أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمد نبيل - المرأة العربية و الرهان الإنساني















المزيد.....

المرأة العربية و الرهان الإنساني


محمد نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 2973 - 2010 / 4 / 12 - 09:12
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


علاقتان متباينتان يطرحها في رأيي موضوع المرأة في البلدان العربية. الإنسان و المرأة، المرأة والرجل. هل يمكن أن نفصل بين كلا العنصرين، أم أن الرهان هو أن تكون الوحدة الجامعة بين الإنسية و المرأة، هي اللغة التي نتحدث من خلالها عن قضية المرأة ؟

المرأة كائن إنساني و اجتماعي، لكن لعنة التاريخ أصابت جزءا كبيرا من كينونته. فالخطابات العربية المتضخمة حول المرأة، تعكس نوعا من الاختلال في العلاقة بين الإنسان و ذاته، من خلال وسيط تمثله ثنائية زئبقية: "امرأة – رجل".

علاقة الرجل بالمرأة في المجتمعات العربية تنفي في غالب الأحيان الاتصال و الوحدة بينهما، و ترجح غالبا كفة الصراع. و بالرغم من أن عنصري الأنوثة والذكورة يسكن كلا منهما ، فإن التنافر يظل سيد الموقف. و إذا "كان رالف لنتون"، قد لا حظ أن المعطيات الإثنولوجية تقرر" أن الثقافة هي التي تحدد النظرة للفوارق البيولوجية و ليس العكس " (1)، فإن علاقات الرجل بالمرأة العربية و الإنسان بذاته، مرهونة بالتاريخ الثقافي للإنسان العربي في شموليته. المرأة أو الإنسان كوحدة، هي ضحية ثقافة معينة، هيمنت على حساب ثقافة الإنسانية، أي ثقافة التعدد و الاختلاف و التكامل و الانسجام، فشكل ذلك صورة عرجاء، و ناقصة للرجل و المرأة على حد سواء، صورة الرجل السائد و المرأة الخاضعة.

وضع المرأة و الإنسان في المجتمعات العربية مشروط – و هنا تكمن المعضلة - بعوامل دينية و أخلاقية و ثقافية و تاريخية. فالمرأة هي الكائن الذي أسقطت عليه قراءات ذكورية تخرج عن سياقاتها التاريخية، أو تتناسى البعد الغيري في العلاقة مع المرأة، أي الاستقلالية و الوجود .

في المجتمعات العربية، يغيب الإنصات و الفهم، و يحضر التشريع القاطع الذي لا يترك مجالا للشك أو الاجتهاد، في ظل تغيرات الزمان و المكان، فتكون نتيجته هي احتكار "الفقيه الرجل" سلطة التمييز بين الحلال و الحرام. الغريب في الأمر، هو أن قراءات النص الديني، و القرآن أساسا، تدعونا إلى شيء أساسي يتمثل في فهم الإسلام ليس كدين فقط، بل " كدعوة أخلاقية دائمة تحتم على الإنسان أن يكون إنسانا، أي أن يكون حرا، و بالتالي لا يتصور حرية فكرية موجهة ضد الإسلام كدين، لأنها ستكون موجهة ضد الحرية نفسها " (2) .

ما يقال عن المرأة العربية قد يأخذ منحى اغترابيا، اغتراب الذات الذكورية / الرجولية أمام نفسها، و اغتراب المرأة عن تاريخها. هذا يدعونا إلى استنطاق البعد الإنساني، كمذهب، و روح، وفلسفة و كيان، لا يعترف بلغة القطع و الفصل.

المرأة أخذت عنوانا لكفاحها من أجل الاعتراف بالوجود: الحرية. و الحرية حسب عبدالله العروي " شعار و مفهوم وتجربة " . فالكلام عن الحرية في المجتمعات العربية، أضحى يشكل بدوره تضخما خطابيا غريبا، محركه الأساسي هو ردة الفعل أو الصمت. و المفارقة هي أن كلمة حرية عند عرب اليوم، "مفهومها غير واضح، و لا راسخ في أذهانهم، وواقعها غير محقق في سلوكهم " (3) . إنها قمة حالات الفرد العربي المفصول عن محيطه و ذاته.

الجهل بالمفهوم و تناسي الفهم، يغرق الذات العربية، في غياهب التخيل المضر بمستقبلها وجوديا . فالتخيل البعيد عن لغة الواقع، يدخل الذات في عالم من اليوتوبيا المَرَضية، أو يضعها في سلم قوانين مجتمعية، قد تطيح أو تقضي على الوجود الاجتماعي للفرد العربي .

إن حق المرأة في الوجود الإنساني، كغيرية مستقلة على مستوى الرأي و الفهم و التأويل، و متصلة بمستقبل ووجود الرجل في آن واحد، لا يمكن أن يتحقق في ظل الجهل، و تجاهل قيمة الكائن الإنساني. فلا مكان لحضور نسائي، تغيب فيه شروط الإنسية العربية. و يبدو أن الفجوة التاريخية و الثقافية بين المرأة العربية و ذاتها، و الرجل العربي و تاريخه الثقافي، قد فعل فعلته، حتى نخر الفهم العربي السيئ للحرية و للمرأة، جسد الغيرية في واقع الحال.

صحيح أن الإنسية و المرأة لا ينفصلان عن الغيرية، كإشكالية فلسفية، لكن وجب الإفصاح عن لغة التغيير التي تبدأ من سؤال المعرفة أولا، حين يكون سلاحه هو التفكيك، و ممارسة النقد على رؤية العربي و غير العربي للمرأة العربية. و في هذا السياق، يجب الانتباه إلى مآزق المرأة في البلدان المتقدمة. والقول الإنسي، يجب أن يستحضر بحذر ، ما استخلصه "بيير بورديو وولف ناعومي" " من أن القوانين الجسدية تشل بشكل ما كل قدرة النساء على الدخول في السباق نحو السلطة، رغم أن عالم الشغل يبدو لهن مشرع الأبواب. إن قواعد اللعبة تختلف حسب الجنس... " (4) . لا مناص من نقد إنسي مزدوج، يراعي الفجوات التاريخية و الفوارق الثقافية بين الأنا العربية و الغير .

يتميز الخطاب العربي حول المرأة، بأنه يعكس صورة الهشاشة التي تطبع المعرفة، و فهم الإنسان لذاته، و تصوره للطبيعة و للتاريخ، و لما تقوم به الثقافة من تحويل لهذه الذات، من فاعلة إلى منفعلة . هذا الأمر يؤدي إلى تمزق معرفي ووجودي خطير، يكون عنوانه الرئيس : الضياع العربي.

إن اغتراب الذات، هو من يجعل الفرد ينظر إلى المرأة كغيرية منفصلة، و كخصم في الساحة الاجتماعية، بل كطرف في نزاع وهمي، أساسه ما أسميناه "بلعنة التاريخ" . هذه الوضعية تحتفظ بآنيتها واستمراريتها، ما دامت هي مشروطة بعوامل متعددة، كحضور أمية أبجدية قاتلة ( قرابة 70 مليون عربي لا يعرفون الكتابة و القراءة)، و بتراجع معرفي و فكري و علمي يومي مفزع، و بقلق هوياتي زاحف، حيث يغيب الفعل و يحضر الغضب، و يكون الجواب المحمل باليقين حاضرا بثقله، بدل المساءلة المبنية على النقد و الشك .

رهان المرأة هو قبل كل شيء، إنساني بالفعل و القوة، تفرض فيه لغة الوحدة و الانسجام ذاتها. و هذا التوازن البشري المتناغم داخل المجتمعات العربية، يقتضي " مزيدا من الوعي بأهمية المساواة داخل النوع الاجتماعي " (5). رهان الرجل و المرأة الأساسي، هو الارتقاء بالصراع البشري، و جعل الكائن الإنساني وحدة، تنشد التعالي عن كل خصومة أو صراع في النوع أو الجنس، عوضا عن إغراق الذات العربية في دوامة لا نهاية لها.

هوامش :
(1) انظر بهذا الخصوص ، فاطمة المرنيسي، الجنس كهندسة اجتماعية ، بين النص و الواقع، ترجمة فاطمة الزهراء زريول، نشر الفنك، 1987 .
(2) عبدالله العروي، مفهوم الحرية ، المركز الثقافي العربي ، الطبعة الثالثة، 1974، بيروت ، لبنان ، ص 81
(3) عبد الله العروي ، مرجع مذكور ، ص 105 .
(4) ، فاطمة المرنيسي، شهرزاد ترحل إلى الغرب، ترجمة فاطمة الزهراء زريول، المركز الثقافي العربي، نشر الفنك،الطبعة الثانية 2005،ص 233.
• كاتب مقيم في برلين



#محمد_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أفلام مهرجان برلين السينمائي : -المُرْبِكَة- أو اللعبة ال ...
- -الرجل الذي باع العالم- أوضياع بين السينما و المسرح
- حكايات نسائية، من هنا و هناك
- لماذا الختان ليس تقليدا إسلاميا ؟
- موت بحر البلطيق
- دانسك مدينة بولندية بروح ألمانية
- -العين- المخيفة
- قراءة في أحوال المجتمع المغربي
- حكاية يوسف
- بعد عرض فيلمه - غرب عدن- ، كوستا غافراس ينتقد تعامل أوروبا م ...
- صباحات برلين السينمائية
- في حوار مع المخرجة المغربية -سيمون بيتون- : أنا لست متفائلة ...
- قراءة فرحة لحوار الأديان في فيلم -نهر لندن- و المخرج لم يقنع ...
- في حوار مع السينمائية المغربية -سيمون بيتون-
- مخرجة مغربية تتناول قضية -راشيل كوري- التي سحقتها جرافة إسرا ...
- انطلاق مهرجان برلين السينمائي الدولي
- حسب هيئة أممية ، ألمانيا لا تحترم حقوق المهاجرين و اللاجئين
- حول فيلم -السلاحف يمكنها أن تطير- : الموت كلغة للتعبير عن ال ...
- كتاب : لماذا تقتل يا زيد ؟ أو الحقيقة الغائبة في العراق
- لماذا توجه سهام النقد إلى مجلس الجالية المغربية بالخارج؟


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمد نبيل - المرأة العربية و الرهان الإنساني