أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - جريحان في بيتي














المزيد.....

جريحان في بيتي


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 2970 - 2010 / 4 / 9 - 12:29
المحور: كتابات ساخرة
    



لم اكن اتوقع ان اجد "ابو الطيب" بهذا الضعف يوما ما. كان منهارا بكل لما للكلمة من معنى.. اعرف انه قدم من بغداد مؤخرا بعد زيارة مفاجئة. وحين ودعناه في المطار قال وهو يكاد يبكي : لم اعد اطيق البعد عنها .. انها بغداديتي.
كنت متلهفا – بعد رجوعه- لسماع اخبار بغداد منه تحديدا فانا لا اثق ببعض ماينشر هنا وهناك عنها.
صفن وكأنه مايزال هناك ولكنه استعدل في جلسته ونظر الي بحزم وقال:
خلال السنوات السبع الماضية قرأت كثيرا عما يحدث في بغداد وغيرها من المدن العراقية وكنت آمل ان يظهر شخص شريف – ليس على غرار مهدي المنتظر لينقذ مايمكن انقاذه من هذا الحطام الذي اثقل شعبا لاحول له ولا قوة. ولكن الذي رأيته يفوق الوصف .
جاء رجل الى مأتم في حي الحسين وفجر نفسه في المعزين ،قتل من قتل وفجر من فجر وكان اولهم قارىء القرآن، وكنت محظوظا لتأخري عن حضور المأتم .
عرفت حين وصلت هناك ان احد المصابين صديق لي لم اره منذ 15 سنة ، لايمكن ان اصف لك كيف رأيت اجساد البشر المقطعة والعيون الطافرة هنا وهناك. سحبت جسدي واسرعت لزيارة صديقي في المستشفى القريب.
لم اعرفه بادىء الامر اذ لم يبن منه سوى عينين وشفتين غطاهما الاحمرار. قلت له مواسيا: حمدا لله على سلامتك.
مط شفتيه وبالكاد حركهما ليقول: سلامتي لي وحدي وليس لله شأن بذلك.
خمنت ان غضبه هذا ناتج عما يعانيه من آلام، وقبل ان اقول شيئا صاح: انت لاتعرف كيف نعيش هذه الايام فانت بعيد عنا في الغربة.
جر نفسا عميقا بعد ذلك وقال: هل يعقل يا "ابو الطيب" انه مايزال في بلادنا رجال يقفون في المسطر ينتظرون احدا ما ليعطيهم عمل يوم يسدوا فيه افواه اطفالهم ، هل تصدق ان العراق ثاني اغنى دولة في هذا الذي يسموه الشرق الاوسط يقف فيه العاطلين في المساطر ينتظرون رحمة ربهم.. اتعرف ماهي المسطرة ، انها عمود من البشر يقفون بالصف بعد اذان الفجرمباشرة ينتظرون عملا لساعتين او ثلاثة يهبهم اياه صاحب منجرة او صاحب دار مرفهة يريد ان ينقل اثاثه اليها او امرأة اشترت ثلاجة جديدة وتريد احدا يساعدها في النقل او.. او.. اتصدق هذا ؟ اتصدق ان حياتنا اصبحت تشترى بدولارات معدودات؟ اي رب هذا الذي يقبل ما نحن فيه؟ واذا قبل ولا ادري لماذا ،هل يقبل ايضا ان يرى رجالا واطفالا ونساءا يقتلون في بيته وهم يسمعون تلاوة القرآن؟ اي رب هذا الذي بلغ من السادية بحيث انه اعطانا اذنا صماء وعينا عمياء؟.
اذا كانت لديك بعض القيم فارجو ان تحتفظ بها لنفسك واياك ان تسمعني مايقوله اصحاب اللحى كل يوم في الجوامع فقد مللت مواعظهم وارشاداتهم بعد ان اكتشفت كم هم منافقون وكذابون وبعيدون عن الخلق القويم. قبل سنوات طويلة كنا اذا اردنا ان يصدقنا احد فيما نقول نحلف ب"عرضنا" والعرض هنا هو الاخت لما لها من مكانة ومعزة وكانوا يصدقون ما نقول اذ ليس من المعقول ان يحلف المرء باخته كذبا، اما الان فانهم يحلفون بمئة عرض ومئة قيمة للشرف ولا احد يصدقهم لان الذي باع وطنه يبيع اخته وحتى امراته بل وشرفه هو شخصيا. اعرفت الان لماذا قلت لك لاعلاقة لي بربكم وسلامتي تخصني وحدي لانها لا تهم الرب الذي بات مشغولا عن عباده باشياء لانعرف حقيقتها.
اكمل فيما يشبه النعي: والان ارجع الى بلادك واتركنا فيما نحن فيه فهو زمن استقوى فيه الضعيف على القوي الذي كان ينظر طيلة السنين العجاف التي مرت الى السماء .. ولكن دون جدوى.



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمار اسمه -ذات الاهتمام المشترك-
- عقول تآمرية
- الهاجس الملعون
- صدام حسين يحضر احتفالات نوروز في ايران
- طفشان يكتب رسالة ثالثة الى رب العزة
- رجل الدين وانا
- في ابو ظبي ... القرآن في المزاد العلني
- ياللمهزلة في دبي
- مابين هذا الرميثي وذاك الامريكي الآفاك
- دجاجة -المرجعية- ليست لها مؤخرة
- ارجوكم اقرأوا هذا الايميل
- اسمر بو شامة
- ولكم مو هشكل ياعمار وبحر العلوم
- -هلهولة - للتعداد السكاني
- اغبياء اذا اردتم تكرار مافعلوه
- النهيق يأتي من الصومال هذه المرة
- ولك والله احترمك ياعدنان الجنابي
- الى كتاب وقراء الحوار المتمدن.. تعالوا نلعب هذه اللعبة
- جميلة بوحيرد عراقية الهوى.. جزائرية الاصل
- مخابرات ايرانية في البرلمان العراقي .. ياسلام


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - جريحان في بيتي