أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي جاسم - حداثة الثقافة














المزيد.....

حداثة الثقافة


علي جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2973 - 2010 / 4 / 12 - 13:14
المحور: المجتمع المدني
    


لكل شعب من شعوب العالم تاريخه الحضاري والفكري الذي يقترن بحجم انتاجه المقدم للعالم عبر تلك الحضارات ، والشعب العراقي يفتخر بتاريخه الغزير بالنتاجات الانسانية والعلمية والفكرية الزاخرة ، لما لها من قيمة روحية وانسانية تعكس طبيعة التفكير المتبلور في ذهنية وسايكولوجية الفرد العراقي على مدار حقب تاريخية مختلفة ، لكن هذا الفخر لايعد كافياً دون وجود حلقات مترابطة بين ذلك التاريخ الحافل بالانجازات وبين المستقبل القادم ،اي وجود تزامناً مرحلياً يحافظ على الثوابت والاسس التاريخي ويحثها على التماشي وروح العصر، وهذا مالم تستطع ان تحقق الثقافة العراقية بسبب تعطل عجلت التطور الثقافية والفكرية عن الاستمرارية في مواكبة المستجدات الحاصلة في العالم لاسيما في غضون العقود الثلاثة الاخيرة ابان حكم النظام السابق الذي حول مكتسبات العراق الحضارية والثقافية والاقتصادية الى انتكاسات بالمنظور العملي مقارنة بدول المنطقة التي لاتمتلك نصف تاريخنا ، لكنها اليوم تتقدم علينا بخطوات عديدة يصعب في الوقت الراهن اللحاق بها او مواكبتها.
الثقافة العراقية تأثرت بمدرستين ، الاولى تستلهم العامل الديني والتراثي ،في حين تذهب المدرسة الاخرى الى ترك ذلك التاريخ بحسناته وسيئاته وعدم الخضوع لعوامل صيرورته بكل اشكالها والالتزام التام بالحداثة ، وانصار هذه المدرسة يجدون بان الحياة الاجتماعية المعاصرة لايمكن لها ان تسير وفق قوانين مرت عليها مئات السنين ، فمشرع القانون في ذلك العصر لايملك الرؤية والمخيلة التي تنسجم مع العصر الحالي لذلك فان هذه المدرسة تعمل بقوة على تغيير تلك القوانين وجعلها اكثر حداثوية ، فمثلاً في المراحلة السابقة لم تعط المرأة دورها المنطقي في الحياة لاسيما السياسية ، وكان الرجال يمثلون السد المنيع بين واقع الحياة العامة وبين مايمكن ان تقدمه المرأة لتطوير هذا الواقع ، واصبحت المرأة اشبه باداة من ادوات المنزل ، لذا نجد ان القوانين والتشريعات في تلك العصور لم تأخذ بالحسبان دور المرأة ولم تمنحها اي حق من حقوقها وباتت المهام الحقيقية لها هي الخدمة في البيت وعدم الخروج عن طاعة الرجل وكذلك ينبغي تمسكها بالمورثات الاجتماعية والدينية اي اصبح مقياس اختلاطها بالمجتمع يقترن الى حد بعيد بمدى تمسكها بالموروث الاجتماعي والديني وعدم الخروج عن هذا العرف الاجتماعي ، اما الان اصبحت المرأة اكثر تطوراً وحراكاً واخذت تلعب دوراً محورياً في مختلف جوانب الحياة وباتت شراكتها الفعلية واضحة للرجل لاسيما عندما يتعلق الامر في المشاركة السياسية التي اخذت المرأة تتحرك داخل هذا المحيط بحرية تامة بل انها اصبحت مفتاح للكثير من الحركات والاحزاب السياسية وطبعاً هناك عوامل عديدة لهذا التطور ، ولعل ثقافة المجتمع احد تلك العوامل.
من هنا يتضح مدى ضرورة ايجاد رؤية مشتركة تسعى الى خلق مناخات ثقافية مشتركة بين كلا المدرستين والمزاوجة بين ما يعد لدى البعض موروث روحي وحضاري مقدس وبين مايراه البعض الاخر مواكبة لتطورات العصر العولمي الذي حول العالم الى بيت صغير يجمع البشرية بشكل يجعل وحدة الرؤية وتقارب الافكار مقياس الثقافة لدى المجتمع .
الان المجتمع العراقي بحاجة ماسة لتغير الكثير من سلوكياته الاجتماعية ، وتغيير نمط تلك السلوكيات بشكل حداثوي يجعله مقبولة اجتماعياً من قبل شرائح المجتمع الاخرى وهذا التغيير لابد ان يكون مقروناً بحركة اصلاحية حداثية تنبثق من قلب المجتمع تنضوي علاقتها بالجانب الاجتماعي المتمدن القائم على اساس المواطنة ولابد هنا اني يدخل المثقف باعتباره طليعة المجتمع كعامل قوة مؤثرة في تغيير سلوكيات المجتمع نحو الافضل ، وسحب البساط من القوى السياسية التي فرضت هيمنتها على سلوكيات الفرد بعد ان باتت التعاملات السياسية تمثل الجانب الاكثر فعالية في حياة المجتمع ، لذلك فان السنوات الست الماضية جعلت رجال السياسة يمتلكون جميع الخيوط التي تحرك ادوات التغيير الاجتماعي في المرحلة الحالية وهذا ما يتعارض مع مطلبنا بان تكون بوادر تحول المجتمع ثقافياً وفكرياً منطلقة من القاعدة الشعبية بقيادة الشرائح المثقفة والمتنورة بغض النظر عن خلفيات كل شريحة ، الحداثة المطلوبة الان لابد ان تكون حداثقة ثقافة قبل ان تكون حداثة مادية اوفكرية فالثقافة تمثل محرك اساسي لكل شيء بالوجود ، لذلك فان المثقف مسؤول عن احداث هذا التغيير ، ومنطلقات هذا التغيير لابد ان تكون خاضعة في المرحلة المقبلة لادوات ووسائل المثقف والتي ينبغي تسخيرها بشكل مكثف نحو هذا الجانب ، فالدعوة مفتوحة الان امام مثقفينا لتسخير كتاباتهم ومؤلفاتهم نحو عملية الاصلاح الاجتماعي والاستعانة بالحداثة البنيوية للموروثات الاجتماعية التي مازالت تتحكم بسلوكياتنا اليومية لكي نعيد الحلقة المفقودة بين الاجيال السابقة والاجيال القادمة والتي ضاعت في ظل الفكر الدموي للنظام البائد وكذلك الفترة التي لحقت سقوطه.
الكتابات والمؤلفات ينبغي ان تحمل في مضامينها رؤية فكرية وثقافية جديدة تجعل الوعي الاجتماعي حاضراً خلال المرحلة القادمة وهذا الامر مرهون بقدرة المثقف على استيعاب مهام في احداث التغيير المطلوب من جهة ومدى استعداد المجتمع لقبول الاصلاح والتغيير من جهة اخرى وفق اسس حداثوية رصينة.



#علي_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة اسمها شراء الاصوات
- احذروا انتخابهم ثانية
- عيد الحب ..هل يكفي؟
- الاجتثاث واللعب في المناطق المحرمة
- ربع قرن من الانتظار
- گالوا للبعثي احلف گال اجاني الفرج
- اجهزة غسل السيارات
- الحملات الانتخابية
- ذلة البعث ام -شيخة- الديمقراطية
- كارثة هايتي وضعف الموقف
- رؤية في البرامج الرمضانية قناة الرشيد والشرقية نموذجاً
- نخلة عراقية ..تصارع آفة الحرمان
- قناة الرشيد وعود الافراح لليل بغداد
- مستقبل العلاقات العراقية_ الكويتية
- دور صندوق الاسكان في حل مشكلة السكن
- وظائف ومسؤوليات مجالس المحافظات
- قراءة اعلامية لقناة الرشيد الفضائية
- الاتفاقية العراقية - الامريكية وتعدد الامزجة
- الذئب وليلى وتوجهات الاعلام المعاصر
- قراءة متأخرة لمسرحية المحطة رؤية مغايرة لأبن الجنوب


المزيد.....




- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...
- اعتقال عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين من جامعة كولومبيا الأمي ...
- استياء عربي من رفض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي أثناء اعتقال شاب في الضفة الغر ...
- فيتو أميركي يفشل مشروع قرار منح فلسطين العضوية في الأمم المت ...
- مساعد وزير الخارجية الأسبق: عرقلة منح فلسطين عضوية بالأمم ال ...
- اعتقال أكثر من 100 شخص خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين في جامعة كو ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي جاسم - حداثة الثقافة