أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - من حقنا أن نخطأ ... ولكن ليس كثيرا














المزيد.....

من حقنا أن نخطأ ... ولكن ليس كثيرا


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 2970 - 2010 / 4 / 9 - 18:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من حقنا أن نخطأ ... ولكن ليس كثيرا
جعفر المظفر
حينما يتحدث الكاتب عن أمور خطيرة وذات تأثير مباشر على حياة الناس كالتفجيرات الإرهابية التي تحدث بين الحين والآخر فلا بد وأن يقف أمام جملة المخاطر التي تؤدي إليها كتاباته غير المسئولة أو المتحيزة والتي قد يكون أقلها خطرا تضبيب الموقف ومساعدة المجرم الحقيقي لأن يعيد قتل المواطنين الأبرياء ويتسبب في مزيد من الأعمال التخريبية, وعلى الإفلات من الحساب وتوجيه التهمة إلى آخرين لا علاقة لهم مطلقا بالجريمة.
إن كثيرا من الميادين يمكن للكاتب أن يتحرك فيها دون أن يكون هناك خوف من أن تؤدي كتاباته إلى تداعيات مؤذية, لكن ميدان البحث في الجرائم الإرهابية يبقى على درجة عالية من الحساسية, وليس من الحق أن يوظف الكاتب نياته الطيبة لتبييض خطأه بعد حصوله, إذ ليس بالنيات الطيبة وحدها يحيا الإنسان.
ما يحدث هذه الأيام يؤشر بوضوح ما أريد التأكيد عليه, فبعد كل تفجير إرهابي يشعر الكثير من الكتاب أن لديهم موضوعة دسمة للكتابة, لأن حدثا من هذا النوع سوف يكون سيد الأخبار, ومشكلتنا مع الإنترنت والصحافة الإلكترونية, إنها بالإضافة إلى ما حققته من قفزات هائلة على صعيد التقدم الإعلامي, إلا إنها خلقت على الجانب الآخر كمّا مضادا من المشاكل, وفي مقدمة تلك المشاكل وجود آلاف من الكتاب الذين نمت أهليتهم الكتابية بفعل هذا التشجيع الإلكتروني. وفي الماضي كانت الأحزاب والحكومات والأثرياء لوحدهم من يملك القدرة على امتلاك الصحف غير إن الإنترنت جعل بإمكان الأفراد, بشكل عام وبسيط ورخيص أيضا, حيازة صحفهم الالكترونية الخاصة.
ولقد أدى ذلك إلى تناسل الكتاب وإلى تكاثرهم بشكل انشطاري وأميبي, وصار على الرأي العام أن يجابه أزمة التشتت والتبعثر بعد أن جابه أزمة الهيمنة المركزية الإعلامية الأحادية الجانب. فإذا ما حدث في السابق أمر هام فإن الإعلام المركزي كان وحده من يتكفل بتقديم شروحاته المركزية عبر مقالة واحدة أو مقالتين, لكنك الآن معرض, بوجود الديمقراطية والإنترنت في ساحة واحدة, إلى أن تهاجمك ألف مقالة وأنت في عقر دارك دونما حاجة منك للذهاب إلى كشك الصحف في أقرب سوق أو انتظار نشرة الأخبار من إذاعة حكومية.
إننا جميعا, نحن الذين ندعي اليوم بأننا أصحاب أصابع إنترنيتية مقتدرة, بتنا نتعامل مع الأحداث الخطيرة بشكل يتغلب فيه الميل لعرض قدراتنا الذاتية التحليلية على الصبر والتأني من أجل الوصول إلى الحقيقة المجردة. وفي السباق بيننا, وسهولة أدواته وغياب شروطه, بتنا نشعر إن عدم مساهمتنا في الكتابة عن الحدث سينال من وميض نجوميتنا وحتى إنه سيثير الشكوك حول قدراتنا أو مواقفنا.حتى إننا صرنا في كثير من الأحيان نكتب من أجل الكتابة التي تحولت على أيدينا إلى هدف بدلا من أن تبقى وسيلة وأداة.
وفي أفضل الأحوال فإن جاهزيتنا الأيديولوجية والمذهبية أو القومية وحتى الجهوية سوف تقودنا بأقصى سرعة إلى إلقاء تبعية الأحداث على الآخرين, وبغياب دور لأجهزة إدارية وإعلامية مركزية ذات مقدرة ونزاهة ومصداقية, فإن الجميع سيكون من حقهم تسويق الحدث بالاتجاه الذي يريد, وستكون للجميع فرصا متكافئة وقدرات متساوية لاتهام الجميع.
في التفجيرات الإرهابية الأخيرة مثلا هناك فضاء واسع لتحليق أقلام الجميع على طائراتهم الورقية والإنترنيتية, بنفس المقدرة وبنفس حقوق الطيران, ما دامت إدارة المطار عاجزة تماما عن السيطرة والتوجيه وفرض الشروط الكفيلة بمنع الصدامات والضوضاء المؤذية وخفض درجة التلوث. وحتى أن بإمكان طائرة بن لادن أن تطير بسهولة وأن تحط بسلام ما دام اختلاط الأوراق قد بلغ أشده وتشابك الخنادق قد تجاوز حده. ولن يجد الإعلامي حينها صعوبة تذكر في توجيه أصابعه الإنترنيتية لاتهام الآخرين, وأن يستخدم الآخرون نفس البراعة لاتهامه, أما الضحايا فسيقتلون مرتين, مرة حينما تتناثر أشلاءهم والثانية حين يجري تضييع دمائهم ويصير التعرف على قتلتهم بحاجة إلى معجزة حقيقية.
لكن تأشير ذلك لا يتقاطع مع حقيقة وجود قوى أخرى هي صاحبة السبق في ارتكاب الأخطاء وفي التأسيس لأخطائنا نحن الإعلاميين, واقصد بهم الآن القوى الحكومية المناطة بها مهمة حماية الأمن والكشف عن الجناة بإخلاص واقتدار وبمهنية عالية والشعور بالمسؤولية تجاه دماء الضحايا.
ولست بحاجة إلى إطالة في الحديث, إذ يكفيني القول إن أربعة سنوات من إدارة الملف الأمني بواسطة الحكومة الحالية أكدت لنا جميعا, أما إن الحكومة عاجزة بالكامل عن اكتشاف هوية الجناة, أو أنها باتت في حالة مساومة مع القوى التي تنفذ تلك الأعمال للحصول منها على تنازلات في مجالات أخرى, أو أن تكون هناك قوى ضاغطة, إقليمية أو دولية تمنعها من فتح الملف إعلاميا.
في الحالة الأولى سيكون من الصعوبة تفسير وجود ضعف على هذا المستوى الخطير أو القبول به في حالة وجوده, إذ لا بد وإن تكون الحكومة قد اكتشفت هوية الجناة الذين نفذوا حادثة أو حادثتين على الأقل من عشرات الحوادث الإرهابية, مثلما تكون قد أدركت ضرورة فضح الجهات التي تقف خلفها, أما في الحالة الثانية والثالثة فسوف تكون شكوانا لله وحده.
إن أية حكومة جديدة سيكون في مقدمة واجباتها التأكيد على مصداقيتها الأمنية من خلال أولوية الكشف عن هوية الجناة الإرهابيين, فسيثبت ذلك بدء صدقيتها بالتعامل الأمين مع ذلك الملف وسيساعدنا ذلك نحن الإعلاميين على أن تكون أخطاؤنا قليلة وهامشية.
لكن من حق الجميع في هذه الأجواء المعقدة أن تكون لدولتهم أجهزة أمنية محايدة وحرفية لا علاقة لها بالسياسة ولا بالأحزاب, وأن تكون الوزارات التي تشرف على الملف الأمني تحت قيادة شخصيات لا علاقة لها مطلقا بالأحزاب والسياسة, ولن يكون العراق مستثنى بهذا الإجراء, فالمؤسسات الأمنية في الدول الديمقراطية تتأسس على هذا المبدأ .
وحتى يحين ذلك اليوم, سيكون من حقنا نحن الإعلاميين أن نخطأ .. ولكن ليس كثيرا.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلام حق عن علاوي
- علاوي والمالكي ... وبيضات ألقبان
- لا تدوخونه ولا ندوخكم
- يا لها من وطنية رائعة
- أياد علاوي ... هل تكون الديمقراطية عون بدلا من فرعون
- صدمات انتخابية
- لماذا سقط صدام حسين
- ليس بإمكان الديمقراطية وحدها أن تخلق المعجزة
- هل بإمكان الديمقراطية وحدها أن تخلق المعجزة
- عن الديمقراطيتين .. الأمريكية والعراقية
- كما في السياسة كذلك في الطبيعة ... الديمقراطية وأحزاب رد الف ...
- وما زال العراق تحت التكوين
- إني أرى عزت الدوري ضاحكا
- إنها محض أمنيات


المزيد.....




- أجبرهم على النزوح.. أندونيسيا تصدر تحذيرا من حدوث تسونامي بع ...
- التغير المناخي وراء -موجة الحر الاستثنائية- التي شهدتها منطق ...
- مصر.. رجل أعمال يلقى حتفه داخل مصعد
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين
- أسباب تفوّق دبابة -تي – 90 إم- الروسية على دبابتي -أبرامز- و ...
- اكتشاف -أضخم ثقب أسود نجمي- في مجرتنا
- روسيا تختبر محركا جديدا لصواريخ -Angara-A5M- الثقيلة
- طريقة بسيطة ومثبتة علميا لكشف الكذب
- توجه أوروبي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع تركيا
- كولومبيا تعرب عن رغبتها في الانضمام إلى -بريكس- في أقرب وقت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - من حقنا أن نخطأ ... ولكن ليس كثيرا