أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ياسين الحاج صالح - العراق بعد سبع سنوات... مضطرب، متقلقل، لكنه حي ومتجدد!















المزيد.....

العراق بعد سبع سنوات... مضطرب، متقلقل، لكنه حي ومتجدد!


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2965 - 2010 / 4 / 4 - 16:39
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


حدث شيئان مختلفان في العراق قبل نحو سبع سنوات من اليوم: احتلال البلد من قبل الأميركيين وحلفائهم، وإسقاط نظام صدام حسين الفظيع. خسر العراق استقلاله وسيادته، وتخلص من نظام بشع. لا ينبغي لشيء أن يحول دون رؤية هذين الوجهين معا. فليس لأن البلد محتل، يباح لنا أن نعمى عن تخلصه من طاغية رهيب، وليس تخلصه من النظام مسوغا للغفلة عن وقوعه في قبضة احتلال متعجرف وأرعن، لا يعطف على البلد ولا يكن ودا لمجتمعه وثقافته.
سارت أمور العراق بعدها في اتجاهات تقلل من شأن زوال نظام صدام،وربما دفعت البعض، في العالم العربي أكثر من العراق ذاته، إلى الترحِّم عليه. وعمل إعلاميون وإيديولوجيون متنوعون، ودول، على خلق ربط شرطي بين ما آل إلى احتلال أميركي بريطاني للبلد وبين تنازع أهلي فيه ومخاطر تقسيمه وتحوله ساحة لممارسات إرهابية مريعة. وبينما لا يصح التقليل من شأن الاحتلال وأغراض المحتلين وذرائعهم الكاذبة، فإن نسبة تفجر الوضع العراقي إلى الاحتلال وحده يسكت على التخريب الرهيب الذي كان ألحقه نظام صدام بالوطنية العراقية وعلى تمييزه الفاحش بين محكوميه المناكيد. يسكت أيضا على أن عراق ما بعد صدام غدا مفتوحا لتدخلات خارجية متنوعة، تتجاوز المحتلين الأميركيين إلى الدول المجاورة للعراق جميعا. وبمجموعها فاقمت هذه التدخلات التمزق الداخلي للبلد المنكوب وغذت تباعد سكانه عن بعضهم.
بعد سبع سنوات من الاحتلال/ التغيير تبدو أحوال العراق سائرة باتجاه نوع من الترميم.
هذا ما تؤشر عليه انتخابات برلمانية تعددية مؤخرا. لم تكن الانتخابات مثلى، برزت شكاوى من التزوير والتلاعب بها، والأرجح أنه كان لقوى خارجية متنوعة تأثير على مسارها ونتائجها. بيد أن النتائج ذاتها، وتقارب ما حصلت عليه القائمتين الرئيسيتين مع ما كان مقدرا لها قبل الانتخابات، ترجح أن التلاعب المحتمل محدود وغير حاسم. بالمقابل، سجلت الانتخابات تطور داخل متنوع وغني للعراق، وتكون طبقة سياسية أوسع بما لا يقاس مما كان الحال أيام صدام ومما هو اليوم في أكثر البلدان العربية. طوال نحو ربع قرن كان الداخل السياسي للعراق هو صدام وأتباعه وذوي قرباه، وقد حكموا بالقوة والرشوة بلدا غنيا متنوعا فأفقروه ودمروه. البلد اليوم متحرك، بل مفرط الحركية إلى درجة تنال من استقراره، وعميق تسري فيه تيارات متنوعة. لا يقلل من شأن هذه التطورات المهمة أن العراق لا يزال تحت الاحتلال. فإذ تتوحد دلالتها في أن داخلا وطنيا عراقيا يتكون وينتظم، فإنها تعاكس مفعول الاحتلال من حيث هو انكشاف كياني تام للبلد المحتل، وهو (الداخل الوطني) أهم ما يعول عليه لإخراج المحتلين، والحد من التدخلات الخارجية عموما.
والواقع أننا نميل إلى التشكك في نسبة ابتهاج إلى الأميركيين من سير الانتخابات العراقية ونتائجها. لو كان الأمر بيدهم لفضلوا فوزا ساحقا لعلاوي الذي تفضله الدول العربية أيضا، وليس هذا التشتت الذي يقيد أي رئيس وزراء مقبل، وقد يحد من الاستقرار السياسي العزيز على قلوبهم وقلوب المستقرين في الحكم أجمعين. هذا رغم أن هذا التشتت يوسع قاعدة تمثيل المجتمع العراقي ويحد من فرص الدكتاتورية، ويصعّب ترتيب العلاقات التي يفضلها الأميركيون مع العراق في مرحلة ما بعد انسحاب قواتهم منه.
أيا يكن الأمر، ثمة داخل وطني عراقي جديد يتكون بصخب. ليس ملكوتا للعدل والحرية والديمقراطية، لكنه تكوين صراعي مفتوح، يتيح لنسبة من العراقيين تفوق ما تحقق لهم طوال قرابة خمسين عاما أن تكون لها كلمة في شأنهم العام. هذا هو الشيء المهم. وهو الذي تضافر إرهاب بشع متعدد الوجوه، مغذى من أطراف خارجية وداخلية متعددة، مع نخب وزعامات طائفية تكونت في ظل نظام صدام، ومع الاحتلال ذاته، على ضبطه وتقييد فرص ولوجه الملعب السياسي.
الإرهاب في تراجع. قاعدته الداخلية تتضيق. ويفترض أن الاحتلال سينتهي بختام العام المقبل. يبقى الانقسام العراقي.
لقد كان مفهوما أن يتوسل العراقيون الطائفية للاستحواذ على السياسة بعد انزياح كابوس الحكم الصدامي الذي كان يحتكر الوطنية والسياسة لنفسه، لكنه مبني جوهريا على علاقات القرابة والتبعية والمحسوبية التي تشكل الطائفية عنوانها الأعرض. مع ذلك سار تطور العراق السياسي في السنوات الماضية باتجاه أقل طائفية وأكثر عراقية، وإن يكن حضور الطائفية في المجتمع والسياسة العراقيين لا يزال كبيرا جدا. على أن عراق اليوم الذي يوفر فرصا أكبر للطائفية يوفر فرصا أكبر لمقاومتها أيضا.
عدا الطائفية هناك بالطبع مشكلة العلاقة بين المركز العراقي والشمال الكردستاني. كيف يمكن تقوية المركز، وهذه حاجة وطنية عراقية، دون أن ينزلق إلى سياسة مواجهة مع المكون الكردي العراقي، ينبغي أن تكون محرمة؟ وكيف تصان فرص تطور واستقرار هذا، دون أن يغدو خصما، محرما هو الآخر، من قوة المركز وعنصر إضعاف للدولة العراقية؟ معادلة صعبة، ستتعرض في وقت غير بعيد لامتحان وضع كركوك.
التحدي الثالث الكبير هو زوال الاحتلال واستعادة السيادة. سيحاول الأميركيون تحقيق انسحاب دون انسحاب، بالحفاظ على قواعد عسكرية وترتيب تفاهمات أمنية مناسبة لهم، فضلا عن الاستفادة من هامش المناورة الواسع الذي يمنحه لهم تدني مستوى الثقة بين المجموعات العراقية. قد يمكن القول هنا إن فرص العراقين في استعادة استقلال وسيادة كاملين مرهونة بما يحققونه من تقدم على مستوى تفاهمهم ووحدتهم.
وعلى المدى الأقرب، يبدو أن العراق على أبواب أزمة سياسية صعبة، متولدة عن تفاعل نتائج الانتخابات مع استبعاد عدد من الفائزين بمقاعد برلمانية، من قائمة علاوي بخاصة، لارتباطهم المفترض مع البعث. ولا ريب أن أزمة الثقة بين أطراف النخبة العراقية مشفوعة بتأثير الانقسامات الطائفية والقوى الخارجية، إيران بخاصة في هذا المقام، تغذي هذه الأزمة وتصعب بلورة حلول وطنية منصفة ومقبولة لها.
منذ سبع سنوات والعراق في أزمة وطنية عميقة، ترتبت على تحرر ديناميات سياسية نشطة في بلد دمرت مؤسساته القليلة. قد توصف بأنها أزمة فرط السياسة، أو فيضانها عن المؤسسات السياسة الفتية المتاحة. قبل ذلك كان العراق في أزمة وطنية أقل تفجرا، لكنها ليست أقل عمقا، أزمة شح السياسة إن صح التعبير، واحتكار أجهزة الحكم الصدامي لها. هل يسع العراق أن يحافظ على الصحو السياسي لسكانه ويطور مؤسساته بما يضبط المفاعيل المقلقلة للفائض السياسي؟ هذا من أجل تجنب إغراء تجد الاستبداد الذي لطالما كان طغياينا وفاجرا في العراق، وللخروج من الأوضاع المضطربة الراهنة.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا شعب ولا شعبوية.. خطط نخبوية فقط
- أي حل لعقدتنا الغوردية؟
- كل الطيبات للطيبين، وكل الأشياء الأخرى أيضا
- الطائفي هو من يؤمن بوجود الطوائف
- وراء ثلاثة جدران فولاذية أو أربعة
- هل سورية معرضة للزوال ما لم يكن حكمها استبداديا؟ نقاش مع حاز ...
- الظاهرة الإسلامية.. صحوة أم رِدَّة، أم ربما فرصة؟
- الإصلاح الإسلامي وإيديولوجية الإصلاح الديني
- العدل... ولو انهار العالم
- لماذا نتخلف؟ ولم لا يكف تخلفنا وحده عن التقدم؟
- في تفقد الواقع وأشياء أخرى
- فكأنك في -مثل غابة للحيوانات-..بعد 41 عاما موصولة!
- العلمانية كسردية صغرى..
- وعي الحاضر وتأهيل الذات (كلماتٌ لمجلة -الحوار- في ذكرى انطلا ...
- التطور بالتذكِّر: -جملكية- أم سلطانية محدثة؟
- أسئلة وردود حول قوانين الأحوال الشخصية
- في نقد النظرة التجزيئية ومنطق الاستبدال الإيديولوجي
- وضع -الدين العام-.. مناقشة في الشأن الديني السياسي العربي
- في الفتوى و-التفاتي- وصناعة التقليد
- الشعبوية إذا تنتحل.. قناع الكونية


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ياسين الحاج صالح - العراق بعد سبع سنوات... مضطرب، متقلقل، لكنه حي ومتجدد!