أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب إبراهيم - طرنيب وعشق














المزيد.....

طرنيب وعشق


طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 2960 - 2010 / 3 / 30 - 14:31
المحور: الادب والفن
    


يصرخ الشرطيّ : تفقّد...تفقّد..
فنقف كالأعمدة على أبواب المهاجع.. وعلى أصوات خُطا المساعد وعناصره تُغلق الأبواب، فنتأكد أنّه لن يأتي أحدٌ ، ولن يخرج أحدٌ ، ونعرف أن ترتيلتنا مرّة أخرى، كانت جافّة فقيرة لا تستجاب...
نهارٌ آخر مضى .. كيف سيمضي هذا الليل..؟!
تدوّن عيناي شحوب الجدران، ثمّ تغمض على تباشير ضجر مؤلم ضربت أمواجه شواطئ أحلامنا...
دارت أصابعي على محطّات مذياعي الصّغير، وملّت من مزاج أذنيّ السيئ ، فأطفأته، وأخفته تحت "بطانية" عسكرية...
-شو الطّرنيب..؟!
أقف خلف "الشّراقة" فأتعجّب... ماذا يمكن أن أرى..؟!
هل قلت أرى..!؟.. لا..لا..لا أرى.. لم تعد عيوننا للرؤية...
وكل جزء من أجزائنا الجافة بات للانتظار..
-العب طرنيب يا شريك.. العب طرنيب..!!
الرّواية التي بدأت بقراءتها منذ أيّام لم أنجزها رغم إعجابي بها ..يبدو صحيحاً ما قاله صديقي...
يومها نفض الكتاب من يده بقوة، وضرب الجدار، وفتل رأسه، وأطلق تنهيدة عميقة، وقال:
-" ما في جو للقراية هون".
ولمّا حاولت الكتابة، اكتشفتُ بعد أن أضعت عدّة صفحات أنّه "ما في جو للكتابة كمان"...
-"أي شو هـَ اللعب.. خسّرت حالك يا شريك.."!!
-"والله أنت السّبب.."!!
مواء بعيد أنعش سمعي الثّقيل، فتحوّلت إلى أذن كبيرة مشحونة بالإصغاء..
قطتنا الجميلة عادت بعد غياب طويل... لقد بالغ أصدقائي حين اعتقدوا أنها لن تعود.. لا بل أكد أحدهم:
-"بعرف القطط منيح.. مالهن أمان"..
-" وين كنتي يا دوّارة.." سمعت صوت صديقي في المهجع البعيد، ويبدو أنه سمع المواء في الوقت الذي لا يعرف ماذا يفعل؟ مثلي تماماً ..
من بعيد رسم رذاذ الضوء الضعيف شبحين كبيرين على الجدران.. كانا يتراقصان في لحظة حميمة..
التصقت بالشراقة، لأرى هذا الغياب المثمر...
قطّتنا تسير في طرف، وعشيقها الأحمر في طرف مواز..خطوة بخطوة كخيال في مرآة .. تقف، يقف... تسير ، يسير.. يسير ويراقبها..
-" إذا ما معك طرنيب... ليش عم تاخذ كتير"؟1
-" إجت القطّة يا شباب"!!
-" تضربْ إنتِ والقطّة" ...
تمتلئ ثقوب الحديد بالعيون منتظرةً صعود هذا الحبّ الشّهيِّ...
صورة تسيل وهّاجة في رماد واقعنا الجاف...
-" بإيدك يا شريك .. فِتْ.. خلّيه يقطع أول"...
تجثم على جنبها، وتتلوى .. تقلب على الجنب الآخر...
تهزّ ذيلها كأفعى.. تجثو.. يراقب مُراقبتنا.. يتردد.. تقوم ، تتصنّع الهروب، فيقفز عليها.. تنام على جنبها..
يعضها في رقبتها.. يميل ذيلها على جذعه المشدود المتعرّق، تثيره، يتأرجح بين جنبيها، تهدأ، ترفع طرفها تعطيه نفسها، وتغمض عينيها منتظرة دفق الحرارة اللّذيذ...
يثبت قويّاً كعود الحطب.. تثبت، يثبت، تعبق الدّهاليز برائحة شهيّةٍ، قديمة وبعيدة.. تكتمل القصيدة، وتقطر من عيوننا في ثقوب الحديد ...
يقف الزّمن.. يغنّي صرصار بعيد، يوقظ الجميع.. تنتفض من تحته، وتهرب مطلقة صرخة ألم مفاجئة.. يحاول أن يلحقها، يؤخّره التّعب، يميل على وسطه ويلحسه.. يجمد، يحرّك رأسه.. يلاحق اختفاء عشيقته في الظّلام، ثم يدور ويذهب...
عدّت لفراشي، وأغمضتُ عينيّ لأعيد مشهداً كان انطفأ في ذاكرتي، وأشعله الأحمر الغريب مع عشيقته الهاربة...
-" يلعن الحظ.. الله يلعن الحظ ويلعن اللعب معك... يا شريك.."؟!
-" إنت السبب.. إنت السبب.. وبتعيّط كمان .."؟!
انتفضتُ، أفقت من حلمي اللذيذ، فظنّ صديقي القريب أنّ "الطرنيبيين" هم السّبب فقال:
-"هو لا يصرخ لأنّه خسر في لعب الورق.. لا ..لا .. أبداً ولكن في ظرف مثل هذا ، يحتاج كل فرد فينا أن يصرخ من فترة إلى أخرى...
وهم عندما يلعبون بالورق، يوفّرون سبباً للصّراخ...!!
وتفرط السّهرة، وينطفئ الضوء، ويستلقي كل واحد منّا في فراشه يفكّر قليلاً ، وربما كثيراً قبل أن ينام...
صديقي " الطرنيبي" سيحلم بأوراق " الطرنيب" تملأ يديه، فيربح، لكنه سيصرخ رغم ذلك...
شريكه سيجد نفسه بمنزله في القرية وبجواره زوجته وأولاده ينتظرون التفقّد...
والآخر سيعيد مشهد الحب متحولاً في حلمه إلى قط أحمر..
وأنا يبدأ حلمي بصفير قلمي فوق الورق الأبيض، يدوّن قصّة حب عابرة وسط الشّخير ، فتمضي ليلتي...
قبل أن أنام كنت أتساءل:
" كيف أمضى صديقي في المهجع الآخر هذه الليلة .."؟!!



#طالب_إبراهيم (هاشتاغ)       Taleb_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مظلومة يا ناس
- الجريدة
- التغيّر الوردي -من الخيال السياسي-
- ذات العلامة
- نور العين
- أبو علي كاسر
- بقعة حارة
- قصاصة
- غش هديّة
- وجع
- محنية الظّهر
- ملاحقة
- أقفال الحرب ومفاتيح السّاسة
- قصص ميس لقصيرة
- طفولة
- مسرحية
- سوائل
- أمنيات
- بذرة البشرية
- مساء العدّ


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب إبراهيم - طرنيب وعشق