أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - كن ليبرالياً ودعني أقتلك














المزيد.....

كن ليبرالياً ودعني أقتلك


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 2968 - 2010 / 4 / 7 - 14:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أضحك أحياناً حتى أوشك على الانفجار حنقاً، وأنا أستمع لما يساق من تنظيرات لمروجي الإرهاب والقتل على الهوية الدينية، حين أراهم يكادون أن يقولوا: "كن ليبرالياً ودعني أقتلك". . يقولونها للشعوب الغربية، التي يهربون إليها من جحيم وفقر الشرق الكبير، فتفتح لهم أحضانها باعتبارهم أخوة في رابطة الإنسانية، التي لا تعلو عليها رابطة لدى هذه الشعوب. . يجدون المأوى والحماية والحياة الكريمة، ويجدون أيضاً مجالاً متسعاً للتعبير عن الذات، وهنا "مربط الفرس" كما يقولون. . "التعبير عن الذات"، فحين يبدأ هؤلاء في التعبير عن ذواتهم. عن معتقداتهم الإيمانية. عن سيكولوجيتهم المنقوعة في العنف والتعطش لسفك الدماء والكراهية المجانية. . أبناء ثقافة "السيف أصدق أنباء من الكتب"، وأشعار عنترة ابن شداد التي تقطر بالدماء وهو يقول: "وسيفي كان في الهيجا طبيباً * يداوي رأس من يشكو الصداع". . هكذا تطفح المدن الأوربية بروح العداء والمتفجرات، وتتلطخ محطات المترو بالدماء البريئة، التي أريقت من أجل زيادة رصيد القتلة من الحوريات في جنات الخلد!!
وإذا ما اتخذت هذه الشعوب أي مواقف أو إجراءات لمحاصرة الوباء الذي فتحت له أبوابها، ليسري في شوارعها وشرايينها، وهي تفعل هذا بصعوبة بالغة، ووسط معارضات مستميتة من شعوبها، التي لم تتعلم حتى الآن بما فيه الكفاية، والتي تعودت على السماحية والانفتاح على الآخر، ويصعب عليهم أن يتجهوا عكس ذلك، بل يصعب عليهم تصور أن هناك بشراً أشد خطراً وفتكاً من العقارب والفيروسات المدمرة. . عندما يتحركون ببط وعلى استحياء لحماية مجتمعاتهم وحضارتهم، تتعالى أصوات المُكَفِّرين وسدنة الإرهاب، تنعي الليبرالية الغربية التي تخلى عنها أهلها، وبدأوا في اتخاذ التدابير الوقائية من الخطر الزاحف عليهم!
لكي تظل أبواب ونوافذ الغرب مفتوحة أمامهم بلا ضابط ولا رابط، لابأس من ترويج اصطلاح حديث هو "الإسلاموفوبيا"، و"الفوبيا" التي تعني أمراض الخوف غير الطبيعي، هي نوع خاص من أمراض نوبات الهلع والذعر الشديد، ويعرف على أنه خوف كامن مزمن وغير مبرر (غير منطقي)، من شيء أو مكان أو سلوك معين، يؤدي لقيام المريض بمحاولات واضحة للهروب من موقف، لمواجهة الشيء أو الظرف الذي يعتبره المريض خطراً على حياته. . هكذا تكون نتائج جهاد المجاهدين والاستشهاديين الأبرار في مختلف العواصم والمدن، غربية وشرقية أيضاً، هي مجرد تخيلات و"فوبيا"، ينبغي على الشعوب الحرة الحذر منها، والاستنامة لتسلل الجهاد والجهاديين، ليقتلوا ويسفكوا من دماء الكفار ما شاء لهم الهوى، فهكذا وهكذا فقط يكونون ليبراليين بحق!!
وعندما تحظر الدولة المصرية على مدى عصور جماعة الإخوان المسلمين، بتنظيمها السري العريق في الجرائم السياسية والاغتيالات. . تلك المدرسة الأولى للإرهاب والعنف باسم الدين، والتي تخرج ويتخرج منها سفاكو الدماء على مستوى العالم كله، وتعمل كطابور خامس داخل مصر، يتسلل عن طريقهم إلى البلاد إرهابيو حماس وحزب الله، مهددين أمن البلاد التي ارتووا من نيلها، وظللتهم سماؤها. . عندما يمنع الدستور المصري تسلل ذئاب التأسلم السياسي للحياة السياسية المصرية، لتحويل مصر المحروسة إلى مصرستان، تتناحر مكوناتها وتذبح بعضها بعضاً باسم الله والإيمان، كما حدث ويحدث في البلاد التي سيطر عليها أمثال هؤلاء، بداية من أفغانستان حتى الصومال، مروراً بالعراق الذي ينسبون بلاياهم فيه إلى القوات الأمريكية، التي لولاها لأفني الطائفيون العراقيون من سنة وشيعة بعضهم بعضاً. . عندما تحمي الدولة شعبها من الهلاك على أيدي هؤلاء المتاجرين بالدين والدين منهم براء، تكون الدولة استبدادية وغير ديموقراطية، وعندما يناهض المثقفون المستنيرون ودعاة الحداثة تواجد مثل هذه الجماعة في الساحة المصرية، يكونون مدعو ليبرالية، إذ عليهم أن يقبلوا بمتاجرة هذه الجماعة بالدين، ويفسحوا لها المجال لخداع الشعب المصري المؤمن والتقي بطبيعته، لكي تصل على أكتاف الجميع إلى الحكم، ليكون مصير كل من التزم بالليبرالية التي يريدونها هو الذبح، أو تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف، إذا ما فكر لحظة بعد ذلك في ممارسة الليبرالية، التي هي في شرعهم حقيقة بدعة مستوردة من الكفار وأعداء الدين.
هكذا يتصورون أن الليبرالية تحتم على من يعتنقها أن ينزع الجلد عن جسده، لتهاجمه باسم الحرية كل صنوف الحشرات والميكروبات. . فالإرهابيون المتأسلمون من حقهم استغلال القوانين والبيئة الليبرالية أسوأ استغلال. . بل وكما قال أحد ذوي اللحى العظيمة الشعثاء، مجاوباً من يسأله كيف يفعل ذلك في بلاد منحته المأوى والحرية، ووفرت له كرامة لم يتحصل عليها في بلاده، التي طاردته وطردته هو وما يدعو له من أفكار، فما كان إلا أن جاوب المتساءل المتعجب، بما حول تعجبه إلى ذهول، بأن هذه البلاد بالنسبة له كدورة المياة. . فكما يحتاج فضيلته إلى دورة المياة (عوضاً عن الخلاء) لكنه لا يحترمها ويعتبرها نجاسة ورجساً، فكذا هذه البلاد، هو يحتاج لمساحة الحرية المتاحة فيها وإلى أموالها، ولينشر فيها دعوته المقدسة، لكنه يظل على موقفه منها، بأن شعبها أنجاس، وبلادهم أرض الفسق والفجور والكفر!!
هذه هي المفارقة الطريفة غير الظريفة على الإطلاق مع هؤلاء. . لو تركنا لهم المجال، وأتحنا لهم أن يسرحوا ويمرحوا في البلاد كيفما شاءوا، فسوف يشهرون سيوف التكفير في وجوهنا، ويغمدون خناجره في صدورنا. . وإن حاولنا درء خطرهم عنا، وتحجيم نشاطاتهم التخريبية، فسيواجهوننا بالتباكي على الديموقراطية والحرية المهدرة، وفسوف يجدون من بيننا من يصدقهم، ليس فقط جرياً وراء مصالحه الخاصة والانتهازية، بل أيضاً من قبيل السذاجة والغفلة!!



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف المقدس وإرهابي طائرة الرئيس
- بيان للتوقيع من علمانيين مصريين
- خربشات طفولية- 1
- بيان علمانيين أقباط- مازال مفتوحاً للتوقيع
- أجنحة الغياب- قصة قصيرة
- تغيير أم صراع على السلطة؟
- عندما يتناقض الدستور
- ثقافة الصدام المنقرضة
- البلطجة باسم الإله
- نحن والوطن
- الإخوان واستراتيجيتهم الحربائية
- -عنزة ولو طارت-
- هل نعشق الحرية؟
- المرأة والرجل والسيرك
- محاولة اختطاف البرادعي
- تشريح جثة التخلف
- كتاب كمال غبريال: العولمة وصدمة الحداثة
- حركة كفاية والمهزلة الحنجورية
- إشكالية الفتاوى الدينية
- أزمة الإنسان الشرقي


المزيد.....




- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان
- الشريعة والحياة في رمضان- مفهوم الأمة.. عناصر القوة وأدوات ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - كن ليبرالياً ودعني أقتلك