أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمود يوسف بكير - الاقتصاد والعولمة















المزيد.....

الاقتصاد والعولمة


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 2957 - 2010 / 3 / 27 - 21:44
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


قام د. جوزيف ستجليتز الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001م بنشر واحداً من أهم كتبه منذ نحو ثلاث سنوات واسمه Making Globalization Work والمعنى التقريبي هو" عندما تعمل العولمة" وقبل أن نعرض لأهم الأفكار التي ناقشها هذا الكتاب يكون من المفيد التعريف بهذا الاقتصادي الكبير .
حصل د. ستجليتز على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة MIT الأمريكية عام 1967م وعمل أستاذاً في أعرق الجامعات الأمريكية مثل ييل وبرنستون وستانفورد و MIT نفسها وهو الآن يدرس في جامعة كولومبيا بنيويورك وسبق له العمل مستشاراً للرئيس كلينتون وللبنك الدولي ولجهات دولية أخرى وله الفضل في تقديم فرع جديد من فروع علم الاقتصاد هو اقتصاد المعلومات ، كما أن له إسهامات كبيرة في علم الاقتصاد الكلى والنظرية النقدية واقتصاد الرفاهة وغيرها وقد حصل على جائزة نوبل لتقديمه تحليلات متقدمة للغاية في موضوع معقد وهو كيفية عمل الأسواق الاقتصادية في ظل عدم اتساق المعلومات .
نعود إلى موضوع الكتاب حيث نعرض بعضاً مما ورد فيه من آراء مع بعض الإيضاحات والتطبيقات من جانبنا.
يرى د. ستجليتز أن العولمة سوف تؤدى إلى وجود دول غنية يعيش فيها مواطنون فقراء، ولا ينطبق هذا على الدول الآخذة في النمو فقط ولكن أيضاً على الدول المتقدمة . ويرجع هذا في رأيه إلى ما سوف تؤدى إليه العولمة من ضغوط شديدة على أجور العمالة شبه الماهرة وغير الماهرة بالمرة ولو أخذنا الولايات المتحدة الأمريكية نفسها كمثال كي نوضح هذه الجزئية نلاحظ أن الشركات الأمريكية العملاقة باتت تتجه إلى ما يسمى بالـ Outsourcing في عمليات التصنيع المختلفة وبمقتضى هذه السياسة فإن هذه الشركات تعهد بالكثير من عمليات التصنيع إلى شركات صينية وهندية وتايوانية في منطقة جنوب شرق آسيا بالذات مما يؤدى إلى تخفيض تكلفة المنتج النهائي لرخص تكلفة العمالة في هذه المنطقة مقارنة بتكلفتها في أمريكا والنتيجة تعزيز الوضع التنافسي للمنتجات الأمريكية على مستوى العالم والعولمة بهذا تفيد الاقتصاد الأمريكي ككل باعتبار أن الصادرات الأمريكية تساهم بحوالى20% من مكونات الناتج المحلى ولكن في نفس الوقت فإن سياسة التعهيد أو الـ Outsourcing أدت إلى انخفاض أجور العمال الأمريكيين متوسطي المهارة بشكل ملحوظ على مدار الخمس سنوات الماضية ومن ثم فإن رأى د. ستجليتز يبدو صحيحاً من أن العولمة التي تقودها الولايات المتحدة تؤدى إلى تعزيز مكانة الاقتصاد الأمريكي ولكنها تضر بمستويات دخل العمالة الأمريكية العادية والتي لا تتمتع بمهارة عالية وينطبق هذا أيضاً على اقتصاديات أوربا الغربية واليابان حيث بدأت كلها في إتباع نفس السياسة الأمريكية في عملية الـ Outsourcing إلى الدول ذات الدخل المنخفض ومنها بعض الدول العربية مثل المغرب ومصر والأردن . وبالمناسبة فإن لعمليات الـ Outsourcing فوائد أخرى كثيرة لأمريكا إذ أنها تسمح بالتدفق الحر لحركة رؤوس الأموال ولكنها في ذات الوقت لا تسمح بالتدفق الحر لعنصر العمل ذاته بمعنى أنه لا يسمح لهؤلاء العمال الأسيويين بالذهاب إلى أمريكا مثلاً وهذه السياسة تناسب أمريكا كثيراً . ومن ناحية أخرى فإنه مع فارق التوقيت الذي يصل إلى 12 ساعة ما بين أمريكا وآسيا فإن هذا يعنى أن عندما تغلق المصانع الأمريكية في ليل أمريكا فإن فروعها في آسيا تبدأ في العمل في نفس الوقت ( نهار آسيا ) أي أن هذه المصانع أصبحت تعمل على مدار الساعة .
من الآثار الأخرى للعولمة كما يعرضها د. ستجليتز اتجاه الدول إلى تخفيض الضرائب على الدخل وهو ما يضطرها إلى تقليص المزايا الاجتماعية للعمال وكل هذا من أجل تخفيض تكلفة صادراتها وتعزيز مكانتها التنافسية بين دول العالم و د. ستجليتز بهذا يرى أن الرابحين من العولمة بشكل أساسي هم أصحاب رؤوس الأموال والعمال المهرة أما أبناء الطبقة المتوسطة فإنهم يتعرضون للمزيد من الضغوط المباشرة الممثلة في انخفاض أجورهم من ناحية وتقلص المزايا الاجتماعية التي كانوا يتمتعون بها من ناحية أخرى مثل التأمينات الاجتماعية والرعاية الصحية والمعاشات وهذا أيضاً صحيح على مستوى بعض الدول الرأسمالية مثل أمريكا وعلى مستوى معظم الدول الفقيرة وعلى سبيل المثال فإن الحكومة المصرية لجأت إلى تخفيض ضريبة الدخل بمقدار النصف تقريباً بالإضافة إلى تطبيق سياسة الخصخصة لكل شركات القطاع العام في مصر وهى ترمى بهذا إلى التخلص من العمالة غير الماهرة وتقليص مزاياها من أجل تحسين القدرة التنافسية لهذه الشركات من خلال تسليمها للقطاع الخاص نظيفة من كل هذه الأعباء وهذه أحد الخواص المتوحشة للعولمة .
ومنذ فترة صرح بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الجديد بان تراجع المزايا الاجتماعية للطبقات الفقيرة في أمريكا ـ ناهيك عن الدول الفقيرة ـ الناتج عن العولمة يهدد بعودة القيود الحنائية من جديد ما لم تكن هناك سياسات اجتماعية تعويضية ويعزز هذه المخاوف فشل جولة الدوحة الأخيرة الخاصة بمحادثات تحرير التجارة العالمية .
كيف يمكن أن تعمل العولمة بشكل عادل للجميع ؟
يجيب د. ستجليتز على هذا التساؤل بأن هذا يمكن أن يتحقق من خلال استلهام النموذج المطبق في مجموعة الدول الأسكندنافية حيث يتم الإنفاق بمعدلات مرتفعة على التعليم والأبحاث والتكنولوجيا والضمانات الاجتماعية ويتم الاعتماد في تمويل هذه النفقات على نظام الضرائب المتصاعدة على الدخل .
ونحن هنا أمام نموذج يتناقض تماماً مع النموذج التقليدي المتوحش للعولمة الذي أشرنا إليه سابقاً فهل أثر النموذج الاسكندنافي على قدرة هذه الدول التنافسية في أسواق التجارة العالمية بشكل سلبي ؟
الحقيقة إن ما حدث هو العكس تماماً حيث أصبحت هذه الدول ذات قدرات تنافسية أفضل ويرجع هذا إلى أن إحساس الفرد بالأمان الاجتماعي في بلده وتلقيه تعليماً راقياً ومواكبته لكل التطورات التكنولوجية يجعله أكثر إبداعاً وأكثر إنتاجية وأكثر إقداماً على أخذ المبادرة وهذه العوامل كلها تجعل منتجات هذه الدول أكثر جودة وذات نوعية متميزة في الأسواق العالمية ويمكننا أن نؤكد هنا أنه من الشائع أن نجد منتجات معيبة من منطقة جنوب شرق آسيا أو ذات نوعية رديئة ولكن من شبه المستحيل أن تصادف هذا مع أي منتج سويدي أو دنماركى أو نرويجي .
والنتيجة أن النموذج الاسكندنافي يثبت بشكل عملي أن دعاة تخفيض الضرائب باعتبار أنها المفتاح السحري لحل المشاكل لا يملكون كل الحقيقة ومرة أخرى فإننا نثبت أن تحليلات د. ستجليتز صحيحة .
تعرض د. ستجليتز بعد ذلك لأسباب نجاح دول منطقة شرق آسيا في الاستفادة من مزايا العولمة بينما لم تنجح في هذا دول أمريكا اللاتينية فذكر أن دول شرق آسيا إبتداءا باليابان ثم في مرحلة لاحقة سنغافورة وتايوان وكوريا الجنوبية والآن كل من الصين والهند ، هذه الدول كلها أدركت أن الفجوة الكبيرة التي كانت تفصل بينها وبين الدول الغربية هي فجوة معرفية وتكنولوجية بالأساس لذلك قامت بتشجيع الاستثمارات الأجنبية خاصة تلك التي تقوم بنقل التكنولوجيا وتدريب الكوادر المحلية ، كما تقوم هذه الدول باستثمارات كبيرة في قطاعات التعليم والتدريب والبحث معتمدة على مدخراتها المحلية الكبيرة .
ومن الملاحظ في هذا الصدد أن الصين بالذات قامت بتطويع العولمة بما يناسب ظروفها المحلية حيث فتحت أسواقها للواردات الأجنبية ببطء وحذر شديد ولا زالت حتى اليوم تمنع الاستثمارات الأجنبية قصيرة الأمد والتي تأخذ طابع المضاربة لما يؤدى إليه هذا النوع من التدفقات المالية من نوبات رواج مالي سريعة تعقبها نوبات تراجع عنيفة تمتد لفترات طويلة وهذا هو الحاصل اليوم في معظم الأسواق العربية للأسف الشديد .
وبخصوص تجربة الصين أيضاً فإنها لم تعتمد على القطاع الخاص أو الاستثمارات العارضة لرفع مستوى معيشة هؤلاء القابعين في قاع المجتمع ولكنها لجأت إلى سياسة التدخل الحكومي المباشر والقوى لرفع مستوى معيشتهم من خلال برامج شاملة للتدريب والتعليم وحوافز اجتماعية للحد من زيادة السكان وقد أثمرت هذه السياسات بالفعل في خلال العقد المنصرم حيث تحسنت الظروف المعيشية بشكل واضح لمئات الملايين من الصينيين .
أما بالنسبة لتجربة دول أمريكا اللاتينية فإن د. ستجليتز يوضح أن نتائجها كانت معاكسة تماماً لتجربة دول شرق آسيا لما تعانيه من نقص في المدخرات المحلية المطلوبة لتمويل برامج كبيرة للتدريب والتعليم والبحث والضمانات الاجتماعية ، كما أن هذه الدول سمحت بدخول استثمارات أجنبية قصيرة الأمد ومضاربة بالأساس ويستثنى من هذه الدول تشيلي إلى حد ما .
إن كلام د. ستجليتز صحيح تماماً حيث أن أصحاب هذه الاستثمارات كانوا فعلاً أول الفارين عند ظهور أول علامة لبداية المشاكل الاقتصادية في هذه الدول في العقد الماضي وعلى سبيل المثال فإن الأرجنتين التي كانت تتمتع بمرتبة A+ وقتها تحولت خلال أشهر بسيطة إلى دولة مفلسة وأعلنت عجزها عن سداد ديونها الخارجية ، وتعرضت المنطقة كلها إلى انخفاض كبير في معدلات النمو نتيجة الانخراط في العولمة في البداية بشكل عشوائي ، أما الآن فإن الأوضاع الاقتصادية آخذة في التحسن في أمريكا اللاتينية مع تخلص دولها من ظاهرة تطبيق الوصفات العلاجية التي يوصى بها صندوق النقد الدولي بشكل أعمى وهى في الحقيقة وصفات ممتازة من الناحية الاقتصادية البحتة ولكنها لا تراعى البعد الاجتماعي السائد في معظم دول العالم الثالث والذي يتميز بانتشار الفقر والجهل والمرض بمعدلات غير إنسانية بين غالبية سكانه ومن ثم فإن هذه الدول لا تحتمل البرامج الاقتصادية الإصلاحية التي يراها صندوق النقد الدولي ضرورية من أجل نجاحها في الاندماج في منظومة العولمة .
ولو نظرنا إلى الحاصل في مصر على سبيل المثال لوجدنا أن سياسات الخصخصة وتقليص مخصصات الدعم لكل الخدمات الحيوية مثل التعليم والصحة وتخفيض ضرائب الدخل على أصحاب الأعمال بدعوى منع التهرب الضريبي ـ وهى حجة واهية ـ كانت محصلة هذه السياسات مجتمعة تحسن ظاهري للاقتصاد المصري لا يلمسه إلا فئة محددة من السكان ، أما الغالبية العظمى فهي تعانى من ازدياد معدلات الفقر والبطالة والاستغلال وهذا حديث آخر .



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البقاء للأقذر
- ذكريات حب الطفولة
- البرادعي و الإخوان المسلمون
- خناقة على من يركب الحمار
- هل يمكن أن يأتي الإصلاح في مصر من الداخل؟
- نصيحة مخلصة إلى الإخوان المسلمين
- مقدمة في الغدر والتملق عند العرب
- حقيقة دور المضاربين وأزمة النظام الرأسمالي
- الإسلام ما بين التقدم والتخلف


المزيد.....




- محافظ البنك المركزي العراقي يتحدث لـ-الحرة- عن إعادة هيكلة ...
- النفط يغلق على ارتفاع بعد تقليل إيران من شأن هجوم إسرائيلي
- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...
- الأناضول: استثمارات كبيرة بالسعودية بسبب النفط وتسهيلات الإق ...
- ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمود يوسف بكير - الاقتصاد والعولمة