أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - أحمد أبو مطر - نفس الأحلام في كل المنافي















المزيد.....

نفس الأحلام في كل المنافي


أحمد أبو مطر

الحوار المتمدن-العدد: 2967 - 2010 / 4 / 6 - 15:01
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


من رسائل المنفى والغياب
د.أحمد أبو مطر
2 / 2

ويواصل نفس الغياب والمنفى رسالته القديمة الجديدة :

" رغم أننا عملنا معا سنوات طويلة ، إلا أنّ زحمة العمل والورق والخدمات الصحفية ومراجعة الكتب، لم تسمح لنا بمثل هذا التفاعل الذي يأتي الآن حيا نابضا عبر الورق والقلم . فيك روح شاعرة بالإضافة للمسات الفنانة . أنا الكتابة أصبحت بالنسبة لي ليست مهنة رغم أنها مهنتي منذ ربع قرن على الأقل ، لكنها منذ تشردي الجديد منذ عام 1989 أصبحت سلاحي الوحيد لمقاومة الكآبة والحزن . لولا الكتابة – بدون مبالغة – لانتحرت منذ سنتين ، رغم معرفتك بي كم أحبّ الحياة وصخبها وضجيجها ومعاركها ، أو في أحسن الأحوال لدخلت مستشفى العقلاء على اعتبار أنّ المجانين هم أكثر عقلاء عصرنا هذا، وإلا لماذا قال القدماء : " خذوا الحكمة من أفواه المجانين " .

سألتني صديقة صحفية نرويجية : " لماذا أنت متجهم الوجه أغلب الأحيان ولا تضحك إلا قليلا ؟ " . فأجبتها : " تخيلي طفلا عمره أربع سنوات طرد من وطنه ، وحمله أهله هاربين مشردين لاجئين ، وكبر وسط شقاء وبؤس المخيمات في قطاع غزة . وعمل وهو ما زال صبيا دون الثالثة عشرة من عمره نادلا في المقاهي والمطاعم ، وتحدى كل الظروف ، وذهب إلى الجامعة منهيا المرحلة الجامعية الأولى ، ثم تعذّب في حرّ الكويت ورطوبتها حتى جمع المال اللازم للعودة للجامعة لإنهاء مرحلتي الماجستير والدكتوراة ، وكان له هذا ، وعندما اعتقد أنه جاء وقت الراحة والاسترخاء ، بدأت المشاكل التي لا يتصورها ، فيطرد سياسيا أو يمنع من العودة إلى الكويت . ويذهب إلى الجماهيرية الليبية الشعبية الديمقراطية العظمى ، فيطرد نفسه كي لا ينخرط في موضة أو صرعة اللجان الشعبية ، ومن الجماهيرية العظمى إلى جماهيرية صدّام ليخّير إما أن ينظّر ويمجد ما أطلق عليه "قادسية صدّام" في الحرب العراقية الإيرانية أو يغادر العراق تاركا عمله الجامعي ، فيختار الخيار الثاني ذاهبا إلى بيروت ، وبعد حصار شارون لبيروت في حزيران 1982 يتم شحنه كالبضائع في باخرة إلى سورية ، وعندما أعاد توازنه وكوّن نفسه من جديد يتم تهديده ومصادرة بعض أملاكه وطرده خارج سورية بلد البعث القومي العربي الاشتراكي . ومع هذا وذاك لم يلتقي والده وأمه وكافة أفراد عائلته في قطاع غزة منذ ثلاثين عاما ، واعتقل والده أكثر من مرة ، وقتل أخاه الأوسط على يد بنادق جيش الاحتلال .....بالله عليك كيف يضحك هذا الشخص ؟.
عندما أنهيت سرد قصة هذه المأسآة ، أجهشت صديقتي النرويجية في البكاء ، وأجهشت أنا في الضحك ، متذكرا بيت شعر المتنبي الذي قال فيه : " إلا أنه ضحك كالبكا " . نعم إنه ضحك كالبكاء ، وهذا ما يجعل هستيريا الضحك عند بعض علماء النفس تعبيرا عن موقف ساخر أو مشهد حزين .

ما العمل ؟
هذا سؤال لا تسأليه وحدك، ولكن مئات ألاف من شعبنا بما فيهم الأمناء العامون لدكاكين وسوبرماركات المقاومة الذين هم يفترض من يملكون الجواب . لذلك تراودني فكرة لا أدري هل هي معقولة أم مجنونة. إنها فكرة العمل من أجل دعوة 75 مفكرا وكاتبا ومخلصا فلسطينيا لتدارس الوضع الفلسطيني البائس اليائس ، للخروج بكتاب يحدد آفاق المستقبل والعمل والحلم الفلسطيني ، وربما يسمى "بروتوكولات حكماء فلسطين " على غرار " بروتوكولات حكماء صهيون " الذي على هدية سار زعماء الحركة الصهيونية سرا و علنا ، وكان مؤتمر بال عام 1897 أول خطواتهم نحو الوطن القومي اليهودي ، الذي كان أول الخطوات نحو تشردنا وشقائنا . قال أرسطو " أنا أفكر إذن أنا موجود " ، وعندي " أنا أكتب ، إذن أنا موجود " والكتابة لا معنى لها بدون تفكير. لذلك أنت بالنسبة لي الآن جوهرة فيروزة ثمينة كي أكتب لك . إن التزاماتي الصحفية والكتابية لثلاثة صحف ومجلات عربية لا تكفي لاستيعاب ما يهدر بداخلي ، لذلك يمكنك اعتبار نفسك المجلة الرابعة التي ألتزم بالكتابة اليها فيما لا تجرؤ تلك الصحف على نشره . المهم أن نقرأ بعض جيدا . أرجوك أخبريني عندما تطّل فيروزتكم الجديدة على عالمنا . محظوظة هذه الفيروزة التي ستولد أمريكية ، وربما تنزل وفي يدها الباسبور الأمريكي بطبعته الجديدة الصعبة على التزوير . عندما كنت في دولة عربية قبل شهور قليلة ، وجدت أنّ النسبة الأعظم من شبابنا العربي يفكرون في أمريكا والهجرة إليها ، وكأنها حلم سيدنا سليمان أو مصباح علاء الدين أو جنّة الله . أتوقف عند هذا الفاصل الأمريكي من رسالتي ويبقى الكثير للكتابة والقراءة ، مع كل ما أستطيعه من التحيات والتقدير والأمل بحياة أمريكية سعيدة مريحة " .

إلى هنا ينتهي هذا الفاصل
من تنويعات المنفى والغياب الخاص ليثبت نشر ما كتب عام 1994 أن المنفى الفلسطيني يفكر نفس الأحلام والتنويعات ، بدليل أن فكرة مؤتمر بال هذه الواردة في الرسالة الخاصة قبل 16 عاما تقريبا أي لم يقرأها سوى صاحبة الرسالة ، ينظّر ويدعو لها الكاتب الفلسطيني الدكتور أفنان القاسم منذ أكثر من عام تحت عنوان " نحو مؤتمر بال فلسطيني " ، وكتب العديد من الدراسات حول الفكرة ، وهذا التأكيد مني من أجل القول صراحة أنّ الدكتور أفنان القاسم هو صاحب الفكرة والمنظّر لها ، فهو أول من أعلنها وما زال يسعى لجلب دعم لها دون اهتمام يذكر ممن يهمهم الأمر .
وتغني فيروز

لما عالباب يا حبيبي بنتودع
بيكون الضو بعدو شي عم بيطلع
بوقف طلع فيك وما بقدر أحكيك
وتفل وما ترجع وبخاف تودعني
إلا الوداع الفلسطيني يا صاحبة " أجراس العودة فلتقرع " فهو وداع اجباري لا يملك الفلسطيني فيه ارادة ، إذ لم أعد قادرا على سماع أغنيتك " سنرجع يوما إلى حينا " بعد أن امتد هذا اليوم 62 عاما ، وفضائح الشهور الماضية من مصعب حسن يوسف إلى ما أعلنه من فضائح المحامي الفلسطيني ضابط المخابرات فهمي شبانة ، يعلن صراحة أنّ هذا اليوم بعيد بعيد ، لا أدري أي جيل سيشهده ؟.
صديقي السويدي لم يقرأ أي كتاب عن المنفى والغياب الفلسطيني ، ورغم ذلك جاءني يوما وقال لي : فهمت كل تفاصيل عذابكم دون قراءة أو متابعة. سألته كيف ؟ قال لي : عندنا جزيرة سويدية في أقصى الشمال كل فصولها ثلوج وبرد قاس ، عدد سكانها خمسة وستين سويديا وثلاثة فلسطينيين ، فسألت نفسي : من أوصلهم إلى هنا حيث يهرب من الجزيرة السويديون أنفسهم ؟ فعرفت الجواب : إنه الشقاء الذي حدثتني عنه كثيرا .
[email protected]
www.dr-abumatar.com



#أحمد_أبو_مطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غائبون حاضرون..نفس القمم الكلامية
- من رسائل المنفى والغياب ، الحلقة الأولى
- رؤيتي لأسباب العنف وفقدان الانسانية
- محاولة الإجابة على سؤال: لماذا فقدنا انسانيتنا؟
- هل مقاطعة الانتخابات العراقية هي الرد على التدخل الإيراني؟
- الحرية لموفق محادين
- ياإلهي كيف ولماذا فقدنا انسانيتنا؟
- أحمد أبو مطر
- ابن لادن ونضال التغيرات المناخية
- دور الدعاة والمثقفين
- التوفيق بين الشريعة والسياسة
- الجدار الفولاذي بين الشريعة والسياسة
- حصاد ا لعرب لعام 2009
- الأردن:ماذا بعد حل مجلس النواب وتكليف الرفاعي
- أوباما في أوسلو...يا هلا و مرحبا
- وثثيقة حزب الله الجديدة
- الحوار المتمدن...ثمانية أعوام..والعمر الطويل لدعم الحوار الر ...
- دولة فلسطينية من طرف واحد
- لماذا لا تنتخب سيدة رئيسة لفلسطين؟
- هل بدأ استقلالية التفكير والقرارات لدى جماعات الإخوان ؟


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - أحمد أبو مطر - نفس الأحلام في كل المنافي