أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فينوس فائق - متى يتم القبض على فكر البعث الشوفيني و شنقه حتى الموت؟















المزيد.....

متى يتم القبض على فكر البعث الشوفيني و شنقه حتى الموت؟


فينوس فائق

الحوار المتمدن-العدد: 903 - 2004 / 7 / 23 - 12:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


1- قد يبدو العنوان غريباً بعض الشيء ، فالأفكار لا يتم إلقاء القبض عليها ، و لا يمكن لمسها حتى ، لكن العنوان عبارة فقط عن أمنية ، وكثيراً ما يتمنى المرء ما لا يمكن تحقيقه ، و التمني و إن لم تتحقق تبعث الراحة في النفس ولو مؤقتاً ، لكن لا ضرر من أن نتمنى و إن كان في سرنا ، فالتمني هو الشيء الوحيد ربما في هذه الأيام الذي لا يدفع إالمرء مقابله ضريبة.
2- عندما كنت طالبة في كلية الآداب بجامعة بغداد ، كان المفروض بنا أننا نقضي أجمل أيام الشباب و المرح ، فمرحلة الجامعة تحمل روح الطفولة و عنفوان الشباب و طيش المراهقة ، إنها مزيج ساحري من بقايا الطفولة و الإقدام على النضوج ، لكن نحن الجيل الذي تزامن صباه و ربيع عمره مع ثمان سنوات من الحرب ، حُرم أو الأحرى حرمه الدكتاتور من تلك المشاعر الساحرية المرهفة و تلك الأحلام الوردية ، فقد سرقت البنادق و أصوات المدافع أجمل أيام اللهو و المرح ، أحرقت الحرب حتى البسمة على شفاهنا كما أحرقت قلوب الأمهات على فلذات كبدهن ، حتى من كان يعيش قصة حب كان يعيشها في ظل الخوف و الرعب من الذهاب إلى جبهات القتال و أسطورة اللاعودة و الإنتظار القاتل ، لقد أفسدت الحروب التي زج الطاغية الشعب العراقي فيها أجمل الأيام من عمر ذلك الشعب و أجلت المرح و العشق و الضحكات إلى أجل غير مسمى ، و علقت ساعات اللعب و التسكع اللذيذ على شوارع الصبا و الشباب على جدار من الخوف و الإختفاء و الهروب و الإختباء في السراديب المظلمة . سرقت الحرب الدموي الإبن من حضن أمه و العاشق من حضن حبيبته كما سرق الأمان من العيون ، كل هذا كان من صنع الطاغية الدموي ، و فكر البعث الفاشي ، ذلك الفكر الداعي إلى الحرب و الإرهاب بكل أنواعه ...
3- وهكذا إلى أن وصلت القوات الأمريكية إلى الأراضي العراقية...و تابعنا صور القصف و الدمار بأعصاب مشدودة منذ الساعة الثانية من بعد منتصف ليلة الثامن على التاسع من أبريل بتوقيت أوروبا ، إلى أن توغلت تلك القوات و سقطت بغداد... ثم سقط أفراد من الزمرة التابعين لصدام الواحد تلو الآخر كالصعاليك القذرة في أيدي قوات التحالف .. ظهر صدام صدام إختفى صدام .. صرح الصحاف ، سب الصحاف .. ترك الصحاف العراق .. ثم ألقي القبض على صدام حسين كالجرذ في حفرة لا تليق إلا بطاغية مثله ! كانت هذه أهم العناوين الرئيسية و الخطوط العريضة للأحلام التي كان العراقي البسيط يضع رأسه على المخدة و يراها أمام عينيه في الحلم و في اليقظة حتى تحققت بعون الله و بعون الأمريكان ، ذلك الشعب المسكين الذي صادر الدكتاتور حتى أحلامه ، الشعب الذي لم يكن بإمكانه سوى أن يتمنى و لا شيء سوى أن يتمنى ..
4- ظن البعض و لا يزال و للأسف الشديد أن وقوع صدام في قبضة الأمريكان كانت هي نهاية المطاف ، غير أن هناك حقيقة و هي أنه هناك تفاصيل بسيطة جداً في حياة العراقيين تشكل في مجملها مآسي لا يمكن تجاهلها .. هنالك أمور حياتية إعتاد عليها العراقي و بنى عليها ماضيه و من خلالها ينظر إلى مستقبله و بدون وعي منه ، هناك واقع صنعه الدكتاتور بالحديد و النار لابد من أن يتغير من الجذور و حقداً زرعه في قلوب العراقيين لابد أن يُزاح ، هنالك سم تغلغل في شريان الحياة في العراق و ليس من السهل التخلص من أثاره في فترة قصيرة ، هنالك جيل ولد في حضن الفساد السلطوي و في بؤرة من الفساد الإداري و تربي عليها من خلال الإعلام الذي كان يشغله ليلاً و نهاراً النظام الفاشي المقبور ، كل هذا يتمثل في فكر البعث الذي أقل ما يوصف به هو الفاشية ، ذلك الفكر الذي تسلل إلى كل خبايا و تفاصيل حياة العراقيين و دخل حتى في علاقة الرجل بزوجته و الأب بأبناءة و هكذا ..
5- فكر البعث الذي كنت تلمسه أثناء ترددك على دوائر و مؤسسات الحكومة ، و كيفية تعامل الموظفين مع الناس البسطاء ، فكر البعث الذي إحتل عقل المدرسين و كان يتجلى في تعامل مدير المدرسة مع الطلبة و علاقته مع المدرسين أيضاً ، تلك المدارس التي تحولت إلى مراكز حزبية تدرس فيه فكر القائد (الضرورةة) و فكر البعث الشوفيني الرامي إلى تمجيد الفرد العربي و الرامي إلى بناء إمبراطورية بعثية من مشرق الوطن العربي إلى مغربه ، في الوقت الذي تفتخر شعوب العالم المتحضر بالتعدد الجنسي و الثقافي في بلدانها و تلون حضاراتها ، كان صدام يدعو إلى طمس معالم كل الثقافات الأخرى ما عدا الثقافة العربية و كان يفخر بإختراعه أساليب شيطانية يخلق بها عداءات مستميتة بين أبناء الشعب الواحد ، و تترتاح نفسه المريضة عندما كان يشاهد العربي يقاتل الكوردي و الكوردي يكره العربي ، و يُخلق جيل لا يقرأ من ماضي بلده سوى العداء و الكره و القتل و الدمار.. ..
6- فكر البعث ذلك الفكر الذي يبني نفسه على أنقاض الأخر و نفيه ، لأنه بنبني أساساً على مبداً إلغاء الأخر . فكر البعث و كما يشير إليه الدكتور منذر الفضل هو من الأفكار القومية الخطيرة التي تمجد العنصر العربي وتجعله هو الاعلى على بقية العناصر الاخرى حيث ظهرت هذه الافكار بعد الحرب العالمية الثانية على اثر اندحار النازية وبروز الفكر الشيوعي ودكتاتورية الطبقة العاملة ولا يخفى ان هناك تأثرا و اعجابا واضحا بالفكر النازي من بعض القومين العرب الذين اثروا او اسسوا حزب البعث . ومن هذه الشخصيات ساطع الحصري وميشيل عفلق وصلاح البيطار وغيرهم .
من هنا يمكن تصور مدى خطورة هذا الفكر على العقول ، فقد حكم هذا الفكر بكل طغيانه مدة 38 سنة إذ أنه من المنطقي أن نتخيل أن عملية تطهير المجتمع من تبعاته و أثاره السلبية في حياة العراقيين قد يستغرق مدة لا تقل عن 38 سنة ، فهنالك جيل بأكمله ولد و تعلم ألفياء الكتابة و القراءة على أيدي مدرسين بعثيين متفانين في سبيل خدمة البعث و فكر البعث ، و كان لهم الشرف في غسل عقول الملايين من العراقيين بماء الفكر البعثي ، و كما كنا نرى " القائد الضرورة " كيف كان يدخل البيوت و يلقي أنظاره حتى على القدر على الطباخ ليرى ماذا يتغذى العراقي في وجبة الغذاء و يذهب يوصي أعوانه بنشر أطباق غذائية بعثية شهية و نشرها في اليوم الثاني من خلال وسائل الإعلام الشيطانية التي كانو يدييرونها ..
6- يجري اليوم الحديث عن توزيع المناصب و المراكز و الوظائف في المؤسسات الحكومية و في الوزارات و الدوائر الحكومية ، و للأسف الشديد فإن أغلبية تلك المناصب هي من نصيب البعثيين القدامى و هذا في تقديري أمر طبيعي فقد حول النظام البعثي المقبور معضم العراقيين إلي بعثيين شأوا أم أبوا ، مكرهين و مجبرين ، حيث كان من أسوء و أبشع ممارساته في هذا المجال هو أنه كان يساومهم على لقمة العيش مقابل إنتماءهم إلى عضوية الحزب ، لذلك ترى كل الإمكانات و المناصب اليوم تمنح للبعثيين ، ناهيك عن هؤلاء البعثيين الذين كانوا أصحاب سلطة و متنفذين في عهد الطاغية و هم اليوم يرددون خطابات رنانة في الوطنية وحب الوطن و يتغنون بمكاسبهم عقب سقوط الطاغية و يدعون أنهم كانو مجبرين على فعل ما كان الطاغية يأمرهم به ، لذلك تراهم اليوم يتقلدون مناصب حساسة في الحكومة العراقية الجديدة بعد سقوط نظام صدام و لا داعي لذكر الأسماء ..
7- أتذكر فترة ما بعد تخرجي من الجامعة كنت قد تعبت جداً من البحث عن وضيفة ، فكان أن رأيت يوماً على باب مديرية التربية إعلان للخريجين الجدد ممن يرغبون في العمل في مجال التدريس ، و بالرغم من أنني لا أحب أساساً مجال التدريس إلا أنني تقدمت و كان أن حددو لنا موعداً في المديرية المذكورة للمقابلة ، و قد فوجئت يومها بأن موعد المقابلة كان لمجموعة كبيرة من الخريجين المتقدمين .. على أي قادنا أحد (الرفاق) البعثيين إلى قاعة في سرداب المديرية و فوجئت مرة أخرى لكن بمسؤول حزبي كبير و قد وضع أمامه مجموعة كبيرة إستمارات الإنتماء إلى الحزب مقابل موافقته تعيينه لنا في إحدى المدارس ، و بدأ حديثه بأن كل من يوقع على إستمارة الإنتماء هو مواطن عراقي شريف ، و من لا يوقع فهو غير شريف ، فطلب منا أن نتقدم لإستلام الإستمارات ، فلم يتحرك أحد من مكانه ، ثم طلب منا بأن ننقسم إلى قسمين الذين ينتمون و الذين لا ينتمون بأن نقف كل في صف ، فكان وعلى ما أتذكر أن شاباً واحداً فقط من بيننا تقدم إلى صف المنتمين إلى الحزب و البقية وقفنا كلنا صف واحد مع الممتنعين عن الإنتماء ، فصاح الحزبي (الشريف) في وجهنا : خسئتم أنتم كلكم غير شرفاء لأنكم ترفضون الإنتماء ! نعم في تقديره و حسب مقاييس حزبه كنا يومها غير شرفاء ، فكان أن أصبت بخبة أمل جديدة مرة أخرى..
و اليوم كل خوفي من أن يكون ذلك المسؤول البعثي (الشريف) من ضمن المرشحين لأحد المناصب المهمة في العراق الجديد ما بعد صدام حسين.
8- السؤال المهم هنا هو : من المؤكد أنه يتم التفكير في فكر البعث و خطورته ، لكن هل يتم التفكير فيه بشكل جدي يليق بالتجربة الديمقراطية التي هم مقبلون عليها؟؟ هل تم التفكير بجدية بكيفية تطهير مؤسسات الدولة من أثار و تبعات فكر البعث الشوفيني ووضع ألية عمل حقيقية لهذا المشروع المهم ، أم أنهم إكتفوا بسقوط صدام في أيدي القوات الأمريكية فقط ؟ و هل أن وقوع صدام في أيدي القوات الأمريكية و محاكمته هي نهاية المطاف؟ و هل يعني هذا أن مشكلة العراقيين كانت مع شخص صدام أم مع نظامه و زمرة المرتزقة الذين كانوا حوله ، أم مع فكر البعث أساساً كفكر ، و هل كان صدام يمثل فكر البعث ذلك الفكر الذي جاء به ميشيل عفلق قبل تسلم صدام السلطة ، أم كان له فكره الخاص به؟
9- ما من ضرر من أن يتسلم شخص بسيط كان في زمن صدام رغماً عنه بعثياً بسيطاً منصباً من المناصب ، لكن المصيبة في أن يتسلم المراكز الحساسة و المناصب المهمة أشخاصاً كانو في زمن صدام أصحاب نفوذ و كانو ينفذون أوامر صدام و فكر البعث الشوفيني بحذافيرها وعن قناعة ، المأساة في أن تنبني التجربة الديمقراطية الجديدة في العراق الجديد بأيدي بعثية ملوثة بدماء العراقيين ، و أن يرسم ملامح الديمقراطية في مستقبل العراق الجديد بعثيين كانو مخلصون لصدام و فكره الشوفيني حد التفاني حتى العظم .
فماذا يعني أن تكون ديمقراطياً وسط كل هذا الخراب الفكري و الأخلاقي الذي خلفه الطاغية وراءه ، هل الديمقراطية تعني أن يتقلد البعثيين الذين كانوا يتفانون في خدمة الطاغية مناصب حساسة في العراق الجديد ، و كيف يمكن بناء الديمقراطية و فكر البعث مازال مزروعاً في وجدان الملايين من العراقيين ، ألا يجدر بنا القضاء على فكر البعث من ثم البدء ببناء التجربة الديمقراطية. و هل من الجنون أن نحلم بأن نحلم باليوم الذي يتم إلقاء القبض على فكر البعث و شنقه حتى الموت؟؟



#فينوس_فائق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث الروح (2) هل صحيح أن الكورد أمام فرصة تأريخية؟؟ هذه هي ...
- حديث الروح رقم -1
- تعالوا نسأل الله


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فينوس فائق - متى يتم القبض على فكر البعث الشوفيني و شنقه حتى الموت؟