زكي خيري في ذكرى ميلاده التاسعة والتسعين يواصل استنهاض البشرية عموما والشعب العراقي خصوصا

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 2964 - 2010 / 4 / 3 - 13:49
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    

زكي خيري في ذكرى ميلاده التاسعة والتسعين
يواصل استنهاض البشرية عموما والشعب العراقي خصوصا
كرس زكي خيري حياته للنضال من اجل تحرير شعبه والمساهمة في تحرير البشرية وانخرط في الكفاح الفكري والجماهيري على الصعيد الوطني والعالمي مبكرا . فهو شخصية وطنية وعربية وعالمية معروفة بنضالها وتضحياتها وانجازاتها الفكرية، وله دوره في تطوير الحركة الشيوعية العراقية والعربية والعالمية. فقد ساهم في تأسيس الحزب الشيوعي العراقي وكان عضوا في قيادته منذ كان اسمه لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار ومساهما في صياغة اول برامجه وفي تحرير صحيفته المركزية الاولى كفاح الشعب، وساهم في تأسيس مجلس الشعب العربي، في سبعينات القرن الماضي، وعمل في هيئة تحرير المجلة العلمية للحركة الشيوعية العالمية قضايا السلم والاشتراكية لدورتين. وتشكل مؤلفاته جزءا مهما من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي والحركة الثورية المعاصرة في العراق وحركة التحرر الوطني العربية والحركة الشيوعية العالمية.
تتميز كتابات زكي خيري ليس فقط بطابعها الوطني وانما بطابعها القومي والاممي ايضا. فهو اذ درس القضية الوطنية العراقية بعمق وبكل خصائصها وطور استراتيجيتها، مسترشدا بالماركسية، فإنه لم يدرسها بمعزل عن محيطها العربي والعالمي. واذ تكتسب مؤلفاته اهمية وطنية معاصرة فهي لا تقل اهمية بالنسبة لحركة التحرر الوطني العربية وللحركة الشيوعية العالمية.
استوعب زكي خيري النظرية الماركسية ونهجها المادي الديالكتيكي وكان ذلك مرشده في وضع الحلول لجميع قضايا الثورة الوطنية الديموقراطية في العراق المعاصر . فجاءت مؤلفاته استكمالا وتطويرا لمؤلفات الرفيق فهد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي . فقد وضع فهد استراتيج وتاكتيك الحزب الشيوعي للثورة الوطنية الديموقراطية وشرح في مؤلفاته محتوها وسبل تحقيقها وفقا لمتطلبات الواقع في النصف الاول من القرن العشرين. واستوعب زكي خيري التطورات العالمية والداخلية للنصف الثاني من ذلك القرن وطور تلك الاسس الفكرية والسياسية وفقا لمتطلبات الواقع المتطور. وانطلق بفكره واحلامه لاستيعاب مستجدات العصر وآفاق المستقبل
مارس زكي خيري الكتابة الصحفية منذ عام 1926 وساهم في تحرير اول صحيفة شيوعية "كفاح الشعب" عام 1935 واحترف الصحافة منذ عام 1938 فعمل في جريدة الاهالي مع الاستاذ كامل الجادرجي وجريدتي الجواهري: الرأي العام والانقلاب، وفي جرائد ومجالات عديدة مثل العقاب وعطارد والحارس، للمناضل يوسف متي. وفي الاربعينات اصدر جريدة الحزب الشيوعي العراقي العلنية "الاساس"،التي واكبت ظروف وثبة كانون وزاول الترجمة من اوائل الاربعينات فترجم عدة كتب ادبية وسياسية عن الانكليزية، روسية وصينية ومنها النجم الاحمر لسنو وايت وبدأ التأليف في السجن
كان باكورة انتاجه كراس"ربع قرن من تاريخ الحركة النقابية في العراق" هرِّب الى خارج السجن وصدر بدون اسم المؤلف.وهو اول دراسة علمية لتطور علاقات الانتاج الرأسمالية في العراق وتكوين الطبقة العاملة العراقية الحديثة المرتبطة بارقى وسائل الانتاج في المشاريع الاستعمارية ويكتسب هذا المؤلف فضلا عن ذلك اهمية آنية معاصرة، فهو يدحض كل الادعاءات التي تنكر نضوج الطبقة العاملة العراقية، بل وحتى تشكلها كطبقة وتشكك بوعي شعبنا واصالته الثورية لتبرر انحرافها عن الماركسية، نظرية الطبقة العاملة،التي اصبحت في عصرنا، عصر عولمة الراسمال، نظرية البشرية المرشدة للتحرر من جميع اشكال الاستغلال..ولذلك ركزت قوات الاحتلال البريطانية والامريكية على تحجيم دور الطبقة العاملة ومحاربتها بكل الوسائل والسبل ولاسيما حرمان شعبنا من كل تطور اقتصادي اجتماعي .
والف بعد ثورة 14/تموز/1958 اول دراسة عن القضية الزراعية في العراق، باسم" مسائل في الاصلاح الزراعي " وتعد اهم دراسة لتطور علاقات الانتاج شبه الاقطاعية في بلد لم يعرف علاقات الانتاج الاقطاعية التقليدية ، بالنظر للخصوصية التي تتميز فيها المنطقة والتي فرضت ملكية الدولة لجميع الاراضي الزراعية وذلك، لحاجة الارض الى وسائل الري الكبرى التي لاتقوى سوى الدولة على انجازها ، مقابل الخراج الذي تجنيه من الفلاحين.ولكن وجد المستعمرون الانكليز ادخال علاقات الانتاج شبه الاقطاعية القائمة على الملكية الكبيرة للارض ونظام المحاصصة الى جانب الانتاج من اجل السوق هو السبيل الوحيد لاخضاع جماهير الفلاحين وتكوين قاعدة اجتماعية ترتبط مصالحها بمصالحهم لضمان استمرار هيمنتهم واستثمارهم لخيرات البلد ولذلك اصبحت مسالة الارض القضية الاساسية ليس فقط لتحرير الفلاحين ، بل ولتحرير الوطن من الهيمنة الامبريالية ومن التخلف الاجتماعي الاقتصادي. فحضت هذه الدراسة بتقدير وطني واصبحت مصدرا للعديد من الدراسات الجامعية والبحوث العلمية. وبهذين المؤلفين جسد اهتمامه بقوى المجتمع الاساسية: العمال والفلاحين.
وساهم في صياغة اول برنامج للحكم الذاتي لكردستان العراق عام 1961 وكان المشرف الحزبي على صحافة الحزب "اتحاد الشعب" و"صوت الشعب"و "طريق الشعب".منذ 1958-1984. وكذلك مجلة "الثقافة الجديد". وفي عام 1967 وضع اول دراسة لتقييم سياسة الحزب الشيوعي العراقي منذ عام 1958 اقرها الكونفرنس الحزبي الثالث والمؤتمر الوطني الثاني واعتبرها جزءا من تاريخ الحزب.
وصاغ زكي خيري معظم الوثائق البرنامجية للحزب الشيوعي العراقي، بعد ثورة 14/تموز. وابرزها الوثيقة البرنامجية التي اقرها المؤتمر الوطني الثاني وطور فيها استراتيجية وتاكتيك الحزب التي صاغها الرفيق فهد في المؤتمر الوطني الاول وفقا لتطور الظروف الداخلية والعربية والعالمية. والتي لاتزال تحتفظ بحيويتها حتى يومنا هذا. واكد رغم كل التطورات: ما زال العدو الرئيس لشعبنا ولجميع شعوب العالم : الامبريالية العالمية وعلى راسها الامبريالية الامريكية. وهدفنا الرئيس هو اقامة نظام ديموقراطي يضمن الحقوق الديموقراطية لجميع فئات الشعب والحكم الذاتي الحقيقي للشعب الكردي، وسبيلنا هو اقامة الجبهة الوطنية الموحدة وحكومة ائتلافية تمثل جميع قوى الجبهة وتلتزم بميثاق وطني امام الشعب وتعمل على تحقيقه بالاستناد الى قواه. واكد على الهوية الفكرية للحزب، الماركسية اللينينية، والتمسك باستقلاليته التنظيمية والسياسية والفكرية وحذر من كل تهاون في هذا المجال ولا سيما القبول بقيادة حزب البعث للجبهة والسلطة السياسية والمنظمات الاجتماعية وما يمكن ان يؤدي اليه التفريط بهذه الاسس من كوارث وتضحيات جسام للشعب ولقواه الوطنية ولاسيما للحزب الشيوعي.فضلا عما تضمنته من تحليلات واستنتاجات في القضايا العربية وخاصة حول القضية الفلسطينية ، وقضايا الحركة الشيوعية العالمية وما كانت تعانيه، رغم الانجازات، من ارهاصات ازمتها المعاصرة.
وساهم في اعداد وثائق المؤتمر الوطني الثالث والرابع وكتب وثيقة التقييم التي اصدرها المؤتمر الوطني الرابع، بعد تشذيب زواياها الحادة.وكانت مساهمته في المؤتمر الوطني الخامس فعالة في حماية كيان الحزب وهويته الفكرية، الوطنية والاممية. واصدر عام 1984 مع رفيقة حياته سعاد خيري كتاب "دراسات في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي " وهو سفر مجيد لمسيرة شعب وحزب ثوريين . يغطي سبعين عاما (منذ بداية القرن الماضي وحتى المؤتمر الوطني الثاني للحزب الشيوعي العرافي في ايلول /1970)حافلة بالملاحم البطولية والتضحيات ، بالانجازات والكوارث، بالدروس والعبر .
وبقي زكي خيري تلميذا مثابرا من اجل فهم وتطوير الماركسية ومناضلا عنيدا ضد تشويهها ومكافحا من اجل تجديد الحركة الشيوعية فكريا وسياسيا وتنظيميا وفقا لمتطلبات العصر من خلال مساهماته في العديد من مؤتمراتها الوطنية والعالمية وتصدرت بحوثه الكثير من الصحف والمجلات النظرية لكثير من بلدان العالم وبمختلف اللغات، ولاسيما في مجلة الحركة الشيوعية العالمية " قضايا السلم والاشتراكية" التي كان عضوا في هيئة تحريرها لدورتين في ستينات وسبعينات القرن الماضي .
وعلى اثر انهيار المنظومة الاشتراكية واهتزاز الثقة بالشيوعية لدى العديد من الشيوعين انكب زكي خيري على دراسة اسباب الانهيار وتعرية المفاهيم الخاطئة فاصدر كتابه "وحدة النظرية والمنهج" الذي نشر بكراس طبعته منظمة الحزب الشيوعي في شمال السويد ونشرت الثقافة الجديدة بعض فصوله وكذلك مجلة الطليعة السورية واعددته بعد ذلك مع مجموعة من كتاباته الفكرية ونشرته دار نشر "الكنوز الادبية" بعد ذلك باسم "مراجعات ماركسية"، بمساعدة العلامة الراحل هادي العلوي وكتب زكي خيري الكثير من البحوث عن اسباب الازمة المعاصرة في الحركة الشيوعية العالمية، قبل حدوثها. فقد حذر زكي خيري من الجمود العقائدي والانحرافات النظرية والمنهجية في الحركة الشيوعية العالمية منذ عام 1974 التي ادت الى انقساماتها والى بروز التيارات الفكرية، مثل الماوية والشيوعية الاوربية والتروتسكية الجديدة، والى حل بعض الاحزاب الشيوعية في البلدان المتحررة وتخلي بعضها عن الدور القيادي في النضال الوطني. واستمر زكي خيري يكتب حتى اخر يوم في حياته ونشر اخر مقال كتبه بعد رحيله، في طريق الشعب.
ويكتسب هذا الانتاج الفكري حيويته وتأثيره الدائم من انه لم يكن فقط ثمرة جهد فكري وحسب وانما ثمرة كفاح عنيد من اجل تحرير شعبه والمساهمة في تحرير البشرية عبر العديد من المنعطفات التاريخية التي مر بها شعبنا وعموم البشرية بكل انجازاتها وكوارثها تعززه ثقة راسخة بشعبه وبالبشرية وينوره نهج مادي دايلكتيكي متطور في مواجهة متطلبات الحاضر والمستقبل.
الدعوة لحضور الذكرى عامة في 12/4/2010 في بيته

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات