أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - الارتقاء بأخلاق المهنة














المزيد.....

الارتقاء بأخلاق المهنة


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 2971 - 2010 / 4 / 10 - 01:50
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


" الأدوار الاجتماعية المختلفة بما فيها الأدوار المهنية تحكمها مبادئ أخلاقية تختلف عن المبادئ الأخلاقية العادية بل حتى تتعارض معها"
الانتقال من الإتيقا إلى الإتيقات كان نتيجة حتمية للتطور العلمي والتكنولوجي الحالي وللتقسيم المنهجي والصناعي للعمل، وكان أيضا بسبب استحالة إخضاع كل دوائر النشاط البشري إلى منظومة قيمية واحدة وصفت عادة بكونها صورية وكلية وعامة وتميزت بالصرامة والواجبية والقانونية. من هذا المنطلق ظهرت اتيقات جديدة تحاول قدر الإمكان مسايرة التغيرات ومراعاة الظرفية والخصوصية وتواكب أشكال الحياة الصغرى التي يعيشها الإنسان دون نظرة أكسيولوجية فوقية وبعيدا عن التعسف المعياري ونذكر من بينها أخلاق الحياة في الطب وأخلاق البيئة في أمور المحيط والأرض وأخلاق المهنة بالنسبة إلى النشاطات المهنية التي يقوم بها الناس.
هذا التكوثر الإتيقي عبر عنه بول ريكور بقوله:"فليس من باب الصدفة إن كنا نعين من خلال اللفظ اتيقا شيئا مثيلا بالميتا-أخلاق، أي تفكير من مستوى ثان في المعايير، ومن جهة أخرى إجراءات عملية تستدعي وضع عبارة اتيقا في صيغة المتعدد وإرفاق العبارة بنعت مثل حديثنا عن الإتيقا الطبية والإتيقا الحقوقية واتيقا الأعمال."
لقد وجدت أخلاق المهنة نفسها منذ انبثاقها مطالبة بالرد على تحديين كبيرين هما:
1- تعريف الواجبات الأخلاقية بحسب الدور الذي يشغله الإنسان في الحياة النشطة.
2- مسألة تعددية الخيرات والقيم الناتجة عن كل نشاط وبروز تعارض فيما بينها.
فهل يؤدي القول بتعددية الميادين إلى تطبيق مبادئ أخلاقية مختلفة أم أن هناك اعتبارات أخلاقية ذات أولوية وفريدة يجب تحقيقها مهما تباعدت المجالات؟
والحق أنه توجد مبادئ كونية مثل العدالة والمساواة والنزاهة والإخلاص والوفاء والحق والخير الأسمى والجمال في ذاته ولكن هذه القيم تختلف بحسب المجالات التي تطبق فيها وتضعف علاقات الأشخاص بها وتقوى حسب الرغبة التي يبدونها في تحصيل ذلك.
من هذا المنطلق نصل إلى القاعدة التالية: وجود أدوار مهنية مختلفة ووجود اعتبارات اجتماعية مختلفة يقتضي إيجاد معايير للسلوك مختلفة. وبالتالي فإن أخلاق الأطباء ليست هي أخلاق القضاة ولا تشبه أخلاق المحامين أخلاق المربين ويوجد فرق بين أخلاق التجار وأخلاق رجال الأعمال وربما لا يجوز لنا أن تقيس أخلاق الفنانين والكتاب وفق الأخلاق السائدة لدى العامة. لكن هذا لا يعني وجود نقاط مشتركة بين هذه الإتيقات المهنية وتناغم وظيفي سواء في الإسهام الايجابي أو في التأثير السلبي.
ما نلاحظه في ميدان الشغل هو عدم وجود هذه الإتيقات المهنية في مستوى المعاملات والضمائر وحتى إن وجدت على المستوى التشريع القانوني فإن معظم المهنيين لا يلتزمون بها ولا يحترمونها وتقودهم نوع من الانتفاعية غير المبررة والسلوك الأناني المتناقل من الواحد إلى الآخر عبر العدوى التفسيدية.
لقد عبر مسكويه عن ذلك بقوله:" وأسباب المضرات كلها تتفنن الى أربع أنواع: أجدها الشهوة والرداءة التابعة لها. والثاني الشر والجور التابع له، والثالث الخطأ ويتبعه الحزن والرابع الشقاء."
إن ميدان المهنة هو مجال التنافس غير النزيه والصراع للبحث عن الربح والمنفعة الشخصية ولو بتخليف الضحية والتناقض مع الأخلاق العادية وان العلاقات بين المهنيين والمسيرين يسودها النزاع والتوتر وتغلب عليها بعض السلوكيات السوداوية من نوع التملق والرياء والوشاية والتوسط والمخاتلة. كيف نفسر موقف طبيب يكلف مريضه ما طاقة له من المعالجة في سبيل تحقيق أقصى حد من الربح؟ وما تفسير تحويل المربي المتعلمين إلى حقل استثمار مادي عوض أن يستثمرهم معرفيا ويزرع فيهم قيم التربية والابتكار؟ وماذا نقول عن محام يعلم أن موكله مدان ولكنه يبذل أقصى ما عنده لكي يثبت براءته؟ وكيف نفسر عدم تضامن المهنيين من نفس القطاع مع زميل لهم تعرض لمشكلة معينة؟ ألا يعني ذلك أن الجماعة المهنية لا تحكمها منظومة اتيقية تكون بمثابة العروة الوثقى التي تشد العناصر لبعضعها البعض؟
إن لب المشكلة عند ريكور يكمن في علاقة الفاعل بالمعايير وفي الوجه الذاتي من الإحساس بالواجب وليس في الحرص على ضبط حد مرجعي قار يعين مبادئ المباح والمحظور.
إن الحاجة إلى بناء أخلاق المهنة والالتزام بها هي حاجة أكيدة من أجل صون كرامة العامل والمحافظة على إنسانية الإنسان ومن أجل الكف عن الثلب والتشهير والتطاول على حقوق الآخرين وان المجال الإعلامي والصحفي هو أكثر هذه الميادين المهنية هشاشة ويتطلب معايير إتيقية صلبة تنظم الساحة التواصلية حتى يتخلص القطاع من الدخلاء والمتسللين.
فمتى تعود قيمة الزمالة المهنية إلى وضعها الأخلاقي المرموق؟ ومتى يحترم كل رجل مهنة التراتيب القانونية والأخلاقية التي يجب عليه أن يتبعها؟ وما السبيل إلى رفع التناقض بين أخلاق المهنة ومبدأي الكونية وعدم الانحياز؟ وألا نجد في قواعد أبيقراط الطبية خير معين لنا لكي نستشرف نظيرات لها في كل مهنة؟
المراجع:
بول ريكور، العادل، الجزء الثاني، ترجمة عبد العزيز العيادي ومنير الكشو، بيت الحكمة، قرطاج، 2003
مسكويه، تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق،تنقيح حسن تميم، منشورات دار مكتبة الحياة بيروت، طبعة ثانية،.
مونيك كانتو– سبيربير وروفين أدجيان، الفلسفة الأخلاقية، ترجمة جورج زيناتي، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت، 2008.

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أولية السؤال عن الآخر على السؤال عن الوجود عند لفيناس
- واقع المرأة بين الدين والعولمة
- الإنسان في الأشكال الثقافية عند أرنست كاسرر
- هوية الشخص وثقافة الآخر
- مشكلات هرمينوطيقية
- السوسيولوجيا من منظور فلسفي
- أبو القاسم الشابي بين الوطن والأمة
- الذات بين التفكك والتحقق
- دلالات المتخيل الاجتماعي عند كاستورياديس
- خيرية العيش سويا
- في العقلانية النقدية المعاصرة:
- الإنصاف في العداوة والصداقة
- أخذ زمام المبادرة من جهة الفلسفة
- الأنظمة الرمزية ومطلب التواصل
- الدفاع عن الديمقراطية الجذرية
- توضيح حول حد السياسة الحيوية
- الجدل العلمي والفلسفي بين ابن سينا والبيروني
- من أنت أيها الإنسان؟
- أصول المعاش وسياسة الأحوال عند الفارابي
- الشجاعة هي قوة الإرادة


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - الارتقاء بأخلاق المهنة