أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نجاح العلي - نظرة من داخل أروقة إلاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق















المزيد.....

نظرة من داخل أروقة إلاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق


نجاح العلي

الحوار المتمدن-العدد: 2968 - 2010 / 4 / 7 - 14:45
المحور: سيرة ذاتية
    



ما من تجربة في حياة الانسان مهما كانت بسيطة لاتخلو من الفائدة والقيم المعرفية والاخلاقية فضلا عن الاستفادة من عبر وتجارب الاخرين او حتى من تجاربنا الشخصية.. وهذه تجربتي مع إتحاد الادباء والكتاب في العراق:
في اواخر التسعينات ولاول مرة في حياتي وطأت قدمي مقر الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق والكائن في ساحة الاندلس ببغداد وكنت مازلت شابا يافعا يبحث عن المعلومة والفائدة والمتعة الفكرية والادبية.. وقد جاءت الزيارة لحضور احد النشاطات الثقافية التي يقيمها الاتحاد برفقة عدد من كبار الادباء والكتاب والاعلاميين لانني كنت أعمل في صحيفة يرأس تحريرها رئيس الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق لذلك لاتخلو احتفائية او جلسة ادبية الا وكان في مقدمة الحاضرين كادر هذه الصحيفة.
وكل منا ترتسم صورة نمطية في مخيلته ان مكانا يجمع الادباء والمثقفين والاعلاميين لابد انه سيكون واحة ادبية واخلاقية وعلمية ننهل من معارفها وتجاربها، لكن الامر في الواقع يختلف تماما ويكاد يصدم كل من دخل في دهاليزها وتفاصيلها ليصاب بالذهول والاستغراب والالم.
وهذه بعض المشاهدات انقلها دون تزويق او مبالغة او بهرجة.. ففي عام 1998 وبعد انتهاء احدى الجلسات الادبية في اتحاد الادباء والكتاب في العراق غادر الجميع لكن بقي نخبة من شعراء وكتاب العراق في حينها وطلبوا مني مجالستهم بحكم زمالة العمل وبالفعل بقيت لاستزيد معرفة وانهل من ينابيع الادب والشعر فهؤلاء هم النخبة العراقية المثقفة التي تقود لواء المعرفة في العراق وهي من تكتب التاريخ الادبي والاجتماعي والسياسي للبلد وهم قادة الرأي الذين يحركون الجماهير في المسار الذي يرغبون وهم الذين تلقوا على عاتقهم مهمة استخدام الادوات المناسبة للتخاطب والتواصل مع الحضارات الاخرى عبر المهرجانات والندوات والمؤتمرات والاصدارات والمطبوعات او اي وسيلة اخرى لنقل تجربتنا وحضارتنا الى الامم الاخرى.
ودار في هذه الجلسة حديث ادبي كله سفسطة (مفردات وكلمات غير مألوفة واسترسال بالكلام حتى الملل وجمل غير مفهومة الا لقائلها) لم افهم منه شيئا بعدها انتقل الكلام الى مستوى اخر من المزاح والسب والشتم والضرب والبصاق بين الاخوة الادباء الزملاء.. وعندما هممت للتدخل قاطعني احدهم بالقول: اتركهم هذا الامر طبيعي وعادي ويحصل كل يوم.. واذا اردت الجلوس معهم اما تصمت او تغادر؟!!
لم اكد افق من الصدمة والذهول والاستغراب حتى بادر اديب عراقي معروف على مستوى الوطن العربي وربما العالم لان لديه روايات مترجمة لعدة لغات منها اليابانية..تصوروا..؟!! بادر هذا الاديب بنزع جواربه وغسلها امامنا بل ونشر غسيله بجواره رغم ان المائدة عامرة وفيها بعض المقبلات التي امتزجت رائحتها برائحة الجواريب امام نهم وفجع اكلتها!!
استاذنت وغادرت وحاولت ان هون على نفسي وقلت في داخلي هذه تصرفات شخصية والاديب او الشاعر او الفنان او العالم او الاعلامي هو انسان مثلنا وقد تكون في تصرفاتهم بعض الشطط والغرابة.
بعد مدة وجيزة دعيت مرة اخرى لحضور امسية ثقافية في الاتحاد وفعلا ذهبت الى هناك وما ان انتهت الامسية حتى تجمع نخبة من المثقفين العراقيين في جلسة خاصة وبادر كبيرهم بالقول: اووف.. "كما طالت هذه الامسية السمجة الا يعرفون اننا نريد ان نجلس ونستمتع بوقتنا بدل هذا النفاق والمجاملات.. انا لا احضر الى هنا الا لسبب واحد وهو التسامر والمنادمة مع الاصدقاء." رغم انه كان احد الضيوف المحتفى بهم في هذه الامسية الثقافية وتم اعطاؤه جائزة ادبية مشفوغة بمبلغ من المال كبير انفق جزء منه بدعوتنا على وليمة كبيرة.. وهذا امر شائع ومتداول في الوسط الادبي العراقي بان اية مكرمة مالية لابد ان تاخذ منها ضريبة لعمل وليمة وجلسة للاصدقاء والزملاء ومرافقيهم وكان الاتحاد هو المكان للتجمع والالتقاء واقامة الولائم.
وهناك شيء لم افهمه او اجد مبررا له حتى وقتنا الحاضر.. لماذا يوصف اغلب نخبنا الثقافية بانهم لايتواصلون اجتماعيا مع الاخرين او حتى مع عوائلهم حتى ان ازياءهم والملابس التي يرتدونها وتسريحة شعرهم والاكسسوارات التي يستخدمونها وخاصة القبعات والنظارات والحقائب التي لاتتوافق والعصر الذي يعيشون فيه بل انهم لايبالون في التفوه بكلمات وألفاظ نابية او تخدش الحياء.. وتصرفات بوهيمية اخرى غير منطقية وغير مبررة مثل النوم في اروقة الاتحاد او غسل الملابس والجسد امام انظار الجميع، فضلا عن الاقتراض المتكرر والمهين للمال ومن اشخاص متعددين حتى من الحارس او السائق او المنظف الذي يخجل ان يطلب استرداد ماله نظرا لمكانة هذا الشاعر او الاديب الاجتماعية والمهنية.
واسيق هنا حادثة لاتخلو من الفكاهة والاستغراب.. كان هناك عضو في الاتحاد يعد من افضل رواد كتابة القصة القصيرة في العراق وهو غريب الاطوار يضحك بقوة ويبكي بقوة.. احيانا تجده حملا وديعا ويهبك اي شيء تريده.. واحيانا اخرى تجده ذئبا مفترسا حتى لاتتجرأ ان ترفع عينك امامه.. كل هذه التصرفات لانعرف منبعها او اسبابها لكننا نواجه نتائجها فقط.. كان صاحبنا هذا يحمل حقيبة دبلوماسية انيقة وجميلة في كل حله وترحاله.. في العمل وفي السوق وفي الشارع وفي اتحاد الادباء وحتى عند ذهابه لتمشية معاملة تخص احدى الدوائر او المؤسسات.. وكان الجميع ينتابهم الفضول لمعرفة ما بداخل هذا الحقيبة حتى اصبحت مثارا لاطلاق الاشاعات مثل ان الحقيبة تضم جميع مدخرات هذا الاديب وهناك اشاعة ثانية بانها تحتوي على سلاح شخصي يدافع به عن نفسه واشاعة اخرى بانها تحتوي على ابرز كتاباته التي لم تأخذ طريقها للنشر.. وغيرها الكثير.. والصدفة وحدها هي التي وفقتني باكتشاف هذا السر الخطير عندما دخلت الى مكتب كان يجمعنا معا وكنت حينها مجازا لكنني اتيت للمكتب لانني نسيت شيئا وجئت لاخذه وعندما دخلت فوجئت باديبنا وهو فاتح الحقيبة وثغره مليء بالطعام (البصل الاخضر والزيتون وقطعة خبز) كانت متناثرة بداخل الحقبة.. أمام نظرات الاستغراب والدهشة التي أنتابتني.. وبعد ان بلع طعامه بصعوبة نهرني بشدة ورمقني بنظرات تهديد مازالت تلازمني حتى الان لكي لا ابوح بسره العظيم والغريب في آن معا.. وحتى عند كتابة هذا السطور لم اكد ان اتخلص من نظراته تلك التي ستظل محفورة بذاكرتي ما حييت.
ثم توالت الجلسات وكان اغلبها وقت العصر وبدات اختنق من هذا الجو ولا اطيقه لانني لااجيد المجاملات ولا اجيد النفاق عكس اغلب الحاضرين الذين يجيدونهما كليهما.. لكن الحاح واصرار بعض الزملاء يدفعني بالحضور.. مع يقظة وترقب حذر لانه في اية لحظة قد تنقلب الطاولة مع محتوياتها على راس احدهم او على رؤوس الحاضرين نتيجة جدل ونقاش ادبي.
وتوالى السقوط والانحدار الى اشياء تدفعني اخلاقنا وتقاليدنا واعرافنا الابتعاد عن ذكرها جميعها منعا للتشهير او ايذاء مشاعر الاخرين الذين مازالوا بينننا يرتادون الاتحاد وقد هاجر بعضهم واصبح اسما مهما يتدوله الاعلام وتستضيفه الفضائيات وتسلط الاضواء على نشاطاته وارائه.
اما اتحاد الادباء والكتاب الحالي الذي احتفظ بمقره القديم فقد تغيرت تشكيلته بعد 2003 ويبلغ عدد اعضائه ما يقارب 1200 اديب وكاتب وشاعر، وعموده الفقري من الاعضاء السابقين الذين مازالوا على منوالهم في المدح والتمجيد والسفسطة واشياء اخرى.. وقد حضرت عددا من الجلسات وجئت وبداخلي رغبة قوية برؤية شيء مختلف لكن بقي الامر على حاله بل ان الذي يحصل اسوأ مما سبق.. منها حصول مشاحنات وجدل بين تيارين.. تيار يدافع عن مواقف بعض النخب التي عملت كأبواق وأقلام مأجورة في زمن النظام السابق.. وتيار اخر كان مغتربا او مهمشا او مغيبا او مقموعا في الداخل يدين سلوك التيار الاول ويدعوه الى اعلان التوبة ومناغمة الخطاب السياسي واحيانا مغازلته.
وهذه الجلسات في اكثر الاحيان لا تخلو من المشاجرات الادبية والفكرية لتتبعها مشاجرات تبدأ برفع الاصوات لتتطور الى سب وشتم بألفاظ يندى لها الجبين ثم يأتي دور الايدي والاقدام وما ترتديه الاقدام التي تتوزع في ارجاء الصالة لتكون من نصيب احد الحضور الغافلين الامنين..!! بل ان احدهم وهو اديب وكاتب معروف ويشار له بالبنان ما ان شعر بالغضب والانفعال طلب منه الهدوء وتهدئة اعصابه وان انجع طريقة لذلك هي الذهاب للاغتسال بالماء البارد حتى يعود الى رشده.. لكنه عاد اكثر عصبية وقد خلع ملابسه جميعها وسط ذهول واستغراب الجميع مع قهقهات متقطعة تأتي من هنا وهناك.
هذه نظرة من داخل أروقة اتحاد الادباء والكتاب في العراق ليس بقصد الاساءة او التشهير لان جميعهم اما صديق او زميل او استاذ او مبدع وهم جميعهم فوق هذه المسميات والتوصيفات لكنها مجرد شهوة كتابية لنقل تجربة حياتية شخصية غيرت كثيرا من وجهات نظري تجاه الحياة واعادة النظر بكل تقييماتي السابقة واثرت كثيرا في بناء شخصيتي على ما هي عليه اليوم واتخاذي قرارا مصيريا بالابتعاد عن الاحكام المسبقة والتقديس والتأليه للفرد او الفكر وكل ماهو غيبي، واعتماد البرهان والتجربة باعتبارها دليلا علميا وعمليا اكثر مصداقية ويقينية من سواها.



#نجاح_العلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد العلمانية وامكانية تحقيقها في عالمنا العربي
- القضاء على الامية في العراق
- تنظيم عمل شركات الانترنت وليس منعها
- مفارقات في نتائج انتخابات مجلس النواب العراقي
- قراءة في نتائج الانتخابات العراقية
- المشككون في نتائج الانتخابات .. التهنئة والمصافحة ام الشتم و ...
- يا ليتهم يتعضون ويجربوا حياة الفقراء!!
- إدارة الأزمات في عالم متغير.. كتاب جديد للدكتور إدريس لكريني
- قانون المساءلة والعدالة.. ملفات مؤجلة !
- أحلام من أبي .. كتاب يوثق سيرة حياة اوباما
- هل سيكون رئيس الوزراء المقبل من بغداد؟
- غياب البرنامج السياسي الواضح للتكتلات السياسية العراقية
- سن قانون للاحزاب في العراق هو استكمال للعملية الديمقراطية
- عصافير عراقية تحت القيد
- ماذا بعد اقرار قانون الانتخابات؟
- تعاطي الاعلام العراقي الرسمي مع اعمال العنف
- قناة العراقية الفضائية والذروة الاعلامية
- ملاحظات على تعديل قانون الانتخابات
- تعسف مجلس محافظة واسط في استغلال صلاحياته
- بريتي تانيجا وتقريرها عن صهر ونزوح واستئصال الاقليات في العر ...


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نجاح العلي - نظرة من داخل أروقة إلاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق