أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - بسكاتور والمسرح السياسي















المزيد.....


بسكاتور والمسرح السياسي


سرمد السرمدي

الحوار المتمدن-العدد: 2958 - 2010 / 3 / 28 - 00:28
المحور: الادب والفن
    




لا شك في إن المسرح السياسي كرافد من الروافد الفنية المسرحية ، يعد ثمرة لنضالات الفنان والإنسان ضد الأوجه البغيضة بصورها المختلفة والتي تحاول الوقوف بحق أمام اندفاعاته وامتلاكه لوعيه (الايدولوجي) كقوة ثورية مؤثرة وفعالة ، ولهذا فقد اتخذ منذ البدء مواقف فكرية ملتزمة وأشكالا متميزة في التعامل الفني لتحقيق مكانة هامة وبارزة تعيد تصوير المتغيرات الحاسمة في حياة الإنسان تصويراً داخليا ، أي تغلغلت في أعماقه واكتشفت جوهر القضية التي يناضل من اجلها ، منذ أوائل المنجز الأدبي الرافديني حتى يومنا هذا. فعبرت عنه بشكل جدلي يحلل العلاقات الإنسانية من دون أن يبتعد عن الحالة الحضارية (فكريا ، وجمالياً) . مما عزز وجود نوع من التفرد والسمو في القيمة الفنية المعطاة في العمل المسرحي وتكييفه ضمن إطار الفكرة السياسية الثورية.

وتبرز خصوصية وشكلية المسرح السياسي واختلافاته مع الأطر المسرحية الأخرى وتمكنه من اتخاذ أبعاد فنية ذات قوة مؤثرة وفعل ثوري متجسد ومتطور أضفى قيمة (فكرية ، وفنية) على الوظيفة الاجتماعية والسياسية . فسماته تعتمد أساسا على " محتوى سياسي يتداخل في العرض المسرحي ويجعله عرضا حقيقيا منبثقاً من الحياة ويدخل الحيوية على النص المسرحي ويحتوي على تأثير تربوي ومعرفة شعرية "(1).

ويبدو الاختلاف بينا في الصيغة التعبيرية وتناول الموضوعات الحياتية . ونجد إن المسرح – كجزء من تكوين حضاري- عالج ويعالج الأوضاع والسمات السياسية بصيغ وصور شتى متناولاً جوانب وأطراف الواقع كقضايا حساسة تؤثر سلبا وإيجابا على حركة التاريخ وحركة الإنسان . وبهذا التصور يكون المسرح ، مسرحاً سياسيا ولكن إلى حد ما غير متضمن لمفهوم المسرح السياسي كمحتوى (فكري ، وفني) ذي خصوصية ، ولكن بعد الحرب العالمية الأولى " فان المسرح السياسي اتخذ شكلاً خاصا متميزاً من أشكال المسرح واستطاع ان يصل إلى المرحلة التي أصبح فيها قوة فنية ثورية مؤثرة بمساعدة نتاجات مجددين مثل (مايرهولد ايزنشتاين – بسكاتور – بريخت) " (2).

اتجهت التعبيرية الألمانية إلى معالجة القضايا السياسية اثر الانتكاسة العسكرية المريرة في الحرب العالمية الأولى ، وهزيمة الثورة .. فهي لم تتجاوز حقيقة شجب الحرب وإعلان معاداتها للرأسمالية كونهما عنصرين مؤثرين وضاغطين على الذات الإنسانية . فجاءت التعبيرية معبرة عن صوت الذات الواحدة ، في نهج اقرب إلى العاطفة والسلبية في المعالجة ، سواء في الدراما أو العرض، وأغرقت في الرمزية والتجريد لكشف بطينة البطل الذي يعاني أزمة روحية أو نفسية حادة ويعاني العزلة والاغتراب في بيئة مأزومة ومنحلة.

التعبيرية كانت تقدم اتجاها متعارضا مع الواقع ، وراحت تنشد التعبير عن عواطف الشخصيات عن طريق المؤثرات في الإخراج المسرحي . فاستفيد من الرمز ليصبح –بالامكان- الفرد معبراً عن المجموع (الجندي العائد من الأسر أو جبهات القتال عبر عن كل الجنود العائدين إلى المنزل) واستخدام لوح خشبي بسيط بديلاً عن المناظر الواقعية واستخدمت الإضاءة المتميزة ، واستخدام الفلم أحيانا في الحدث الرئيس .

ويلخص (خشبة) الملامح الفنية لعروض المسرح التعبيرية ، بما يأتي: التمثيل يكون سريعاً ، خيالياً ومتنوعاً ، وتصاحبه الموسيقى والأصوات الرمزية . العرض حافل بالحيل المسرحية ، مثل الأقنعة وأصوات إطلاق الرصاص والطبول وأصوات الأشباح ، التي ترفع أزمة البطل الجوانية . والإضاءة يكثر فيها الأركان الشاحبة والمعتمة واستخدام ألوان قوس قزح ، وإتقان إظهار صور الأشباح والأطياف والوحوش التي تساعد على تصوير دخيلة البطل(1).

وهذا منهج يتعارض مع المسرح السياسي التحريضي الاستفزازي ، الذي يتطلب: الوضوح ، والمباشرة ، والابتعاد عن العاطفة والسلبية في المعالجة . المسرح السياسي مسرح (لا برجوازي ولا أرستقراطي) بل مسرح بجانب الطبقات المستغلة (الطبقة العمالية التي أرادها بسكاتور) يختار مواقفه من المجتمع . أما من ناحية المضمون، " فانه يتميز عن المسرح التعبيري بمضمون سياسي واضح ومحدد ، فهو بمثابة موضوع يعالج أحداثا خاصة بحقيقة تاريخية معينة ، أو موضوع لا يرتبط بزمن أو مكان ، كفكرة الحرب والسلم في حد ذاتها، أو موضوع يتناول أحداثا مضت يحملها معنى معاصراً حالياً له دلالته " (2). إلا ان نكسة الحرب ، وفشل ثورة (1919) واغتيال زعاماتها ، تعد من الأسباب الدافعة للتيار التعبيري والسياسي ، فقد استغرق المسرح التعبيري فترة محددة (1918-1925) بينما تطور المسرح السياسي.

المسرح السياسي اتجه إلى أساليب مباشرة تخدم الهدف السياسي أو الرسالة السياسية التي تبناها. ومن ثم تحديد الأساليب الفنية التي تخدم هدف توصيل الرسالة عن طريق الاستنباط من تلك الرسالة المتبناة لأجل توعية المتلقي وتحفيزه ضد ما يراد تغييره . المسرح السياسي هو مسرح تحريض لا يزدهر إلا في ظل الأزمات السياسية . واسم (اروين بسكاتور) (1893-1966) ارتبط بالمسرح السياسي الألماني بعد الحرب العالمية الأولى . وركز اهتمامه نحو الشكل الفني للعرض المسرحي، الذي اتسم بالمباشرة في استعراض الظروف التاريخية والاجتماعية ، ليس مجرد خلفية للأحداث ، بل يجعل الأحداث على خشبة المسرح حقيقة منطقية مرتبطة بالأحداث التاريخية الماضية . واستخدامه للتقنية الحديثة في المسرح ، كانت وسيلة لتوسيع مجال الحدث وربطه بالظروف التاريخية .

جند (بسكاتور) عام (1915) في قوات الجيش الألماني في الحرب العالمية الأولى ، "ولكنه يصاب بالرعب من الحرب ، ومن حياة العسكرية ، ويتمثل أمامه شبح الموت حقيقة واقعية لا فكاك منها ، وخاصة بعد أن يستعمل الألماني الغازات السامة في المعركة ، وبعد ان يرى بعينيه أكداس الجثث من المتحاربين ، فيلحق بمسرح عسكري تابع للجيش الألماني" (1)، فأصابه – على أثرها – تغيير جذري خلال الحرب فهو بعد ان كان متحمسا عند بدايتها ، شأن الكثير من الفنانين الألمان ، انتهى به الأمر بعد التجارب المريرة ، وبعد عودته من الحرب لينظم إلى الرابطة الثورية (السبارتاكية) اليسارية ، وأسس مع صديقه (هرمان شولر) عام (1919) (مسرح العمال الثوري) . وأسلوبه الإخراجي الخاص تألف من ثلاثة عناصر رئيسة: عنصر سياسي ، وآخر ملحمي ، وثالث تقني . واستعراضاته كانت باهضة التكاليف. ونرى في ملخص (اوين) لإخراج (بسكاتور) لمسرحية (رغم كل شيء): الاستعراض الضخم عن تاريخ الثورات منذ بداية الحرب العالمية الأولى ، وإدخال السينما إدخالا عضويا في الإخراج ، والوثائق التي عثر عليها في المحفوظات الوطنية ، وصور الحرب الحقيقية ، وديكور عملاق صنع من شرفات ومن ألواح منحنية ومن سلالم ومسطحات دوارة ، ومقالات الصحف والصور والشخصيات التاريخية ، واختلطت السينما بالمسرح ، كان في العرض كل شيء(2).

لقد استطاع (بسكاتور) خلال عدد قليل من السنين ان يدخل سلسلة كاملة من التجديدات الجذرية . لقد ادخل الشاشة إلى المسرح ، أنعش الديكور وأصبح جزءاً من الحدث ، كما ظهرت إمكانية لان تصور على خلفية المسرح مختلف الوثائق والحقائق (الاستاتيكية) الإحصائية , والأحداث المتزامنة وعلى سبيل المثال ، فعندما شب اوار المعركة على خشبة المسرح بين مضاربي البورصة بسبب النفط الألباني كانت ترى على الخلفية سفن حربية متجهة إلى البحر لإجبار آبار النفط على التوقف عن العمل . لقد كان ذلك تقدماً هائلاً.

لقد قام (بسكاتور) بأكبر المحاولات لينمي لدى المسرح الاتجاه التعليمي . ولقد أسهم (بريخت) بنفسه في جميع تجاربه . وقد استخدم لهذا الغرض جميع الاكتشافات والتجديدات الحديثة (للتكنيك) ، من اجل ان تظهر على خشبة المسرح الموضوعات المعاصرة الكبيرة ، وعلى سبيل المثال (السينما) التي حولت المؤخرة الجامدة للمسرح إلى مشارك جديد في الحدث على غرار الكورس الإغريقي ، ثم الشريط النقال الذي يحمل لوحة المسرح على الحركة، والذي أصبح بفضله من الممكن ان يعرض بأسلوب ملحمي كيف يذهب إلى الحرب الجندي الشجاع (شفيك) . وهذا الاكتشاف في حينه لم يستخدم من قبل في المسرح العالمي.

في البداية أثارت تجارب (بسكاتور) فوضى عامة في المسرح . فقد حولت خشبة المسرح إلى قاعة (ميكانيكية) وحولت قاعة المسرح إلى قاعة اجتماعات . فكان المسرح عنده (برلمانا) والجمهور بمثابة هيئة تشريعية . وقد طرح أمامه المشكلات الاجتماعية والسياسية عنده . مستنداً في ذلك على الإحصائيات والشعارات التي تعينه على اتخاذ قرارات سياسية . فمسرحه يأمل ان يحصل من المشاهد على قرار عملي. وبذلك خلق المفاهيم الجمالية التي أخضعت بصورة كاملة إلى المفاهيم السياسية . ولقد كان (بسكاتور) مستعداً ، في حدود معينة ، حتى للاستغناء عن الممثل(1).

وندرك ان الملامح التعليمية (في شكل فني) لم تكن عقبة أمام التسلية ، بل تجعل التسلية أكثر عمقاً . وان العناصر الوعظية في حفلات (بسكاتور) أو في إخراج (أوبرا القروش الثلاثة) إنها لم تكن نابعة عضويا من العمل ككل ، بل ناقضته ، إنها قاطعت سير الحوادث والتمثيلية ، كما إنها قطعت حالة الاندماج. حيث ان (بريخت) – في نصه – افعمه بالأخلاقية والأغاني التعليمية ، وان تكون جميعها مسلية في حدود معينة ، وهذه التسلية مزدوجة في طبيعة النص حيث التعليمية والتسلية فيها في حالة حرب ، وهذه الحالة كذلك في عرض (بسكاتور) كل من الممثل ومجموعة الآلات . ومثل هذه العروض سينقسم الجمهور إلى فئتين اجتماعيتين متعاديتين بحيث لا يبقى اثر لاستيعاب فني متجانس . وهذه الحقيقة ذات طابع سياسي . والمتعة الحاصلة نتيجة تقف على طبيعة الطبقة . والذوق الفني يتوقف على الموقف السياسي الذي يعود إليه فضل التقبل أو النفور. والجمهور الذي يحضر إلى حفلة بدافع سياسي، فان أي تقوية لعنصر الإدراك ستؤدي إلى حالة إضعاف جانب التسلية.

ونرى ، ان (التسلية ، والتعليم) لو اجتمعت على تقديم فكرة اجتماعية (مثلا) لاستطاعت ان تؤدي بالمسرح ، وبمساعدة الوسائل الفنية ، إلى ان يقدم صورة عن العالم ، وان يكون نموذجاً للحياة الاجتماعية، كفيلة بمساعدة المشاهد على فهم وسطه الاجتماعي واستيعابه بالعقل والعواطف . والعواطف شأنها شأن الكف الواحدة ، والإنسان – ككائن اجتماعي- استجابته تكون – لجهله بالقوانين التي تحيطه – بواسطة العواطف، وهذه الاستجابة عادة غامضة وغير دقيقة. والمسرح يصبح أكثر نفعاً لو استطاع ان يتغلغل في جوهر التطور الاجتماعي والسياسي (1).

(للحرب) قدم (بسكاتور) مسرحية (مغامرات الجندي الشجاع شفايك) عن قصة للكاتب الروماني (ياروسلاف هاسك) بالتعاون مع (بريخت) . (شفايك) الجندي في الجيش النمساوي الذي بألاعيبه وحيله الساذجة وبلاهته ، ينتزع من الحرب وعن الجيش أسطورتهما . ادخل فيها (بسكاتور) مواكب من مشوهي الحرب ، على وقع مارش عسكري .

بشر (بسكاتور) بالمسرح الملحمي ، ومهد له بما سماه (مسرح الطبقة العاملة) . كان يرغب في تنمية الاتجاه التعليمي للمسرح ، مسرح اجتماعي ايجابي . فاكتشف بطريق المصادفة والضرورة ، لأنه لم يكن قادرا على توفير امكانات إقامة مناظر تقليدية ، فكان عليه الاعتماد على التظاهر والتدليل والشرح أكثر من الاعتماد على الممثل. فبدلا من استخدام منظر خلفي لمدينة أو شارع التجأ إلى وضع خريطة لتوضح موقع الحدث أو الشارع (2).

استخدم (بسكاتور) السينما لأول مرة عام (1924) في إخراجه لمسرحية (الطوفان) لـ (ادولف باكيه) . وفي إخراجه لمسرحية (هولا – نحن نعيش - !) للكاتب التعبيري (تولر) عام (1927) لجأ إلى خلق توازن بين أحداث المسرحية على الخشبة وأحداث الحرب والثورة مسجلة على فلم (سينمائي) ، فيستيقظ البطل (توماس) من عزلته في المجتمع فيما بعد هزيمته الحرب واندحار الثورة ، ليكتشف ان (زملاءه في الحرب) قد انصهروا في المجتمع الجديد (مجتمع ما بعد الحرب).

في مسرحية (راسبوتين) في بلاط (رومانوف) التي أدت في العرض ثلاثة وظائف: (التعليم) من خلال توسيع دائرة الأحداث بحيث تكون نتيجة الأحداث المعروضة على الخشبة منطقية لما يحدث في الماضي ، (التفسير) من خلال استفزاز المتلقي إلى ممارسة النقد، و(المناخ) الدرامي من خلال خلق البديل لما لا يستطيع الممثل تقديمه في العرض(3).

أسلوب تركيب العرض في المسرح السياسي – عند (بسكاتور) – يختلف عن الاتجاهات السابقة ، لاختلاف أهداف العرض ، لان الأساليب السابقة تدخل في إطار الأسلوب الدرامي ، وهو ما لا يحقق هدف التوعية والإثارة السياسية الواضحة . لجأ إلى المنهج التركيبي في العرض حتى يوظف كل أبعاد الفضاء المسرحي ويكسر الشكل التقليدي السابق .

أما سبب انهيار المسرح السياسي ، فهو لأسباب سياسية . حيث ان ازدياد الوعي السياسي قد اصطدم بتنامي الرجعية السياسية في ألمانيا . ومن ثم أزمة في ميدان عالم الجمال .. هرب (بسكاتور) إلى الولايات المتحدة، اثر استلام (هتلر) السلطة ، ثم عاد في عام (1950) إلى برلين والى المسرح الألماني بتقديم مسرحية (الحرب والسلام) المأخوذة عن قصة (تولستوي) .

ساهم كل من إرفين بيسكاتور Erwin Piscator وبيتر فايس Weise وجنتر جراس وكيبارد وفالذر وبريخت والمخرجين الآخرين في تأسيس المسرح السياسي أو ما يسمى بالمسرح التسجيلي أو المسرح الوثائقي.

هذا، وقد استفاد بيسكاتور من السينما في خلق مسرحه الوثائقي، بله عن استخدام الآلات المعقدة الثمينة في مسرحه الشعبي الجماهيري، والاستعانة بالشعارات واللافتات السياسية والحزبية، وتشغيل الأنوار الكاشفة التي تكتسح المسرح جيئة وذهابا ، مع توظيف مكبرات الصوت وآلات الضجيج. ويتحول الممثل عند بيسكاتور إلى رجل آلي روبوتوكي بنيوي.

المسرح التسجيلي


يمثل الاتجاه التسجيلي موقفا من المجتمع ويلتزم به ، وهو بطبيعة الحال موقف واضح في جانب الجماهير ، وعلى وجه الدقة من جانب الطبقات المستغلة. ويدخل في التزام رجل المسرح التسجيلي امر توصيل المسرح الى هذه الطبقات ، بعد ان كان متاحا فقط للطبقات البرجوازية التي تعتبر المسرح مجرد نزهة ليلية ، ومن هنا لابد من طرح عملية الانتاج المسرحي على بساط الدراسة من جديد ، سعيا الى تخطيط جديد يضع في اعتباره الوظيفة الجديدة للمسرح ، سواء بالنسبة لاختيار النصوص او طريقة اخراجها . ويعد ( بيتر فايس ) صاحب المسرح التسجيلي .بيتر فايس :ولد عام 1916 في المانيا وتركها مع عائلته عام 1934 وعاش في انكلترا وجيكوسلفاكيا(سابقا) والسويد . وكان رساما في الاصل وصانع افلام وصحفي ولم يكتسب شهرة ككاتب مسرحي الا في الستينات من القرن العشرين وكانت اول مسرحيات (البرج) التي قدمت في الاذاعة ونشرت عام 1962 وبطلها بابلو يتخيل نفسه عبر الاحداث كانه لاعب سرك حبس في برج ويحاول ان يحرر نفه من كل القيود العائلية والتقاليد . وقد حاز شهرة عالمية لمسرحية ماراصاد التي تتحدث عن الثورة الفرنسية وما اصابها من اخفاقات وقدمت في مسرح شلر في برلين عام 1964 ومن اخراج (كونارسيونارسكي) وقد اشترك هو في الاخراج ايضا . ومن مسرحياته الوثائقية مسرحية التحري ومسرحية انشودة انغولا التي تتحدث عن مساوئ الاستعمار في القارة الافريقية . وكانت مسرحيته فيتنام من ابرز مسرحياته التسجيلية حيث يتعرض فيها الى تاريك تلك البلاد و نضال الشعب الفيتنامي ضد الاستعمار الفرنسي والامريكي . وكانت مسرحية (تخليص السيد مانكوبوت من الامة ) من انجح مسرحياته .




يمكن تلخيص منطلقات المسرح الوثائقي التي اعتمدها بيتر فايس بما يأتي :
1- يعتمد المسرح التسجيلي على تقارير حقيقية .
2- موضوعاته سياسية او اجتماعية .
3- تتقرر نوعية وبوجهة نظر وبواسطة التحرير .
4- يتسامى على التقارير الصحفية التي تتعرض للتمرين من قبل المسؤولين عن الاعلام .
5- يتبنى موقف المراقب للاحداث .
6- يستخدم المجموعات وليس الاشخاص واستحضار الاجواء . ويلجأ الى الكاريكاتيرية والى المواقف المبسطة ليكون واضحا ويستخدم الاغاني والجوقة والتمثيل الصامت والاقنعة والمؤثرات الصوتية والتعليق .
7- يخرج خارج المباني التقليدية للمسرح التي تخضع لسيطرة السلطة . ويذهب الى المعامل والمدارس والملاعب والصالات العامة .
8- يتحقق المسرح التسجيلي في سياق الطبقة العاملة والئات التي لها اطار سياسي او اجتماعي .
يقف بالضد من النظرة العبثية للحياة . اذ انه يؤكد الواقع(3)


المسرح السياسى



يؤرخ للمسرح السياسى فى عالمنا لمعاصر بتجارب أرفين بيسكاتور(1983- 1965)
ومسرحه السياسى – كما يصفه بنفسه، لا يقوم على أكتاف شخص، ولا هو نتيجة إجتماعية لصراع الطبقات فى ألمانيا وتنامى الطبقة العاملة بها، خاصة على أثر هزيمة ألمانيا فى الحرب العالمية الأولى عام 1918، ومشاركة هذه الطبقات العاملة فى ثورة 1919، وهى الثورة التى شارك فيها بيسكاتور بنفسه، وقد أسس فى العام نفسه مسرح البروليتاريا الذى ارتبط به- وإنما- كما يرى بيسكاتور- أن جذور مسرحه تمتد إلى نهاية القرن الماضى، وهو يقصد بذلك القرن التاسع عشر، حيث كانت هناك قوتان مؤثرتان، وهما قوة البروليتاريا من جانب، وقوة الأدب من جانب آخر، ومن هذا التقاطع والتداخل تشكل مفهوم الحركة الطبيعية، وفى المسرح خرج المسرح الشعبى إلى الوجود.

وفى مسرح البروليتاريا الذى أسسه بيسكاتور عام 1919، تجده يصدر منشوره الأول وقد كتب أعلاه (المسرح البروليتارى ... مسرح العمال الثائرين) ويتصدر مساحة وسط المنشور صورة لرجل يتقدم للأمام وقد رفع فى يده شعلة،وقد كتب أسفل الصورة: (إلى الرفقاء والرفيقات .. إلى روح الثورة إلى روح المجتمع القادم بغير طبقات . إلخ) وبهذه الروح تشكل مسرحه الدعائى السياسى مستخدماً فيه تقنيات العصر المختلفة مما جاءت به الحركات التعبيرية والمستقبلية والدادية، كما استخدم فى مسرحه مفردات العصر من صحيفة مكتوبة إلى سينما مصوره، ومعلقات وإحصائيات وأرقام.
بالإضافة إلى الموضوعات السياسية والاقتصادية، مع أساليب السرد المختلفة والأفلام والبروجيكتور، كما وظف التكنولوجيا فى مسرحه بعد أن استعان بالمهندس المعمارى الشهير آنئذ فالترجروبيوس، وكان مسرح بيسكاتور بتطوره نموذجاً لأشكال مسرح الصحيفة الصحيفة الحية، والذى ضمن داخله أساس المسرح الوثائقى الذى ظهر لديه عام 1925، فكان أول ما قدمه بيسكاتور فى هذا المجال مسرحية (رغم كل ذلك).

على مسرح شاوشبيل هاوس الكبير بمدينة برلين فى الثانى عشر من يوليو عام 1925 كم يمكن التاريخ لبداية المسرح الملحمى لدى بيسكاتور منذ عام 1927، حينما قدم مسرحية (راسبوتين) مبلورا فيها تقنيات السينما والتعليم والسرد وأساليب مخاطبة العقل. وقد تضمنت مراحل بيسكاتور المختلفة كل هذه الاتجاهات – (مسرح الصحيفة الحية والذى ظهر قبله بعدة أشهر فى روسيا، والمسرح الوثائقى والملحمى الذى ظهر لديه وتبلور من بعده) بشكل مغاير من مرحلة إلى أخرى لديه، وبذلك تضمن مسرحه تأسيساً لهذه الاتجاهات، والتى تبلورت بشكل أكثر نضوجاً وتميزاً لدى الكاتب ورجل المسرح الملحمى – (وهى إحدى مراحل تطور بريشت المسرحية) ولدى كل من رولف هوخهوت وهاينار كيبارد وجونتر جراس وبيتر فايس فى المسرح التسجيلى أو الوثائقى.(4)


الهوامش

1- احمد محمد عبد الأمير مسرح ما بعد الحرب رسالة ماجستير مقدمة لكلية الفنون الجميلة ,2001
2- سعد اردش , المخرج في المسرح المعاصر , عالم المعرفة. الكويت, 1978
3- زيد ثامر , رسالة ماجستير , توظيف بعض الاتجاهات الاخراجية الحديثة ,في عروض كلية التربية الفنية,رسالة تقدم بها,زيد ثامر عبد الكاظم مخيف الجبوري,2002 .
4- نشرت فى 3 ديسمبر 2009,فنون, المسرح التجريبى, المهرجان, مهرجان المسرح التجريبى, المسرح السياسى, د. أحمد سخسوخ, فنون مسرحية, فن تجريبى, الموقع الرسمى لاكاديمية الفنون بالقاهرة.



#سرمد_السرمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل للفرق بين العلم والفلسفة
- الجمال في فلسفة ابن عربي
- الأداء التمثيلي المسرحي عبر العصور
- التمرد في دراما الفن المسرحي
- غروتوفسكي المخرج المسرحي البولندي
- -هيبياس الأكبر- أهم المحاورات الأفلاطونية
- مسرحية لعبة الحلم لأوغست سترندبرغ
- الجمال في بنية التقنيات المسرحية
- المخرج ريتشارد فاجنر
- مفهوم القبح في الجمال.
- المسرح في الصين
- المسرح في العصور الوسطى
- من أجل ثورة عراقية زرقاء ام سوداء ؟
- الفنان كالسياسي كلاهما في سجن بول بريمر
- في المسرح العراقي لا صوت يعلو فوق صوت المعركة !
- اغتيال طاهرعبد العظيم الفنان التشكيلي المصري
- مقاعد دراسية اسرائيلية في الجامعات العراقية
- مقتل المشاركين في مسرحية عراقية !
- التمر العراقي والقوة الجنسية عند الكتاب العرب
- جفت دموع العراقيات في بلد دجلة والفرات


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - بسكاتور والمسرح السياسي