أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - في الحاجة العربية إلى عقد اجتماعي جديد















المزيد.....

في الحاجة العربية إلى عقد اجتماعي جديد


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 2962 - 2010 / 4 / 1 - 10:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك أشكال متعددة لقوى المجتمع المدني في عالمنا العربي، ولكنها تفتقد التلازم مع سلطة الدولة والتكامل معها، خاصة فيما يتعلق بالشقين السياسي والحقوقي من المجتمع المدني وأطيافه العديدة. وفي اعتقادي أنّ المجتمع المدني والدولة مفهومان متلازمان لا يمكن لأحد الطرفين أن يؤدي دوره، بالصورة المطلوبة، دونما مساعدة ودعم من الطرف الآخر، فمن الصعب تصور دولة وطنية يلتف حولها المواطنون دونما مجتمع مدني يساندها ولا يمكن للمجتمع المدني أن يؤدي دوره - بشكل فاعل - دون وجود الدولة الدستورية القوية.
ولكنّ هذا التلازم والتكامل لا بد له من عمود فقري يدعمه ويؤكده، فهل هو الشكل الديمقراطي أم الشكل الشمولي للدولة ؟ الجواب على هذا السؤال معروف، بل أنّ الإثبات الحقيقي لأية دولة بأنها ديمقراطية هو في تركها لنواة المجتمع المدني فطري الوجود، ينمو ذاتياً استجابة لحاجة الناس وآمالهم. ولكنّ الدولة الشمولية تخشاه لتهديده شموليتها وأهدافها، لذلك قد تستعمل معه العنف، وربما تستبدله بمكونات لمجتمع مدني (رسمي) آخر يزيد من شموليتها وشذوذها التاريخي، خداعاً للتاريخ وتزويراً لوقائعه وتطوره.
إنّ الحل للخروج من المأزق العربي المستمر هو مغادرة بنيان الإقصاء والعنف إلى رحاب بنية اجتماعية - سياسية - ثقافية تقوم على العمل المنتج واستثمار الموارد الطبيعية والبشرية وزيادتها، وتحرر إرادة الوطن والمواطن، والإطار الصحيح لقيام هذه البنية هو:
- المواطنة كعقد لتنظيم علاقات الأفراد والجماعات.
- الديموقراطية كإطار لقيام مشاركة سياسية تضمن فصل السلطات، التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتداولها.
- التنمية الشاملة لاستثمار الموارد الطبيعية والبشرية وتطويرها وتوظيفها لقيام اقتصاد منتج، يرفع مستوى معيشة السكان ويؤمن العدالة الاجتماعية.
ويتم ذلك من خلال منهج إصلاح متدرج تراكمي، يفتح باب التطوير لبناء دولة حديثة، تصالح المواطن مع سلطته وتصالح المجتمع في كل دولة عربية مع العالم.
إنّ افتقاد العالم العربي لآليات التغيير والتجديد أو التطوير هو نتيجة طبيعية لغياب العلاقات الديموقراطية والمأسسة والقانون، وسيادة عقلية السلطة على حساب الدولة. ولعل هذا الوضع هو الذي يفسر حالة الحرج التي انتابت الحكومات العربية إزاء كيفية التعاطي مع المشاريع الديموقراطية والإصلاح السياسي، التي طرحتها قوى المعارضة الديمقراطية، وكذلك الدول الغربية الكبرى.
هكذا فإنّ وضعاً عربياً تلك هي سماته يجعل من عملية التغيير أو التطوير عملية جد ملحة، إن لإصلاح الأوضاع أو لمواكبة مستويات التطور العالمي، كما للتعاطي المجدي مع التحديات الخارجية. ولكنّ هذا الوضع يبين أيضاً صعوبة التغيير الداخلي، فالقوى المؤهلة غير موجودة أو مغيبة، والقوى النافذة تمانع التغيير أو تؤجله أو تسطحه خوفاً على مصالحها، ثم أنّ آليات التغيير السلمي والديموقراطي والدستوري نفسها غير متوفرة.
على ذلك، فإنّ انسداد آفاق التغيير والتطوير الداخلي وغياب الإجماعات الوطنية وتشتت الإرادات الرسمية والشعبية، في معظم البلدان العربية، هي التي تسهل على القوى الخارجية التدخل لإحداث تغييرات في العالم العربي، بغض النظر عن ملاءمة هذه التغييرات للمصالح والأولويات العربية، وهي بالطبع تغييرات، ربما تلبي بعض مطالب المجتمعات العربية، ولكنها ستظل مشوبة بشبهات التدخل والإملاء القسري والتوظيف السياسي الخارجي، ما يضعف شرعيتها وأسسها الداخلية، ويضعف أيضاً من قدرتها على الاستمرار.
ويبدو أنّ معطيات الوضع العربي تؤكد ديمومة الاستبداد، فالنظام العربي الذي ظل يؤجل مشاريع الإصلاح بدعوى " لا صوت يعلو فوق صوت المعركة "، يتذرع اليوم بادعاءات الحفاظ على الهوية، وممانعة الهيمنة، ورفض الإملاءات الخارجية. أما الشعوب العربية فهي إما سادرة في غيبوبتها وفي تحصيل لقمة عيشها، أو هائجة في البيوت أمام التلفاز، تلعن الإمبريالية والصهيونية. ولا شك بأنّ هذه الأوضاع تجعل العالم العربي مسرحاً للفوضى الداخلية ومرتعاً لمشاريع الوصاية الخارجية، في المدى المنظور.
إنها أزمة البحث عن عقد اجتماعي جديد، على حد تعبير الباحث ماجد كيالي، مقارنة مع الأزمة السابقة التي هي أزمة البحث عن عقد وطني جديد، وقد تلتقي الأزمتان في حالة واحدة أحياناً.
إنّ الدولة الديمقراطية الحديثة، التي هي أفق الدولة السياسية وتجاوزها الجدلي، هي النظام العام الذي تكف معه الدولة عن كونها شكلاً سياسياً خاصاً مناقضاً لمضمونه، أي تكف عن كونها استلاباً لماهية المجتمع المدني وروح الشعب. لذلك ينبغي أن نتوصل إلى دولة الحق والقانون، التي تحد من سطوة الغني أو القوي على الفقير والضعيف، فالدولة العادلة هي التي تطبق القانون على الجميع بالتساوي، بغض النظر عن ابن الست وابن الجارية، الكل متساوون أو ينبغي أن يكونوا متساوين أمام القانون.
مما يفرض الحاجة العربية اليوم لعقد اجتماعي جديد بين سلطة الدولة والمجتمع، لأنّ تآكل شرعية السلطة يهدد - في حالات كثيرة - شرعية الدولة ذاتها، وقد يؤدي إلى التفتيت أو التفجر الداخلي. فإذا كان نظام الدولة القومية الحديثة, اعتمد أساساً على مبدأ " السيادة ", فإنّ هذا الأمر ظل على هذا المنوال حتى ظهر الناشطون غير الحكوميين الذي أصبحوا لاعبين جدداً في العلاقات الدولية, مما أدى إلى التقليل من شأن مبدأ " السيادة " نفسه عن محيط التأثير في النظام الدولي.
وإلى جانب ذلك لا تزال مجتمعاتنا في بداية تجربة التحرر والانعتاق، مترددة في خوض الكفاح الشاق من أجل الحرية وتحمّل معاناته وعذاباته. أما الفرد الذي لا يزال مقموع الشخصية، مفتقراً لوعي ذاتي واضح، أو إرادة مستقلة، فهو ميال إلى تفضيل الاستسلام على مغامرة التمرد والاستقلال. ولا تزال الجماعة عندنا مرادفة للعصبية، وقائمة على القرابة العائلية أو الطائفية أو المذهبية، أي بعيدة جداً عن أن تتحول إلى جماعة مدنية، متوحدة من حول خيارات إرادية طوعية. وفي هذه الحالة يصعب كسر حلقة استتباعنا المزدوج لمستبدينا المحليين وقياصرة القوى الدولية، من دون إجراءات إصلاحية عميقة، فكرية وسياسية، تؤسس لعقد اجتماعي جديد.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مآلات الدولة العربية الحديثة
- العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس في العالم العربي
- عن استقلال السياسة وواقعيتها
- العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس واستراتيجيات منعه
- بعض القضايا المؤجلة للنهضة العربية الحديثة
- استلاب الماضوية ونظرية المؤامرة
- حظر المآذن يمتحن التنوّع الثقافي
- الخلل الرئيسي في المشروع العربي
- في الحاجة العربية إلى إصلاح حقيقي
- بعض مظاهر محنة الأمة
- في ضرورة التغيير
- أخطر الأوهام التي يجب أن نتخلص منها
- أين الخلل العربي ؟
- إشكاليات المنظمات غير الحكومية في العالم العربي
- التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (3/3)
- التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (2/3)
- التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (1/3)
- كي يكون حوارنا متمدناً
- واقع وآفاق التعاون الاستراتيجي التركي - السوري
- محددات السياسة الخارجية التركية


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - في الحاجة العربية إلى عقد اجتماعي جديد