أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - نصفان..!















المزيد.....

نصفان..!


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2968 - 2010 / 4 / 7 - 23:16
المحور: الادب والفن
    



- (نصف أول)

لا أحبّ الكلام عن نفسي.. لكنه أفضل كثيرا من أن أتكلم عن غيري. (gossip) كلمة غير جميلة، وغير لائقة، وأنا فتاة جميلة، أحب الجمال، وأحب أن يكون كل شيء جميلا، كل شيء في العالم. ورثت جمالي عن والدتي، مديرة ثانوية التجارة، وورثت طيبتي عن والدي، الاستاذ في جامعة بغداد- كلية التربية. سنواتي الأولى عشتها مع الدادا هاجر- امرأة جميلة وحنون، جلبتها أمي لرعاية بناتها الأربعة. أحببت المدرسة وأحببت صديقاتي في المدرسة. أحاول أن أقضي أكثر النهار خارج البيت. في عام 1984 انتقل عمل والدي إلى وزارة الخارجية وتفرغت والدتي للعمل الحزبي. تغيرت شخصيتها كثيرا داخل البيت، وكان والدي يطيعها دائما، لا يرد لها كلاما. عندما صرت في الثانوية، رفضت أن يوصلني السائق إلى المدرسة وينتظرني عندما أخرج. أردت أن أكون وأشعر مثل الناس. لا أرتدي ثياب فاخرة ولا أتكلم بعنجهية. صرت أذهب بنفسي إلى المدرسة، أقف في الطابور، وأعود إلى البيت في المواصلات العامة. صار لحياتي معنى آخر.. زاد عدد صديقاتي، وزاد عدد الشباب الذين يعاكسونني في الطريق. الدادا أيضاً تركت المنزل بعد مدة. كبرت.. وكبرت الضغوط والملاحقات داخل المنزل وخارجه. خسرت صديقاتي والعالم الذي عملته لنفسي عندما انتقل والدي للعمل في السلك الدبلوماسي في الخارج. صارت حياتي أكثر تقيدا، بين الحرس المنزلي والسائق الشخصي. هل كانت الصورة ستكون هكذا لو لم أكن أنثى، لو كان معي أخوة؟. لكن ذلك انتهي مع عودتنا إلى بغداد في بداية التسعينيات، وفي داخلي قوة تريد كسر القشرة الخارجية المحيطة بحياتي. حاولت أن أقضي أطول وقت من النهار في الجامعة، أتذرع الوسيلة للتأخر عن البيت. العودة إلى بغداد رافقها تراجع في المسؤوليات بالنسبة للوالدين، ووقت أكثر يقضيانه في البيت. كنت أنا البكر، والآنظار كلها مصوبة تجاهي. كل حركة.. كل كلمة.. كل خروج من البيت أو اتصال تلفون.. الملاحقات والتفتيشات صارت داخل البيت.. أين أذهب ولماذا وكم أتأخر.. من يكون معي وماذا نقول.. ماذا في حقيبة اليد.. لماذا هذا الزي.. هذا الفستان غير مناسب.. قللي من أحمر الشفاه.. لا تضعي في عينيك شيئا.. كنت أتعرض للالغاء.. للتدجين.. عندما عدت من الجامعة ذات يوم.. طلبت مني والدتي شيئا غريبا.. ولم يكن اسلوبها يخلو من رقة.. رقة والدتي مريبة.. تلك الرقة التي صرعت بها والدي دائما.. وضعت أمامي فستانا على طرف السرير..
- رتبي هيئتك والبسي هذا الفستان!.. والحقي بي..
نظرت إليها بحنق واشمئزاز.. لماذا تتعامل معي كأني أعمل في ....، هل صرت بضاعة ثقيلة عليها؟..
عادت مرة ومرتين.. وتحولت الرقة إلى قسوة وأمر.. ولكي لا يتطور الأمر إلى شجار ويدخل والدي على الخط.. رضخت.. لعلّي أعرف السرّ.. اللعبة..
في حجرة الضيوف كانت تجلس مع شخص في مقتبل العمر.. شخص أعرفه من العائلة.. ولكني لم أره كثيرا.. أمرتني أن اجلس وخرجت هي..
قلت له أريد أن أكمل دراستي الجامعية ولا أفكر في الزواج الآن.. كان رقيقا هو الآخر.. مهذبا.. وكنت مهذبة وعنيدة.. ولكن غير رقيقة.. جاءت من المطبخ وهي تستمع لمماطلاتي.. جاءت لفرض رأيها.. عندما خرجت ثانية.. قلت له أريد أن أراه خارج المكان وعلى انفراد!..
*
لم تعارض والدتي في الخروج معه. أخذني معه إلى نادي الصيد في المنصور وهناك تعرفت إلى كثير من أصدقائه وصديقاته في النادي.. كان يتمتع بشعبية واسعة.. شرحت له كل ظروفي المنزلية وما أعانيه من ضغوط، وأعلنت له استغرابي كيف يريد أن يتزوج بهذه الطريقة التقليدية وهو استاذ جامعي شهادته من الغرب.. كان يستمع بامعان ويحاور بدبلوماسية وحنكة. أرادني زوجة ثانية، بعد وفاة زوجته الأولى المبكرة. قال أن الوقت ليس في صالحنا.. وانه مرتبط بعقد عمل في الخارج، ويريد الانتهاء من الاجراءات قبل موعد السفر.. لم أكن موافقة على الزواج ولكن الظروف كانت قاسية.. وفكرت كيف أستفيد من فرصة كهذه لا تنتظر مني غير كلمة صغيرة، كلمة من ثلاثة أحرف (نعم)!.
توخيت فيه أن يخرجني من وضعي الخانق.. أن يساعدني في الهروب من البيت والبلد.. وعندها يذهب كلّ في سبيله. أخبرته بكل شيء يمكن أن يجعله يكرهني ويرفض الارتباط بي.. قلت له أنني لا أحبه ولا يمكن أن أقبل بزواج من غير حب.. قلت وقلت وقلت.. وكان يستمع ويستمع ويوافق على كل شيء.. عندما عدنا إلى البيت زغردت والدتي وتقرر الزواج خلال اسبوع.. انتقلت خلالها من بيت العائلة إلى بيت زوجته الأولى حيث يقيم مع والدته العجوز. مع الأيام، اكتشفت أن كلّ شيء كان محسوما مع والدتي وهو من أقاربها ، أما حكاية موافقتي وصورة الاتفاق فكانت شكلية جدا ليس إلا. ولو لم أوافق لفعلوا كلّ شيء بالقوة. وكان هو ووالدته يعرفون كل شيء.
استمرت صورة الضغوط وطرق المعاملة نفسها في البيت الجديد، وازددت تعاسة، لوجود والدته العجوز داخل البيت وتدخلها في كل شيء، إضافة لأوامرها المستمرة لخدمتها ورعايتها مع أحفادها. أما هو فقد سافر إلى عمله في الخارج، ولم أكن في تلك الصورة غير خادمة رخيصة ترعى والدته وأطفاله، بينما هو يهتم بنفسه ومستقبله. فكرت كيف يسمح قلب والدتي لها بوضعي في هذه الصورة؟. ما هو المستقبل الذي أراده لي والداي من هكذا زواج شكلي مشين؟..
فكرت في الانتحار.. فكرت في الهروب من البيت.. البحث عن طريقة أو شخص يساعدني في مغادرة البلد. كل الطرق باءت بالفشل.. وشخصا لم أجد كفؤا لمساعدة حقيقية.. رغم طلباتهم الكثيرة. مع الأيام.. تعودت على الوضع.. وصرت أشعر بمسؤولية تجاه المرأة العجوز التي لا تستطيع الاهتمام بنفسها بمفردها.. صرت جزء من العائلة الجديدة.. والعجوز تهددني كلما تأخرت بابلاغ ابنها بكل شيء عندما يعود. لكنه لم يكن غير تهديد فارغ.. لأنني أخبرته في جلسة نادي الصيد بكل شيء، وأنني لا أحبه ولا يمكن أن أقبل به، وعدني بالمساعدة للتخلص من وضعي العائلي ثم خذلني. خدعني. عودته صارت تعني بالنسبة لي حسم كلّ شيء مهما كلّف الأمر. وكل يوم كان يمرّ، كان يوم الخلاص يقترب. لن أستسلم لهؤلاء، حتى آخر يوم من عمري!.
عندما عاد.. لم يتأخر الأمر كثيراً.. كان لديه شهران فقط لتصفية كل أموره ومتعلقاته في البلاد. وقد انتهى كل شيء بسرعة وغادرت معه البلاد متحررة من تلك الظروف وعائلته وعائلتي. لكنه لم يعطِني حريتي في الخارج حسب الاتفاق.. تشاجرنا كثيرا.. اختلفنا كثيرا.. مات كلّ ما بيننا.. واستمرت بيننا شعرة.. شعرة صورتها طفلان، وأمل ما يزال ينبض..
*

- (نصف ثانٍ..)

ثمة مسافة لا أحد يريد أن يعترف بها، بين ظروف الواقع الذي نواجهه أو يواجهنا بالأحرى، وبين نسق الأفكار والمشاعر التي نحملها في دواخلنا.. أولا وأخيرا نحن بشر.. ولكي أتكلم عن نفسي.. أعترف أنني لست بطلا.. ولا أريد أن أصير بطلا ولا زعيما.. كل ما في الأمر أنني واقعي بكل ما تعنيه الواقعية.. وأذكر من نعومة أظفاري تلك الجملة التي تركها لي والدي الذي لم أره أبدا.. الجملة التي كررتها أمي دائما، كلما رأتني أقلب صفحات جريدة أو كتاب..
- شوف ابني.. أبوك الله يرحمه كان يقول.. الأفكار ما تشبع بطن.. ما وراها غير وجع الراس..

كنت الأبن الوحيد مع بنتين لتلك الأرملة.. لم نكن نعيش.. كنا نصارع الزمن.. نصارع من أجل البقاء.. ولو كنت أعلم أن مصيري سينتهي إلى هذه الحال.. لفضلت الموت يومذاك، على هذا البقاء.. لقد تعبت كثيرا.. وضاع كلّ شئ.. كنت أتألم وأنا أجد نفسي أقلّ من الآخرين.. أتألم عندما يضحكون ولا أجد في نفسي القدرة على الضحك معهم ومجاراتهم الحديث.. لا أعرف شكل أصابع القدر التي كتبت قصة حياتي.. لكني أعرف لون الحبر.. أحفظ شكل الحروف كذلك.. كانت طبول الحرب تقرقع من كل جانب.. وأنا في السنة الأخيرة في كلية الهندسة.. أية نهاية تنتظرها أمي لأبنها الوحيد.. ولكن الحل لم يكن معدوما.. لا أقول هذا في سبيل التبرير.. فضميري لا يحاسبني على شيء.. ولا اغتصبت نفسي حقا كان لغيري.. وحسبي أنني لم أكن وحيدا.. ولم أكن أسوأهم كذلك.. رفعت يدي كما فعل ذلك كثيرون ذلك العام.. ملأت استمارة من عشرات الأسئلة.. ونجحت في المقابلات الثلاثة للمتقدمين.. بعد التخرج تم تنسيبي للعمل في الجامعة.. وسجلت بصفة طالب دراسات عليا – ماجستير في كلية الهندسة.. ولكن عملي كان يتطلب الانتقال في أكثر من كلية..
في السنة الأولى بعد التخرج تزوجت شقيقتي من شخص مسؤول في الدولة.. تنفست والدتي الصعداء.. عندها فقط تأكد لنا أن الأيام الصعبة ولت، وأن النكد فارق هذه العائلة إلى الأبد.. بعد حصولي على الماجستير أرسلت إلى لندن في بعثة دراسية لنيل درجة الدكتوراه في الاشعاع الذري.. لم يكن الأمر سهلا على الوالدة، ولكن الأمر لم يكن بيدها ولا بيدي.. فالطريق الذي مشيت فيه لم يترك لنا خيارات.. الخيار الوحيد هو (إما.. أو).. ذلك العنوان الذي اختاره سيرن كيركجورد لأحد مؤلفاته قبل قرنين.. يناسب حياتنا الحاضرة جدا.. أقصد علاقتنا الراهنة بالحياة تحديدا.. عنوان كيركجورد هذا.. هو نفسه الذي جعلني أكمل سنوات البعثة في مدة قياسية بينما كان غيري يمططها ويضاعف سنواتها.. ناهيك عن حياة الأنس والمتع التي كانوا يقضون بها أوقاتهم.. بل أن بعضهم لم يعد إلى بلده بعد اكمال الدراسة، وقد التقيت بعضهم في لندن عندما عدت إليها بعد الاحتلال طالبا للجوء.. عند عودتي بالدكتوراه عملت في الجامعة التكنولوجية .. أختي الصغرى تزوجت أيضا..
صارت أمي تقاسي الوحدة منتظرة طيلة النهار عودتي.. أعود متأخرا.. أجدها في المطبخ.. تضع لي الطعام وتسمعني اسطوانتها اليومية.. كنت أحب أمي.. وأرجو أن لا يلومني أحد على هذا الشيء.. ولكني كنت أتمنى أن ترحمني من تكرار الاسطوانة.. ترحمني من حبها الزائد قليلا..
كنت أتعب في العمل.. وأعود منهكا أتشبث بالراحة.. أبحث عن شئ يخرجني من جو العمل والمحاضرات والمهام السياسية.. أجد اسطوانتها جاهزة بالانتظار.. لا أستطيع معارضة والدتي ووقف تدخلاتها.. ولا معارضة رؤسائي في العمل وطلب اعفائي من المسؤوليات.. وكالعادة.. أفضل هروب من الشئ هو الوقوع فيه..
كانت ثامار إحدى طالباتي في المرحلة الثانية.. لاحظت أنها تبدي اهتماما خاصا بي.. يختلف عن بقية الطالبات.. تحدثت معها في الأمر ولم تمانع.. طلبت منها أن تحدد لي موعدا لزيارة أهلها.. وخلال أقل من شهر، كانت تتناول الفطور مع والدتي في الصباح، وتنتظرني في المساء أمام التلفاز.. بينما تستغرق والدتي في نوم عميق في حجرتها.. ثامار زوجة رائعة.. هادئة جميلة متفهمة.. قليلة الكلام.. لا تعترض على شيء.. لا تسأل.. ولا تطالب بشيء.. أنجبت طفلنا الأول وهي ما تزال طالبة.. وبعد التخرج بقيت في البيت مع والدتي والطفل.. عندما كانت حياتي الأسرية تنتظم وسعادتي تتجه للاكتمال.. كانت ظروف الحصار تزداد ضراوة وأوضاع البلاد العامة تتدهور بصورة راديكالية..
التسعينيات قلبت البلاد رأسا على عقب.. من بوادر الرخاء الاقتصادي وارتفاع معدلات المعيشة في السبعينيات إلى تردي مستويات المعيشة وانهيار قيمة الدينار.. من اقتصاديات التخطيط المركزي وإدارة الدولة والنقابات في كافة القطاعات إلى هيمنة القطاع الخاص وانتشار سرطان السوق السوداء في كل اتجاه.. من دولة الأمن والنظام إلى تراخي قبضة الدولة وتسلل التيارات الدينية والسياسية الخارجية من كل اتجاه.. ولكن قبل هذا كان النظام قد فتح باب الاستقالات وصارت تصدر قوائم دورية باعفاء المنتسبين من مهامهم ومنحهم تعويضات وحوافز لمن يريد الخروج من البلاد.. لم يقدر أحد الاثار النفسية والاجتماعية لتلك التغيرات الجسيمة على السكان.. بينما كان النظام يعاني من حالة انهيار من الداخل.. وينتظر رصاصة الرحمة..
أنجبت ثامار طفلنا الثاني بصعوبة.. جعلها تعاني من التهابات حادة في الرحم.. وكانت وزارة التعليم العالي قد وقعت عدة اتفاقيات مع دول مجلس التعاون العربي لاعارة الأساتذة والتبادل الثقافي بين الجامعات ومؤسسات التعليم العالي.. وكنت يومها في الأردن عندما توفيت ثامار.. ومن يومها أخذت أختي تهتم بالطفلين مع أطفالها.. كانت سعادتي قصيرة ومحفوفة بالقلق.. يبدو كأن ترس سلحفاة (كافكا) يجثم على مصيري .. كلما أتحرك للأمام يعيدني إلى الخلف.. لم تكن عودتي إلى البلاد موفقة.. رغم أني تدرجت إلى رئيس قسم خلال فترة قياسية.. كل ما بنيته في بلدي صار يتهشم ويعرضنا للضياع.. لم يعد أمامي غير احتمال واحد.. الهجرة.. أو الهروب بمعنى أدق.. كان كثيرون قد غادروا العراق منذ الثمانينيات.. وتضاعفت الأرقام في التسعينيات.. لكني لم أكن لوحدي.. كما كنت أيام البعثة.. فيما لو أني اخترت البقاء وترتيب وضعي في الخارج.. كانت ثمة والدتي.. وثمة طفلان ينتظران في بيت شقيقتي.. حاولت التوصل معها إلى اتفاق.. للتكفل بمسؤولية الأطفال ووالدتي خلال سفري للخارج.. لكنها سألتني سؤالا جعلني أعيد التفكير في الموضوع.. (كم سيطول سفرك في الخارج؟..).. ربما جبنت في تلك اللحظة.. وما بعدها.. ورغم أني أحب أختي وواثق من حبها لي كوالدتي.. لكني لم أستطع مصارحتها بالقول.. (إلى الأبد!..).. ربما كان هذا أحد عيوبنا القومية.. عدم القدرة على التصريح.. رغم وثوقنا من الجواب!.. قلت لها بعد مدة.. قولي لي ماذا أفعل.. كيف أتصرف.. أعتقد أنني في ورطة..
- لماذا تسميها ورطة..
- ان لم تكن ورطة.. سميها قرار اعدام..
- لأول مرة أراك متشائما هكذا.. أنت أقوى من هذا يا حبيبي..
- أنت ترين الأوضاع المتردية.. والسبل تضيق يوم على يوم.. وتقولين متشائم.. وتريدينني أموت هنا وتجيف جثتي في الشوارع..
- مختصر الكلام.. لا أحد يمنعك من السفر.. شوف لك بنت حلال.. تربي أولادك.. تاخذهم وتطلع..
- إذا كان الأولاد هم المشكلة.. أخذهم وأنا أتكفل بهم في الخارج.. من غير زواج ودوخة جديدة..
- كل هذا الكلام عن دوخة وورطة واعدام.. تقصد به الزواج..
- يا أختي.. الظروف ما تساعد.. الحمل الخفيف شيلو أسهل..
- اثنين أحسن من واحد.. واليد الواحدة ما تصفق..

لم نتفق.. سادت حالة من التوتر في العائلة.. لأول مرة تتوتر العلاقة بيننا.. أصيبت أمي بجلطة مفاجئة.. ونقلناها لمشفى ابن الهيثم.. لم يكن البلد لوحده يتعرض للحصار والاختناق.. كلنا كنا نختنق.. الذين مع النظام والذين ضد النظام.. الأغنياء والفقراء.. المسؤولين والمحكومين.. الجميع يختنقون.. لم أكن بعيدا جدا عن الناس.. ولكن في تلك اللحظة شعرت بتآلف عجيب.. اختزل كثيرا من أنانيتي الشخصية.. عندما كنت أعود من المستشفى وأجلس وحدي في البيت.. أبدأ في مراجعة نفسي.. وأستعرض السنوات الماضية.. السنوات التي حسبت أنها نقلتني للامام ولن أعود ثانية للخلف.. في اليوم التالي.. رأيت أختي في المشفى .. وقبل انتهاء زيارة الوالدة انتحت بي جانبا وقالت لي..
- رأيت لك بنت حلال جميلة.. أحمق من لا يمسك بها بيديه وأسنانه..
لم تعجبني طريقة كلامها ولكن والدتي كانت تنظر إلينا مبتسمة.. فعرفت أنها تعرف بالموضوع.. وعندما بقيت ساكتا.. واصلت..
- مارثا.. بنت السفير.. بيننا وبين أمها ظهر واحد فقط.. بنت عم يعني..
- ...
- لماذا أقول لك هذا وأنت تعرفهم جيدا.. اذهب إليهم غدا.. وهم ينتظرونك بعد الخامسة.. انت شوف البنت واترك الباقي عليّ..
*

*
لندن
العشرين من مارس 2010



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولكن ما هو الواقع؟!..
- السعيد في العزلة (شقي)..
- المكان هو المنفى.. الوطن هو الغربة!.. (6)
- (الانسان والمكان -5-)
- الألم ونظرية التوازنات الذاتية
- أنا أتألم.. أنا إذن موجود!..
- هل الحيوانات تتألم ؟؟!!..
- حول نسبية المكان.. (سعدي يوسف نموذجا..) (4)
- مدن في حياتي .. الوجيهية (4)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (3)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (2)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (1)
- فليحة حسن.. وقصيدة (أنا لست مريم يا أبي!)..المقارَبة والاختل ...
- هذه الجريمة اليومية
- فراغات النسيج الاجتماعي في العراق
- المرأة كونترا المرأة
- رسالة من بعيد
- صادق الطريحي في (أوراقٌ وطنية)*
- -ولد للبيع-* الطفولة وبقايا الاقطاع
- -هذا عالم جايف.. اكتب!-


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - نصفان..!