوارع وتزايد الرد الإسرائيلي على رمي الحجارة بطلقات قاتلة، إنما كان بصورة رئيسية تصلبا يمارسه تيار نام بلا انقطاع منذ بداية الانتفاضة وسط الفلسطينيين القاطنين في أراضي 1967: ألا وهو التيار السلفي الإسلامي الذي شكلت تعبيره الأهم "حركة المقاومة الإسلامية"، حماس. هذا التيار يستند في فلسطين، كما في معظم حالات نمو السلفية الإسلامية، إلى سخط الجماهير، ولاسيما الشبيبة، إزاء اضطهاد يصعب بتزايد مستمر تحمله، في حين أصبح الإفلاس التاريخي للقومية البرجوازية جليا (في فلسطين، يتمثل في التراجعات المستمرة للقيادة العرفاتية)، وفي حين أن اليسار إما غير ذي شأن (في معظم الحالات) أو عاجز سياسيا عن فرض نفسه كبديل عن القيادة البرجوازية على المستوى التاريخي (الحالة الفلسطينية). هذا يعني أن نمو التيار السلفي في أحيان كثيرة، إن لم يكن في معظمها، ليس بالدرجة الأولى تعبيرا عن ترجيح كفة المجتمع نحو اليمين على غرار صعود الفاشية في أوروبا، الذي يشير إليه الكثيرون ليصيغوا معادلات خاطئة ويبرروا تأييدهم للدكتاتوريات الناجمة عن القومية البرجوازية. بل إن نمو السلفية الإسلامية ـ وهذا واضح في الحالة الفلسطينية ـ يمكن أن يكون، في المقام الأول، تعبيرا عن تجذر للنضال الوطني والديموقراطي، منحرف ومشوه للأسباب التاريخية سالفة الذكر، على غرار نضال الجماهير الإيرانية ضد الشاه. ويبقى مع ذلك، بالطبع، أن الهيمنة السلفية على حركة جماهيرية وُلدت في مثل تلك الشروط، من شأنها أن تسوق الحركة في اتجاه ردة رجعية في أشكال الوعي تتضافر مع قمع ظلامي واضطهاد للنساء داخل الحركة بالذات.
إن تزايد أعمال العنف التي دعا إليها وتبناها السلفيون الفلسطينيون وتوسع تيارهم في صفوف شعبهم، جعلا منهم "العدو رقم واحد" لحكومة إسحاق رابين. وقد ظن هذا الأخير أنه يسدد إليهم ضربة كبيرة عندما قرر طرد 415 منهم نحو جنوب لبنان في ديسمبر 1992: كان في الواقع يرتكب غلطة ثقيلة، متسببا لحركتهم بدفع سياسي وإعلامي عظيم. كان رابين قد راهن على انعزال السلفيين الذين كانوا ينددون بحدة ب"مفاوضات السلام" التي كانت واشنطن تنظمها وينتقدون بعنف القيادة العرفاتية لـ م.ت.ف. وقد اكتشف رابين ذلك الأمر الطبيعي والذي كان يسهل توقعه، ألا وهو أن القمع الإسرائيلي للتيار السلفي من أجل إضعافه تنظيميا، إنما دعّمه سياسيا. إن درس الأردن فرض نفسه من جديد: فإن تدخل الجيش الصهيوني على الضفة الشرقية لنهر الأردن في أبريل 1968 (معركة الكرامة) كان قد حفّز الذين ظن أنه سيردعهم عن مواصلة كفاحهم. وإنما تدخل الجيش الأردني هو الذي تمكن وحده من التغلب على الحركة المسلحة للجماهير الفلسطينية. وقد تكرر الدرس ذاته في لبنان حيث اتضح أن جيشا عربيا، هو الجيش السوري، كان أكثر فعالية في لجم حركة الجماهير الفلسطينية من العمليات الإسرائيلية العديدة.
كان درس الأردن عام 1970، بشكل ما، مصدر وحي لخطة آلون، كما سبق الذكر. فقد رمت تلك الخطة إلى تكليف العرش الهاشمي بمهمة السيطرة القمعية على مناطق السكن الفلسطيني في الضفة الغربية. بيد أن ذلك "الخيار الأردني" كما درجت تسميته، بات باليا منذ اندلاع الانتفاضة. وبما أن الليكود ذاته كان قد وافق على التفاوض مع قيادة م.ت.ف. بصورة شبه مباشرة (منذ مدريد)، فإن هذا "الخيار الجديد"، خيار عرفات، أصبح بوسع رابين-بيرس أن ينظرا فيه بدون مخاطر سياسية جمّة. وقد تأكدا من جعل القانون الإسرائيلي منسجما مع أعمالهم، بنجاحهم في إلغاء التحريم القانوني للاتصال بـ م.ت.ف. ومن ثم، دخلا في مفاوضات غير مباشرة، وبعدها مباشرة، لكن سرية في الحالتين، مع قيادة عرفات. مفاوضات أفضت إلى اتفاق واشنطن.

3 - اتفاق واشنطن

إن العنصر الجديد الوحيد في سيرورة أوسلو–واشنطن بالنسبة لمشروع قيادة رابين–بيرس التاريخي هو في كونها سيرورة تمت مع قيادة م ت ف مباشرة، عوضا عن الملك حسين أو عن ممثلي فلسطينيي الداخل.
أما الاعتقاد بأن ذلك الاتفاق يشكل قطيعة في "الإجماع الصهيوني" في شأن السيادة الإسرائيلية على أراضي عام 1967، إنما هو سوء تفسير لطبيعة الإجماع الصهيوني الذي لم يشمل أبدا "إسرائيل الكبرى" التي يدعو إليها متطرفو الصهيونية، ولا حتى أرض "يهودا والسامرة" التي تمسك بها الليكود والمتصوفون. وإن خير دليل على ذلك المناقشة التي أثارها رابين وبيرس في عام 1988 حول "المساومة على الأرض"، بتواصل مع خطة ألون. في المقابل، كان ثمة "إجماع صهيوني" لا ينكر حول مسألة المفاوضات المباشرة مع م.ت.ف. ـ علما بأن شيمون بيرس، بشكل خاص، وفي السنوات الأخيرة، لاسيما منذ بدء المفاوضات المباشرة بين واشنطن وقيادة م.ت.ف. في عام 1988، حرص على تحويل الرفض المطلق للحوار إلى رفض مشروط بتنازلات مطلوبة من المنظمة، وهي تنازلات تساوي التخلي الكامل عن كل ما تكونت منه هوية م.ت.ف. التاريخية وأتاح لها أن تظهر كتجسيد للنضال الوطني الفلسطيني.
وقد اختار رابين-بيرس خرق ذلك الإجماع تحديدا، بدل الاكتفاء بالتعامل مع وفد فلسطينيي الداخل إلى المفاوضات الجارية تحت رعاية الولايات المتحدة. وإذا أردنا تقويم البعد التاريخي لذلك القرار، الذي أفضى إلى الاعتراف ب م.ت.ف. كـ"ممثل للشعب الفلسطيني" ـ بدون أن نقع تحت تأثير حملة التضليل الإعلامي الخارقة التي رافقت الاتفاق لتصوره بصورة "سلام" يشبه كثيرا "النظام العالمي الجديد" ـ فينبغي أن نتفحص الاعتبارات التي قام عليها الرفض الإسرائيلي سابقا. والحال أن المشكلة لم تعد منذ زمن طويل، وبدون أي لبس منذ سنة 1988، لم تعد تكمن في برنامج م.ت.ف. الأساسي الداعي إلى تدمير الدولة الصهيونية. فإن قيادة المنظمة كانت قد تخلت تدريجيا عن الميثاق الوطني الفلسطيني لعام 1968 لتدعو إلى تسوية تفاوضية مع دولة إسرائيل، عارضة على هذه الأخيرة الاعتراف بها والتعايش معها بسلام مقابل انسحاب إسرائيلي عن الأراضي المحتلة سنة 1967 يفضي إلى خلق "دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة"، تكون دولة لجميع الفلسطينيين، بمن فيهم اللاجئون. وقد أصبح هذا المطلب الأخير، منذ سنوات عدة، موضع الإجماع الوطني الفلسطيني، الهدف الوحيد المشترك بين كافة الأقسام الجغرافية للشعب الفلسطيني وكافة اتجاهاته السياسية ـ وهو برنامج انتقالي أكثر واقعية بكثير من الهدف القصوي المتمثل ب"تحرير فلسطين".
هذا الإجماع، كانت القيادة العرفاتية قد خرقته مؤخرا في الواقع، عندما وافقت على التفاوض في إطار "مؤتمر مدريد" حول "الحكم الذاتي الفلسطيني" المنصوص عليه في اتفاقيات كمب ديفيد المصرية-الإسرائيلية التي سبق لـ م.ت.ف. أن أدانتها بعنف في حينها. غير أن هدف الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة أبقي في الخطاب الرسمي. وإذا استمرت حكومة شامير الإسرائيلية برفضها للتفاوض المباشر مع القيادة العرفاتية بالرغم من ذلك، فلأنها كانت تعتبر أن التفاوض المباشر يساوي الاعتراف بحقوق فلسطينيي الشتات. إن رفض الاعتراف بهذه الحقوق تحديدا هو الذي غدا العامل الأساسي في الإجماع الصهيوني حول رفض الاعتراف بالمنظمة، بعد أن ألغت العامل الآخر بتكييف برنامجها.
فإن الحكومة الإسرائيلية، بعقدها اتفاقيات كمب ديفيد التي وقع عليها بيغن بنفسه، كانت قد اعترفت قبل 15 عاما ليس بـ"وجود" فلسطينيي الأرض المحتلة سنة 1967 وحسب، بل أيضا وبما يتعدى ذلك بكثير، اعترفت بحقهم في حكم ذاتي إداري، يتبعه بعد مرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات، حق سكان أراضي 1967 بأن يدلوا برأيهم حول مستقبلهم. أما الأمر الذي رفضت دوما المؤسسة الصهيونية بجميع اتجاهاتها أن تعترف به، فهو حق اللاجئين الفلسطينيين، أي حق أغلبية الشعب الفلسطيني هذه التي أرغمتها الصهيونية على البقاء في المنفى، والتي تشكل بمجرد وجودها تذكيرا دائما بالظلم التاريخي الذي نشأت على أساسه دولة إسرائيل و"القضية الفلسطينية"، وذلك قبل عام 1967 بكثير.
إن اعتراف رابين بـ م.ت.ف. كـ"ممثل للشعب الفلسطيني" لكان قد شكل حدثا عظيم المغزى التاريخي لو تضمن ذلك المعنى، أي لو كان اعترافا بحقوق الشعب الفلسطيني بأسره. إلا أن الحقيقة هي أن رابين لم يعترف بـ م.ت.ف. كما كانت وكما رفضت المؤسسة الصهيونية دائما أن تعترف بها. إن الذي اعترف رابين به، هو م.ت.ف. خاضعة لشروطه وشروط بيرس، بما لم يكن بوسع أحد منهما تأمله يوما فيما سبق. والمقصود هنا ليس فقط قيادة لـ م.ت.ف. تعترف بشكل مسبق بشرعية دولة إسرائيل، تلك الدولة الصهيونية-العنصرية القائمة على طرد الشعب الفلسطيني واضطهاده الدموي، ناهيكم بسكان بلدان الجوار ـ هذا الأمر، إذا كانت بعد ثمة حاجة للتذكير به، تحقق بالشكل الأكثر رسمية منذ عام 1988. بل إن المقصود أيضا، وبالأخص، قيادة لـ م.ت.ف. تقبل بتوقيع اتفاق "سلام" يعد بين الأكثر ظلما والأكثر إذلالا في تاريخ الاستسلامات، حيث أنه لا ينص على تقسيم الأرض المحتلة بين المحتل (جيشا ومستعمرات) والسكان الأصليين وحسب، بل ينكر حق الأراضي التي سوف يتم الجلاء عنها بأن تتمتع بأدوات السيادة، بدءا بجيش وطني، وحتى بأن تطلق اسم الدولة على نفسها (بل فقط "حكم ذاتي"). ولا يعترف للاجئي 1948، وهم أغلبية الفلسطينيين الساحقة، بأي حق ولا حتى بحق الإقامة على أرض "الحكم الذاتي" في الضفة الغربية وغزة. وحتى في حالة لاجئي 1967 (الذين غادروا أراضي 1967 هروبا من الاجتياح الصهيوني)، فإن قسما منهم فقط سوف يسمح له بالعودة إلى تلك الأراضي بناء على قوائم توافق عليها سلطات الاحتلال.
طبعا، يمكن إطالة لائحة شروط اتفاق واشنطن المذلّة (فإن "بنية الإدارة الفلسطينية وسلطاتها ومسؤولياتها"، وحتى "نظامها الانتخابي"، خاضعة لموافقة الحكومة الصهيونية المسبقة. الموارد المائية سوف تُقسّم، والسجناء لا ذكر لهم. الخ)، بيد أن ما سبق ذكره يكفي ويفي لوصف اتفاق واشنطن على حقيقته، كما تفعل جملة واسعة جدا من القوى الفلسطينية تبدأ بالسلفيين وتنتهي بأقصى اليسار، مرورا بقوميين برجوازيين بين الأكثر اعتدالا كانوا حتى الاتفاق جزءا من مؤسسة م.ت.ف. بما فيها قيادتها العليا. هذا الواقع الذي لا ينكر إنما هو دليل فاقع على أن "فك الإجماع" الأخطر الذي تسبب به الاتفاق لهو فك الإجماع الوطني الفلسطيني ـ وهو أخطر وأوسع وأعمق من أي انقسام داخل المجتمع الإسرائيلي. والحال أن الجدال، في الجانب الإسرائيلي، يدور بين صهاينة يتمسكون بالتساوي بالطابع "اليهودي" لدولتهم وبأمنها، ويختلفون حول الطريقة الفضلى للحفاظ على الأمرين. أما في الجانب الفلسطيني، فالجدال يدور بين أنصار استسلام قائم بجوهره بالتعاون مع المحتل وبين الذين يرفضون هذا الاستسلام ويجمعهم شعور مشترك بأن الكرامة الوطنية مهانة والحقوق البديهية مُداسة. وهذا يفسر ما يعلمه الجميع حول أن المفاوضات خيضت من الجانب الفلسطيني، من قبل تكتل عرفاتي يعمل من وراء ظهر شركائه عينهم في القيادة الرسمية لـ م.ت.ف. ـ والحال أن أقلية فقط من اللجنة التنفيذية للمنظمة (8 من أصل 18) وافقت على الاتفاق ـ ومن وراء ظهر وفد فلسطينيي الداخل إلى المفاوضات العلنية (بالرغم من أن عرفات هو الذي عينهم بنفسه)، الذين كادوا يستقيلون قبيل عقد الاتفاق لما شعروا بأن الأمور تجري من خلف ظهورهم.
إن قيادة م.ت.ف. في مقابل خطة آلون بصيغتها الجديدة هذه، قد التزمت بأن تضع حدا للانتفاضة وبالتخلي عن "الإرهاب وأي عمل عنيف آخر" (وهو التزام وحيد الجانب أذل من أن يوصف، إزاء عنف صهيوني يومي أقوى بألف مرة). كما التزمت بأن تفرض "النظام" في الأراضي التي سوف تمنح إياها، وذلك بواسطة "جهاز الشرطة القوي" الذي ينص عليه الاتفاق لهذا الغرض. وفي السياق العسكري والسياسي الذي خلقه الاتفاق، فإن النظام سوف يفرض بشكل أساسي على مناوئي الاتفاق ـ الذين سوف يحاولون خرق حدوده المذلّة ومواصلة النضال لأجل تفكيك المستعمرات الصهيونية وانسحاب الجيش الصهيوني انسحابا كاملا من الأراضي المحتلة سنة 1967، كما لأجل حقوق الشعب الفلسطيني وغالبيته المرغمة على العيش بالمنفى، تلك الحقوق غير القابلة للتقادم. بكلام آخر، وبالتوافق مع التطلعات الصهيونية منذ خطة آلون، فإن قوة قمعية عربية-فلسطينية بدل أن تكون أردنية ـ سوف تُكلف بلجم فلسطينيي أراضي 1967، بالوكالة عن الجيش الإسرائيلي وتحت رقابته الدقيقة (حتى أن هذا الجيش يحتفظ لنفسه بـ"حق مطاردة" داخل مناطق "الحكم الذاتي").

4 - م.ت.ف. و"الحكم الذاتي".

عندما يفتخر ياسر عرفات علانية بأنه أثبت جدارته في حفظ الأمن والنظام في لبنان، فإنه يشير إلى الاعتبار الرئيسي الذي حدا الحكومة الصهيونية على التفاوض مباشرة معه. وبالفعل، منذ تحتم تطبيق خطة آلون بصيغتها الجديدة بمشاركة سلطة فلسطينية عوضا عن المملكة الأردنية، فإن حكومة رابين-بيرس سريعا ما أدركت أنها سوف تحصل من القيادة العرفاتية لـ م.ت.ف. المقيمة في تونس، والتي كانت تواجه مشكلة تمويل جهازها البيروقراطي المتضخم، تحصل منها على أكثر بكثير مما قد تحصل عليه من ممثلين للداخل خاضعين لضغط يومي من قبل حركة جماهير مناضلة. وقد تبين أن ذاك الحساب السهل صحيح.
من جهة أخرى، فإن حكومة رابين-بيرس تعلم علم اليقين أن القيادة العرفاتية "أثبتت جدارتها" في لبنان. إنها تعلم أن ليس هناك من قيادة في الداخل تضاهي القيادة العرفاتية من حيث جمع المواصفات البيروقراطية القمعية والوسائل البشرية والمادية والمجد الضروري وكذلك الاستعداد الذاتي لمهمة قمع أي بادرة لمواصلة النضال الوطني الفلسطيني قمعا بالوكالة ـ وهي المهمة الرئيسية الملقاة على عاتق جهاز "الحكم الذاتي" الفلسطيني المعتمد لدى الاحتلال الصهيوني.
إن تلك الحيطة تجاه فلسطينيي الداخل والثقة في جهاز عرفات اللتين يعلنهما رؤساء الأجهزة القمعية الإسرائيلية، يؤكدها تماما الاستثناء الوحيد الذي وافقوا عليه فيما يتعلق بمبدأ عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين: فبالإضافة إلى عرفات نفسه ورجال جهازه (عدا المعارضين للاتفاق)، سوف يؤذن بدخول الأراضي التي يجلو عنها الجيش الإسرائيلي لجنود الوحدات الأردنية والمصرية من جيش التحرير الفلسطيني، وهي وحدات تابعة للجيش النظامي في البلدين منذ خلق م.ت.ف. و ج.ت.ف. من قبل جامعة الدول العربية في عام 1964 (حتى أن الاتفاق يحدد أنه ينبغي أن يحمل هؤلاء الجنود وثائق أردنية أو مصرية وأن يكونوا قد تلقوا "تدريب رجال الشرطة" !). إن تعيين تلك الوحدات تحديدا، باستثناء تشكيلات ج.ت.ف. الأخرى (السورية والعراقية) لهو أمر بالغ الدلالة. وإن هذه النواة الصلبة للشرطة الفلسطينية المقبلة بدأت، بعد توقيع الاتفاق، تخضع لتدريب مكثف من قبل القوى المسلحة الأردنية والمصرية لكي تكون جاهزة لتولي المهمة الملقاة على عاتقها. وإنه لأمر ذو دلالة أيضا أن شكلا ذا أولوية بين أشكال الدعم الذي تقدمه القوى الإمبريالية "للسلطة" الفلسطينية، هو تزويدها بوسائل القمع. هكذا فإن ديلور صرح إثر لقائه بعرفات، في بداية نوفمبر، أن الاتحاد الأوروبي سوف يقدم للشرطة الفلسطينية أسلحة ومركبات وطائرات هليكبتر بصفة مستعجلة.
علاوة على ذلك، فإن الخيار الأردني في خطة آلون لم يُسقط بالكامل، بل استُبدل بالخيار الفلسطيني-الأردني الذي نص عليه مشروع ريغن في عام 1982. والحال أن م.ت.ف. كانت قد وضعت نفسها منذ زمن طويل في إطار هذا المشروع الأخير بتبنيها مبدأ كونفدرالية أردنية-فلسطينية. وهذا التوجه هو في صميم اتفاق واشنطن: فإذا كان اختيار غزة كمرحلة أولى يجد تفسيره ببساطة في الصعوبة الكبيرة التي يواجهها الاحتلال الإسرائيلي في السيطرة على ذلك القطاع المكتظ بالسكان (وهم بغالبيتهم العظمى من لاجئي 1948)، لا يمكن تفسير اختيار بلدة أريحا إلا بقربها من خط الحدود مع الأردن (جسر اللنبي). هكذا فإن المركز الإداري "للحكم الذاتي الفلسطيني" سيكون في تواصل مع الدولة الأردنية. في نظر رابين-بيرس، فإن "البنية الإقليمية" الإسرائيلية-الأردنية-الفلسطينية التي يتصورانها كسوق مشتركة سوف تكون حصان طروادة للتغلغل الاقتصادي للإمبريالية الدنيا الإسرائيلية في الداخل العربي. وسوف تغدو البورجوازية الكمبرادورية، الفلسطينية والأردنية-الفلسطينية، وفقا لذلك التصور، عميلة نشطة لذلك التغلغل. كما سوف يصبح بإمكان الرأسمال الإسرائيلي استغلال احتياطي من اليد العاملة الرخيصة الثمن على أرضها، بدون المخاطر الأمنية الناجمة عن استيراد اليد العاملة العربية إلى مناطق السكن الإسرائيلي.
خلاصة الأمر أن "الحكم الذاتي الفلسطيني" الذي سوف تتولاه القيادة العرفاتية سوف يكون حالة قصوى من الإدارة الاستعمارية غير المباشرة، أقرب إلى الحكومة "الدمية" مما هي إلى الحكومات النيو-كولونيالية التي نتجت عن نزع الاستعمار. هكذا سوف يكون، أو لا يكون: فقد قررت الحكومة الصهيونية أن تسير على مراحل، بدءا بغزة وأريحا، لتجرب فعالية الجهاز العرفاتي في المهمة القمعية الملقاة على عاتقه. وإذا تبين أن هذا الجهاز عاجز عن إتمام المهمة، فإن اتفاق واشنطن سيُرمى في سلة المهملات. هكذا فإن السيف الإسرائيلي المسلط فوق "الحكم الذاتي" سوف يكون الحافز الدائم، وبالتأكيد التبرير الأكبر، للقمع البوليسي الفلسطيني: ذلك هو المنطق الجهنمي لكل سلطة متعاونة مع سلطات الاحتلال.
وهذا بالتحديد ما يستحق أعظم إدانة في مشاركة القيادة العرفاتية في اتفاق واشنطن. وفي هذا الصدد، ينبغي الحذر من السفسطات القائلة بـ"أهون الشرور" والمتحججة بموازين القوى لكي تبرر جميع الاستسلامات (خاصة لما يتم تجاوز الذين يعيشون تحت الاحتلال، من قبل البيروقراطيين في منفاهم الذهبي في تونس). طبعا وبكل تأكيد، فإن موازين القوى القائمة منذ سنة 1967 بين دولة إسرائيل والشعب الفلسطيني المشتت، في غياب أي دعم عربي أو دولي قادر على تغيير تلك الموازين، لم تكن تسمح بالحصول على انسحاب كامل وغير مشروط للجيش الصهيوني من الأراضي المحتلة في تلك السنة. وبكلام آخر، لم يكن بالإمكان تحقيق الهدف الانتقالي الصحيح، لكنه وهمي بعض الشيء، الذي لخصه شعار الدولة الفلسطينية المستقلة والسيدة، بالمعنى الحقيقي للصفتين وليس بتفسيرهما الكاريكاتوري والديماغوجي الذي يعبر عنه عرفات اليوم.
فإن الهدف المباشر الواقعي الوحيد كان يتمثل في انسحاب غير مشروط للجيش الإسرائيلي من مناطق السكن الفلسطيني، وهو الهدف الذي صاغته قيادة الانتفاضة في شهورها الأولى. كان ممكنا ومعقولا أن يقود الضغط الناجم عن النضال الفلسطيني بشتى أشكاله إلى تلك النتيجة، بشرط عدم نسف هذا النضال ببث الوهم حول تحقيق الأهداف الفلسطينية بالطريق الدبلوماسي وبمعونة واشنطن. وبالفعل، فإذا صح أن الانتفاضة قد انخفضت وتيرتها، هذا لا يعود لأسباب موضوعية وحسب، بل أيضا، بل خاصة، لأسباب قيادية ـ حيث أن قيادة تونس فعلت كل ما بوسعها لتعيد فرض هيمنتها على الحركة التي تحررت منها في شهورها الأولى. طبعا، لو نشأت الإدارة الذاتية الفلسطينية بطريق النضال، لما كانت لتكون سيدة ولاقتصرت على الأراضي ذاتها التي ينظر الجيش الإسرائيلي الآن في احتمال الجلاء عنها. لكن تلك الإدارة لما اضطرت للاعتراف بشرعية الدولة الصهيونية، ولا بالأحرى بشرعية وجود مستعمرات هذه الدولة وجيشها في الأراضي المحتلة سنة 1967: أي لما اضطرت إلى الالتزام بعقد وكالة تحتم عليها لجم النضال الوطني الفلسطيني ضد المستعمر. وأما اللاجئون، فما كان سوف يؤذن لهم بالانتقال إلى الإقامة في الأراضي المجلو عنها أكثر مما أذن لهم اتفاق واشنطن، غير أن هذا التحريم لانطبق على جميع اللاجئين الفلسطينيين، بلا استثناء الأجهزة العسكرية والبيروقراطية القمعية.
والحال أنه يصعب إنكار أن إدارة ذاتية لفلسطينيي الداخل، مع خبرة أشكال التنظيم الذاتي القاعدي التي نشأت في زمن الانتفاضة الأول، كانت ستناسب المصالح الحقيقية للجماهير الفلسطينية أكثر بكثير من "حكم ذاتي" يتشكل عموده الفقري من الجهاز القمعي البرجوازي في المنفى، وهو أكثر فسادا وأكثر قمعية يعد بكثير مما كان "جيش الحدود" الجزائري الذي قاده بومدين والذي أخذ على عاتقه إجهاض الطاقة الثورية التي نشأت في الجزائر مع الاستقلال.
إن الجيش الإسرائيلي سوف يجلو عن مناطق السكن الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة، وهذه بشرى سعيدة للجماهير التي عانت مباشرة من الاحتلال منذ أكثر من ربع قرن. غير أن أي مواصلة للنضال الوطني الفلسطيني، وأي تجذر اجتماعي لهذا النضال، سوف يتحتم عليهما مذاك مواجهة شرطة فلسطينية لم يثبت بعد أنها سوف تكون قمعية أقل من الجيش الصهيوني، في الأمد الطويل إن لم يكن القصير، لاسيما وأنه سوف يتوجب عليها أن تعمل بتنسيق وثيق مع الأجهزة القمعية الإسرائيلية والأردنية.

5 - أي آفاق للنضال؟

إن المشكلة التي تواجه اليوم الجماهير الفلسطينية في الضفة وغزة ليست مشكلة النضال ضد اتفاق واشنطن، بمعنى النضال ضد تطبيقه. ففي غياب بديل مباشر، يكون من العبث أن تحدد المهام تحت عنوان منع تطبيق الاتفاق. إن أمر اليوم هو بالأحرى تخطي الإطار المكبل للاتفاق: إن المطلوب أولا هو مواصلة النضال بجميع أشكاله المشروعة (باستثناء العنف ضد مدنيين غير مسلحين)، ضد الاحتلال المستمر، ضد وجود الجيش والمستعمرات الصهيونية في الأراضي المحتلة عام 1967، ضد الهيمنة الإسرائيلية على موارد هذه الأراضي، ضد تغلغل البضائع والرساميل الإسرائيلية في أفق الدولة الفلسطينية المستقلة. وأن المطلوب بوجه خاص هو النضال للاستبدال الثوري للجهاز البورجوازي القمعي الفلسطيني بتنظيم ذاتي للجماهير الفلسطينية يعيد إحياء تراث السنة الأولى للانتفاضة.
بالنسبة لفلسطينيي الشتات، وبالأخص اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنان وسورية، فإن حلم التحرير والعودة إلى فلسطين يجب ألا يكون تبريرا لموقف سلبي إزاء الأنظمة القائمة، التي تضطهد الشعب الفلسطيني كما تضطهد سكان بلدانها الأصليين. فإن المصالح الاستراتيجية للشعب الفلسطيني تمر عبر الإطاحة الثورية بالأنظمة العربية الاضطهادية، بالاشتراك مع جميع الذين واللواتي يعانون من هذا الاضطهاد. وبوجه خاص، فإن المصلحة المباشرة للغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني التي تعيش على ضفتي نهر الأردن ـ والتي تشكل أكثرية السكان في الأردن ذاته ـ هي في فك الطوق الذي يخنقها، وذلك بكسر حلقته الأضعف، الحكم الملكي الأردني، وتحويل الأردن من جديد إلى ذلك المركز الإقليمي للنضال المضاد للصهيونية والإمبريالية الذي شكلته بين عامي 1967 و 1970. بكلام آخر، فإنه ينبغي استبدال الكونفدرالية المزمع إنشاؤها بين الملك حسين وعرفات بتوحيد ثوري لضفتي نهر الأردن.
إن توجه النضال هذا يتطلب انبثاق قيادة بروليتارية للنضال الفلسطيني، أي حركة مستقلة للجماهير العاملة الفلسطينية في تداخل وثيق مع نضالات الطبقات المستغلة والجماهير المضطهدة في بلدان الشتات. ولهو من جهة النظر هذه تحديدا، أنه ينبغي الحكم على حصيلة عمل قيادات اليسار الفلسطيني في المنفى وخياراتها. فإن عجزها عن فرض نفسها كقيادة بديلة للقيادة العرفاتية على رأس حركة الجماهير الفلسطينية عائد بالتأكيد إلى كونها لم تستطع صياغة برنامج طبقي يجمع البعد الوطني والديموقراطي والاجتماعي؛ والى كونها لم تفلح في إحباط الاستعادات والاحتواءات المتتالية للحركة الحماهيرية من قبل القيادة العرفاتية، ولا في العمل بحزم على إعادة تنظيم ديموقراطية للمؤسسات التمثيلية للنضال الفلسطيني؛ والى كونها دخلت دائما في علاقات مشبوهة مع أنظمة، منها نظام دمشق على الأخص، تكرهها الجماهير الفلسطينية لأسباب مشروعة؛ وباختصار، إلى كون قيادات اليسار الفلسطيني في المنفى عملت في إطار الحدود الضيقة لتوجه قومي برجوازي صغير، هو مضاد للصهيونية وللإمبريالية بالتأكيد، لكنه ليس مضادا للرأسمالية.
إن توجه هذه القيادات اليوم إلى تشكيل "جبهة وطنية، ديموقراطية وإسلامية" مع منظمات خاضعة لدمشق ومع الحركة السلفية لا يمكنه سوى الإساءة إلى الهدف الذي عيّنته لنفسها، ألا وهو هدف الارتقاء إلى رأس نضال الجماهير الفلسطينية. فمن جهة، إنه لدليل على قصر نظر سياسي شديد أن يجري التحالف مع منظمات تسيطر عليها دمشق، وهي فاقدة لأي اعتبار في نظر الجماهير وخاضعة لمشيئة نظام يتفاوض هو ذاته على اتفاق مع الدولة الصهيونية تحت إشراف أمريكي. ومن جهة أخرى، فإنها لخدمة للسلفيين أن يقبل اليسار بمساومات أيديولوجية معهم، حتى في تسمية الجبهة الموحدة، وأن يتنازل عن الواجب المصيري في خوض نضال أيديولوجي بلا هوادة ضد برنامج السلفيين الاجتماعي الغارق في الرجعية. إن التحالفات على أرض المعركة، في فلسطين، ضد الاحتلال الصهيوني وضد أي شكل آخر للقمع في المستقبل، لا يمكن تحريمها بالطبع مع الحركة السلفية التي أصبحت طرفا في هذا النضال لا يمكن تجاهله. لكن إذا اقتضى الأمر "الضرب سوية" على أهداف محددة مع تلك الحركة، يبقى أنه لا بد من "السير على حدة"، أي عدم خلط الرايات وعدم تخفيض حدة النضال الأيديولوجي ضد التعصب الديني وظلامية السلفيين وموقفهم الاضطهادي من النساء.
إن الخيارات الحالية لقيادات اليسار الفلسطيني في المنفى ليست من طبيعة تساعد على بناء حركة إسرائيلية مناضلة من أجل الانسحاب الكامل للجيش الصهيوني من أراضي 1967 وتفكيك المستعمرات التي يحميها هذا الجيش، بينما بناء مثل هذه الحركة أمر لابد منه. ولا تساعد تلك الخيارات بالأحرى على بناء يسار إسرائيلي مضاد للصهيونية بصورة جذرية، وهو الشرط الأول لسلخ الطبقة العاملة الإسرائيلية عن الصهيونية، الأمر الذي بدونه لا يمكن التفكير بتفكيك الدولة الصهيونية ونزع الصهيونية عن المجتمع الإسرائيلي. ويزيد من الطابع المؤسف لهذا الواقع أن الأمل في أن الصدمة النفسية لاتفاق واشنطن قد تساعد على تطوير رؤية نقدية للصهيونية وسط شغيلة دولة إسرائيل وشبابها كان معقولا.
هذا على كل حال، ما يعمل لأجله المناضلون الثوريون الإسرائيليون. وعليهم، كما على جميع المناضلين المتضامنين مع حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، لاسيما داخل البلدان الإمبريالية، أن يواصلوا دعمهم للنضال الوطني الفلسطيني ضد الحكومة الصهيونية وضد أي مضطهد آخر، بصرف النظر عن طبيعة قيادات هذا النضال. لكنه ينبغي إعطاء الأولوية في هذا الدعم لكل ما من شأنه أن يسمح للنضال الفلسطيني بأن يتقدم على درب التجذر الطبقي والتوجه الأممي.

عن "المطرقة"، مجلة شيوعية ثورية لعموم المنطقة العربية. العدد 10 ـ ربيع 1994.



#الاممية_الرابعة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرنامج الانتقالي: احتضار الرأسمالية ومهام الأممية الرابعة ...
- البرنامح الإنتقالي: احتضار الرأسمالية ومهام الأممية الرابعة ...
- البرنامج الانتقالي: احتضار الرأسمالية ومهام الأممية الرابعة ...
- الأممية الرابعة: أربعون سنة بعد تأسيسها ـ إرنست ماندل
- لماذا لا غنى عن منظمة أممية؟ ـ ارنست ماندل
- اشـتـراكـيـة أو هـمـجـيـة على عتبة القرن الواحد والعشرين- بي ...
- من أجل انبعاث الروح الأممية ـ نداء صادر عن الأممية الرابعة
- إرنست ماندل: المفكر الماركسي، المناضل الثوري والقائد الأممي
- الثوريون والانتخابات
- موضوعات حول بنية الأحزاب الشيوعية وأساليبها وعملها
- تقويم لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
- تروتسكي ولينين هل من خلاف ؟
- مكانة النظرية في الحزب الثوري
- انتفاضة ماي (أيار) 1968 في فرنسا
- ملف دروس الثورة الصينية
- ملف حول تشيكوسلوفاكيا 1968
- سنوات تأسيس الأممية الرابعة IV 1933 - 1938


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الاممية الرابعة - اتفاق واشنطن