أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - غفران قسّام - الولَهُ السّرديّ في نصّ ابن بطّوطة(2): سرد ما خلف الحجاب















المزيد.....

الولَهُ السّرديّ في نصّ ابن بطّوطة(2): سرد ما خلف الحجاب


غفران قسّام

الحوار المتمدن-العدد: 2960 - 2010 / 3 / 30 - 00:28
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


قراءة تأويليّة خطابيّة، لـ: غفران قسّام

1. جداريّة:

"لقد وضعتْ لنا أمّي قرب غرف سكننا في (قصر الرّحاب) ثلاّجة عبّأتها ببعض الفاكهة والعصائر... وكنّا إذا ما جعنا أو عطشنا ليلاً، لا تسمح لنا بأن نضغط على الجرس لاستدعاء الخدم كي يأتونا ما نطلب، فتقول –رحمها الله-: حرام، قمنَ أنتنّ وكلن واشربن ما تردن بأنفسكنّ".
الأميرة بديعة حفيدة الملك حسين بن علي- السُّفرة الملكيّة.

2. أُطروحةُ الهامش:

جاء في كُتب التّاريخ أنّ ابن الجزّي كان يجالس ابنَ بطّوطة لسماع أخبار رحلاته منه وتدوينها. والملاحظ أنّ سياقات ابن بطّوطة المكانيّة في سرد الحدث كانت إمّا ضمن إطار مجالسته للحكّام كما في قوله:

"وصعدنا مع السّلطان درَجًا كثيرة إلى أن انتهينا إلى (مجلس) حسن في وسطه صهريج ماء"،

أو مجالسته لحرملك السّلطان التّركي: محمّد أوزبك كدخوله على: طَيْطغلي زوجة السّلطان إذ يصفها:

"دخلتُ إلى هذه الخاتون (وهي قاعدة) فيما بين عشر من النّساء (القواعد)"،

أو ضمن أداء فعل الرّكوب سواء مع قافلة الخاتون بيلون –مثلاً-، أو كما في الهند مع أصحابه؛ كرؤيتهم إحدى طقوسهم الغرائبيّة في حرق المرأة مع زوجها الميّت:

"وركبتُ مع أصحابي لأرى صنعهنّ في الاحتراق".
فالإطار المجلسيّ للحكايات والمرويّات يستعيد للسّرد عافيته النّفعيّة بإيرادها. وهو ما يستدعي فكرة أ. د.كمال أبو ديب التي تقول: ثنائيّة الجلوس/ الوقوف تجسّد أبعادًا طبقيّة كما تجسّد أبعادًا معرفيّة. فالجلوس مرتبطٌ بطلب الحكمة في سياق متّصل بالخاصّة، والوقوف مرتبط بالعامّة والجهل والحمق؛ والجلوس يرافقه العطاء الجمّ الوافر، أمّا الوقوف فإنّ صاحبه لا ينال إلا دينارًا أو درهمًا أو ثوبًا. (انتهى كلامه) وهو ما حظيهُ ابن بطّوطة من مجالسة سلطان الهند حيث أصبح ثريًّا من عطايا البلاط له.
فالحكمةُ مطلبُ السّرد، ولهذا طغى عليه محتوى المركز الذّكوريّ بما فيه من ذكر الملوك وأخبار العلماء والأولياء والصّالحين... الخ. ولا تعدّ المرأة في عُرف الرّؤى العامّة للموروثات الشّرقيّة إلا من قبيل الهذر الذي لا منفعة فيه؛ ولهذا ذُكرْن في فضاء الرّحلة ضمن حدود سطوة الزّوج: سواءً كان سلطانًا، عالمًا، فقيهًا، فقيرًا. وأنّها ضمن حاجاته التّابعة له. ومن هنا تبرز عجائبيّة المفهوم عند ابن بطّوطة حين يرى: المرأة السّلطانة في الثّقافات الأخرى كجزيرة ذيبة المهل، والتي بموجب عدم احتجابها عن شعبها إناثًا وذكورًا يتّخذ سرده حرّية الإدلاء باسمها كاملاً وسلالة أجدادها بخلاف ما ألفه عن المرأة لديه –آنذاك- واحتجابها جسدًا وروحًا واسمًا:

"ومن عجائبها أنّ (سلطانتها امرأة)، وهي: خديجة بنت السّلطان جلال الدّين عمر بن السّلطان صلاح الدّين صالح بنجالي".

والمرأة الصّانعة في بعض المجتمعات كاسطنبول التّركيّة: "وأكثر الصنّاع والباعة بها نساء".

ويهدف السّرد من ذلك إلى إعطاء المرأة هويّتها المستقلّة بعيدًا عن سلطان الرّجل، فغدا برؤيته المندهشة يصعد بالهامش -الذي يعدّه مُهمّشًا في تركيبه الرّجوليّ- إلى المركز، ويصبح له السّطوة في النّص. ولا أكون متجاوزةً حين أشير إلى ميله بهامشيّة المرأة؛ فهو مَن تركَ زوجًا له حُبلى في دمشق ولم يزرها حتى فوات عشرين سنة، بل تركَ جاريةً أخرى له تتكبّد صعوبات حَمْلها وهي في طريقها إلى سمرقند دون أن يرافقها؛ لسطوة هواه الرّحّالي، وشغفه الاستكشافيّ!

3. ماذا عن عين الأنثوجرافيا؟

للأكاديميّة المغربيّة: فاطمة المرنيسي عبارةٌ تذكرها لابن حزم الأندلسيّ عن العين وأداءاتها التّعبيريّة وما يمكن أن تكشفه من بواطن النّفوس واستجلاء مكنوناتها، تقول فيها: "كان ابن حزم، وهو الأندلسيّ المهذَّب، ينصح المحبّين بأن يتحكّموا في نظراتهم حتى لا تَكشف ما يكنّونه، وذلك لأنّ العين، في رأيه، هي المنقِّبة عن سرائر النّفس، والمُعربة عن بواطنها". فإذا كانت رؤية ابن حزمٍ تنطلق سيرورتها من ثوابت ثقافته الإسلاميّة، فالأولى لابن بطّوطة وهو المتّفق مع ابن حزم في الثّقافة، أن يعزمَ على غضّ البصر! فهو مَن كانت بشريّته تجاه المرأة تستوطنه كلّما حلّ بأرضٍ ويقترن بنسائها؛ ومن هنا أتتْ معرفته بطبائع نسوة البلدان على اختلافهنّ كذكره نساء اليمن في خصلة وفائهنّ لرجلهنّ الغائب بينما في جزر ذيبة المهل النّقيض. لكنّ أنّى له ألا يطلق طرفه وطبيعته الكشّافيّة تزجّ به إلى سبر أغوار الحرملك وإن كان سلطانيًّا، ويتعرّض لأجلها امتهانات التّفتيش قبل الدّخول إليهنّ؛ لإشباع رغبته في رصد طبائعهنّ وعاداتهنّ، وبلورة سلوكيّاتهنّ من منظور اكتناهيّ يسمو برؤيته إلى: الأنثوجرافيا، والتي تعني: الدّراسة الوصفيّة لأسلوب الحياة ومجموعة التّقاليد، والعادات والقيم، والأدوات والفنون، والمأثورات الشّعبيّة لدى جماعات معيّنة أو مجتمع معيّن خلال فترة زمنيّة محدّدة. ومن مشاهد عينه الأنثوغرافيّة عمّا ذُكرَ آنفًا:

"ثمّ لمّا (فتّشوني) قام الموكل بالباب فأخذ بيدي، و(أحاط بي أربعة) من الرّجال أمسك اثنان بكمّي واثنان من ورائي. فدخلوا بي إلى مشور كبير... وفي وسطه ثلاثة رجال وقوف (أسلمني أولئك الأربعة إليهم)، فأمسكوا بثيابي".

"وبين يديها –أي: الخاتون طَيْطغلي- نحو (خمسين جارية)... وبين أيديهنّ طيافير الذّهب والفضّة مملوءة بحبّ الملوك وهنّ ينقّينه".

"ونحو عشرين من البنات يطرّزون ثيابًا".

"ومع كلّ عربةٍ غلام موكَّل بها، متزوّج بجارية من الجواري التي فيها، فإنّ (العادة عندهنّ) –أي: في الحريم التّركي للسلطان أوزبك- أن (لا يدخل بين الجواري من الغلمان) إلا مَن كان له بينهنّ زوجة".

والطّريف، أنّ مصداقيّة ما يرويه الرّاوي –وهو الرّحّالة- من أخبار النّساء، يمكن تبيّنها من خلال ظاهرة التّعايش المشتهر بها في بيئة جغرافيّة دون سواها. وشيءٌ ما يخبّئه هذا المحتوى في السّرد: الغواية.
منذ الوهلة الأولى، وابن بطّوطة يتحدّث عن حزنه في افتراقه أهله وأحبابه قبل سفره، ليجدّ سيره وهو بلا أنيس أوشريكة إلى أن يأتي سرد زواجه في الطّريق بالمرأة الّليبيّة التي جمعته بها مصلحةٌ له من أبيها، وحين انتهت بالمشاجرة، وقع أبغض الحلال. ولم يكن لسرده أن يعرف الإحباط؛ فقد كَتب زواجه الثّاني بامرأة ليبيّة –أيضًا- بعد نقطة نهاية عبارة طلاقه مباشرةً! وكأنّ الزّمن لم يكن يعني له شيئًا، وواقعه التّراجيدي يفرض عليه سرعة التّنفيذ –كونه رحّالة دومًا-، فيأتي وقع سعادته بها بسرد الوليمة! يقول في تتابع سرديّ للأحداث:

"وكنتُ عقدتُ بصفاقس على (بنت)...، (ثمّ) خرجتُ من طرابلس... ومعي (أهلي)".
"ووقعَ بيني وبين صهري مشاجرة أوجبتْ (فراق بنته). (وتزوّجتُ بنتًا) لبعض طلبة فاس".

فارقها فعادتْ بنتًا، عقدَ عليها فصارتْ أهلاً، وتزوّجها بنتًا.. فما دلالة البنت؟
تكمن تحوّلات الانعطافات السّرديّة مع التّمفصلات الاجتماعيّة الحاصلة: زواج، طلاق، زواج من خلال كلمتين فقط: بنت، أهلي؛ ليوقعَ القارئ في الشَّرَك السّيميائي لكلمة: بنت التي أبان حقيقة استعمالها إثر سياقات كثيرة للأحداث فيما بعد عبر الموروث الثّقافي التّركيّ أنّها: الجارية الصّغيرة. في الوقت الذي كان خيال المتلقّي في البداية مطمئنًّا أنّها تعدّ من الحرائر إلى حيثيّات قرائنه الوجاهيّة في زواجه من ابنة أمين المدينة، أوابنة أحد الطّلبة. وينكشف حجاب الدّلالة خلال سرد ابن بطّوطة لمشاهد حرملك السّلطان أوزبك في مجلس الخاتون طَيطغلي:

"وبين يديها ستّ من الجواري الصّغار (يقال لهنّ البنات)، فائقات الحُسن متناهيات الكمال".

لذّة كشف تفاصيل الحياة النّسائيّة الاعتياديّة تأتي مع مستحيلات الحرملك وحجابه الطّبقيّ كبروتوكول، وتختفي أهميّة الاهتمام بها مع وطأة شمس الأحياء الشّعبيّة رغم أن الفرق بينهما ليس كبيرًا. فالجارية الصّغيرة هي بنتًا في الحرملك، وفي بيت التّاجر، وفراش الفقير. والفرق بينهما في أنّ الأولى خرافة (متناهيات الكمال) كما قال ابن بطّوطة، والثّانية باردة كصقيع سرده في إبرام عقده: (وكنتُ عقدتُ، وتزوّجتُ).

وتبدو صورة الغواية كاملة بفنّيتها قريبة إلى الأذهان في بساطة تكنيكها، حين يأتي السّرد بقصّة الخاتون بيلون الرّوميّة زوجة السّلطان التّركيّ المسلم محمّد أوزبك، ورغبتها في أن تضعَ حملها عند أبيها في القسطنطينيّة؛ والتي بسببها تحقّق حلم ابن بطّوطة في السّفر إلى القسطنطينيّة وبهذا بدت أمنيته حقيقةً مع مجيء هذا السّرد الأنثويّ (الهامش)؛ ليسبغ على نصّ الرّحلة ثيمات فنّيّة تدفع الرّاوي إلى اصطناع استعادته الزّمن المنتهي وإعادة ترتيبه وملء فجواته والتي لا تتمّ إلا بوساطة التّخييل. ومن هنا كانت المتعة؛ فقد اكتشف ابن بطّوطة بعد حين أنّ الخاتون بيلون ترفض العودة إلى حرملك زوجها. مع حياكة قرائن سيميائيّة تجعل المتلقّي يصل إلى هذا المنعطف الفجائيّ للنّص بنشوة المعرفة، وامتصاص فكرة الرّفض الأنثويّ الذي ربّما يؤازره ضمنيًّا لكنّه لا يستطيع التّعبير عنها؛ كونه يمسّ سيرة سلطان أوّلًا، ويتحدّث، ثانيًا، عن هامش يَتعرّض له –غالبًا- الأسلوبُ الإعتاميّ. هذه العتمة السّردية تبدو في خطابات الخاتون بيلون الأنثويّة التي جاءت معظمها تقريريّة وصفيًّة إلا في موضعين لم يُسمع ابن بطّوطة المتلقّي صوتها إلا خلالهما. أحدهما حين رآها في مجلسها الحريميّ:

"ولمّا أردنا الانصراف (قالت): لا تنقطعوا عنّا وتردّدوا إلينا، وطالبونا بحوائجكم".

والآخر أثناء اصطحابه لها في رحلتها:

"وأمرتْ إليّ الخاتون بخمسة عشر فرسًا، وأمرتْ وكيلها ساروجة الرّوميّ أن يختارها سِمانًا من خيل المطبخ، (وقالت): لا تخف، فإن احتجت إلى غيرها زدناك".

والملاحظ أنّ كلا الموقفين يخرجان من سلطة تواجد الرّجل الحسّيّة، ليأتي صوتها مالئًا ذلك الصّمت في الوصف الدّائر حولها، وهذه إحدى خيوط معيشة الحرملك، حيث يباشر السّلطان استبداده بكلّ شيء في سبيل خدمة أغراضه باستثناء مبدإ المساواة لا يستطيع مهما فعل، أكثر من إخفائه. ومن هنا تعرّض السّردُ إلى ترميز صوت رغبتها في السّفر، ولم يأتِ بحوارها مع السّلطان واكتفى بذكر فعل الرّغبة فقط دون التّصريح بها :

"رغبتْ الخاتون بيلون ابنة ملك الرّوم من السّلطان أن يأذن لها في زيارة أبيها؛ لتضع حملها عنده (وتعود إليه)، فأذن لها".

فالبنية الخطابيّة قد حجبتْ حياة الخاتون الأنثويّة من شهوة الحياة والظّهور مع السّلطان وبيّنت سلطتها ضمن جدليّة حضور الرّجل وغيابه، ولهذا أبرزَ السّرد البطّوطيّ كيف كانت تأمر وتنهى في مجلسها، وتُكرم مَن تكرم في ضيافتها، حيث كينونتها المتفرّدة عن تبعيّة رجلها الغائب، وربّما من هنا أرادت الخلاص لحريّتها المسلوبة في حرَمه، والتي احتالتْ في نيلها بفكرة عودتها إليه.
وتمضي عين ابن بطّوطة الأنثوغرافيّة في فضول معرفة محظيّة السّلطان أوزبك وما يجري حولهما من أجواء حميميّة والتي لم يكن يكترث في استعراضها أمام النّاس؛ الأمر الذي زجّ به وقارئه إلى محيط من الدّهشة وانبهار عينهما التي ترى سلوكًا غير مألوف في السّلطان تجاهها دون سواها من نسائه، أما الأخريات فيُحرمْن كأسه لفراغٍ ملأته حين فازتْ بقلبه. وهنا بُعدٌ آخر في الحرملك يظهر في قطع الرّجل حقوق نسائه عليه بما يُمليه هواه الذّكوريّ ممّا يكتسي السّرد صورة قاتمة من صور الظّلم. وكانت محظيّة السّلطان أوزبك، هي: الخاتون طيطغلي، ومن أهمّ مشاهد حظوتها لديه بروزها مع السّلطان في المهرجانات والمحافل الملكيّة، وأناقة سلوكه معها الذي يماثل صنيع الأوروبيّ المعروف بـ: first lady:

"وأمّا طيطغلي وهي الملكة وأحظاهنّ عنده، فإنّه يستقبلها إلى باب القبّة،... فإذا صعدت على السّرير وجلستْ، حينئذٍ يجلس السّلطان، (وهذا كلّه على أعين النّاس) دون احتجاب".

وكما عرفتْ عين ابن بطّوطة اسم المحظيّة ورؤيتها، فقد علمت دوافع عشق السّلطان لها -رغم معائبها المشهورة- والتي يعظّمها الشّعب لأجله، بقوله:

"وحدّثني مَن أعتبره من العارفين بأخبار هذه الملكة أنّ السّلطان يحبّها للخاصّية التي فيها، وهي: أنّه يجدها كل ليلة كأنّها بكر".

ثمّ يلتقط السّرد سلوكيّات نساء الشّعوب الأخرى بعدسة دقيقة واصفة، كرؤيته لنساء شيراز في حلقات العلم وجلَدهنّ في الإنصات رغم مساوىء الشّمس عليهنّ:

"ومن غريب حالهنّ أنّهن يجتمعْنَ سماع الواعظ في كلّ يوم اثنين وخميس وجمعة بالجامع الأعظم... (بأيديهنّ المراوح يروِّحْنَ بها على أنفسهنّ) من شدّة الحرّ".

وأيضًا، كرؤيته لنساء مكّة اللاتي يُعرفْنَ من طيبهنّ في صحن الكعبة يشمّها الغادي والرّائح خلاله، حتّى أنّهنّ يستغنين عن سدّ حاجة الرّمق لقاء زينتهنّ، والتّباهي بها!:

"ونساء مكّة فائقات الحُسن،... وهنّ يكثرنَ التطيّب حتى أنّ (إحداهنّ لتبيت طاويةً، وتشتري بقوتها طيبًا). وهنّ يقصدن الطّواف بالبيت في كلّ ليلة جمعة، (فيأتين في أحسن زيّ)، وتغلب على الحرم رائحة طيبهنّ".

ويتضافر التّكوين الثّقافيّ بين الأمس واليوم في وصفه القوّة البدنيّة لنساء الطّوالسيّ القريبة من الصّين، وامتلاكهنّ مهارة الرّماية وفنون القتال، وربّما في ذلك امتداد لما نسمّيه اليوم بثقافة الكونغفو والكاراتيه:

"ونساؤهم يركبنَ الخيل، ويحسنّ الرّماية، ويقاتلنَ كالرّجال سواء".

تمتّع سرد ما خلف الحجاب في نصّ ابن بطّوطة برشاقة الغواية، واستسلام المتلقّي لآليّاتها دون إلحاح تفكيره بحبائل التّبريرات التي قد تعيق تواصله مع عوالم الرّحلة الحرملكيّة في قصور السّلاطين.. ثمّة إغراء، شغف يحمل العين أن تكون أنثوغرافيّة لأجل محصولٍ معرفيّ يرفد حيوات كلّ باحث/ة يودّ أن يعبر جسورًا حضاريّة برغبة: "لم أرَ قطّ"، و "لا نظيرَ لها"..


وشوشة الحواشي:
" " ما بين قوسي التّنصيص، مقتبسٌ من كتاب: ابن بطّوطة، تحفة النّظار في غرائب الأمصار، شرحه وكتب هوامشه: طلال حرب، لبنان، دار الكتب العلميّة.
( ) ما بين القوسين للدّلالة على أهميّة الاستشهاد.

باقةُ فلّ أبيض

الكاتبة: غفران قسّام- جدّة



#غفران_قسّام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الولَهُ السّرديّ في نصّ ابن بطّوطة(1): سردُ المدائن
- ما حدّثتني به شهرزاد
- نعيم عبد مُهلهل (مُزْنٌ كأنّه قانون)!
- نعيم مهلهل (غابةُ حُسْنٍ وإنْ غابتْ عنكم..)!


المزيد.....




- أجبرهم على النزوح.. أندونيسيا تصدر تحذيرا من حدوث تسونامي بع ...
- التغير المناخي وراء -موجة الحر الاستثنائية- التي شهدتها منطق ...
- مصر.. رجل أعمال يلقى حتفه داخل مصعد
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين
- أسباب تفوّق دبابة -تي – 90 إم- الروسية على دبابتي -أبرامز- و ...
- اكتشاف -أضخم ثقب أسود نجمي- في مجرتنا
- روسيا تختبر محركا جديدا لصواريخ -Angara-A5M- الثقيلة
- طريقة بسيطة ومثبتة علميا لكشف الكذب
- توجه أوروبي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع تركيا
- كولومبيا تعرب عن رغبتها في الانضمام إلى -بريكس- في أقرب وقت ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - غفران قسّام - الولَهُ السّرديّ في نصّ ابن بطّوطة(2): سرد ما خلف الحجاب