أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - بطاقة تعريف لعلم نسبيا جديد يسمّى -التعلّميّة - [ la Didactique ]















المزيد.....

بطاقة تعريف لعلم نسبيا جديد يسمّى -التعلّميّة - [ la Didactique ]


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 2967 - 2010 / 4 / 6 - 01:00
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


برز هذا العلم في فرنسا في السبعينات من القرن الماضي كردّة فعل على فشل التلاميذ في تعلّم الرياضياّت الحديثة و تأسّس أوّل اختصاص و هو "تعلّميّة الرياضيّات". دخلت تعلّميّة المواد إلى تونس في التسعينات من القرن الماضي على يد بعض الروّاد, أذكر من بينهم على سبيل الذكر لا الحصر الأستاذ الكبير أحمد شبشوب رئيس الجمعية التونسية لـ"التعلّميّة " منذ 1995 و الأستاذة عطف عزّونة المشرفة على قسم تعلّميّة البيولوجيا بجامعة تونس و الأستاذ سالم عبّاس (المشرف التونسي على أطروحتي) و الأستاذ منذر عبروقي أوّل دكتور تونسي في تعلّميّة البيولوجيا. احتضن المعهد الأعلى للتربية و التكوين المستمر بباردو [يسمى الآن الجامعة الافتراضية] هذا الاختصاص الجديد في علوم التربية و وفّّر له الأرضيّة اللوجستيّة و أفضل الأساتذة من تونس أمثال نور الدّين ساسي و محمد بن فاطمة و مهدي عبد الجوّاد و من فرنسا أمثال بيار كليمان و كوكيدي و أستولفي و أورانج و غيرهم و نواصل نحن, الجيل المخضرم من كهول و شباب مع الآنسة اللّطيفة فاتن مدّاح رّئيسة الجمعيّة التونسيّة لتعلّميّة علوم الحياة و الأرض, نشر تعلّميّة البيولوجيا في تونس. لكن مع الأسف و الحزن الشديد ألغي تدريس الماجستير في التعلمية في تونس سنة 2009.
سأحاول تقريب الصورة من أذهان القرّاء بعرض جدول مقارنة بين هذا العلم الجديد وعلم منافس سبقه و هو علم البيداغوجيا:

البيداغوجيا :
- اختصاص جامعي يدخله حاملو الباكلوريا.
- المختصّ في البيداغوجيا يخوض في تمشّيات "تعليم" كل المواد فهو بمثابة الطبيب العام.
- المختصّ في البيداغوجيا يسلّط الضوء في المثلّث البيداغوجي (مدرّس – متلقّ – معرفة) خاصّة على طرق التدريس و أداء المدرّس مع عدم إهمال الركنين الآخرين.
التعلّميّة :
- اختصاص مرحلة ثالثة لا يدخله إلاّ المجازون.
- المختصّ في التعلّميّة يهتم بتمشّيات "تعلّم" مادّة معيّنة فقط كاللغة أو التاريخ أو البيولوجيا فهو بمثابة الطبيب المختصّ.
- المختصّ في التعلّميّة يسلّط الضوء في المثلّث التعلّمي (مدرّس – متلقّ – معرفة) خاصّة على طرق التعلّم و أداء المتلقّي (تلميذ أو طالب أو متكوّن) و على نقد المعرفة في علاقتها بتعلّم المتلقّي و أداء المدرّس.
البيداغوجيا و التعلّميّة :
- يشتركان في الجمهور المستهدف من رجال و نساء التعليم و التكوين و التلاميذ و الطلبة و واضعي البرامج و غيرهم.
- يشتركان في جلّ المفاهيم المستعملة من "تصوّرات المدرّسين" و "تصوّرات التلاميذ و الأساتذة" و "العوائق الإبستومولوجيّة و النفسيّة" و "الصراع الإجتماعي-المعرفي" [ le conflit socio-cognitif] و "الوضعية-المشكل" [ la situation-problème] و غيره.
- يشتركان في العلوم المرجعيّة مثل علم النفس و علم الإجتماع و علم الإحصاء و الإبستومولوجيا و علم التقييم و تاريخ العلوم و غيرها.
- يتصارعان على النفوذ في الجامعة و في وزارة التربية.
- يتنافسان و يتكاملان في رفع مستوى التعلّم و التعليم.
- في بعض الأحيان يلتقي الإختصاصان في شخص واحد مثل العالمين الفرنسيّين جيوردان و أستولفي [ pédagogue et didacticien ].

حتّى أعرّف أكثر بـ" تعلّميّة المواد" [ la Didactique des disciplines] سوف أعطي نبذة حول بعض المفاهيم التي يشتغل عليها هذا العلم الجديد :
- تصوّرات المتلقّي [ les conceptions de l’apprenant ]: يأتي التلميذ أو الطالب إلى القسم و هو يحمل تصوّرات غير علميّة في أكثر الأحيان حول موضوع الدرس : مثلا يعتقد أنّ النبتة الخضراء تتنفّس عكس الإنسان و العلم يقول أن النبتة تتنفس مثل الإنسان, تأخذ الأكسجين و تطرح ثاني أكسيد الكربون نهارا و ليلا لكنها تقوم بوظيفة أخرى تسمى التركيب الضوئي [photosynthèse ] حيث تأخذ ثاني أكسيد الكربون و تطرح الأكسجين بحضور الضوء. تنبثق هذه التصوّرات من التّفاعل الذي يقع بين ما يحمله المتلقّي من معرفة و قيم و سلوكات.
- العوائق [ les obstacles ]: و منها التصوّرات غير العلميّة أو المعرفة العامّة البسيطة المكتسبة لدى المتلقّي و التي قد تعوق اكتسابه لمعرفة جديدة. يبدو أنّ للعوائق ثلاثة مصادر : العوائق الإبستومولوجيّة, مثلا العائق المتمثّل في الإعتقاد غير العلمي القائل بتوريث الذكاء أو العائق غير العلمي القائل بثنائيّة البيولوجي و النفسي في جسم الإنسان. العوائق التعلّميّة الناتجة عن المدرّس نفسه, مثلا عندما يغرس في التلميذ معرفة غير علميّة كأن يقول له أن المخّ يسيّر أعضاء الجسم كما يسيّر قائد فرقة موسيقيّة أفراد الفرقة. العوائق المتعلّقة بنمو الفرد منذ ولادته و منها الإعاقات "النفسيّة – العضويّة".
- التحول المفاهيمي من تصور غير علمي إلى تصور علمي [ le changement conceptuel] : و هو التحوّل المرجوّ بعد التعلّم.
- الصراع "الإجتماعي-المعرفي" [le conflit socio-cognitif ]: و هو الصراع الذي يقع في مخ المتلقّي عندما يجد نفسه في وضعيّة تعلّميّة أمام معرفة جديدة و بحضور الأقران و المدرّس.
- "الوضعية-المشكل" [ la situation-problème]: هي وضعيّة تعلّميّة يتوفّر فيها كل مايحتاجه التلميذ. تبنى فيها اشكاليّة و على المتلقّي فكّ رموزها بمساعدة مدرّسه و/أو أقرانه و هذه الطريقة تعتبر ثورة على الطريقة التلقينيّة التقليديّة.
- تحليل الكتب المدرسيّة [ l analyse des manuels ]: يحلّل المختص في التعلّميّة كل محتويات الكتاب من نصوص و صور وبيانات و يهدف من بحثه الدقيق و المفصّل رصد كل ما قد يجرّ المتلقّي إلى الخطأ أو يعيق عمليّة التعلّم لديه.
عندما تهتم التعلّميّة بنقد الأركان الثلاثة للمثلّث التعلّمي (مدرّس و متلقّ و معرفة) قد تستعدي بعض الأطراف (مدرّسين و مؤلّفي الكتب المدرسيّة و واضعي البرامج و بعض المتفقّدين) دون قصد منها ممّا قد يجلب لها انتقادا في غير محلّه و قد تم فعلا إلغاء ماجستير التعلمية بتونس سنة 2009.
يبدو للمختصين في التعلمية أنّ الدراسة الأكاديميّة لـ" التعلّميّة " ضروريّة لممارسة مهنة المدرّس في التعليم الإبتدائي و الثانوي و الجامعي, كلّ في اختصاصه. يتفرّع علم " التعلّميّة " لعدّة اختصاصات مرتبطبة بالموادّ المدرجة في برنامج التعليم أو التكوين مثل تعلّميّة البيولوجيا, تعلّميّة الفرنسيّة, تعلّميّة الرياضيّات, تعلّميّة العربيّة, تعلّميّة الفيزياء و التكنولوجيا, تعلّميّة التربية البدنيّة, تعلّميّة التاريخ, تعلّميّة الجغرافيا. في النهاية, أستسمج أصحاب التفكير الديكارتي الصارم في التعبير عن شعوري الذّاتي نحو علم "التعلّميّة " : أنا عشقت هذا العلم الذي أمضيت في دراسته ثماني سنوات من عمري بين جامعة تونس و جامعة كلود برنار بفرنسا صحبة زملاء و زميلات من أروع ما يكون. فتح لي هذا العلم أبواب المعرفة على مصراعيها و حرّرني من سجن العلوم التجريبيّة فاندفعت أسبح في العوالم الرحبة للعلوم الإنسانيّة الراقية مثل تاريخ العلوم و الابستومولوجيا و علم النفس و علم الإحصاء و علم التقييم و علم المنهج و علوم التربية. عشت فيها جلسات صوفيّة من اللذّة الذهنيّة في حضرة علماء ماتوا و لم تندثر أعمالهم أمثال العالم "بياجي" [ مؤسّس "علم النفس المعرفي" [ la psychologie cognitive] و علم "إبستيمولوجيا النمو عند الطفل"[de l’enfant l épistémologie génétique ] و مخترع مفهوم "البناء التدريجي و المعقّد للمعرفة لدى الطفل"[ le constructivisme ] و العالم "فيقوتسكي" [عالم النفس و البيداغوجيا و صاحب نظريّة "المنطقة الأقرب للنمو" [ la zone proximale de développement] و العالم "باشلار" مكتشف مفهوم "القطيعة الإبستومولوجيّة" في تطوّر العلوم [ la rupture épistémologique ] . أتمتّع الآن بصداقة علماء أحياء أمثال "بيار كليمان" (المشرف الفرنسي على أطروحتي) من جامعة كلود برنار و "أندري جيوردان" مؤلّف ثلاثين كتابا و الحامل للشهائد من كل زوجين اثنين (2 اجازة و 2 دراسات معمّقة و 2 دكتورا) و هو الآن يدير مخبر ابستومولوجيا و تعلميّة العلوم بجامعة جنيف في سويسرا. أسفي الوحيد أنّني تحصّلت على الدكتورا في الخامسة و الخمسين من عمري لأسباب يطول شرحها والباحثون في العلم يعرفون أنّ هذه الشهادة العليا في التعليم ليست إلاّ جواز سفر لبداية الإحتراف في البحث العلمى.
أمضي مقالي كالعادة بجملتين مفيدتين: "أنا أكتب - لا لإقناعكم بالبراهين أو الوقائع - بل بكل تواضع لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى" ..."على كل مقال سيّئ نردّ بمقال جيّد لا بالعنف لا المادي و لا اللفظي".



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا ما أقوله لتلامذتي في الحصّة الأولى.
- استغفلونا
- التعليم في تونس: هل هو هرم مقلوب؟
- الإسلام المقاتل: من يقاتل, أين يقاتل و لماذا يقاتل ؟
- تبسيط المفاهيم العلمية قد يجر التلميذ إلى الخطأ.
- هل يستطيع التلميذ بناء معرفة علميّة جديدة فوق معرفته غير الع ...
- التصوّرات غير العلمية لا تزول بسهولة.
- حذار من مرض السكر(Diabète) .
- -جمنة- الخمسينات تعطي درسا في التربية الحديثة: التربية البنا ...
- التربية الصحية بين المطلوب و الممكن.
- خواطر في التعليم بلغة لو...
- هل يوجد لدى الطفل مستويان من النموّ الذهنيّ ؟
- يبدو أنّ مهنة الأستاذ المباشر في القسم في طريق الانقراض !
- -جمنة- الستينات تعطي درسا في الطب النفسي الحديث: -الساسي بن ...
- جمنة- الستينات تعطي درسا في التنمية المستديمة: النظام الغذائ ...
- نساء مناضلات في -جمنة- الستينات
- إرهابنا و إرهابهم؟
- ماذا جنيت بعد ثلاث عشرة سنة تعليم عالي؟
- نقد بسيط للديمقراطية الغربية
- وجهة نظر في الجانب الدنيويّ من خطبة الجمعة


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - بطاقة تعريف لعلم نسبيا جديد يسمّى -التعلّميّة - [ la Didactique ]